حسن عبد الفتاح يكتب :حنفي الأبهة ونجم الإلحاد.. إبراهيم عيسى وصديقه أيمن نور!

0 1٬197

لست مصدوما من صديقي ابراهيم عيسى، مثل كثير من المصريين الذين صدمتهم تصريحاته المستفزة بشأن حادثة الإسراء والمعراج، فقد جمعت بيني وبين الرجل 26 عاما من العشرة والعمل وسهرات المقاهي ورحلة العرق من أجل انتزاع مكان في ساحة الصحافة التي كانت تمتلئ بالقامات الكبيرة يوم تعرفت عليه في منتصف التسعينات.


كان وقتها شابا يطمع في أن يقابله أحد في الشارع فيسلم عليه، أو يخبره أنه قرأ مقالا له، كأي صحفي في مقتبل مشوار الطموح..وللحق أقول إنه كان يتمتع في ذلك الوقت بكثير من خفة الظل والتواضع، وحب الموهوبين، الذين استعان بهم ليحقق أول نجاحاته في بلاط صاحبة الجلالة، بتجربته الأولى “جريدة الدستور” والتي آلت رئاسة تحريرها إليه بمحض الصدفة بعد اعتذار الاستاذ عادل حمودة لصاحب الصحيفة الراحل الكبير عصام فهمي، وترشيحه لعيسى على ضمانته.


كانت روح الموهبة والاحترام المتبادل والثقة في فضل الله، والمستقبل، هى الدافع الذي جمعنا مع كثير من شباب الصحفيين الموهوبين الباحثين عن فرصة وقتها للعمل وإثبات الذات، ومن بينهم أسماء لمعت فيما بعد أمثال الصديق الكاتب والسيناريست بلال فضل، وابراهيم منصور، وجمال فهمي، وحمدي رزق وحمدي عبد الرحيم، وأكرم القصاص وسمير عمر.. وكثيرين أخشى أن أنسى أسماءهم.


أعطى هؤلاء جميعا من روحهم وعرقهم وموهبتهم ومحبتهم ما لا يقدر بثمن لصناعة نجاح أول تجربة صحافة مستقلة في ذلك الوقت، باعتراف الجميع، وكنت من بين هؤلاء أشارك في هذا النجاح بعين الكاميرا التي أدخلت الصحف للمرة الأولى في عهد مبارك في دهاليز حفلات الكبار وسهرات الحكام والمسؤولين، لأفتح عين المصريين على زواج السلطة والمال ودرجة البذخ التي بلغها هؤلاء بينما يزداد الشعب فقرا.. ولا أبالغ إن قلت إنها كانت المسمار الأول في إثارة غضب الرأي العام ضد مبارك ورجاله وأنجالهم المترفين.


كان عيسى وقتها معترفا بالفضل لأهله، لذا منحنى الصفحة الأخيرة من الجريدة كمساحة ثابته لا يشاركني فيها غيري، وقد حفظت له هذا التقدير، بعد أن عصف به نزقه، وأنانيته في سبيل استعجال الشهرة والمجد، فتسبب في غلق الصحيفة، بعد نشر بيان مزيف لجماعة إرهابية، وأصبح بلا عمل، حتى صار يعرض نفسه لمن يدفع، وكان من بين هؤلاء السياسي الصاعد وقتها والهارب حاليا أيمن نور.

عرض عليه أيمن تولى رئاسة تحرير صحيفة الغد بثمن بخس، نكاية في السلطة لا أكثر، إلا أنه لم يتمكن من إصدارها، وعندما بلغ خبر هذا الاتفاق راعيه الرسمى عصام فهمي الذي لم يقطع عنه المعونة والمساعدة في أيام البطالة، غضب بشدة، وقطع علاقته به، بل وامتنع عن الرد عليه نهائيا.
لم يجد عيسى إلا العبد لله، ليوسطه لدى المرحوم عصام فهمي، لما يعرفه عن حب عصام لى، وترددي على منزله بشكل منتظم، فما كان مني إلا أن توسطت لديه واسترضيته، وأقنعته باستقباله، فتمت المصالحة، وعاد إليه المظروف الشهري بقيمة المساعدة، ولم أكتف بذلك بل توسطت لدى صديقى الكاتب المحترم محمد حسن الألفي ليسمح لعيسى بكتابة مقال في صحيفة الميدان التي كان يرأسها، مقابل أي أجر، على سبيل دعمه في أزمته، ولم يتأخر الألفي عن الموافقة رغم المشاكل التي سببها له ابراهيم بمقالاته، والطريف أن مرت السنوات، وقصدني الألفي في استئذان ابراهيم في كتابة مقال لديه بصحيفة التحرير بعد الثورة، فتجاهل الرجل بكل وقاحة.
واتت الفرصة لإخراج الإصدار الثاني من جريدة “الدستور” في 2005، باتفاق مباشر بين عيسى ورجال مبارك زكريا عزمي وصفوت الشريف.


لكن عيسى، بعد الضنا، لم يعد هو المتواضع الطموح للنجاح، بل للمال، والثراء، وبأي وسيلة، ففوجئت مع عدد من زملائنا، بأنه فتح الصحيفة لجماعة الإخوان، التي أبرم معها اتفاقا معروفا بدفع ثمن 40 ألف نسخة يومية، ومراجعة بسيطة لأرشيف الصحيفة في تلك الفترة يثبت ذلك لكل ذي عينين..فقد امتلأت الصحيفة بمقالات إخوانية، وحوارات إخوانية، بل ومحررين من الجماعة كان يرسل بهم خيرت الشاطر شخصيا للعمل إلى جوار عيسى كنوع من الضمانة للاتفاق.


أثارت هذه الإجواء المريبة، والتي تتعارض مع النسخة الأولى من ابراهيم نفسه في التسعينات، سخط كثير من الصحفيين المحترمين، الذين اشتموا رائحة تجارة بالكلمة، ليست لوجه الله والوطن، كما كنا نصنع في البدايات، فانفضوا من حوله، كما فعلت، ومن بينهم الزميل بلال فضل الذي نشب بينه وبين ابراهيم شجار وتلاسن يعلمه الجميع، ولا أفضل كشف كواليسه المحرجة لصديقنا الموهوب القديم ابراهيم عيسى.


وانتهت هذه المرحلة، كما كان متوقعا لها بصفقة قبيل ثورة يناير مباشرة، حين أقنع عيسى نفسه رجل الأعمال والسياسي الدكتور سيد البدوي وصديقه رجل الأعمال رضا إدارود بشراء الصحيفة من صاحبها ومؤسسها عصام فهمي، طمعا في مزيد من الإنفاق، فضلا عن العمولة، وهو ما تم فعلا، قبل أن يلاحظ الملاك الجدد صفقات ابراهيم الخفية هنا وهناك، وتحويله البوصله باتجاه الجمعية الوطنية للتغيير، والدكتور محمد البرادعي، الذي رجع إلى مصر وقتها، طمعا في مقعد في المشهد الجديد، الذي كان يتشكل في نهاية عهد مبارك.


ولا أذيع سرا، بين من يعرفون ابراهيم شخصيا، حين أكشف أنه كان يُمَنّي نفسه بمنصب أول وزير داخلية مدني في حكومة البرادعي، لذا ذهب بنفسه لاستقباله، وحرص على الالتصاق به، عند خروجه من مسجد الاستقامة يوم جمعة الغضب، لا حبا في الثورة، وإنما عشقا للمنصب المحتمل.


عندما خابت آمال وأوهام ابوخليل، إلى حد أن البرادعي شخصيا نفر منه وبدأ يحتقره، ورأى فيه صورة المثقف المدعي الانتهازي، وصرح بهذا في تسريب مشهور فيما بعد، لم يجد ابراهيم بدا من التقلب بعدها بين أحضان رجال الأعمال، مرة في حضن سليمان عامر صاحب قناة التحرير، ومرة أكمل قرطام في صحيفة التحرير، ومرة نجيب ساويرس في جريدة المقال، ومرة طارق نور في قناة القاهرة والناس، حتى عرف طريقه إلى مصدر التمويل الأكبر:( المخابرات المركزية الأمريكية) التي رشحته فور تولي دونالد ترمب الرئاسة بأيام ليصبح بوقا لها في قناة الحرة، وينفذ أجندتها في تشويه العرب والإسلام، وتمهيد الطريق للتطبيع العلني مع الصهاينة، دعما للتوجه الذي اتخذه ترامب وصهره كوشنر.

لقد أخرجت هذه المرحلة أسوأ ما كان في ابراهيم عيسى الصحفي الواعد قبل عشرين عاما، فتحول إلى أشبه ما يكون بأثرياء الحرب، ومصاصي الدماء، الآكلين على كل الموائد، والذين يحنون أعناقهم لمن يدفع ولو صفع تلك الأعناق قبل الدفع وبعده. ولا أدل على ذلك من واقعة طريفة حدثت معي شخصيا، فقد تلقيت اتصالا ذات مرة من صديق نقلا عن الدكتور مصطفى الفقي يخبرني أن ابراهيم عيسى يجلس على مائدة عشاء رجل الأعمال ورئيس نادي الزمالك السابق ممدوح عباس، فأمسكت الهاتف وأخبرت المستشار مرتضى منصور من باب الدعابة والدهشة والتساؤل عن علاقة عيسى بعباس، فما كان من منصور إلا أن سارع بالاتصال بعيسى على الهاتف الاخر وسلخه بوصلة إهانات وشتائم- وأنا أسمع.
ولم يقصر مرتضى منصور بعد هذه الواقعة في شتم عيسى وإهانته على الهواء مباشرة في كل مناسبة، ولم يعد هذا سرا، لكن ورغم ذلك كله، لم يجد ابو خليل حرجا في أن يرسل شقيقه شادي للعمل في قناة الزمالك ويقبض من يد المستشار مرتضى بعد فوزه أول مرة برئاسة النادي..


لقد أصبح عيسى مثالا حيا لشخصية حنفي “عبد الفتاح القصري” في فيلم ابن حميدو، يقول الرأي وعكسه، يتبنى تيارا فكريا اليوم ويحاربه غدا، يمدح ويشتم، لا بأس طالما أن أرصدته في البنوك صارت تتضخم بطريقة باتت تدفعه للتهرب من الضرائب، كما صرح رئيس مصلحة الضرائب نفسه قبل عدة أعوام.

ساءني ما وصل إليه صديقى القديم، خاصة حين لامس الدرك الأسفل بتهجمه على الإسلام، وثوابت الدين الحنيف، بل وأثارت غيرتي كمسلم أولا، فخرجت ببث على صفحتي لأنصحه بالكف عن هذا العبث، وتذكيره بآرائه القديمة، التي يراهن دائما على أن الناس تنساها، إلا أنني فوجئت بآخر ما كنت أتوقعه من صديق العمر القديم، رسالة شتائم كلف أحدهم بإرسالها لي على الخاص تقول “يا حسن أنا مش عارف إيه الكره والغل اللي ظهر عليك تجاه صاحب الفضل عليك.. وإذا كنت بتشك في أحكام القضاء من خلال إعادة إظهار مقالات بلال فضل على أنه بطل الإخوان، فهذا عيب عليك وعلى كل المشاهدين لهذا التجاوز، وكل من هو صامت لم يرد عليك”.!!


أستاذ ابراهيم.. رسالتك وصلت، ولا ينكر الفضل إلا… إذا كانت الاستعانة بعملى وموهبتي فضلا منك، لا مساهمة في نجاحك وشهرتك، وقت أن كنت مجهولا، ولا أدري ما علاقة بلال بالقضاء والإخوان، أم أنك لم تنس له أنه فضح شهادتك المزورة في قضية قتل المتظاهرين في ثورة يناير، حين كنت شاهد الإثبات الأول، وكنت تصيح ليل نهار بأن مبارك وحبيب العادلي قتلا المتظاهرين، ثم فوجئنا جميعا بك في قاعة المحكمة تبرئ مبارك من اتهامك بل وتهجم على رأسه وتقبلها أمام الجميع، بعد اتفاق مدفوع أبرمه معك محاميه فريد الديب؟!


اسمح لي بالمقابل أن أسألك: كيف سمحت لنفسك بإنكار فضل الله عليك، وقد بدأت من الصفر -بكل معنى الكلمة- من شقة بالإيجار في فيصل، فرضيت أن تكون سوطا في يد أعدائه والمستهزئين بدينه وديننا ؟؟!!.. ألا تستحي.. وإن عدتم عدنا.

حسن عبد الفتاح

مصور صحفي مصري

عضو نقابة الصحافيين المصريين

*********************************************************************

الآراء الواردة فى المقال تعبر عن صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن موقع الشادوف أو تمثل سياساته التحريرية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.