المهندس شريف هدية يكتب: كاريكاتورية الأزمة فى جماعة الإخوان المسلمين

لمن هم خارج الإخوان، أو للإخوان الذين يفضلون فهم المواضيع بصورة كاريكاتورية، فكر في هذا المثال:


سلسلة سوبر ماركت عملاقة، لا يوجد لها أي منافس، لها فروع في كل مكان، وأصغر فرع فيها أكبر بعشر مرات من أي محل منافس، وطبعا لها مجلس إدارة، ومديرين وموظفين وعمال، ويعمل معها مئات الموردين، ولها العديد من شركات الدعاية ووو إلى آخره، ولسبب ما اضطر جميع رجال الصف الأول لمغادرة الشركة فجأة، وقطع التواصل معها، والتف عمال الشركة وموظفيها حول أكبر رأس وجدوها بينهم، فإذا هي لمدير إداري عادي، وبحكم الواقع آلت كل الصلاحيات إلى عم عبده (المدير الإداري المذكور)، وظن الموظفون أن الشركة (هتمشي عادي زي ما كانت ماشية طول عمرها) إلا أنه مع الوقت تكلست أعمال الشركة، وانفض عنها عدد كبير من الموردين، ولم يبق يعرض بضاعته لديها إلا من لا يجد لها أي أماكن أخرى في الخارج، وترك الشركة الكثير جدا من موظفيها وعمالها المهرة، وأما عم عبده -المدير الإداري- فبدأ بتشكيل هيئة إدارية حوله ممن رآهم (أمناء مخلصون) فأبقى من رآهم طوع بنانه ولا يناقشونه، وأقصى كل من يناقشون، باعتبارهم غير أمناء على الشركة، وطبيعي أن أكثر من قربهم إليه حصلوا على امتيازات بأشكال عدة، إما مادية وإما عينية، وطبيعي أن الشركة كانت لها لوائح، ورغم أن هذه اللوائح كانت عملا بشريا عاديا فهي مليئة بالعوار، إلا أنه ورفاقه كانوا يلوون عنق هذه اللوائح كل ما احتاجوا لعمل ما يرونه (الصواب)، وبعد فترة طويلة من هذا الحال المدمر كانت البضائع المنتهية الصلاحية قد احتلت معظم الأرفف، وفقد الشركة الكثير من سمعتها، كان رجال الشركة الحقيقيون يراقبون بحزن شركة (ملحدلار) والتي كانت تجمع روث البهائم وتخلطه ببقايا الأمعاء المتعفنة وتضع عليه بعض التوابل وتبيعه على أنه لحم مفروم!!! كانوا يراقبون بحزن هؤلاء الفشلة وهم يبيعون أفضل من قسم الجزارة المحترم بمتجرهم، وهكذا أيضا تقدمت متاجر (علمانلار) و(شيوعيوز) وغيرها من المتاجر التي لا تقوى بحال من الأحوال على أي منافسة شريفة مع شركتهم التي تبيع أفضل بضائع في العالم منذ 15 قرنا، كان كل ذلك يمزق قلوبهم.
وفجأة عاد أحد أعضاء مجلس الإدارة، بل إنه نائب الرئيس بنفسه، وبعد جلسة سريعة من نخبة من العمال والموظفين مع نائب الرئيس العائد، أطلعوه فيها على ما أصاب شركتهم بعد اختفائه، قال لهم بهدوء: بكل أسف كنت مطلعا على كثير من هذه الأحوال السيئة، وما كانت تسرني أبدا، ولكن لم أكن قادرا على التغيير، والآن حان وقت التغيير وسأبدأ بإلغاء الصلاحيات الهائلة لعم عبده وأشكل لجنة لمعاونتي في إدارة الشركة ويكون عم عبده عضوا فيها، وعندما تذمر عدد ممن رأوا كيف دمرت إدارة عم عبده الشركة في السنوات العجاف، رد عليهم العجوز الحكيم: أريد التغيير مثلكم، ولكن بحكمة، والرجل كان يعرف كل صغيرة وكبيرة، ولن أتخلص منه فجأة، الشركة لكم، ليست لي ولا له، ولكني أريد لها انتقالا سلسا، كما إن أخطاء عم عبده قد تكون بحسن نية ولا أريد الانتقام منه، بل أريد إصلاح الشركة.
لكن عم عبده لم يعجبه هذا التغيير، وكذلك الجوقة حوله، وأخذوا يفكرون ما يصنعون؟ فقال أحدهم: دعونا نقول إن نائب الرئيس هذا لم يعد يصلح ويجب عزله من منصبه، ونظر إليه جميع الحاضرين بغضب واستنكار، ولكن قبل أن يتكلموا فوجئوا بعم عبده يقول: يا لها من فكرة رائعة، أحضروا لي عم حسن الترزي فهو يفهم في اللوائح، ويعرف كيف يجد الحل، وجاء عم حسن الترزي، ولكنه فوجئ بالطلب، فبدت عليه الدهشة، فقال له أحد الحاضرين: نريد أن نرى همتك أيها الترزي، فإنك إن فشلت سنفقد كل مميزاتنا الحالية، ثم نظر إليه نظرة ذات مغزى، وقال: وأنت أيضا طبعا ستخسر، فأنت الآن رئيس الشئون القانونية في الشركة وقد كنت قبل ذلك مجرد خريج من كلية الحقوق بلجنة رأفة، ارتعد الترزي من الفكرة، وبدأ العمل…
باختصار قام فريق عم عبده بحركة عجيبة، وهي أنهم ادعوا عزل نائب الرئيس وأبطلوا قراراته من وجهة نظرهم، وطبعا لم يتبعهم أحد من الشركة التي عادت الحياة لتدب فيها، وكيف لا وهم 85% من مجمل أفراد الشركة وقوتها العاملة، ولكن فريق عم عبده تحصن بالمكاتب التي كانوا يجلسون فيها واعتبروا الخزينة التي كانت موجودة فيها ملكا خاصا لهم.
وهكذا بدأت سلسلة المتاجر تعود إلى العمل بقيادة شابة، وأما جماعة عم عبده فبقوا أكبر همهم أن ينضم إليهم موظف شارد من هنا أو هناك.
هذا هو أصل المشكلة: فلتتنح يا فلان، فإنك لم تحسن فيما مضى، فكان الرد، لا والله لا أتركها أبدا، بل لأنحينكم أنتم.
هذا هو الأصل والذي يجري إخفاؤه والتمويه عليه بكلمات فخمة مثل (المؤسسية) و(الشورى) و(اللوائح)، ولكن الحقيقة أوضح من واضحة.

شريف هدية

مهندس متخصص في علوم الحاسب الآلي والكمبيوتر

عضو جماعة الإخوان المسلمين

@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

الآراء الواردة فى مقالات الرأي تعبر عن صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن موقع الشادوف أو سياساته التحريرية

المشاركات الاخيرة

أزمة القيادةالاخوان المسلمونشريف هديةكاريكاتورمصرمقال رأي
Comments (0)
Add Comment