محمد عماد صابر يكتب: حكام لم يعرفوا دروب وطرق النجاح..لماذا؟!

0 578

لم يعد العالم يأبه بحكام العرب، ليس زهداً في استعبادهم، ولكن لأنه لديه ما يشغله، فالمعضلات المالية والسياسية الدولية وصراع المستقبل أكبر من الاهتمام بحكام العرب التي: لم تستطع أن تصنع سياسة ذاتية مستقلة محلية ترعى المصالح العليا وتدرأ المفاسد الكبرى..

لم يتعودوا دروب النجاح ولم يجيدوها، فهي غريبة عليهم حتى لو أرادوها، فجل اهتمامهم هو إطالة بقائهم في السلطة والتمتع بالامتيازات على حساب الشعب والوطن والأمة..
لايملكون من المروءة والشجاعة أن يحكموا بسداد وعدل واستشعار لقوة بلادهم.. نجحوا فقط في قتل شعوبهم واختزال إمكانات وقدرات بلادهم في أزلامهم وأقزامهم وأراجوزاتهم..
لا يجرؤون على فتح المجال العام في بلادهم للمشاركة الشعبية في مهمة الإصلاح والتوجيه والريادة.. هم مشغولون فقط بتنمية منابر التطبيل والمدح التي قتلت العقل والوعي، وأماتت الهمم والطموح والحيوية..

عملوا على قتل السمات الطيبة في شعوبهم، بعد أن ماتت فيهم.. هم يجيدون المكر بشعوبهم، وينجحون في تحقيق الخداع الاستراتيجي مع معارضيهم،

وليست دعوة الحوار الوطني – التي أطلقها السيسي مؤخراً – منا ببعيد، فبينما يزعم أنه لا يثتثني أحداً إذا بأبواقه الإعلامية تؤكد على استبعاد القوى الأكثر تأثيراً ليبقوا في المنافي وخلف القضبان.
ولكن على الرغم من كل ذلك فما زالت عناصر السلامة باقية في الشعوب، و ستنبض روح الخير في هذه الأمة، وسوف تتصاعد المطالبات المستمرة بالتغيير، وستعلوا صيحات التحذير، وسترفع شعارات العيش، والحرية، والكرامة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية من جديد.

“الحكم العسكري معضلتنا الكبرى”

الحكم العسكري معضلتنا الكبرى ومرضنا المزمن، يهدر الثروة ويحرم المحاسبة ويخنق المعارضة، ويدمر الروح والكرامة والخلق ويكتم أنفاس المجتمع، وشرف لنا أن نسلخ أعمارنا وأغلى أوقاتنا في الخلاص من هذا الوباء والطاعون الفتاك.. ولا يتحقق هذا إلا بتحرير المجتمع من الخوف وتمكينه من الاختيار الحر ورفع وصاية الأقلية الحاكمة المهيمنة عنه.


لن نتذلل للحكم العسكري الذي يحتكر السلطة ويستأثر بالثروة والقوة والقرار، ولن نتنازل عن حقنا في الرأي والتدافع السياسي من أجل التغيير، ولن ننخرط في أيَ مسار أُحادي لنظام الخراب، ولن نكون جزءاً من صراع الضباع.. أكثر مايشغلنا إنقاذ مصرنا من الانهيار والتهالك والتفتت..

لذا يجب أن نخوض الصراع بعقل واتزان ومبادئ ورؤية واضحة، وعقلنا مرن مفتوح، نصنع تجربتنا التغييرية من دون الانحباس في الماضي القريب والبعيد، المهم ننهض بعقلنا السياسي.. إن شرفنا وفخرنا وعزنا هو في الدفاع عن الخيار الشعبي في التغيير، فلسنا على شيء إذا لم نُعبَر عن الجرح الشعبي الغائر، عن تطلعات الأحرار والشرفاء وحقهم في العيش بشراً أسوياء أحراراً في بلادنا كغيرنا من الشعوب المتحضرة..

فلن نُساق إلى المعارك الجانبية، ولن نملأ الدنيا صُراخاً فارغا..

نعم، العملية مُعقدة ومسارها طويل مُتعرج تحتاج عقولا فوارة توليدية وطبقة سياسية مؤثرة راجحة العقل تُحسن التقدير والتدبير.. الحمل ثقيل والعقبة كؤود والمُقتحمون من ذوي الحصافة والمسؤولية والعقل والاتزان قلة، هناك عزوف من كثير من أهل الرأي والنظر، إما تكاسلا وسلبية، وإما طلبا للسلامة والعافية، وإما لإغراقهم في المثالية والتجريد..

التغيير أعقد مما نتصور والنظام أكثر غموضا مما نظن، ودهاليزه أكثر تشعباً مما نتخيل، ولكن نُلحَ في طلب التغيير ونتحرك ونصنع حالة من الضغط المستمر حتى نحقق ما يمكن إنجازه، فالسياسة بيئة معقدة تعتمد على استثمار اللحظة والتقاطها واقتناص الفرص، وهي في تحول دائم، لا تكاد تستقر على حال، وهي ساحة ألغام، إن لم تحسن تقدير الموقف انفجر اللغم فيك، وإن لم تستعد لما هو قادم وجدت نفسك على الهامش.

فواصل ولاتتوقف، إما أن ننتصر ونشاهد، وأما أن نرحل ونحن نجاهد..

محمد عماد صابر

سياسي وبرلماني مصري
من نواب برلمان الثورة 2012

الآراء الواردة فى المقال تعبر عن صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن موقع الشادوف أو تمثل سياساته التحريرية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.