بعد أكثر من 7 أشهر من الاختفاء والصمت، ظهرت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد من جديد أخيراً، وذلك في مقطع فيديو وصفته مصادر برلمانية بأنه “محاولة لغسل سمعتها وإعادة تقديم نفسها”، بعد فترة من الإعلان عن قضية فساد في الوزارة التي تديرها أثناء قيامها بعملها، وتكليف وزير التعليم العالي والبحث العلمي خالد عبد الغفار بالقيام بأعمال وزير الصحة والسكان.
ومنذ 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي اختفت هالة زايد عن الساحة، بعد إعلان تعرضها لـ”أزمة قلبية” ونقلها إلى مستشفى “وادي النيل” التابع للمخابرات العامة المصرية. وهو اليوم نفسه التي قالت فيه مصادر من داخل الوزارة لـصحيفة “العربي الجديد” إن رجال هيئة الرقابة الإدارية حضروا بشكل مفاجئ إلى مكتبها وألقوا القبض على مسؤولين مقربين منها، وهو ما أدى إلى انهيارها.
وأكدت المصادر أن “رجال الرقابة الإدارية كانوا على وشك القبض على الوزيرة من مكتبها، لولا تدخل رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل لمنع حدوث هذا الاعتقال”.
وظهرت هالة زايد الأسبوع الماضي في تسجيل مصور تداوله نشطاء ومقربون منها، وذلك في جلسة بحضور أصدقاء لها في المجال الطبي وبعض مسؤولي وزارة الصحة، حيث كانت تتحدث عن عملها في الوزارة. كما تحدث بعض الحضور عما وصفوه بـ”إنجازات” هالة زايد في الوزارة، وسياستها “الناجحة”.
وفي السياق نفسه، قالت مصادر خاصة إن “ظهور الوزيرة زايد ليس عفوياً، بل تم الترتيب له، وبضوء أخضر من المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصرية”، وفقا لصحيفة العربي الجديد.
وبحسب المصادر، فإن زايد “دعت مجموعة من أصدقائها ومعارفها في المجال الطبي إلى جلسة بالفيلا الخاصة بها في القاهرة الجديدة، وتحدثت معهم وقالت إنها ارتكبت أخطاءً كثيرة في الوزارة، وإنها الآن بصدد إعادة تقييم نفسها”.
وأضافت المصادر أن “هذه الطريقة معتادة عند هالة زايد حتى من قبل تعيينها وزيرة للصحة، إذ إنها تجيد إدارة العلاقات العامة والترويج لنفسها”. وقالت المصادر إن “ظهور الوزيرة وتلميعها لصورتها بهذا الشكل، قد يكون مقدمة لشيء ما يتم الترتيب له، مثل تعيينها في منصب جديد”.
وتابعت أنه “على الرغم من غياب المسؤولين البارزين بالوزارة عن جلسة هالة زايد، إلا أن هناك شخصيات أخرى حضرت، ومنها محمد عبد المقصود معاون الوزيرة للشؤون المالية والإدارية”.
وكشفت المصادر عن أن “خروج زايد بعد أن كانت ملتزمة الصمت، ومقابلتها للبعض وحديثها عن فترة توليها للوزارة، تم بالتنسيق مع المسؤولين في جهاز المخابرات العامة، والاجتماع الذي عقدته في منزلها نظّمه أحد المقربين لها في الوزارة ومسؤول في إدارة العلاقات العامة والمراسم، كان مسؤولاً عن تنظيم لقاءات زايد”.
وفي الوقت الذي عادت فيه هالة زايد للظهور، كانت محكمة جنايات القاهرة تستمع إلى مرافعة النيابة العامة في محاكمة 4 متهمين بالقضية المعروفة بـ”رشوة وزارة الصحة”.
تطورات المحاكمة
وقال ممثل الادعاء في جلسة المحاكمة، الخميس الماضي، إن المُتهم الأول محمد الأشهب (زوج هالة زايد السابق) “كان موظفاً في شركة تأمين وله مكانة اجتماعية، وزوجته شغلت أعلى مناصب وزارة الصحة والسكان وكان لها نفوذ، ولكنه أبى أن يصون الأمانة وسلك الحرام واستغل النفوذ”.
وكان ضابط في الرقابة الإدارية قد شهد أمام المحكمة في جلسة سابقة بأن “المتهم الأول عبد المجيد الأشهب كان يعرّف عن نفسه بأنه زوج الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة، وكان يكتب على حسابه الشخصي بأن حياتهما الزوجية ما زالت قائمة، وذلك لتحقيق مصالح شخصية”.
وأضاف أن الأشهب “كان يتواصل مع ابنه، وبعدها مع مدير مكتب هالة زايد وزيرة الصحة، كما أنه كان دائم التواصل مع العاملين في مكتبها، وكانت هناك تعليمات من الوزيرة نفسها بأن يلبوا طلبات ابنها والبيت بصفة عامة من دون الرجوع لها”.
شهادة ضابط الرقابة الإدارية دعمتها شهادة مدير مكتب الوزيرة أحمد سلامة، الذي قال خلال التحقيقات إن “أي طلب من الأشهب، كأنه من الوزيرة شخصياً”، مضيفاً أن “مرجعية هذا النفوذ تعود لتعليمات من الوزيرة بأن أي طلبات لأسرتها أوصي بها المسؤولين لكي تنجز، ومن الطبيعي أن زوجها عندما يطلب شيء يكون بالنسبة لي وكأن الوزيرة هي التي طلبته”.
وعلى الرغم من ذلك، وبحسب ما أكدته مصادر خاصة لـ”العربي الجديد”، فإنه “لم يتم استدعاء الوزيرة زايد للتحقيق، وهي حصلت على تطمينات من جهاز المخابرات العامة بأنه لن يتم المساس بها، لا سيما أن الوزيرة تتمتع بعلاقات خاصة مع المسؤولين بالجهاز”.
علاقة هالة زايد بالسيسي
وتابعت المصادر أن “هذا إضافة إلى علاقة زايد القريبة بالرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه، والدائرة المقربة منه، فهي كانت مسؤولة عن ملفات تتبع الرئاسة بشكل مباشر، ومنها مبادرات علاج فيروس C و(100 مليون صحة) وغيرها من المبادرات التي حصلت مصر على معونات ومنح دولية لتنفيذها”.
وأوضحت المصادر أن اتهام زايد في قضية فساد “كان من شأنه أن يسيء لسمعة المبادرات الرئاسية أمام الجهات الدولية المانحة، ولذلك تم استبعاد الوزيرة من القضية، على الرغم من أن ضباط الرقابة الإدارية كانوا بالأساس يجرون تحرياتهم عن زايد نفسها، وأنهم كانوا على وشك القبض عليها في مكتبها”.
وفي 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أمر النائب العام، المستشار حمادة الصاوي، بإحالة أربعة مسؤولين بوزارة الصحة للمحاكمة الجنائية، لاتهام أولهم “بطلبه لنفسه مبلغ 5 ملايين جنيه (318 ألف دولار)، وأخذه 600 ألف جنيه على سبيل الرشوة من مالكَيْ مستشفى خاص بوساطة متهمَيْنِ آخرَيْن”.
وجاء ذلك مقابل استعمال هذا الموظف نفوذه للحصول من مسؤولين بوزارة الصحة على قرارات ومزايا متعلقة بعدم تنفيذ قرار غلق هذا المستشفى الخاص لإدارته بغير ترخيص، وإعداد تقرير مزور يُثبِت، على خلاف الحقيقة، عدم وجود أي مخالفات به. وقد أُسند للمتهم الرابع ارتكابه ذلك التزوير.
وشمل أمر الإحالة في القضية المقيدة برقم 2284 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا كلاً من محمد عبد المجيد محمد حسين الأشهب ويعمل أخصائياً أولاً بشركة مصر للتأمين على الحياة، وعطية الفيومي، وهو طبيب ومالك مستشفى، وحسام الدين فودة، وهو موظف متقاعد، ومحمد أحمد بحيري، وهو المدير العام للإدارة العامة للتراخيص بالإدارة العامة للمؤسسات العلاجية.
المصدر: الشادوف+العربي الجديد