مصر تطالب بعقد جلسة مفاوضات عاجلة مع اثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة

0 406

وجهت مصر طلباً عاجلاً للاتحاد الأفريقي لدعوته لعقد جلسة مفاوضات بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا في أعقاب الإعلان الرسمي من جانب أديس أبابا عن تدشين المرحلة الأولى من عملية توليد الكهرباء من السد، بالمخالفة لاتفاق المبادئ الموقّع بين البلدان الثلاثة فى الخرطوم في مارس من العام 2015 .

وأطلق رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، الأحد الماضي، عملية إنتاج الكهرباء من سد النهضة على النيل الأزرق، بتشغيل توربين من بين 13 توربيناً، لتوليد نحو 200 ميغاوات.

وذكرت مصادر دبلوماسية في تصريحات لموقع ( العربي الجديد) أن إثيوبيا بالتنسيق مع أحد المسؤولين في الاتحاد الأفريقي تعرقل إجراءات تشكيل لجنة الخبراء، المعنية بقيادة المفاوضات بين البلدان الثلاثة. وأشارت المصادر إلى اتهامات مصرية لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، تندرج في بند “التواطؤ مع أديس أبابا لتعطيل مسار المفاوضات، لمساعدة الأخيرة على فرض أمر واقع على دولتي المصب”.
وأشارت إلى أن أولى الخطوات وأهمها والتي تشهد تعطيلاً مفتعلاً هو التوافق على الفنيين المختصين والخبراء القانونيين الذين سيشكّلون اللجنة التي ستقود المفاوضات، وإخطار الدول لترشيح الأسماء، لطرحها للتصويت ومن ثم الموافقة عليها، ثم صياغة ميثاق عمل اللجنة، وصلاحياتها، ودور المراقبين، والذين سيمثلهم الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي.

واتهمت وزارة الخارجية المصرية إثيوبيا بخرق التزاماتها بمقتضى اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015. وقالت الوزارة في بيان لها إن “هذه الخطوة تعدّ إمعاناً من الجانب الإثيوبي في خرق التزاماته بمقتضى اتفاق إعلان المبادئ لسنة 2015، الموقّع من قبل رئيس الوزراء الإثيوبي”.

وكشفت المصادر أن آخر تحرك في أزمة السد، كانت قد طرحته الإمارات أخيراً، بعد ما جددت عرضاً سابقاً تقدمت به للدول الثلاث، لحل الأزمة، مشيرة إلى أن الطرح الإماراتي لا يلقى حماساً من جانب القاهرة.

وقالت المصادر إن عدم الترحيب المصري بالطرح الإماراتي، الذي سعت أبوظبي لتسويقه لدى الخرطوم، ينطلق من أن هذا الطرح يحوّل جوهر الأزمة من قانوني ملزم إلى مشكلة اقتصادية.

وأوضحت أن التصور الإماراتي، الذي تدعمه أديس أبابا، يقوم على الربط بين البلدان الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا)، بمجموعة من المشاريع الاقتصادية، التي تقام في ثلاث مناطق استثمارية في الدول الثلاث، بتمويل من جانب أبوظبي، وفق اتفاق يضمن التدفق المنتظم للمياه لدولتي المصب.

كما يتضمن التصور الإماراتي، بحسب المصادر نفسها، بنداً مستحدثاً طوّرته أبوظبي خلال تجديد طرحها له أخيراً، وينص على تأسيس هيئة تضم ممثلين للبلدان الثلاثة ويكون له ثلاثة أفرع في الخرطوم وأديس أبابا والقاهرة، تكون مهمتها التنسيق الدوري، ومراقبة سير العمل.

وكانت مصادر دبلوماسية مصرية، قد كشفت في إبريل/ نيسان من العام الماضي، أن الإمارات عادت لطرق أبواب مصر والسودان، لإقناعهما بمنحها فرصة لتأدية دور الوسيط لحلحلة قضية سد النهضة الإثيوبي.

وركّزت الإمارات على ملف الاستثمارات في المناطق المتنازع عليها بين السودان وإثيوبيا، فضلاً عن المساعدة في إقامة مشاريع للتنمية المستدامة بين البلدان الثلاثة.

وترتبط المشاريع بتوليد الكهرباء من الطاقة المائية وطاقة الرياح في محيط سد النهضة، في ولاية بني شنقول – قمز، بالإضافة إلى تخصيص أراضٍ في المنطقة للزراعات الاستراتيجية لتوريدها إلى الإمارات ومصر.

وبحسب تقرير حكومي إثيوبي، فإن الإمارات تستثمر في نحو 100 مشروع، تم تنفيذ 35 مشروعاً منها، مع استمرار التجهيزات لنحو 20 مشروعاً آخر. وتتوزع هذه المشاريع في قطاعات المرافق والبنية التحتية والري والزراعة والصحة والصناعة والعقارات السكنية، والسياحية، والإنشاءات الحكومية، والتعدين.

ووقّعت الإمارات وإثيوبيا عام 2019 مذكرة تفاهم عسكرية لتعزيز التعاون في المجالات العسكرية والدفاعية بين البلدين، وقدّمت الإمارات دعماً يصل إلى 3 مليارات دولار عام 2018 كمساعدات واستثمارات.

في موازاة ذلك، أكد السودان أن بدء تشغيل إثيوبيا توربينات توليد الكهرباء من سد النهضة يتنافى مع روح التعاون ويشكل خرقاً جوهرياً للالتزامات القانونية الدولية لإثيوبيا. وجدد السودان موقفه تجاه ملف سد النهضة المتمثل في ضرورة الوصول إلى اتفاق قانوني بشأن ملء وتشغيل السد الذي يقوم على مرجعية القانون الدولي، وإعلان المبادئ المُوقع في مارس/ آذار 2015 بواسطة الدول الثلاث.

وبعد يوم واحد من الموقف المصري الرافض لقرار أديس أبابا، أعلن السودان في وقت متأخر من مساء الإثنين تنديده بكل “الإجراءات أحادية الجانب” من قبل إثيوبيا بإطلاق إنتاج الكهرباء في سد النهضة.

وكانت إثيوبيا قد بدأت رسميا الأحد إنتاج الكهرباء من سد النهضة الذي تبنيه على النيل الأزرق، في ما وصفه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بأنه “ولادة حقبة جديدة”.

واعتبر المتحدث الرسمي باسم الفريق السوداني المفاوض في هذا الملف عمر كامل أن الإجراءات التي اتخذتها إثيوبيا “أمر يتنافى مع روح التعاون ويشكل خرقا جوهريا للالتزامات القانونية الدولية لإثيوبيا، كما يخالف ما تم الاتفاق عليه بين الدول الثلاث في اٍعلان المبادئ”. وقال “يؤكد السودان موقفه الرافض لكل الإجراءات أحادية الجانب في كل ما يتعلق بملء وتشغيل السد”.

وفي 2011 أطلقت إثيوبيا المشروع الذي تقدر قيمته بنحو 4 مليارات دولار ويهدف إلى بناء أكبر سد لإنتاج الطاقة الكهرمائية في أفريقيا، إلا أنه يثير توترات إقليمية خصوصا مع مصر التي تعتمد على نهر النيل لتوفير حوالى 90 في المئة من حاجاتها من مياه الري والشرب.

كانت وزارة الخارجية المصرية نددت الأحد في بيان بالخطوة الإثيوبية معتبرة أن “إعلان إثيوبيا البدء بشكل أحادي في عملية تشغيل سد النهضة إمعان في خرق التزاماتها بمقتضى اتفاق إعلان المبادئ الموقع ما بين مصر والسودان وإثيوبيا في آذار/مارس 2015”.

ولم تتوصل محادثات أجريت برعاية الاتحاد الأفريقي لاتفاق ثلاثي حول ملء السد وتشغيله. وطالبت القاهرة والخرطوم بأن تتوقف أديس أبابا عن ملء خزان السد إلى حين التوصل إلى اتفاق.

كما دعت الأمم المتحدة الصيف الماضي الدول الثلاث إلى مواصلة محادثاتهم تحت إشراف الاتحاد الأفريقي. إلى جانب مسألة المياه، هناك نزاع حدودي بين السودان وإثيوبيا حول أراض خصبة في منطقة الفشقة الشاسعة في ولاية الغضارف السودانية (شرق).

تهديد وجودي

وتنظر القاهرة والخرطوم لهذا المشروع على أنه تهديد لهما نظرا إلى اعتمادهما الكبير على مياه النيل، فيما تعتبره أديس أبابا ضروريا لتأمين الكهرباء ولتنمية البلاد.

ويقع سد النهضة على النيل الأزرق في منطقة بني شنقول-قمز على بعد نحو 30 كلم من الحدود مع السودان. ويبلغ طوله 1,8 كلم وارتفاعه 145 مترا.

ويلتقي النيل الأزرق الذي ينبع من إثيوبيا النيل الأبيض في الخرطوم ليشكلا معا نهر النيل الذي يعبر السودان ومصر ويصب في البحر المتوسط. وبالنسبة إلى مصر، فإن السد يشكل تهديدا وجوديا.

من ناحيته يأمل السودان في أن يسهم المشروع في ضبط الفيضانات السنوية، لكن يخشى أن تلحق أضرار بسدوده في غياب اتفاق حول تشغيل سد النهضة.

المصدر: الشادوف+وكالات+صحف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.