وائل قنديل يكتب: حنجلة عمرو حمزاوي..كلاكيت المرة الثانية !

0 884

عمرو حمزاوي 2022 : “مصريا، نحن أمام إجادة الحكومة المصرية في إدارة تحدّيات مكافحة الإرهاب واستعادة أمن البلاد وتحقيق معدلات تنمية اقتصادية مرتفعة، ومد شبكات الضمان الاجتماعي، وفي معية التهديد الوجودي المستمر الذي يمثله التعنت الإثيوبي بشأن سد النهضة وأزمة الدين الخارجي وتحدّيات التغير البيئي الذي تترأس مصر قمته العالمية في الخريف القادم وقضايا للحقوق والحريات تستحق المعالجة.”
عمرو حمزاوي 2017: “عزل الدكتور مرسي عبر آلية عسكرية لا ديمقراطية، انقلاب على الديمقراطية، و”طيور ظلام المرحلة” من إعلاميين ونخب سياسية تنتمي للتيارات المدنية، يغرسون في الشعب ثقافة الإقصاء وانتهاكات حقوق الإنسان، ونزع الإنسانية من قلوب المجتمع، وتأسيس لدولة عسكرية، بتزييف وعي المجتمع عن طريق مروجي الأكاذيب والإفك.”


عمرو حمزاوي، العائد قريبًا إلى مصر لمشاركة “طيور ظلام المرحلة” حوارًا وطنيًا، ووقوفًا في ظهر نظام عسكري يغطّ في فشله وتعثره وتخبّطه، وإشادة بإجادة مزعومة في مكافحة الإرهاب وتحقيق التنمية، صاحب سجل حافل بالتنقل بخفّة ورشاقة من الموقف إلى عكسه، ومن الرأي إلى نقيضه، أو كما وصفته سابقًا” هو من تلك النوعية من السياسيين التي تلين وتتكيّف مع سلطة الأمر الواقع، سواء كان هذا الواقع “إخوانيا” أم “عسكريا” لديه قدرة هائلة على الجمع بين المتناقضات، لذلك تجده يصرخ من الظلم، ثم يطرح مبادرة للتصالح معه وتقنينه، يتحدث عن قتل السياسة، عمدا ومع سبق الإصرار والترصد، ثم يقدّم لك وصفة لما يعتبره “مجرّد انسداد سياسي”.

الدكتور عمرو حمزاوي الأكاديمي والسياسي المصري في الولايات المتحدة


“الحنجلة” في ظني هي المفردة الأقرب إلى الدقة في توصيف حركة عمرو حمزاوي السياسية، منذ طفا على سطح بحيرة السياسة المصرية، قادمًا من الغرب مع أمواج التغيير في الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011، إذ يبدو ضد كل شيء في لحظة، ومع كل شيء في لحظة أخرى لاحقة، تبعًا لمسطرته الذاتية، التي يحسب بها مكاسبه، وخسائره الشخصية أولًا.
في أبريل/ نيسان 2015 تأملت في ديناميكا حمزاوي، بالانتقال من السخط الشديد على بطش السلطوية العسكرية في مصر، إلى تبنّي مقولاتها وتقوّلات “طيور ظلام مرحلتها” بالطعن في وطنية المعارضة من الخارج، واتهامها بالعمالة، وكتبت تحت عنوان “حنجلة عمرو حمزاوي” أن من حق الأستاذ عمرو حمزاوي أن يتكيّف ويتصالح مع ما كان يوما ضد مبادئه السياسية وقيمه الأيديولوجية، كما يشاء، لكن أن يعتبر هذه “الحنجلة” المفاجئة عين العقل، وأن لا معارضة إلا معارضته الداخلية، هنا تكون المشكلة.
قلت إن حمزاوي قبل المنع من السفر كان شخصا وفكرة، وبعد رفع حظر السفر واسترداد الباسبور، صار شخصا آخرا وفكرة أخرى. حمزاوي الأول كان يرى فيما جرى انقلابا عسكريا على الثورة وعلى الديمقراطية، وحمزاوي الثاني يعلن، بعد الاستتابة، أن “إقرار الدستور الجديد شرعي، وانتخاب الرئيس الجديد شرعي، وأنا لا أستهدف إسقاط النظام، ولكن أسعى لتصحيح مساره”.
 معاناة عمرو حمزاوي من سحب جواز السفر الخاص به، بعد إدراجه في قضية إهانة القضاء، وأنّات وجعه من الحرمان من السفر كانت شيئًا يمزّق القلوب، ويجعله يرى نظام عبد الفتاح السيسي دمويًا قمعيًا مكارثيًا فاشيًا .. إلى آخر مرادفات الأنظمة الانقلابية فاقدة الشرعية القانونية والأخلاقية، غير أن هذا الأنين تبدّل إلى همسات ناعمة في خدمة النظام ذاته، بعد أن حصل على قرار قضائي باسترداد الباسبور والتمتع بحرية السفر إلى الخارج، ليستقرّ في الولايات المتحدة، ثم يطلق مبادرة، أو أطروحة، أو دعوة، أو روشتة عبر صحيفة واشنطن بوست/ بالتشارك مع مايكل ماكفول مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما، في فبراير/ شباط 2016، وهي المبادرة التي بدت لي وقتها كأنها لا تختلف في مضمونها عن مفاوضات تعويم بشار الأسد في الأمم المتحدة.
مرّة أخرى، لا مصادرة على حرية عمرو حمزاوي في اختيار طبيعة حركته السياسية، حنجلةً أو قفزًا إلى الأعلى، أو وثبًا إلى الأمام، فكل إنسان ورشاقته ومرونته، لكننا نطمع في أن يفيض على جمهوره ببيان التغيرات الجذرية في بنية ذلك النظام “القمعي السلطوي” وطبيعته، ليصبح فجأة نظامًا وطنيًا، صاحب إنجازات وطنية، وجديرًا بحوار وطني.

المصدر: الشادوف+العربي الجديد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.