حصاد الصحافة: عمرو دياب متهم بالتحرش.. وسؤال برلماني عن مصير وزيرة الصحة هالة زايد !!

0 512

حفلت الصحف المصرية الصادرة يوم الخميس 30 ديسمبر/كانون الأول 2021 بأجواء التفاؤل التي خلفتها وقائع أسبوع جرى خلاله تسليط الأضواء على عشرات المشاريع التنموية التي جرى افتتاحها تباعا في محافظات الصعيد. ومن أخبار القصر الرئاسي: تلقى السيسي، التهاني بمناسبة العام الجديد، حيث قدم الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء الشكر والتحية للسيسي على الأسبوع التاريخي، الذي شهدته محافظات الصعيد. كما هنأت القيادة العامة للقوات المسلحة (الرئيس) السيسي، ورجال القوات المسلحة، وأقباط مصر، وجموع الشعب المصري بمناسبة حلول العام الميلادي الجديد.

ومن أخبار الفنانين: فجّر الموسيقار حلمي بكر مفاجأة تخص الفنانة شيرين عبد الوهاب بعد طلاقها من المطرب حسام حبيب، قائلا: “شيرين عبد الوهاب لم تطلق من حسام حبيب ولكن كل ما فعلته كان جزءا من الدعاية لأغانيها الجديدة، أو كما يقال كان جزءا من التريند”.. وأشار المطرب هاني شاكر نقيب المهن الموسيقية، إلى أن إلغاء الحفل الذي كان مقررا جاء بسبب قرارات الحكومة بإلغاء الحفلات في القاعات المغلقة، رغم بيع جميع تذاكر الحفل، مشددا على أن قرارات الدولة لها كل الاحترام وعلينا تنفيذها.

أما أبرز الذين تعرضوا للإحباط في آخر ايام السنة فهو النجم “الهضبة” بعدما تعرض لانتقاد واسع مؤخرا حيث سحبت شركة سيارات “سيتروين” في مصر، إعلان الفنان عمرو دياب، الذي أثار الجدل، وقدمت اعتذارا رسميا، استجابة منها لرأي الجمهور. وأثار الإعلان غضبا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث وصفه البعض بأنه “غير لائق” ويشجع على التحرش الجنسي. واعتبر البعض الهجوم الذي تعرض له المطرب نذير شؤم لعام مقبل عقب نهاية سنة شهد خلالها العديد من الإنجازات على المستوى الفني.


حياة كريمة

لمس صلاح منتصر في “الأهرام” عصباُ مؤلما، وكشف عن أمنية غائبة لدى الملايين: لو سئلت عن شخصية عام 2021 الذي سينسحب بعد ساعات ويدخل الأرشيف لقلت بغير تردد: حياة كريمة. أقولها وأكررها حياة كريمة كمعنى يشمل كل الآمال التي نتطلع إليها، فليس هناك عبارة أجمل وأروع مما يمكن أن يهدف إليه مجتمع مثل حياة كريمة. حياة كريمة للإنسان العادي الذي لا يثير المشكلات ويرى في الدولة حاميا له، ويلتزم بقراراتها وتراه الدولة إنسانا محترما يستوجب الاحترام. حياة كريمة لمن يخالف القانون وتضطره ظروف الحياة لذلك، لكن لا يفقد كرامته ولا تمتد إليه يد العقاب قبل المحاسبة باحترام، وحتى إذا دخل الحجز لفترة يعامل كإنسان له حريته وكرامته. حياة كريمة لمواطن فقير ليس له حساب في بنك ولا ظهر يحميه أو محام يستدعيه عند وقوعه في أزمة، ولكنه في نظر الدولة مثله مثل كل المواطنين التي تجعله يحس بثراء نفسه. حياة كريمة لمواطن شاءت إرادة الله أن يختلف عن غيره من ملايين البشر، في شكله أو نظره أو فهمه، فيجد المشاعر الإنسانية التي وضعها الرئيس السيسي وهو يستقبل هؤلاء الذين خلقهم الله ليمتحن إنسانيتنا وشكرنا على نعم الله التي أنعم بها علينا.. حياة كريمة تدخل قرية الفلاح المصري لأول مرة في التاريخ، لا تجعله مالكا بضعة فدادين أو قراريط من الأرض، تتبدد قيمتها مع الزمن وإنما تغير حياته في البيت الذي يسكنه والخدمات التي تصل إليه من ماء وكهرباء وصرف صحي وتعليم وعلاج.. كل مشروع يجري في مصر اليوم يدخل في ملف حياة كريمة.. الطرق الجديدة، المبانى التي تقام، المدن التي ترتفع، المتاحف التي تجذب عيون العالم، الترع التي تغطى، المستشفيات التي تنتشر، المدارس التي تتواصل، السكك الحديدية التي تتطور.

سجن اختياري

بقيت ساعات والعام، كما أشار فاروق جويدة في “الأهرام”، يتسرب من بين أيدينا ونستقبل عاما جديدا لن يفيد الآن أن نعاتب أو نحزن على عام مضى، ولكن الأفضل أن نكون في شرف استقبال عام جديد.. لن أسرف في الأحلام فقد سرقت منا ليالي السجن الاختياري معظم أحلامنا.. سوف أستقبل العام الجديد بأحلام الناس وسوف أؤجل أحلامي الخاصة إلى وقت آخر. أحلم بألا تفرط حكومتنا الرشيدة في أهم إنجازات مصر في خمسين عاما، وهي مجانية التعليم، هذا الإنجاز الحضاري والإنساني الكبير.. كان وراء إنجاب أجيال من عقول مصر المبدعة في كل المجالات، من هذا الإنجاز خرج العلماء والأطباء والقضاة ورجال الفكر والوزراء والقادة.. فكيف نفرط في هذا الكنز ولدينا 60 مليون شاب ليسوا من الأغنياء القادرين على نفقات الجامعات الخاصة. أحلم بأن تعيد الدولة النظر في موقفها من تعيين الخريجين، وأن تفتح مجالا لأصحاب القدرات والمواهب كما كان يحدث في زمان مضى.. وان تعود العدالة حكما وإنصافا وحقا للجميع. أحلم بأن يعود الإعلام أكثر قربا من الناس وبأن يكون صوتا معبرا عن أحلامهم وقضاياهم، وبأن نتخلص من أمراض كثيرة أصابت الفن المصري وشوهت صورته.. أحلم بأن يستعيد الشارع المصري أخلاقياته القديمة في الذوق الرفيع والسلوك الراقب والحوار الجميل. أحلم بأن يسود العدل في توزيع الأعباء على المواطنين، وبأن تراعى ظروف طبقات تحملت ما لا يطاق في تكاليف الحياة، وأصبحت عاجزة عن توفير مطالبها الأساسية. أحلم بأن نهتم بالملايين من أطفال الشوارع الذين ينتشرون تحت الكباري والأزقة ويقعون فريسة لتجارة الأعضاء والجرائم والسرقة والمخدرات، لا أعرف كم عدد أطفال الشوارع الآن، ولكنهم في ازدياد. أحلم بأن أرى بعد سنوات قليلة الريف المصري وقد أصبح شيئا مختلفا في أهله وسكنه وبيوته وخدماته وطرقه، وبأن نكمل على خير مشروع حياة كريمة من أجل توفير حياة كريمة لنصف سكان مصر من أهالينا في الريف. أحلم بأن يكون العام المقبل أكثر رحمة للملايين من فقراء مصر.. كل سنة وأنت طيب ومصر المحروسة أكثر رخاء وأمنا وكرامة.

إجازة أم هروب؟

أهتمت عبلة الرويني في “الأخبار” بأول تحرك برلماني موجه إلى رئيس الحكومة، بشأن غياب وزيرة الصحة… مؤكدة أنه سؤال مشروع، يشغل بال الكثيرين، باحثين عن إجابته، خاصة أن أداء الحكومة، اتسم بالحسم والشفافية في الكشف عن وقائع فساد قيادات وزارة الصحة، وإحالتهم إلى النيابة والتحقيق معهم.. ليس مجرد طلب إحاطة، ما تقدم به النائب البرلماني فريدي البياضي… لكنه سؤال يشغل الجميع، حول مصير الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة، التي توقفت عن العمل منذ نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد قيام الرقابة الإدارية بالكشف عن وقائع فساد لبعض قيادات وزارة الصحة، وإحالتهم إلى النيابة العامة للتحقيق في الوقائع.. قبل أكثر من شهرين، تقدمت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة بإجازة مرضية، وتولى الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي القيام بأعمال وزارة الصحة.. وحتى الآن، لم يصدر قرار بإعفاء وزيرة الصحة من منصبها، كما أنها لم تعد لممارسة عملها، أيضا لم يتم الإعلان بعد عن نتائج التحقيقات في وقائع فساد قيادات وزارة الصحة. سؤال النائب، وضع غياب وزيرة الصحة، موضع المناقشة في البرلمان، مطالبا رئيس الحكومة بالتوضيح… هل الإجازة المرضية لوزيرة الصحة محددة بوقت معين؟ أم هي إجازة مفتوحة لأجل غير مسمى؟ إلى متى يستمر منصب وزير الصحة خاليا، ولماذا؟ إلى أين انتهت نتائج التحقيقات، ولماذا لا يتم الكشف عنها، رغم علنية الكشف عن وقائع الفساد؟

المفترى عليه

وحده فتوح الشاذلي تذكر في “الوفد” المسؤول الراحل الذي تعرض للهجوم رغم نزاهته وكده: الدكتور كمال الجنزوري رئيس وزراء مصر الأسبق مات دون أن ينصفه أحد.. إنصاف الرجل جاء بعد رحيله عن هذه الدنيا، عندما أطلق الرئيس اسمه على محور توشكى منذ أيام، في يوم إعادة إحياء المشروع الذي تبناه الجنزوري وخطط له. لم يلق الدكتور الجنزوري – رحمة الله عليه – التكريم من القادة الذين عمل معهم طوال عمره، ولكن التكريم جاء اليوم من الرئيس بعد رحيل الرجل عن دنيانا، وهو ما حدث مع الفريق سعد الشاذلي، رحمة الله عليه، أنصفه الرئيس بعد رحيله.. ولم يلق من التكريم ما يستحقه، ولا حتى من باب رد الجميل للرجل الذي صنع التاريخ. عرفت الدكتور كمال الجنزوري في بداية توليه منصب رئيس الوزراء، كنت وقتها على مشارف الثلاثين من العمر.. وكنت أول صحافي يدخل مجلس الوزراء مندوبا لصحيفة معارضة.. فقد كان للمرحوم الدكتور عاطف صدقي موقف متعنت من جريدة «الوفد» وكان يرفض اعتماد مندوب لها في المجلس، وسار الدكتور صدقي على درب من سبقوه منذ عام 52 حيث لم يكن مسموحا بدخول صحافي معارض إلى مقر ديوان عام الحكومة ومقرها. عندما قابلت الدكتور الجنزوري رحمة الله عليه شعرت بأننىيأمام رجل دولة استثنائي ربما لا يتكرر.. ومنذ ذلك اليوم عاصرت الدكتور الجنزوري السنوات الأربع التي قضاها رئيسا للوزراء، وخرج من الوزارة واستمررت مندوبا للجريدة في المجلس حتى تقابلنا معا مرة أخرى عندما عاد بعد الثورة في 2012 ولم تنقطع علاقتي به طوال هذه الفترة من 96 وحتى 2012 وتركت مجلس الوزراء بعد خروجه من الوزارة في هذه المرة لأنني وجدتها فرصة لأخرج معه بعد أن قضيت 17 عاما ولم يكن من المناسب أن أستمر أكثر من ذلك.

أكثرهم فاسدون

أسئلة مهمة سعى للإجابة عليها سامي صبري في “الوفد”: لماذا كل هذه الكراهية لرجال الأعمال، ولماذا تلاحقهم السمعة السيئة؟ وهل كلهم فاسدون؟ ويتركون الحبل على الغارب لأبنائهم، ولا يهتمون بتربيتهم؟ بالطبع ستكون الإجابة ضد هذا التعميم؛ فكما هناك فاسدون هناك صالحون، ولا يعني أن يكون لأحدهم ابن منحرف أن يكون والده مثله، وفي حالات كثيرة قد يخرج من ظهر العالِم فاسد، والعكس ليس صحيحا في كل الأحوال. أما الكراهية، وإن شئنا قلنا «الشماتة» فلها أسباب عديدة: شعور الناس بغياب الرأسمالية الوطنية الجادة والمستقيمة، التي كانت تسود مصر قبل ثورة 1952، تبني وتساهم مساهمة حقيقية في مساندة الدولة والشعب بافتتاح المستشفيات والمستوصفات والعيادات الخيرية والمدارس الأهلية ذات الرسوم البسيطة جدا، وغيرها من المشاريع التي ما زالت خالدة حتى اليوم في مختلف محافظات مصر، ويفخر المجتمع بمن أسسها وتعهدها ورعاها لوجه الله، ليس رياء ولا نفاقا ولا انتظارا لمكسب سياسي أو وجاهة اجتماعية، ولا حتى تقربا من السلطة.. وأعتقد أن مثل هؤلاء الذين كانوا يضعون المسؤولية الاجتماعية تاجا فوق رؤوسهم، لن يجود الزمان بمثلهم مرة أخرى. ومن أسباب الشماتة أيضا، أن أغلب رجال الأعمال، متسلقون، نتاج نشأة غير طبيعية، وثراء فاحش ليس له مصدر أصيل، ومعظمهم يضع يده في «المية الباردة»، يقيس مردود أعماله بمعايير المكسب والخسارة، لا يتبرع بمال أو أرض أو مبنى لصالح الفقراء، إلا وكان خلفه هدف خفي، أبسطه استثناءات وإعفاءات لهم والعائلة والمقربين. ويسعى هذا المتسلق، لأن يكون في أول الصفوف بالمناسبات العامة والحفلات المخملية، ولا عجب إن رأيته كتفا إلى كتف بجوار بعض ممثلي السلطة وأصحاب القرار، ولا مانع هنا من الإعلان عن تبرع بمبلغ لا يساوي شيئا امام ما يكسبه من ملايين في مشروعات لا يستطيع إنجازها بعيدا عن مساندة الدولة بالبنية التحتية والمرافق التي يبخل هو بتوفيرها وتنفيذها ويرمي الهلب على الدولة مستغلا رغبتها القوية في تشجيع الاستثمار. إن هؤلاء الذين يعشقون اللعب في الممنوع، خلف ستار بعض الأعمال الخيرية؛ لكسب المزيد من الأموال والامتيازات، هم الذين يفرح الناس سريعا بسقوطهم.

تريث قليلا

اشترك سليمان جودة في حالة الإحتراب التي تشهدها الساحة في مواجهة الوزير الأكثر إثارة للجدل، وأشاد الكاتب في “المصري اليوم” بالصراحة التي كانت متبادلة إلى أقصى حد، بين الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، وعدد من نواب مجلس النواب، خلال الجلسة البرلمانية. وهى صراحة مشكورة من جانب الطرفين، وعلل الكاتب ذلك لأنها تحدد لنا أين بالضبط نقف في قضية التعليم، ولأننا لن نخطو الخطوة التالية إلا إذا عرفنا أين نضع أقدامنا في اللحظة الحالية ولأن الدكتور شوقي كان قد عاد مؤخرا من زيارة إلى فنلندا، فإنه قد راح يقارن بين تعليمنا وتعليمهم، وكانت مقارنة موجعة بكل المعاني.. وكيف لا تكون موجعة وقد كشفت عن أن نصيب الطالب عندهم في موازنة التعليم سنويا يصل إلى ما يساوي 400 ألف جنيه، وأن نصيب الطالب عندنا أربعة آلاف.. وعندما تكلم الرجل عن النقص في أعداد المدرسين قال، إن تعيين 36 ألف مدرس يحتاج إلى مليار جنيه، وهو مبلغ لا تملكه الوزارة في خزانتها، ولا تملكه وزارة المالية لتعطيه للتعليم.. وحين وقف النائب أحمد خليل خيرالله يتكلم، فإنه قد صارح الوزير بأن المدرسين غير مؤمنين بمشروعه لإصلاح التعليم. فما معنى هذا كله؟ معناه أن الذين تابعوا الجلسة، أو الذين قرأوا تفاصيلها، يجدون أنفسهم أمام لحظة من لحظات الصدق النادرة في الحديث عن التعليم في البلد.

صدقهم وتوكل

لأن الصدق مع النفس ومع الناس يعتبرها سليمان جودة بداية التغيير، فالدكتور شوقي مدعو إلى أن يغير من هذا الوضع المؤلم الذي تكلم عنه.. والبرلمان مدعو إلى أن يظل يمارس مهمته في الرقابة على أعمال الوزير إلى أن يضعه على بداية الطريق إلى التغيير المطلوب. دكتور شوقي، إنني أشكرك على أنك وضعت الحقيقة أمامنا عارية على هذه الصورة، ولكن لأنك وزير فأنت مسؤول، ولأنك مسؤول فأنت تملك ما لا يملكه أحد منا.. تملك أن تصارح الرئيس بأن أربعة آلاف جنيه ليست فقط غير كافية لتكون نصيبا للطالب في ميزانية الوزارة السنوية، ولكنها ليست لائقة بمصر التي قدمت من قبل تعليما كان هو الأفضل في الشرق الأوسط. تملك أن تتبنى في مجلس الوزراء قضية توفير ما يكفي لتعيين ما تحتاجه من مدرسين، وأقول توفير ما يكفي لا توفير مليار جنيه، لأن المليار توفر الحد الأدنى للأجور لعدد 36 ألف مدرس، ولكنه حد لن يُغري أحدا من المدرسين بالمجيء للعمل معك، وإذا أغراه فسوف يدفعه إلى توجيه كل جهده للدروس الخصوصية.. وسنكون عندها قد خسرنا المليار ولم نكسب القضية.. تملك يا دكتور شوقي أن تقنع مدرسيك بمشروعك لأنهم جنودك في معركتك للإصلاح، وإلا.. فكيف تكسب معركة بجنود لا يؤمنون بها؟ دكتور شوقي أشكرك على صراحتك المؤلمة، ولكني سأشكرك أكثر إذا جعلتها بداية إلى تغيير ما يجب أن تغيره.

الضمير الغائب

أمرت النيابة العامة بحبس اثنين احتياطيا بتهمة تصنيع الجبنة من مادة معجون طلاء الجدران. تفاصيل الخبر الذي وصفه عماد الدين حسين في “الشروق” بالمرعب وفقا للنيابة التي تلقت بلاغا من رئيس المكتب المركزي لمراقبة الأغذية في مركز تلا في المنوفية، بأن لجنة من المكتب عثرت على كميات كبيرة من الجبن المتعفن غير الصالح للاستهلاك الآدمي في مصنع غير مرخص تنبعث منه رائحة طلاء الجدران، وبالفحص تم اكتشاف خلط مادة معجن الطلاء مع مكونات الجبن لزيادة كثافتها وسمكها. مالك المنشأة اعترف بأنها غير مرخصة، وألقى المسؤولية على مدير المصنع. التحريات قالت إن العاملين في المنشأة لم يكونوا على علم بما كان يفعله المدير، وأن الكميات المضبوطة كانت معدة للبيع والتوزيع على جمهور المستهلكين النيابة قررت حبس مالك المنشأة والمورد وأمرت بضبط المدير الهارب وباقي المتهمين بتهم إقامة منشأة صناعية من غير ترخيص والغش في إنتاج الجبن وإعداده للبيع، وحيازة سلعة بقصد الاتجار بها غير مصحوبة بالمستندات الدالة على مصدر حيازتها. وحينما قرأت تفاصيل ما حدث، كدت أقول أين ذهب ضمير هؤلاء المجرمين وهم يرتكبون جريمتهم، لكنني تذكرت أن مثل هذه الجرائم صارت تتكرر في العديد من البلدان. لا أعلم ما هو الفارق لو أن مصنع أجبان تلا عمل بصورة شرعية بدلا من خلط الألبان بالدهانات، هل الفارق كبير لهذه الدرجة التي تجعله يفعل ذلك، وحتى إذا كان الفارق كبيرا ألم يفكر هؤلاء أن بعض أقاربهم في المنطقة يمكن أن يتناولوا هذه الجبنة المصنوعة من معجون طلاء الجدران، فيصابوا وقد يموتون، إن لم يكن اليوم فغدا؟ بالطبع إجرام البعض يصل إلى ذرى لا يتخيلها أحد، ومن أجل هؤلاء وجد القانون والعقاب الرادع.

بدون ترخيص

السؤال الذي اهتم به عماد الدين حسين، كيف نشأ هذا المصنع وعمل واستمر، ومن الذي يفترض أن نحاسبه على هذه الجريمة البشعة بجانب أصحابه ومديره وبعض العاملين فيه الذين كانوا يعرفون حقيقة نشاطه؟ لدينا تشريعات كثيرة، ولدينا عشرات الأجهزة في وزارات مختلفة مسؤولة عن مصانع المواد الغذائية، فهل يعقل أن كل هذه الجهات لا تعلم بوجود مصنع الجبنة؟ سوف ننسى قليلا أن المصنع يخلط الأجبان بالدهانات، وسنفترض أن المصنع ينتج الجبنة بالطريقة الطبيعية الصحيحة أليس مفروضا أن هناك جهة مسؤولة عن التراخيص، ألا يمر مسؤولو هذه الجهة حتى يتأكدوا أن هذه المنشأة تعمل بصورة قانونية؟ هذا الأمر يشبه بالضبط أن يقوم أحد الأشخاص ببناء عمارة من عشرة أو عشرين دورا من دون ترخيص أمام أنظار الجميع في حين أن الحي يمكنه ببساطة أن يسأل صاحب العمارة السؤال التقليدي البسيط وهو: أين الترخيص؟ قد يتهمني البعض بالسذاجة بسبب طرحي لهذه الأسئلة التي سيقول البعض أن إجاباتها معروفة. وبالتالي نصل إلى النقطة الجوهرية وهي، ماذا تفعل الأجهزة المسؤولة عن مثل هذه الأنشطة؟ سيرد البعض ويقول إن مسؤولي المكتب المركزي لمراقبة الأغذية في تلا هم من اكتشفوا الواقعة، وأبلغوا النيابة بها. وهو أمر جيد، لكن سؤالي لا يتعلق فقط بهذه الواقعة، بل بالقصص المماثلة وحتى في حالة مصنع أجبان تلا لم نعرف الإجابة على سؤال مهم وهو منذ متى يعمل هذا المصنع غير المرخص ومنذ متى يخلط الألبان بمعجون الدهانات؟

أملا في الكنز

هذه الفكرة التي طرحها الدكتور محمود خليل في “الوطن” بحاجة إلى التذكير بها وتتعلق باتجاه بعض الأفراد إلى شرعنة مسألة النبش عن الآثار، وإضفاء وجه ديني شديد العجب على عملية الاستيلاء عليها. يحكي المقريزي في خططه، أن المصريين مولعون بالتفتيش عما تركه الفراعنة من ذخائر ونفائس وذهب وجواهر، والاستيلاء عليها واعتبارها «ورثة» تركها الأجداد. ولست أستطيع أن أُحدد بشكل قاطع هل هذه المسألة كانت معروفة قبل الفتح الإسلامي لمصر أم لا؟ لكن المقريزي يؤرخ لها بالفترات التي لحقت فتح المسلمين لمصر، ويبدأ طرحه للمسألة بتبرير شرعي، إذ يذكر أن الأصل في جواز تتبع الدفائن ما رواه أبوعمرو بن عبدالبر والبيهقي في الدلائل من حديث ابن عباس‏، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لما انصرف من الطائف مرّ بقبر أبي رغال، فقال‏: ‏ هذا قبر أبي رغال، وهو أبوثقيف، كان إذا هلك قوم صاح في الحرم، فلما خرج من الحرم رماه الله بقارعة، وآية ذلك أنه دفن معه عمود من ذهب، فابتدر المسلمون قبره فنبشوه واستخرجوا العمود منه‏.‏ كلام المقريزي واضح في جواز البحث عن الدفائن واستخراجها والاستيلاء عليها، وهو يذكر أن أحمد بن طولون أسس دولته، معتمدا على خبيئة عثر عليها، ويحكى أن ابن طولون ركب يوما إلى الأهرام، فأتاه الحجاب بقوم عليهم ثياب صوف ومعهم المعاول، فسألهم عما يعملون، فقالوا‏: نحن قوم نطلب المطالب، فقال لهم‏: لا تخرجوا بعدها إلا بمشورتي أو رجل من قبلي، وأخبروه أن في الأهرام مطلبا قد عجزوا عنه، فتقدم إلى عامل الجيزة في إعانتهم بالرجال والنفقات وانصرف، فأقاموا مدة يعملون حتى ظهر، فكشفوا عن حوض مملوء دنانير.

المعنى واضح

كان من الطبيعي كما أوضح الدكتور محمود خليل، أن يستولى ابن طولون على الكنز، ويعتبره حقا مشروعا لنفسه كأمير للبلاد، وكل ما حاول أن يفعله أن طلب من «الحفارة» ألا يتحركوا للبحث عن الدفائن إلا بإذنه، ليعطيهم بعد ذلك جزاء جهدهم، ويستولي على بقية ما وجدوه. هذه الخصلة أو السمة ما زالت تشكل صفة من صفات بعض المصريين حتى الآن، ولعلك سمعت عن تلك القرى التي لا يوجد بيت من بيوتها إلا وأعملت فيه المعاول عملها، وتم حفر أرضيته، بحثا عن خبيئة تركها الفراعنة، وهناك من يجد، وهناك من يفشل، ولا يرى كثيرون أن في الأمر أي إثم من الناحية الدينية، بل لقد سمعت بعضهم يقول، إن البحث عن الدفائن يُعد تحقيقا لآية من آيات الله، بمساعدة الأرض على إخراج أثقالها، ويستدلون على ذلك استدلالا عجيبا بالآية الكريمة التي تقول: «إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا». ولو أنك استمعت إلى الصورة الغنائية البديعة التي نسجها الراحل عبدالفتاح مصطفى بعنوان «عوف الأصيل»، ستجد أنه مما جاء في واحدة من أغاني الصورة: «فرغنا الدرر وكنوز عشتروت.. من قلب الحجر.. من جوف التابوت»، والمعنى واضح ودال بشكل صريح على ما يفعله «الحفارة» الباحثون عن كنوز الأجداد، ولا يجدون أي غضاضة دينية أو أخلاقية في الأمر.

وداعا توتو

ربما يكون الأسقف الباسم الجنوب افريقي ديزموند توتو، الذي رحل مؤخرا من وجهة نظر عبد اللطيف المناوي في “المصري اليوم”، أحد مناضلى الظرف الذي أوجد فيه، لاسيما اكتسابه أصدقاء ومعجبين في شتى أرجاء العالم، بفضل شخصيته الجامحة. و”توتو”، الذي رحل منذ أيام، شخصية رائعة، انخرطت في الصراع ضد نظام الفصل العنصري، لكنه كان يصر دائما على أن دوافعه دينية وليست سياسية. لقد شغل منصب رئيس لجنة الحقيقة والمصالحة التي تشكلت للتحقيق في الجرائم التي ارتُكبت في زمن الفصل العنصري، وكان مَن عينَه في هذا المنصب هو الرئيس الراحل نيلسون مانديلا، بفضل تاريخه النضالي الكبير، حيث بدأ ديزموند توتو برفع صوته ضد الظلم في جنوب افريقيا، عندما كان رئيس الكنيسة الإنجليكانية في جوهانسبرغ، ثم عندما أصبح الأمين العام للمجلس الكنائسي في جنوب افريقيا في عام 1977. ورغم أنه كان شخصية معروفة قبل اندلاع انتفاضة 1976 في الأماكن التي يقطنها ذوو البشرة السوداء في جنوب افريقيا، لم يعرف المجتمع الأبيض في جنوب افريقيا توتو، بوصفه مناضلا من أجل الإصلاح، إلا قبل اندلاع أعمال العنف، التي كان حاضرا فيها مُصلحا ومحاولا تفاديها. حصل ديزموند توتو على جائزة نوبل للسلام في عام 1984 بفضل الجهود التي بذلها في التصدى لنظام الفصل العنصري، في خطوة اعتُبرت بمثابة إهانة كبرى من جانب المجتمع الدولي لحكام جنوب افريقيا البيض، الذين سجنوه وحرضوا على قتله، ولكنه خرج من كل ذلك صلبا قويا، حتى مع الإصلاحات التي تمت في جنوب افريقيا، كان مُرحبا بها، ومُؤمنا بأهمية ابتعاد رجال الدين عن السياسة، رغم إدانة الكنائس هناك. “توتو” أغضب بآرائه الإنسانية الراسخة كلا من بريطانيا وإسرائيل، كما أغضب أحيانا حكام بلده، بسبب دعواته المستمرة للقضاء على الفساد. ولم يتخلَ “توتو” طوال حياته عن مبادئه، لذا مات في سلام، مستحقا لقب المناضل المِثال.

نفايات إنسانية

نهاية السنة يعتبرها الكثيرون موسم التخلص من الكراكيب، غير أن تمارا الرفاعي في “الشروق” تعتبره موسما للتخلي عما هو أثمن: موسم الفرز وموسم أكوام من الأشياء والوجوه أصنفها حسب تعلقى بها، والأهم فأنا أصنفها حسب يقينى بأنه ما زال يربطني بها بعض الحب أو كثيره. أفرغ رفوفا كاملة مما تحتويه وأنظر بعناية إلى كل غرض. أفرغ صفحات افتراضية من أرقام الهواتف وأسأل نفسي عن آخر لقاء جمعنى بالأسماء. قد تكون لقاءات متكررة بحكم أننا نعيش في البلد ذاته، أو تتقاطع حياتنا فعليا أو افتراضيا فتستمر العلاقة. قد يكون عمر آخر لقاء سنوات إنما كان لقاء حقيقيا فيه عواطف صادقة واستمرار لصداقة لم يضعفها الزمن والتنقل إنما برهن اللقاء أن للحديث مع الشخص دوما بقية، حتى لو تباعدت اللقاءات. في الأيام الأخيرة من السنة تكثر لعبة الجوائز والعد التنازلي، فنرى كثيرا من النقاشات حول أفضل عشرة أفلام أو كتب أو مبادرات حدثت خلال السنة. على صعيد فردي من منا لم يفكر بعامه المنصرم، لتقييم أحداثه الفرحة والحزينة، ومن ثم الوصول إلى نتيجة أنه كان عاما مليئا بالأحداث؟ وهل من عام فارغ منها؟ لا أذكر نهاية سنة لم أعدد فيها الأفراح والأحزان، لا أذكر أياما أخيرة من أي عام على وشك الرحيل، دون عملية عقلية أجريها كل صباح في الأسبوع الأخير على رائحة القهوة قبل أن تترتب أفكاري، حيث أفكر بأشخاص دخلوا على حياتي وبقوا فيها بأشكال مختلفة جميعها مؤثرة.

يضيئون لها الطرق

فوجئت تمارا الرفاعي بأطفالها يسألونها عن صديقات تتردد أسماؤهن كثيرا فاعترفت بإنهن صديقاتها المقربات: تفاجأ أطفالي إذ أنني لم أر بعضهن منذ سنوات، ولم يفهم أولادي سر صداقات لا تغذيها اللقاءات المنتظمة. وهل من حاجة، خصوصا في عصر سهولة التواصل، للقاءات منتظمة؟ طبعا لا شيء يغني عن حديث في قهوة أو مشوار في مدينة مكتظة يرتطم ضجيجها بكلماتنا، فالتواصل الافتراضي لا يعوض عن جمال ودفء اللقاء الفعلي. إنما ها أنا أكتشف مع الوقت أن الصداقات المتينة لا تتأثر بعامل الوقت والبعد. هي كالذهب الخالص تلمع في النور وفى الظلام. أستنجد بصداقاتي وأكشف عن شكوكي وخوفي. أقول إنني أمر بمرحلة فيها تحديات لم أعتد على مواجهتها. أشارك بعض الأصدقاء تفاصيل المرحلة، أبتعد عن النص، نص الاجتماعيات وأولوية أن يكون الشخص لطيفا وإيجابيا. أعترف بأن نهاية هذه السنة حملت معها مشاكل لم أتوقعها، وها أنا أواجهها وأحاول أن أرى ما بعدها. يلمع أصدقائي كالذهب في موسم تختفي فيه الشمس. ينورون لي طريقا بين الغيوم بكلامهم وتواصلهم ودعمهم. عملية الفرز في نهاية السنة ليست أبدا بهدف محاسبة أشخاص في حياتي على مواقفهم من علاقتنا أو على مساندتهم أو إهمالهم لي، أنا لا أعاتب ولا أحاسب أي فرد. كما أنني أعتبر أي علاقة، عميقة كانت أو سطحية، هي من مسؤولية الشخصين، وبالتالي فأنا مسؤولة عن مجرى الصداقة واستمرارها أيضا. في الأيام الأخيرة من السنة، كل سنة، أفتح أدراج ذاكرتي درجا تلو الآخر وأفرغ محتواه على السرير لأفرز ما فيه وأحتفظ بما سوف يرافقني في عبوري إلى السنة الجديدة. هناك تحرر يأتى مع التخلص من الكراكيب، الكراكيب البشرية أيضا هناك شعور مطمئن جدا في الاحتفاظ بما يضيف غنى إلى روحى وإلى قلبي، سواء كانوا أشخاصا أو أشياء. أتخلص من ثقل الناس والكراكيب وأحتفظ بالذهب الخالص: وجوه وأصوات تردد كلمات تطبطب على قلبي، صداقات لا أرى شركائي فيها لسنوات، إنما هم موجودون في كل مراحل حياتي ويضيفون إليها سكونا وإثارة، يضيئون لي طرقا قد لا تكون واضحة أمامي إنما يرونها هم ويشاركونني فيها.

المصدر: الشادوف+القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.