صحف إسرائيلية تكشف كواليس قتل (شيرين أبو عاقلة) بالقرب من مخيم جنين

0 728

يجري مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون محادثات بشأن التعاون في التحقيق في وفاة مراسلة قناة الجزيرة، الصحفية شيرين أبو عاقلة، بحسب ما نقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الاسرائيلية قبل قليل.

وقالت الصحيفة أن المسؤولين من الجانبين على اتصال بهدف تحديد مصدر النيران التي أودت بحياة الصحفية. وأظهر التحقيق الأولي الذي أجراه جيش الاحتلال الإسرائيليّ، أن الشهيدة الصحافية شيرين أبو عاقلة، التي استشهدت برصاص جيش الاحتلال الإسرائيليّ خلال اقتحامه جنين، فجر الأربعاء، قد كانت تبعد مسافة تتراوح ما بين 100 و150 مترا عن جنود الاحتلال حينما أُصيبت بالرصاص.

جاء ذلك بحسب ما أوردت صحيفة “هآرتس” مساء الأربعاء، والتي ذكرت أنّ عناصر قوات الاحتلال “أطلقوا خلال العملية (اقتحام جنين) بضع عشرات الأعيرة النارية”، مؤكدة أنّ “معظم إطلاق النار الإسرائيليّ (الذي نفّذه جنود الاحتلال) كان في اتجاه الجنوب، بينما كان أبو عاقلة ومصور ’رويترز’ المصاب شمالي القوة.

ومع ذلك، يبدو أن بعض الرصاصات (التي أطلقها الجنود)، أُطلِقت في اتجاه الشمال”، أي صوبَ الجهة التي تمركزت فيها الشهيدة أبو عاقلة.

هذا، وتعقَّب موقع “عرب 48” حيثيات استشهاد الزميلة الصحافية، شيرين من خلال تحقيق مصور في جنين أظهر كذب رواية الاحتلال بأنها قد تكون استشهدت من جرّاء إصابتها برصاص فلسطيني.

وأوضحت “هآرتس” أن الرصاصة التي أصابت أبو عاقلة في رأسها “يبلغ قطرها 5.56 ملم، وأطلِقت من بندقية إم-16 ’M-16’”.

وزعم جيش الاحتلال في التحقيق الأوليّ أن عناصره تعرّضوا لإطلاق نار من قِبل مسلّحين فلسطينيين، لافتا إلى أن عناصره ردّوا بإطلاق “عشرات الأعيرة النارية، صوب أهداف محددة (مثل) ناشط مسلح شوهد على سطح منزل، ومسلح ينظر من نافذة، وأشخاص آخرين”، وفق الصحيفة.

واستشهدت شيرين، وأُصيب الصحافي علي سمودي بجروح وصفت بالمتوسطة، خلال اقتحام الاحتلال، جنين، فجر الأربعاء، فيما استشهد الشاب ثائر خليل اليازوري (18 عاما) في منطقة جبل الطويل في مدينة البيرة، برصاص الاحتلال كذلك.

وتبين خلال تحقيق “عرب 48″، أن نقطة استشهاد الصحافية أبو عاقلة تبعد عن مكان إطلاق الرصاص الذي وثق به الشاب الفلسطيني المسلح مسافة 2 كيلو متر وتقع بين أزقة المخيم الضيقة، وهذا يؤكد أن استشهادها وإصابة الصحافي، علي السمودي، كان برصاص جنود من وحدة “دوفدوفان”، الذين تواجدوا فوق أسطح المنازل بعد مداهمة مخيم جنين.

وقال الشاب، شريف العزب، الذي تمكن من الوصول إلى شيرين بعد اغتيالها، في حديث لـ”عرب 48″، إن “المكان الذي استشهدت فيه لم يشهد أية مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال، حيث تواجدت فيه مجموعة من الصحافيين وهم يقفون جانبا وفي منطقة مفتوحة بعيدة عن المخيم نوعا ما وعلى مرأى قوات الاحتلال”.

وأضاف “فجأة وردنا إصابة شخصين واتضح أنهما الصحافيان السمودي وأبو عاقلة، وعلى الفور توجهت إلى المكان، إذ كان من الصعب إخراجهما من تلك المنطقة بسبب الرصاص المكثف الذي أطلقه جنود الاحتلال”.

وتابع: “تمكنت من الوصول إلى أبو عاقلة بعد قفزي عن جدار في المكان يرتفع قرابة المترين، حتى أخرجتها من هناك وجرى نقلها إلى المشفى، وللأسف الشديد كانت قد ارتقت شهيدة بسبب إصابة مباشرة في الرأس”.

كما ذكرت شاهدة عيان في المكان أن “جنود الاحتلال اقتحموا المنازل في الحي الذي نسكن به، واعتلت مجموعة من القناصة أسطح المنازل في الحي مقابل مكان تواجد الصحافيين، إذ أن الصحافيين تواجدوا في منطقة مفتوحة وبعيدة عن نقطة الاشتباك، فيما لم يتواجد أي مسلح في المنطقة وهم (القناصة) من استهدفوا أبو عاقلة والسمودي بشكل مباشر”.

وتابعت أن “الجنود أغلقوا كل المداخل المؤدية إلى منطقة الاشتباك الرئيسية، ولم يكن بإمكان المسلحين الوصول إلى نقطة الصحافيين لكونها منطقة مفتوحة ولا مكان لاختباء الشبان بها”.

وطالبت شبكة الجزيرة الإعلامية “المجتمع الدولي بإدانة ومحاسبة قوات الاحتلال الإسرائيلي لتعمدها استهداف وقتل الزميلة شيرين أبو عاقلة”.

خلال عقدين من الزمن ارتبط اسم أبو عاقلة مباشرة بفلسطين، وارتبطت ذاكرة جيل كامل بوجهها، وبصورتها وهي ترتدي الخوذة والسترة الواقية من الرصاص، لتغطي الاعتداءات المتواصلة للاحتلال ضد الفلسطينيين. لكن اليوم لم تنجح السترة التي استشهدت أبو عاقلة وهي ترتديها في حمايتها من رصاص الاحتلال الإسرائيلي، فاستشهدت بعد وقت قصير من إصابتها.

ولدت شيرين أبو عاقلة عام 1971 في مدينة القدس، ودرست بداية الهندسة، ثم انتقلت إلى دراسة الصحافة المكتوبة والتحرير في جامعة اليرموك الأردنية، لتعود إلى فلسطين وتبدأ عملها في الإذاعة والتلفزيون، مبتعدة تماماً عن مجال اختصاصها أي الصحافة المكتوبة.

عملت مع إذاعة صوت فلسطين، وقناة عمّان الفضائية، لتنتقل بعدها عام 1997 إلى قناة الجزيرة القطرية وتتحوّل إلى واحدة من أبرز مراسليها حول العالم، إلى جانب عملها كمراسلة لإذاعة مونتي كارلو الفرنسية، الناطقة باللغة العربية. كما عادت أخيراً إلى مقاعد الدراسة، وتحديداً جامعة بيرزيت الفلسطينية، لتحصل على دبلوم في الصحافة الرقمية.

طبعت مسيرة أبو عاقلة الصحافية بمحطات عدة، فكانت أول صحافية عربية تدخل إلى سجن عسقلان لتقابل الأسرى الفلسطينيين المحكومين لسنوات طويلة من قبل محاكم الاحتلال، كما غطت جرائم الاحتلال المتواصلة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية: من الانتفاضة الثانية، ثمّ اجتياح مخيم جنين عام 2002 واجتياح طولكرم في العام نفسه، والحروب الإسرائيلية على غزة، مروراً بالتفاصيل اليومية لهدم بيوت المقاومين والأسرى، وتهجير الفلسطينيين، وغيرها…

وخلال يوليو/تموز الماضي، مع السماح لـ”الجزيرة” بالعودة إلى القاهرة، اختارت القناة القطرية أبو عاقلة لتكون أول من يفتتح البث مباشرة من العاصمة المصرية.

في مقابلاتها المختلفة كررت شيرين أبو عاقلة التذكير بثوابتها بينها رفضها لمبدأ الحيادية، خصوصاً في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إذ ردّدت أنّ مبدأ الحيادية مستحيل في هذا الملف.

في “برومو” بثته قناة الجزيرة خلال الاحتفال بذكرى تأسيسها الـ25 في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قالت شيرين أبو عاقلة: “اخترت الصحافة كي أكون قريبة من الإنسان. ليس سهلاً ربما أن أغيّر الواقع لكنني على الأقل كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم”.

المصدر: الشادوف+وكالات أنباء

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.