بعد فشل زيارة مدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل لواشنطن في يونيو/حزيران الماضي وتواضع النتائج التي تمخضت عنها، ذكرت مصادر سياسية مصرية أن النظام المصري طلب من الحكومة الاسرائيلية بقيادة نفتالي بينيت استمرار دعمها للنظام المصري على غرار حكومة الليكود بممارسة كل جهد ممكن لتشجيع الرئيس الأمريكي جو بايدن أو نائبته كمالا هاريس لاستقبال السيسي خلال مشاركته المرتقبة فى الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في شهر سبتمبر/أيلول المقبل.
وقالت المصادر التي تحدثت لـ “الشادوف” بشرط عدم الكشف عن هويتها، ان تلك الرسالة تم تسليمها اليوم الأربعاء الى رئيس الحكومة الاسرائيلية نفتالي بينيت خلال استقباله مدير المخابرات المصري اللواء عباس كامل بمقر رئاسة الحكومة فى القدس والتي تم خلالها أيضا تسليم بينيت دعوة رسمية من ( الرئيس المصري ) عبد الفتاح السيسي لزيارة مصر خلال الأسابيع المقبلة.
ووصفت المصادر زيارة كامل بأنها مفاجئة وغير متوقعة نظرا لأهمية تلك الزيارة بالنسبة للنظام المصري الذي يعتمد على تلك النوعية من اللقاءات خلال السنوات الماضية لإرسال رسائل داخلية خصوصا لقادة الجيش المصري، وخارجية لبعض الأطراف العربية والاقليمية تؤكد على ان العلاقة بين النظام والادارة الأمريكية تسير بشكل جيد، مما يساهم فى تحقيق بعض مصالح النظام الخارجية، ويردع من يستاءون من سياسة النظام داخل الجيش والمؤسسات الأمنية.
وكان عوفير جندلمان، مدير مكتب رئاسة الوزراء في إسرائيل، قد أعلن اليوم الأربعاء -عبر منشور على “فيسبوك” – ان رئيس حكومة الكيان الصهيوني نفتالي بينيت التقى صباح اليوم لأول مرة وزير المخابرات المصري اللواء عباس كامل في مكتبه بالقدس وتحدث معه عن الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية للعلاقات الإسرائيلية المصرية” وجه كامل خلالها دعوة لرئيس الوزراء بينيت، باسم السيسي، للقيام بزيارة رسمية لمصر خلال الأسابيع المقبلة.
تجدر الإشارة الى أن نظام عبد الفتاح السيسي بمصر يكثف حاليا من الجهود المبذولة لمشاركة السيسي فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خصوصا مع تزايد احتمالات عقد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة حضورياً في نيويورك في سبتمبر/أيلول المقبل.
وأفادت المصادر أن مصر تستعدّ لإرسال وفد مصغّر بقيادة السيسي يرافقه وزير الخارجية ورئيس المخابرات العامة عباس كامل وعدد محدود من المساعدين والمسؤولين.
وفي ضوء اقتراب الموعد دون تحديد موقف واضح من طريقة عقد الاجتماعات بنيويورك، فإن اتصالات تجري في هذا الشأن بين وزارة الخارجية والمنظمة الأممية منذ عدة أسابيع للتعرف على الشروط التي سيتم وضعها لحضور الوفود، والتي بدأت الأمانة العامة في وضعها منذ شهرين. وتتضمن الشروط تحديد عدد معين لأعضاء الوفود واشتراطات صحية معينة تتعلق بتلقي لقاحات فيروس كورونا، في ظل سماح الولايات المتحدة بوصول الأجانب إلى أراضيها وتخفيف قيود السفر والحركة.
وحول الاستعدادات المصرية، كشفت المصادر أن السيسي يخطط لحضور اجتماعات الجمعية لعدة أهداف، أبرزها تنظيم لقاءات مع عدد من المسؤولين الأميركيين ورجال السياسة والأعمال على هامش الزيارة، والتعرف عن قرب على أجواء الدوائر السياسية الجديدة لإدارة بايدن في واشنطن ونيويورك. وهي دوائر يسيطر عليها الحزب الديمقراطي بمختلف أجنحته، وتحمل رؤى متباينة تجاه السياسات المصرية وشخص السيسي.
وتأتي هذه التطورات بعد فشل تطبيق المقترحات المصرية لجهة تبادل الزيارات بين القاهرة وواشنطن على مستوى النواب والمسؤولين التنفيذيين لأسباب عدة، رغم أن مدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل ناقشها في زيارته الأخيرة إلى واشنطن، في يونيو/حزيران الماضي.
وتتطرّق المصادر للتحضيرات، بالإشارة إلى أن السفارة المصرية في واشنطن والوفد المصري في نيويورك وشركة “براونستين هيات فاربر” للعلاقات العامة والمتعاقدة مع المخابرات المصرية، باشروا اتصالاتهم ومقابلاتهم لإعداد جدول أعمال مكثف للسيسي ووزير الخارجية سامح شكري.
وعن الاستعدادات الداخلية لمثل هذه الزيارة، التي ستكتسب أهمية مضاعفة إذا التقى السيسي الرئيس الأميركي جو بايدن أو نائبته كامالا هاريس، توضح المصادر أن النظام يحضر لعدة خطوات، من المقرر أن يتم اتخاذها خلال شهر أغسطس/آب الحالي ومطلع شهر سبتمبر المقبل، لإشعار الإدارة الأميركية بحدوث تغيير حقيقي في التعامل المصري مع ملف حقوق الإنسان، لكن ما زالت مواعيد اتخاذها معلقة بقرار من السيسي.
وحول وجود مقترحات مصرية أخرى بخلاف موضوع الوساطة الاسرائيلية لدى إدارة بايدن لترتيب لقاء يجمع بين السيسي وبايدن أو نائبته كمالا هاريس ودعوة بينيت لزيارة مصر، قالت المصادر إنّ الزيارة الطارئة لعباس كامل للقدس واللقاء مع بينيت بمقر رئاسة الحكومة بحثت أيضا ملفات تتعلق بتطورات وتحركات المحور الإيراني في المنطقة بشكل أساسي، وتقاطع تلك التحركات مع الملفات ذات الصلة مثل الوضع في غزة، وأمن الممرات المائية، والتعاون مع الخليج، في ضوء اتصالات مصرية-إيرانية جرت أخيراً، لتطوير العلاقات بين البلدين.
وأوضحت المصادر أنّ التنسيق بين مصر وإسرائيل بلغ ذروته خلال الأيام الماضية بعدما تمكنت القاهرة من وقف موجة تصعيد كانت قادمة لا محالة في ظل حالة الاستنفار التي تعيشها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بسبب تأخر الجانب الإسرائيلي في الوفاء بعدد من التعهدات الخاصة بتثبيت الهدنة في القطاع عقب المواجهة الأخيرة من جهة، وتحريض جهات إقليمية على تفجير أزمة جديدة بالمنطقة في إطار الصراع غير المعلن بين الجانبين الإسرائيلي والإيراني من جهة أخرى.
وبحسب ما أفادت مصادر أخرى لصحيفة “العربي الجديد”، فإنّ القاهرة لعبت دوراً كبيراً في تفويت الفرصة على محاولات تأجيج مواجهة جديدة بين قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، بعد إطلاق صاروخ من قطاع غزة صوب مستوطنة “سديروت”، مؤكدة أنّ المسؤولين في مصر كانوا السبب الرئيس وراء تغيير السياسة الإسرائيلية الخاصة بـ”الرد الفوري”، وفق تعبير المصادر.
وشددت المصادر على أن “التدخل المصري ساهم في منع التصعيد، خاصة في ظل حالة تأهب من جانب الفصائل عبر تنظيم فعاليات مثل المسيرات الشعبية، وحراك الإرباك الليلي، والمواجهة العسكرية، وكذا في ظل الترقب من جانب “حزب الله” اللبناني لجر الجانب الإسرائيلي لمواجهة على أكثر من محور في نفس الوقت”.
وأكدت أنّ صفقة الأسرى لن تكون على رأس المباحثات التي سيجريها عباس كامل، مشيرة إلى أنّ الزيارة تحمل أهدافاً أوسع وتتعلق بالإقليم، خاصة قبل “الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن خلال الأيام المقبلة، وما ستتناولها من ترتيبات إقليمية متعلقة بإيران”.
وتابعت المصادر أنّ “هناك حرصاً مصرياً على تأكيد دور المسؤولين في القاهرة في ضبط إيقاع ملفات المنطقة الملتهبة”، مشددة على أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يأمل من وراء ذلك في ترتيب زيارة قريبة إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي جو بايدن خلال فترة وجيزة، وهو ما تم التأكيد عليه أيضاً خلال زيارة وليام بيرنز مدير المخابرات المركزية الأميركية أخيراً للقاهرة.
وكان السيسي قد استقبل بمقر رئاسة الجمهورية بالقاهرة الأحد الماضي مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز في القاهرة، وبحثا العلاقات الثنائية والتطورات السياسية التي تشهدها المنطقة.
وأفاد بيان رئاسي مصري عقب زيارة بيرنز أنّ اللقاء شهد “التباحث حول سبل تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بين البلدين”. كما تطرق إلى تطورات الأوضاع في أفغانستان، فضلاً عن مستجدات كلٍ من القضية الفلسطينية وملف سد النهضة، وكذا الأزمة في ليبيا.
وكان وفد إسرائيلي بقيادة مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الجديد إيال حولتا، والمستشار المنتهية ولايته مئير بن شبات، قد زار العاصمة المصرية القاهرة، الأسبوع الماضي، والتقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل بالاضافة الى اللواء أحمد عبد الخالق مسؤول ملف فلسطين في الجهاز للتباحث بشأن الوضع في قطاع غزة، ومنع التنسيق بين فصائل القطاع و”حزب الله”، خشية تفجير مواجهة على جبهتي الشمال والجنوب، وهو ما استتبع معه الحديث بشأن الهدنة طويلة الأمد التي ترعى القاهرة مباحثاتها، وكذلك تخفيف الأوضاع الإنسانية والمعيشية في قطاع غزة.
المصدر: الشادوف+صحف