تعقد الحكومة المصرية غدا الثلاثاء حلقة نقاش عبر الإنترنت مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لمناقشة إطارها القانوني الوطني المتعلق بالمجتمع المدني، خاصة القانون رقم 149 لسنة 2019 المعروف بقانون منظمات المجتمع المدني ولائحته التنفيذية>
واستبقت 6 منظمات حقوقية مصرية هذا اللقاء بإصدار بيان طالبت فيه المجتمع الدولي وخبراء الأمم المتحدة بمراعاة السياق الأوسع لما وصفته بـ«القمع الوحشي» الذي يواجه المجتمع المدني في أي نقاش مع الحكومة المصرية حول قانون المنظمات غير الحكومية وتنفيذه، معتبرة أن تجاهل هذه الحقائق سيعد تشجيعا للحكومة على مواصلة هدفها طويل المدى المتمثل في «استئصال» المجتمع المدني المستقل داخل البلاد.
وضمت قائمة المنظمات الحقوقية الموقعة على البيان كلا من: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، لجنة العدالة( كوميتي فور جستس)، مركز النديم، مبادرة الحرية، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان.
وأعربت المنظمات الحقوقية المصرية عن قلقها من طريقة تنظيم هذا النقاش مع الحكومة المصرية، موضحة أنه يبدو منظما بطريقة تخفي الواقع الذي يواجه المجتمع المدني المستقل داخل مصر، ويتجاهل محاولات الحكومة المستمرة والمنهجية للقضاء على المنظمات الحقوقية المستقلة داخل البلاد، ويحاول تجميل وجه نظام (الرئيس عبد الفتاح السيسي).
وشددت على أن القانون الحالي، رغم عدم توافقه مع الدستور المصري والالتزامات الدولية لحقوق الإنسان، إلا أنه يمثل إطارا أقل تقييدا نسبيا، مقارنةً بالتشريعات السلطوية الأخرى التي تم سنها في عهد السيسي.
ورغم ذلك فإن التركيز التقني على هذا القانون تحديدا، دون الإشارة إلى السياسات والإجراءات الأوسع للحكومة المصرية تجاه المجتمع المدني المستقل لا يوضح وضع المجتمع المدني في مصر بشكل دقيق، كما يحجب هذا النهج حقيقة أن القانون 149 لسنة 2019 يشكل جزءا صغيرا في ترسانة التشريعات الصارمة والسياسات الهادفة للتخلص من كافة الجهات الفاعلة والأنشطة ذات الصلة بالمجتمع المدني المستقل داخل مصر.
وتابعت: التركيز التقني المحدود على قانون المنظمات غير الحكومية ومواده الخاصة يتغاضى عن حقيقة أن الهجمات والتدابير القمعية ضد المجتمع المدني في مصر غالبا ما تُنفَّذ خارج أي مبرر أو إطار قانوني، حيث أعلن السيسي في أكثر من مناسبة أن حقوق الإنسان العالمية قد تناسب الغرب، ولكنها غير قابلة للتطبيق في مصرـ رغم أن الدستور المصري يقر بالالتزامات القائمة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وتضمينها في التشريعات الوطنية.
واتهمت المنظمات في بيانها النظام وأجهزته الأمنية بالقضاء على المجتمع المدني بهجوم بترسانة من القوانين القمعية والممارسات غير القانونية.
وشددت على أن هذه الممارسات تهدف إلى منع تشكيل وإدارة منظمات المجتمع المدني المستقلة، وأدت بشكل أساسي إلى شل المجتمع المدني المستقل داخل البلاد.
وبينت أن القانون الأخير للمنظمات غير الحكومية ولائحته التنفيذية يمثلان استمرارا للتهديد الوجودي الذي يواجه المجتمع المدني المستقل في البلاد، بدلا من معالجة هذا الوضع، والواقع أن جميع المنظمات والأفراد تقريبا الذين يحاولون فضح أو ضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر يتعرضون للسجن والتعذيب ضمن أشكال أخرى من الانتهاكات والاعتداءات.
وذكّرت المنظمات بأمثلة على الانتهاكات التي يتعرض لها الحقوقيون، ومنهم (إبراهيم متولي) أمين عام رابطة أسر ضحايا الاختفاء القسري، الذي قُبض عليه في عام 2017 أثناء توجهه إلى جنيف للمشاركة في أعمال مجموعة العمل الخاصة بالاختفاء القسري بالأمم المتحدة، بدعوة منها، ولا يزال يقبع في السجن حتى اليوم على خلفية اتهامات ملفقة لا صلة لها بقانون الجمعيات، تنفيذا لإرادة الأجهزة الأمنية، التي تعلو فوق القانون والدستور، وتسخر الأجهزة القضائية لتنفيذ مشيئتها.
كما يتواصل احتجاز المحامي (محمد الباقر) مدير مركز عدالة للحقوق والحريات، وسجنه منذ سبتمبر/ أيلول 2020، أثناء ممارسته واجبه الحقوقي في الدفاع عن سجين رأي آخر، تبعاً للمنظمات التي أكدت في بيانها أن الأجهزة الأمنية ذاتها اختطفت وأخفت (إبراهيم عز الدين) الباحث بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات لأكثر من 165 يوما وعذبته بالصعق الكهربائي أثناء استجوابه حول نشاطه الحقوقي.
وأيضاً تم الاعتداء بالضرب على الحقوقي (جمال عيد) مؤسس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في الطريق العام، وسرقة سيارته وتكسير وسرقة سيارة زميلة له بالمنظمة نفسها، وعلى الكثيرين الذين تجمع بينهم اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية وإشاعة أخبار كاذبة، وليس انتهاك قانون الجمعيات الأهلية، حسب البيان.
وأشارت المنظمات إلى أن الحقوقي (بهي الدين حسن) مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يواجه حكما غيابيا بالسجن 15 عامًا صادرا عن إحدى دوائر الإرهاب، ليس بتهمة انتهاك قانون الجمعيات الأهلية، بل بتهمة إشاعة أخبار كاذبة من خلال حسابه على «تويتر» تتصل بمواقفه الحقوقية، وبمشاركته في أنشطة في الأمم المتحدة باسم مركز القاهرة.
وأضاف البيان: يواجه أكثر من 31 حقوقيا وحقوقية قرارات بالمنع من السفر والتحفظ على الأموال، وهم معرضون لأحكام بالسجن قد تصل إلى 50 عاما بسبب اتهامهم في القضية 173 لسنة 2011 والمعروفة باسم قضية التمويل الأجنبي، أحد أخطر الاتهامات الموجهة لهم هي مخالفة المادة 78 من قانون العقوبات ـ التي عدلها السيسي في سبتمبر/ أيلول 2014 ـ التي تعاقب على التمويل سواء كان محليا أو أجنبيا بالسجن المؤبد.
وتابعت المنظمات في بيانها: محاولات الحكومة الأخيرة لتسليط الضوء على «التحسينات» في قانون المنظمات غير الحكومية، تأتي في أعقاب انتقادها في إعلان مشترك من 32 دولة في مجلس حقوق الإنسان في مارس/ آذار الماضي، وفي سياق سعيها لتلميع صورتها أمام المجتمع الدولي.
المصدر: الشادوف