السيسي يعفو عن ممثل بلطجي محكوم عليه بالمؤبد في جرائم عنف خطيرة

0 690

عشية الاجتماع الثالث لمجلس أمناء ما يُعرف بـ”الحوار الوطني” في مصر، المفترض عقده اليوم السبت، أصدر الجنرال الحاكم في مصر عبد الفتاح السيسي قراراً جمهورياً بالعفو عن سبعة سجناء، صدرت ضدهم أحكام نهائية في قضايا ذات طابع سياسي، استناداً إلى القوائم التي تعدها “لجنة العفو الرئاسي” في شأن الإفراج عن السجناء السياسيين.

وشمل العفو الأخير للسيسي الممثل طارق النهري (70 عاماً)، المدان في القضية المعروفة إعلامياً بـ”أحداث مجلس الوزراء”، والصادر في حقه حكم بالسجن المؤبد (خفف في عام 2020 إلى السجن 15 عاماً)، على خلفية تورطه في أحداث حرق المجمع العلمي في القاهرة عام 2011.

والنهري ألقي القبض عليه في عام 2013، في الاشتباكات التي وقعت بين عدد من أنصار الرئيس الراحل محمد مرسي، وبين معارضيه بميدان التحرير في قلب القاهرة، غير أنه سرعان ما أفرج عنه رغم تداول مقطع فيديو له وهو ممسك بسلاح ناري ويصوبه في وجه مؤيدي مرسي، ما أسفر عنه سقوط قتلى في تلك الأحداث.

ومع صدور حكم بالسجن المؤبد ضد النهري عام 2017، لم يلق القبض عليه لتنفيذ الحكم، مع أنّ مكانه كان معلوماً حينها، بل إنه شارك في بعض الأعمال الدرامية، مثل مسلسل “عفاريت عدلي علام” مع عادل إمام، و”طاقة نور” مع هاني سلامة، و”كلبش” مع أمير كرارة.

واتهم النهري مع تسعة آخرين في قضية “مجلس الوزراء” بـ”تعطيل المرافق العامة في غضون شهر سبتمبر/ أيلول 2011، وحيازة أسلحة بيضاء، وقنابل مولوتوف، وكرات لهب، إضافة إلى حيازة مخدرات بقصد التعاطي، والشروع في اقتحام مبنى وزارة الداخلية لإحراقه، وإتلاف وإحراق بعض سيارات وزارة الصحة، وسيارات تابعة لهيئة الطرق والكباري، وبعض السيارات الخاصة بالمواطنين”.

تفاصيل قرار العفو الرئاسي

وقد أعلن محامون حقوقيون مصريون، الجمعة، صدور قرار جمهوري، رقم 329 لسنة 2022، بالعفو عن عدد من الصادر بحقهم أحكام قضائية نهائية، وهم الصحافي هشام فؤاد والباحث أحمد سمير سنطاوي والفنان المقرب من الأجهزة الأمنية طارق النهري، فضلاً عن قاسم أشرف قاسم أحمد وعبد الرؤوف خطاب حسن خطاب وطارق محمد المهدي صديق وخالد عبد المنعم صادق صابر.

هشام فؤاد

كانت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ مصر القديمة قررت، 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، الحكم بالحبس 5 سنوات على المحامي زياد العليمي و4 سنوات حبس لكل من الصحافيين هشام فؤاد وحسام مؤنس. كما شمل القرار أيضاً فرض غرامة على الجميع قيمتها 500 جنيه، في القضية رقم 957 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ، وهي القضية المنسوخة من قضية “تحالف الأمل”، المحبوسين فيها احتياطياً منذ يونيو/ حزيران 2019.

وقبل أيام، أعلنت حركة الاشتراكيين الثوريين المصرية إصابة هشام فؤاد بفيروس كورونا في محبسه، منددة بأوضاع السجون وما تحمله من تكدس وإهمال سبب رئيسي للمرض وتدهور الأوضاع الصحية للمحبوسين.

أحمد سمير سنطاوي


وفي 19 يوليو/ تموز 2022 تعرض الشاعر والسجين السياسي أحمد دومة، في سجن مزرعة طرة، للسب والضرب وهو مقيد اليدين والأرجل علي يد رئيس مباحث سجن المزرعة، ويدعى أحمد زين، وذلك بعدما تعرض الباحث والسجين السياسي أحمد سمير سنطاوي لواقعة إهمال جسيم أثارت ذعر زملائه بالعنبر، حيث عانى ما يشبه التهيج في الجهاز التنفسي إثر قيام إدارة السجن بتنظيف الزنازين والعنبر بمواد أثرت عليه كونه مصاباً بفيروس كورونا.

وبسبب تأخر إدارة السجن في إغاثته تعرض لنوبة هلع فقد سمير على إثرها الوعي لفترة طويلة، فقام زملاؤه في العنبر ومنهم دومة بالصراخ لمحاولة إخراجه من زنزانته للمستشفى وهو ما حدث بعد ساعة، ولكن ولسبب بسيط ويعد مؤشراً على عقلية مديري السجن ومدى إهمالهم، لم يتم نقل سمير مباشرة لخارج الزنزانة لأنه لم يكن يرتدي قميصاً؛ واستمروا لحوالي ثلث ساعة أخرى في نقاشات ومفاوضات مع الإدارة لنقل سمير إلى المستشفى، مما أدى إلى مشادة كلامية بين الضابط أحمد زين وبين أحمد سمير وأحمد دومة، الذي اتهم رئيس المباحث بتعمد قتله ثم تطورت هذه المشادة إلى شجار مع أحمد دومة، ترتب على هذا نقل سمير إلى المستشفى ونقل دومة مقيد إلى مكتب رئيس المباحث وقيام الضابط أحمد زين بتقييده بشكل كامل والتعدي عليه بالضرب المبرح والسب.

أحمد سمير سنطاوي ( يمين) مع الزميل هشام فؤاد ( يسار) عقب خروجهم من السجن مباشرة


وفي يوليو/ تموز 2020، قضت محكمة النقض المصرية بالسجن المشدد 15 عاماً للفنان طارق النهري، و9 متهمين آخرين، وحكم بالسجن 10 سنوات لمتهمين آخرين في إعادة محاكمتهم بـ”أحداث مجلس الوزراء” وحرق المجمع العلمي.

وكانت النيابة أحالت المتهمين إلى محكمة الجنايات، لأنهم في غضون شهر سبتمبر/ أيلول 2011 بدائرة قسم السيدة زينب قاموا بتعطيل المرافق العامة وحيازة أسلحة بيضاء وقنابل مولوتوف وكرات لهب، إضافة إلى حيازة البعض منهم لمخدرات بقصد التعاطي وممارسة مهنة الطب دون ترخيص والشروع في اقتحام مبنى وزارة الداخلية لإحراقه، وإتلاف وإحراق بعض سيارات وزارة الصحة وسيارات تابعة لهيئة الطرق والكباري وبعض السيارات الخاصة بالمواطنين والتي تصادف وجودها في شارع الفلكي.

وتضمن قرار الاتهام أن المباني الحكومية التي تم التعدي عليها واقتحامها وإحراق بعضها وإتلاف كل أو بعض منشآتها هي المجمع العلمي المصري، ومجلس الوزراء، ومجلسا الشعب والشورى ومبنى هيئة الطرق والكباري، الذي يضم عدداً من المباني الحكومية ومن بينها حي بولاق وحي غرب القاهرة وهيئة الموانئ المصرية وهيئة مشروعات النقل وهيئة التخطيط وفرع لوزارة النقل، كما اتهمتهم النيابة بإشعال المولوتوف مما نتج عنه الأضرار والتلفيات المبينة بالأوراق، وإحراز أدوات وآخرين سبق الحكم عليهم، مما تسبب في الاعتداء على الأشخاص.

قرارات العفو الرئاسي

منذ إصدار رئيس الجمهورية القرار بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي في 26 إبريل/ نيسان الماضي، طالبت المنظمات الحقوقية بمعايير وضوابط واضحة ومعلنة لقرارات إخلاء السبيل أو العفو عن المحتجزين، سواء المحكوم عليهم أو رهن الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا سياسية، على أمل أن يستهدف القرار في المقام الأول الأفراج عن جميع المحتجزين بتهم سياسية أو بسبب آرائهم، إلا أن عدم الالتفات للمعايير والضوابط المطلوبة، أدى لتضارب عمل اللجنة والالتفاف على اختصاصها.

وأفرجت السلطات الأمنية على مدار الأشهر القليلة الماضية عن عدد من المعتقلين المشهورين في قضايا الرأي والحريات، فضلاً عن إفراجات عدة عن مجهولين من عدة قضايا؛ لكن يبقى الحل الوحيد الملموس بالفعل لاستشعار جدوى الإفراج عن المشهورين والمجهولين على حد سواء هو الإفراج دفعات واحدة عن جميع معتقلي قضايا سياسية محددة، أو حتى على مستوى ملفات القضايا، كالإفراج دفعة واحدة عن المحبوسين احتياطياً، أو عن كبار السن وذوي الأمراض.

ورصد باحثو مركز القاهرة لحقوق الإنسان العفو عن 6 سجناء سياسيين، وإخلاء سبيل 417 آخرين (لم يتم إسقاط القضايا المرفوعة ضدهم) في المقابل، وفي الفترة نفسها خلال الأسابيع القليلة التي تلت الدعوة لإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي وتشكيل لجنة الحوار الوطني، جددت المحاكم حبس ما لا يقل عن 4432 سجيناً سياسياً (إضافة إلى أولئك الذين جددت النيابة احتجازهم)، فضلاً عن الاعتقالات الجديدة، بما في ذلك الصحافيين على الأقل.

وفي السياق نفسه، وبعد أسابيع قليلة من الإعلان عن الدعوة للحوار الوطني، صدر الحكم على السياسيين عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد القصاص، القياديين في حزب سياسي مسجل، بالسجن لمدة 15 و 10 سنوات على التوالي، بعدما امتد احتجازهما الاحتياطي 4 سنوات، فضلًا عن الحكم على الباحث أحمد سمير سنطاوي بالسجن لمدة 3 سنوات، وإغلاق التحقيق في واقعة تعرض الباحث الاقتصادي أيمن هدهود، للتعذيب حتى الموت أثناء احتجازه لدى الشرطة، على نحو يضمن إفلات قاتليه من العقاب.

المصدر: الشادوف+صحف مصرية+مواقع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.