مخابرات السيسي تتفرغ لمراجعة مسلسلات رمضان..وشكوك حول (الاختيار 3) !
مع تصاعد الضغوط الداخلية على النظام المصري بسبب الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تضرب البلاد حالياً جراء الحرب الروسية الأوكرانية، لجأت الدائرة المقربة من (الرئيس المصري )عبد الفتاح السيسي إلى عدة إجراءات من بينها تأجيل نشر الإعلان الترويجي لمسلسل “الاختيار 3” المقرر عرضه في شهر رمضان والذي خصصت له ميزانية ضخمة، خوفاً من استفزاز مشاعر المواطنين الذين يعانون من غلاء الأسعار.
وكشفت مصادر مصرية أن ما يثير قلق دائرة السيسي المقربة، لا سيما المسؤولين في “جهاز المخابرات العامة” الذي يشرف على تنفيذ المسلسل، أنه يتناول مباشرة الشخصيات من أعضاء تلك الدائرة، وعلى رأسهم السيسي، ومدير الجهاز اللواء عباس كامل، وذراعه اليمنى العقيد أحمد شعبان. إذ يتخوفون من أن تقديمهم للجمهور في ظل الأوضاع الحالية قد يثير الاستياء.
وأفادت المصادر نفسها أن الممثل ياسر جلال سيجسد في المسلسل شخصية السيسي، بينما يؤدي الممثل السوري جمال سليمان شخصية اللواء عباس كامل.
وأكدت المصادر أن المسلسل المقرر عرضه بعد أيام قليلة، “يواجه حالياً أزمات عدة، إضافة إلى أزمة التخوفات السياسية، وهي متعلقة بالتعديل المستمر الذي يطرأ على المساحة الممنوحة لياسر جلال التي تتزايد مع مرور الوقت، ما يعطل التصوير”.
وأضافت أن “من ضمن الأزمات التي يواجهها المسلسل أيضاً القرار الخاص بإعادة المشاهد التي صورها جمال سليمان، إذ إن اللكنة السورية ظهرت بوضوح، مما أغضب اللواء عباس كامل رئيس جهاز المخابرات عندما شاهد المواد المصورة، وأمر بإعادة تصويرها”.
وأشارت المصادر إلى أنه “لم تحسم إلى الآن مشكلة مشاهد جمال سليمان، وما إذا كان سيُستعان بصوت آخر ويعالج بالميكساج، أو أن سليمان سيعيد تسجيل نسخة الصوت مع الانتباه للكنة”.
وقالت إن “مخرج العمل بيتر ميمي يعمل بمساعدة 6 وحدات تصوير، لإنجاز المسلسل الذي يواجه عقبات، بعضها فني وبعضها سياسي”. وأكدت أن “العميد محمود السيسي الذي نقل للعمل في جهاز المخابرات العامة، عند تولي كامل رئاسته، يشرف شخصياً على تنفيذ المسلسل، ويتابع تصويره خطوة بخطوة، ليضمن خروجه بصورة تحسن وجه النظام”.
ولفتت المصادر إلى أن المسلسل “كان يفترض أن يتناول فترة حكم الرئيس الراحل المخلوع محمد مرسي سلباً، ويسلط الضوء على السردية التي طالما يلح عليها السيسي في أحاديثه المختلفة، أي الزعم بأن (جماعة الإخوان المسلمين) خانوا الوطن وتعاونوا مع قوى خارجية ومنظمات إرهابية خارجية، وأن الجيش بقيادة السيسي هو من أنقذ البلاد من هذه المؤامرة. ولكن مع بدء التصوير، أخذت المساحة الممنوحة لشخصية السيسي داخل العمل تتزايد، وأضيفت مشاهد خاصة بالممثل ياسر جلال، كما منحت مساحات لشخصية عباس كامل، وساعده اليمين العقيد أحمد شعبان”.
وأضافت المصادر أن “المسؤولين في جهاز المخابرات العامة قد يفكرون في تأجيل عرض العمل، خوفاً من أن يؤثر سلباً على صورة النظام، كما حدث مع فيلم (سري للغاية)، العام الماضي، الذي جسد فيه الممثل أحمد السقا شخصية السيسي”.
المخابرات متفرغة للمسلسلات
الى ذلك يعكف القائمون على الإنتاج الدرامي التلفزيوني في مصر، الذي تحتكره شركة “المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية” المملوكة لجهاز المخابرات العامة، بالتعاون مع ضباط الجهاز المسؤولين عن الإنتاج الفني والإعلامي، وعلى رأسهم العقيد أحمد شعبان، أحد أعضاء الدائرة المقربة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، على وضع اللمسات الأخيرة على المسلسلات التي من المقرر أن تعرض في الموسم الرمضاني المقبل، والتي تدور حول مواضيع رئيسة يسعى النظام إلى تكريس وجهة نظره فيها، وعلى رأسها انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013، وتعامل أجهزة النظام مع المعارضين في الخارج، وأخيراً قضية “تجديد الخطاب الديني” التي طالما ذكرها السيسي في مناسبات عدة.
وأصبح من المعتاد أن تقوم الشركة التابعة للمخابرات بإنتاج عملين أو ثلاثة من ضمن الأعمال التي تنتجها، حول الجيش والشرطة والمخابرات، كما حدث في الأعوام السابقة، حيث تم تقديم جزأين من مسلسل “الاختيار” الأول عن الجيش، والثاني عن الشرطة، وجزء من مسلسل “هجمة مرتدة” عن عمليات للمخابرات العامة، وجزء من مسلسل “القاهرة كابل” عن عمليات للأمن الوطني.
على مدار السنوات الماضية، استخدم جهاز المخابرات العامة، الإنتاج الدرامي، بتوجيه من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، من أجل تثبيت الروايات التاريخية عن الأحداث السياسية المعاصرة، من وجهة نظر نظام السيسي، وهو ما اعتبره كثيرون محاولة لتزييف التاريخ حول وقائع معينة، شهد على تفاصيلها الجميع، مثل مذابح فض اعتصامي “رابعة العدوية” و”النهضة” والتي تناولها الجزء الثاني من مسلسل “الاختيار” بطريقة رآها كثيرون أنّها محاولة لإدانة المعتصمين من المعارضين، وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين.
مصادر من داخل “المجموعة المتحدة” كشفت لـصحيفة “العربي الجديد” عن التوجه العام في إنتاج مثل هذه الأعمال هذا الموسم، وبعض التفاصيل الخاصة بهذه المسلسلات، مثل أحداثها وأبطالها وموضوعاتها.
الاختيار 3
قالت المصادر إنّ على رأس هذه الأعمال التي من المفترض أن تعرض خلال شهر رمضان المقبل، يأتي الجزء الثالث من مسلسل “الاختيار”، والذي سوف يتناول فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، والأحداث التي وقعت بعد ذلك من الانقلاب العسكري وتثبيت نظام حكم جديد، بقيادة السيسي. وكشفت المصادر أنّ المسؤولين في الشركة استعانوا بنص قديم كتبه السيناريست الراحل وحيد حامد عن هذه المرحلة بعنوان “سري للغاية” كان قد تم تصويره كفيلم سينمائي، وأنفق عليه نحو مليار جنيه آنذاك، لكنه لم يعجب الرئيس السيسي، فتم حرق المواد التي تم تصويرها في مسلسل “الاختيار 3” هذا العام الذي يكتبه المؤلف هاني سرحان.
وكانت قد ترددت أنباء أنّ الممثل أحمد السقا سوف يجسد شخصية السيسي في المسلسل، كما جسدها قبل ذلك في الفيلم الذي تم التخلص منه، لكنّ المصادر أكدت أنّه تم استبعاد السقا كمرشح للدور، نظراً لأنّ أداءه السابق في فيلم “سري للغاية” كان ضعيفاً ولم يعجب الرئيس السيسي.
ورجحت المصادر أن يقوم بدور الرئيس السيسي، ياسر جلال، والذي ظهر في عزاء المخرج الراحل جلال الشرقاوي قبل أيام حليق اللحية، ويرتدي قبعة يداري بها قصة شعره الجديدة التي تحاكي قصة شعر الرئيس السيسي.
وكشفت المصادر أيضاً أنّ صبري فواز سوف يجسد شخصية الرئيس الراحل محمد مرسي، وخالد الصاوي سيجسد شخصية خيرت الشاطر، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين والنائب الأول للمرشد الحالي محمد بديع، والمحكوم عليه بالسجن المؤبد في القضية المعروفة إعلامياً بـ”أحداث مكتب الإرشاد”.
وقالت المصادر إنّه في “الاختيار 3” سوف يظهر ضابط المخابرات العامة، سيف العربي، الذي جسده، أحمد عز، في مسلسل “هجمة مرتدة” العام الماضي، كما سيظهر كريم عبد العزيز الذي جسد شخصية الضابط في جهاز الأمن الوطني، زكريا يونس، في الجزء الثاني من مسلسل “الاختيار” العام الماضي.
العائدون
هذا العام أيضاً قرر المسؤولون في جهاز المخابرات العامة، إنتاج جزء ثانٍ من مسلسل “هجمة مرتدة” الذي قام ببطولته أحمد عز، العام الماضي، ومعه التونسية هند صبري، لكن تحت عنوان مختلف وهو “العائدون” والذي يتناول، حسب المصادر، فكرة سفر بعض الأشخاص المصريين إلى سورية، والمشاركة في جبهات القتال تحت لواء تنظيم “داعش”، وعودتهم بعد ذلك إلى مصر.
وتقول المصادر إنّ الأحداث تقوم على تقديم بعض عمليات جهاز المخابرات العامة الخارجية، والتي تستهدف هؤلاء الأعضاء في تنظيم “داعش”، وتكشف عن مصادر تمويل هذه الجماعات، والتي يرجعها المسلسل إلى تركيا، ولكن دون ذكر اسمها صراحة، حيث يكتفي النص بذكر “دولة حدودية مع سورية”.
وتضيف المصادر أنّه من خلال الأحداث يجري تقديم عمليات أخرى لجهاز المخابرات العامة، تتمثل في محاولة اختراق أوساط المعارضين المصريين في الخارج، من السياسيين والإعلاميين، خصوصاً في تركيا، وأيضاً من دون ذكر اسمائهم صراحة، وتجنيد بعض الشخصيات المعارضة، للعمل مع الجهاز.
وكشفت المصادر عن بعض تفاصيل المسلسل الأخرى، وقالت إن العمل سوف يجسد شخصيات محسوبة على المعارضة في تركيا، بأسماء أخرى، مثل أيمن نور، والذي يقوم عملاء جهاز المخابرات العامة بتجنيد جواسيس لهم داخل المؤسسة الإعلامية التي يمتلكها في إسطنبول، من ضمن فريق القناة، وتحديداً أحد فنيي المونتاج والإخراج.
ويقوم ببطولة العمل هذا العام، بعد انتقال بطله السابق أحمد عز للعمل في مسلسل “الاختيار 3” أمير كرارة بدور ضابط المخابرات الذي يقوم بتجنيد العملاء داخل تنظيم “داعش” وبين أوساط المعارضين المصريين في الخارج. كما يقوم بالتمثيل في العمل أيضًا كل من الممثل محمود عبد المغني، والممثلة أمينة خليل وآخرون، وكتبه باهر دويدار، وأخرجه أحمد نادر جلال.
والجدير بالذكر أنه خلال العامين الماضيين، تم توقيف شخصين يعملان لصالح المخابرات المصرية في كلّ من ألمانيا، والولايات المتحدة الأميركية، يقومان بالتجسس على المعارضين المصريين في هاتين الدولتين.
وفي السابع من يناير/ كانون الثاني الماضي، ألقت سلطات الأمن الأميركية، القبض على مواطن أميركي، من أصل مصري، بتهمة ممارسة مهام “عميل غير مسجل” لصالح الحكومة المصرية، بما في ذلك تعقب معارضي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجمع معلومات غير مخصصة للعامة.
كما ألقت أجهزة الأمن الألمانية القبض على شخص يدعى أمين ك، بداية عام 2021، كان يعمل في المكتب الإعلامي للمستشارة أنجيلا ميركل، ويشتبه في أنه نقل معلومات إلى المخابرات المصرية بين عامي 2010 و2019، مستفيداً من منصبه المتميز في هذا المكتب الذي يعمل فيه منذ 1999، واتهم بالتجسس على المعارضين المصريين في ألمانيا.
جزيرة غمام
ويعتبر مسلسل “جزيرة غمام” والذي من المفترض أن يعرض في رمضان المقبل، ثمرة حوار بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، والكاتب المصري عبد الرحيم كمال، وجه خلاله الأول طلباً للثاني بكتابة عمل تلفزيوني يتحدث عن “تجديد الخطاب الديني”، وكان ذلك ضمن برنامج تلفزيوني على قناة “صدى البلد” المملوكة لرجل الأعمال محمد أبو العينين، وتقدمه المذيعة عزة مصطفى، في أغسطس/ آب من العام الماضي، إذْ كانت تستضيف عبد الرحيم، عندما فاجأهم السيسي بمداخلة تلبفونية على الهواء مباشرة، تحدث خلالها عن تأثير الدراما، وطلب من كمال تقديم العمل، مع وعد بتقديم الدعم المالي اللازم.
واستهل السيسي مداخلته التي استمرت نحو 15 دقيقة، بالتعبير عن سعادته بالحديث، وعرض على السيناريست إنتاج عمل فني “يخدم قضايا الدولة”.
وقال: “أقول للأستاذ عبد الرحيم، جهّز ما أنتَ بحاجة له، وأنا معك”. وتابع السيسي: “هناك أولويات للدولة، والإعلام والثقافة والفنون من ضمن الأولويات المتقدمة. لكن ليس كلّ شيء نفكر فيه، نستطيع أن نصل إلى النتائج المرجوّة. الدول تحتاج إلى سنين لتتجاوز تحدياتها بشكل مستمر. وتظهر تحديات جديدة كلما تمّ التغلب على تحديات أخرى”.
وقال السيسي لكمال: “لفت انتباهي حديثك عن تجديد الخطاب الروحي، بدل الكلام عن الخطاب الديني، ودمج التاريخ بأفكار معيَّنة. أنا داعم لك في عملٍ على مستوى الدولة. أعرف أنّ الناس تستهدف الربح، ولكن حينما نستهدف قضيّة، قد تتوارى فكرة الربح. لن أطلب من المنتجين والمفكرين أن يتولّوا قضايا لا تحقق ربحاً. وإذا كانت التكلفة المالية عائقاً أمام عمل كهذا، فأقول لك إنّي معك، والناس شاهدة عليّ”.
ومن جهته، رد كمال على حديث السيسي قائلاً إنّه يشعر بالفخر ومستعد لأن يقدم هذا العمل مجاناً، فضحك السيسي قائلاً: “لا يوجد شيء مجاني، ونحن لا نطلب أي شيء مجاني”.
وتدور أحداث المسلسل الذي تقوم بإنتاجه شركة المخابرات، في جزيرة بالبحر، وتتناول العلاقات بين سكانها والصراعات بينهم، وطرق تطبيق تعاليم الدين.
وبحسب المصادر، فإن المسلسل يقدم إحدى الشخصيات “المتطرفة”، وإحدى الشخصيات “المتصوفة”. وبطبيعة الحال، يقدم العمل شخصية “المتصوف” بشكل إيجابي مضاد لشخصية “المتطرف” وهي الرؤية التي يتبناها النظام المصري وعلى رأسه الرئيس السيسي، وعبّر عنها محسوبون على النظام مثل الإعلامي إبراهيم عيسى، من خلال برنامجه الذي يقدمه على قناة “الحرة” التابعة للخارجية الأميركية “لعلهم يفقهون” والذي يروج فيه للتصوف، والذي يعتبره البعض “نسخة أميركية للإسلام”.
يقوم بدور البطولة في مسلسل “جزيرة غمام” طارق لطفي، الذي قدم بطولة “القاهرة كابل” العام الماضي، وفتحي عبد الوهاب، ومي عز الدين، وإخراج حسين المنباوي.
المصدر: الشادوف+العربي الجديد