التزمت المؤسسات والجهات المصرية المختلفة الصمت تجاه انتقادات حادة من إدارة تحرير صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، لحكومة الجنرال المصري عبد الفتاح السيسي، في ما يتعلق بوضع حقوق الإنسان في البلاد.
وقالت الصحيفة، في افتتاحيتها، المنشورة الثلاثاء، تحت عنوان: “لم يعد بإمكان الولايات المتحدة أن تغض النظر عن سجل مصر القاتم في مجال حقوق الإنسان”، إنه في 18 سبتمبر/أيلول 2019، أصدرت وزارة الداخلية المصرية بياناً من ستة أسطر أعلنت فيه أن قوات الأمن قتلت تسعة “عناصر من جماعة الإخوان الإرهابية” في “مخبأين” في القاهرة وبالقرب منها.
وأشارت إلى أنه تم حظر “جماعة الإخوان المسلمين”، وهي واحدة من أقدم وأكبر الجماعات الإسلامية في مصر، قائلة إنه منذ الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي عام 2013، شجع خليفته الرئيس عبد الفتاح السيسي، قوات الأمن على فرض “عدالة سريعة” ضد “الإخوان المسلمين” والجماعات الإسلامية المسلحة الأصغر التي هاجمت ضباط الشرطة والجيش. وقال السيسي لقوات الأمن: “أيديكم ليست مكبلة”.
ولفتت الصحيفة إلى أن الشخص الوحيد الذي تم التعرف عليه من بين القتلى في مداهمة الشرطة عام 2019 هو محمود غريب (24 عاماً)، الذي وُصف بأنه زعيم جماعة إسلامية مسلحة أصغر، “لكن الأمر الغريب في غريب هو أنه كان يعتقد بالفعل أنه محتجز لدى الشرطة”.
وبحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش”، فقد قُبض عليه في 17 مارس/آذار في مقهى بالإسكندرية بمصر. وشهد أحد الأصدقاء القبض عليه بواسطة ضباط أمن يرتدون ملابس مدنية، وتلقت أسرته رسالة مهربة تؤكد وجوده في أحد مراكز الاحتجاز.
وتساءلت الصحيفة “كيف يمكن أن يكون إرهابياً في “مخبأ” وهو محتجز بالفعل؟”. وقالت: “يبرز السؤال النتائج التي توصل إليها تقرير جديد مقلق لـ”هيومن رايتس ووتش”، يكشف عن بُعد آخر للدولة البوليسية التي تزداد تعسفاً في مصر: نمط من عمليات القتل المشبوهة على أيدي قوات الأمن”.
وقالت إنّ النظام قدّم القتلى ( في وسائل الاعلام الحكومية الرسمية) على أنهم قضوا في “إطلاق نار” مع “إرهابيين”، لكن التقرير يشير بقوة إلى أنها عمليات إعدام نفذت دون محاكمة وخارج نطاق سيادة القانون.
وأشارت الصحيفة إلى “تأكيد التقرير أنّ الحكومة المصرية، بذريعة مكافحة الإرهاب، منحت قوات الأمن حرية كبيرة بحيث أطلقت لهم العنان لقمع كل المعارضة، بما في ذلك المعارضة السلمية، مع إفلات شبه مطلق من العقاب على الانتهاكات الجسيمة. وكانت النتيجة واحدة من أسوأ أزمات حقوق الإنسان التي طال أمدها في تاريخ البلاد الحديث”.
كما أشارت إلى تقارير سابقة لمجموعات حقوقية وصحافيين، وثّقوا قتل المتظاهرين السلميين والاختفاء القسري والتعذيب على أيدي قوات الأمن المصرية. وقالت إنّ التقرير الجديد “يضيف موجة من القتل خارج نطاق القانون إلى هذا السجل الدنيء”.
وذكّرت بأنّه بين يناير/كانون الثاني 2015 وديسمبر/كانون الأول 2020، رصدت “هيومن رايتس ووتش” مقتل 755 من “المسلحين” أو “الإرهابيين” المزعومين في 143 حادثة وصفتها الحكومة بأنها تبادل لإطلاق النار أو معارك بالأسلحة النارية، و14 حالة حيث أمكنت مقابلة أصدقاء الضحايا وأفراد عائلاتهم. وجاء في التقرير: “في جميع الحالات الـ14، قال أفراد الأسرة إن أقاربهم الذين قُتلوا قد اعتُقلوا وكانوا في عهدة الأجهزة الأمنية قبل الأحداث التي ورد أنهم قُتلوا فيها”.
وأشارت “واشنطن بوست” إلى تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بجعل حقوق الإنسان محور سياسته الخارجية. وقالت إنه من المتوقع أن يقرر وزير الخارجية أنتوني بلينكن قريباً ما إذا كان سيحجب لأسباب حقوق الإنسان، 300 مليون دولار من 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية المقدمة سنوياً لمصر، مشيرة إلى أنه في الماضي، “كان المبلغ كاملاً على الرغم من سجل مصر البائس في مجال حقوق الإنسان، لكن الوقت قد حان للتغيير. لم يعد بإمكان الولايات المتحدة أن تنظر بعيداً عن الخسائر المصرية المروعة”، تختم الصحيفة.
المصدر: الشادوف+ترجمات+العربي الجديد