مجتمع الأعمال المصري يتوقع استمرار الركود والتضخم وتراجع مستويات المعيشة

0 516

كشفت دراسة فنية حول توقعات مجتمع الأعمال المصري لنتائج الربع الثالث من العام الجاري (يوليو/تموز ـ سبتمبر/ أيلول) 2020 بعدم شعور شركات القطاع الخاص بالتفاؤل مع استمرار الصعوبات التي تواجه ممثلي الشركات محليا، واضطراب سلاسل التوريد وارتفاع تكاليف الشحن، نتيجة تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا واستمرار الانكماش في النمو الاقتصادي خلال الربع الأخير من العام الحالي.

وأكدت دراسة “بارومتر الأعمال”، التي يصدرها المركز المصري للدراسات الاقتصادية تحت إشراف نخبة من الأكاديميين وكبار رجال الأعمال، أن الربع الثاني من العام الحالي (إبريل/ نيسان حتى يونيو/ حزيران) شهد تراجع مؤشر أداء الأعمال للربع الثالث على التوالي، مسجلا انخفاضا قدره 3 نقاط عن المستوى المحايد، بما يعكس ركود السوق المحلي.

وكان البنك المركزي المصري، قد أعلن مساء الخميس، وللمرة الثالثة على التوالي تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، ولكن واقعياً اتخذ المركزي المصري قراراً جديداً يعادل في تأثيره رفع الفائدة، بحسب ما أكده خبراء متخصصون في السياسات المالية والنقدية.

وتجدر الإشارة إلى أنه على عكس التوقعات ورغم قرار الفيدرالي الأميركي الصادر مساء الأربعاء، برفع معدلات الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، فإن لجنة السياسة النقديـة في البنك المركزي المصري أعلنت مساء الخميس، أنها قررت الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوى 11.25 بالمئة، 12.25 بالمئة و11.75 بالمئة على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 11.75 بالمئة.

وكانت المرة الأولى التي ثبت فيها المركزي المصري الفائدة للمرة الأولى في 23 يونيو الماضي، والذي تقرر فيه تثبيت أسعار الفائدة عند 11.25 بالمئة للإيداع و12.25 بالمئة للإقراض. والمرة الثانية حينما قرر أيضاً يوم 18 أغسطس تثبيت الفائدة عند 11.25 بالمئة للإيداع، و12.25 بالمئة للإقراض.

وكان البنك المركزي المصري قد قرر في 21 مارس الماضي وبشكل مفاجئ رفع أسعار الفائدة بنسبة 1 بالمئة لتصل إلى 9.25 بالمئة للإيداع و10.25 بالمئة للإقراض، ثم في 19 مايو رفعها بنسبة 2 بالمئة لتصبح 11.25 بالمئة للإيداع و 12.25 بالمئة للإقراض.

لكن القرار الجديد الذي اتخذه البنك المركزي المصري مساء أمس الخميس ويعادل رفع الفائدة وفقاً للخبراء، هو زيادة نسبة الاحتياطي النقدي التي تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لدى البنك المركزي المصري لتصبح 18 بالمئة بدلاً من 14 بالمئة، وسيساعد هذا القرار في تقييد السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي.

رغم تثبيته معدلات الفائدة الأساسية على الجنيه المصري، تمس قرارات البنك المركزي الأخيرة المواطنين والشركات بصورة كبيرة، في وقتٍ أصبح الشأن الاقتصادي في البلاد حاضراً بقوة في أغلب المناقشات وطاغياً على الاهتمامات.

وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري يوم الخميس تثبيت معدلات الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وعلى الائتمان والخصم والعملية الرئيسية للبنك المركزي عند 11.25%، 12.25%، و11.75% على الترتيب، كما رفع نسبة احتياطي الإلزامي من 14% إلى 18%.

الملاءة المالية للبنوك

يفرض البنك المركزي على البنوك العاملة في مصر الاحتفاظ لديه بنسبة من الودائع بالجنيه المصري التي تقل مدتها عن 3 سنوات، كانت تقدر بـ 14%، بدون فوائد، ليضمن البنك توفيرها للعملاء حال طلبها. ومع قراره الأخير بزيادة النسبة إلى 18%، ستكون البنوك ملزمة بإيداع نسبة أكبر من ودائعها بلا عائد لدى البنك المركزي.

أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع معدل التضخم في مصر في كل المحافظات خلال شهر أغسطس / آب الماضي إلى 15.3%، بعدما كان 6.4% خلال نفس الشهـر من العام الماضي.

وفي محاولاته خفض معدل التضخم الأعلى في مصر في أربع سنوات، كانت التوقعات أن يحذو البنك المركزي المصري حذو البنوك المركزية حول العالم، والتي قام أغلبها برفع معدلات الفائدة لمحاربة التضخم. وزاد من التوقعات في الحالة المصرية وقوع الجنيه المصري تحت ضغوط، دفعته لفقد أكثر من ربع قيمته في أقل من مائتي يوم، وخلقت سوقاً موازية تظهر ضعفاً أكبر للعملة المصرية.

وأظهر استطلاع رأي أجرته “رويترز” عشية إعلان قرار البنك المركزي توقع 15 محللاً رفع البنك لمعدلات الفائدة الأساسية بنحو مائة نقطة أساس، غير أن البنك المركزي انحاز لسحب السيولة من الأسواق، أملاً في تخفيض معدل التضخم، من خلال رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك، والتي لن تُحَمل الموانة العامة المزيد من التكلفة، بينما يقع العبء الحقيقي على البنوك المصرية، التي سترتفع تكلفة الأموال لديها.

ويقول الدكتور مصطفى النحاس الخبير الاقتصادي المصري: “البنك المركزي لم يرفع الفائدة لأنه يريد الحفاظ على مستوى عجز الموازنة؛ لأن التعويم (المتوقع قريباً) يعمل على تضخيم هذا العجز”.

القرار الجديد يفرض على البنوك الاحتفاظ بنسبة 18% من ودائعها الأقل من 3 سنوات بالجنيه المصري لدى البنك المركزي بلا فائدة، وهو ما يعني سحب جزء لا يستهان به من السيولة المتاحة لديها. وقدر مصدر مسؤول بالبنك المركزي المصري حجم السيولة التي سيتم سحبها من البنوك بـنحو 140 – 150 مليار جنيه، من أصل 600 مليار جنيه متاحة حالياً لها، وفقاً لبيانات حديثة.

ويقول المسؤول إن البنك المركزي بهذا القرار “سيكون قد استخدم وسيلة لمكافحة التضخم، وساهم في الوقت نفسه في إبعاد الإقراض عن الركود، من خلال تشجيعه إقراض المشروعات الصغيرة”.

ما هو الاحتياطي الإلزامي؟

ووفق الأكاديمي الاقتصادي المصري كريم العمدة، فإنه برغم مخالفة المركزي المصري لتوقعات الجميع تقريباً وقراره تثبيت الفائدة على الإيداع والاقتراض للمرة الثالثة، وهذا الأمر أظهر جلياً شخصية رئيس البنك الجديد حسن عبد الله، إلا أنه اتخذ قراراً يعادل رفع سعر الفائدة وهو زيادة نسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي للبنوك لدى البنك المركزي.

وأشار العمدة في تصريح صحفي إلى أنه رغم زيادة التضخم الشهري ووصوله إلى ما يقارب 15 بالمئة الشهر الماضي واتجاه جميع المؤشرات إلى رفع الفائدة، فإن المركزي المصري فضّل عدم تحميل موازنة الدولة أعباء جديدة تخص خدمة الدين لأن كل 1 بالمئة زيادة في الفائدة تقابلها زيادة في خدمة الدين ما يتخطى 10 مليارات جنيه إضافية.

وتابع أن المركزي المصري اتجه إلى سياسة نقدية انكماشية أخرى وهي زيادة الاحتياطي الإلزامي الذي تلتزم البنوك بوضعه تحت تصرف البنك المركزي من دون فوائد للتعامل مع الأزمات، وبالتالي هو قلل السيولة النقدية لدى البنوك ويحقق هدف رفع الفائدة نفسه وهو تقليل الإقراض ومن ثم تقليل نسبة التضخم، وهذا يحقق أهداف مصر أيضاً في توفير اشتراطات صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد، والذي قاربت المفاوضات بشأنه على الانتهاء بحسب إعلان حديث لوزير المالية المصري.

أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان، عمرو سليمان قال إن البنك المركزي أعلن أن الهدف الأولى خلال هذه المرحلة هو السيطرة على التضخم وليس سعر الصرف لضمان تحقيق معدلات نمو مستدامة، خاصة أنه في ظل رفع سعر الفائدة من الفيدرالي الأميركي وعدد من البنوك المركزية في العالم لن يكون رفع مصر لسعر الفائدة عاملاً فعالاً لجذب لمزيد من التحويلات الدولارية إلى مصر.

وتابع أن البنك المركزي المصري قام خلال عام 2022 برفع سعر الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس مستبقاً باقى بنوك العالم فعلاً، وسعر الفائدة ليس الأداة الوحيدة لمحاربة التضخم وامتصاص السيولة.

وأشار إلى أنه لذلك نجد أن قرار تثبيت سعر الفائدة صاحبه استخدام أداة أخرى فعالة هي زيادة نسبة الاحتياطي القانوني للبنوك التجارية من 14 بالمئة إلى 18 بالمئة، وكذلك خلال الأسابيع الماضية لوحظت زيادة معدلات دخول البنك المركزي في عمليات السوق المفتوحة بطرح مزيد من السندات الحكومية.

وشدد سليمان على أن التضخم الموجود أسبابه خارجية في الأساس أو ما يسمي بالتضخم المستورد، وبالتالي مع تراجع الأسعار العالمية خاصة النفط والقمح سيعزز ذلك فرص تراجع معدلات التضخم محلياً.

وأكد أن الاقتصاد العالمي والمصري مقبلان على ركود خلال الربع الأخير من هذا العام والعام المقبل، وبالتالي رفع سعر الفائدة كان سيزيد من عوائق الاستثمار ويقف حائلاً أمام التوسع في الأنشطة الاقتصادية ومعدلات النمو وبالتالي فاستخدام أدوات أخرى غير سعر الفائدة يعد أمراً فعالاً للغاية.

وشدد على أن السياسة النقدية أمر حاسم في نجاح المفاوضات التي تجريها مصر مع صندوق النقد، ومن ثم فانتهاج الإدارة الجديدة للبنك المركزي لسياسة مرنة في سعر الصرف والتركيز على استهداف معدلات التضخم في الأجل المتوسط وتعزيز النمو المستدام هو أمر يعزز نجاح المفاوضات ويعزز من قدرة الاقتصاد المصري.

المصدر: الشادوف+وسائل إعلام+صحف مصرية

المشاركات الاخيرة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.