فى كل حالات الحالة الإسلامية مع الحكم فى واقعنا المعاصر كان قطاع كبير من الجماهير لايؤمن بالمشروع الإسلامى
بل يحاربه رغم أنهم يحملون أسماءََ اسلامية؟!
بلاشك يوجد نقص وأخطاء فى من يحملون المشروع ولكنه لايقارن أبداً بفساد وطغيان وظلم بل وكفر النظم
و أتوقف مع اشارات فى سورة طه تبصرنا بالحقيقة:
أول اشارة هى: عندما قرر فرعون جمع الجماهير كلها يوم الزينة لمشاهدة السحرة مع موسى عليه السلام (وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى) ولفظ الحشر يعنى كثرة الجماهير الغفيرة التى جاءت من كل فج عميق فى البلاد.. اجتمعت الجماهير وشاهدت سحرة فرعون ( فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى) وشاهدت موسى( وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) .
وشاهدت تغيير موقف السحرة وإيمانهم الفورى (قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى).. وشاهدت شجاعة ايمان السحرة وعدم خوفهم من القتل( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) ومع ذلك لاتجد فى الآيات اى ذكر لتفاعل الجماهير وايمانها برب موسى كما فعل السحرة.. لماذا لم تؤمن الجماهير؟! بل قال تعالى( وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُۥ وَمَا هَدَىٰ) !!
هنا بيت القصيد الجماهير تتبع الحاكم القوى المستبد، لذلك اهتم القرآن بتوجيه الفئة المؤمنة لقتال قيادة الطغيان، (فَقَٰتِلُوٓاْ أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَآ أَيْمَٰنَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ)..او خطاب النصح( اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى).. وكما قال ربعى بن عامر لرستم قائد الفرس (الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله)..فالطغاة هم الأساس الكبير فى مشكلة عدم ايمان الجماهير.
لكن كيف حكم فرعون وانقادت له الجماهير؟
قال تعالى (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ)، قال المفسرون الاستخفاف لخفة عقولهم ولكن القرطبى تفسيره أوضح قال: (بالقهر).. وقهر الطغاة للشعوب عندما يكون مع نشر الفسق يظهر خفة العقل والإستخفاف وسهولة حكم فرد لملايين الناس..
لذلك يعمل الطغاة على نشر الرذائل وتشجيعها من تعر وتبرج ودعارة وزنى مقنن.. فلا عقوبة للزنى بل يتم بالتراضي!! وكذلك نشر اغانى للفجور والافلام التي تزين الباطل.. ويجعلون كبار الفسقة نجوما يَقْتَدَى بهم الأطفال والشباب والبنات
ولايوجد توقيع أية عقوبة على المنكرات والفسق، بل ويتم تجريف العقيدة واستبدالها بما يخدم الطغاة.. ويطبقون بروتوكولات حكماء صهيون، فغالب الحكام اليوم هم من الطابور الخامس للإستعمار، وذلك كله لتسهيل إفساد الجماهير وفسقهم كى يمتزج مع القهر ويتولد الإستخفاف ويسهل قيادة الجماهير ، لذلك اهتم القرآن والسنة بانكار المنكر
(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ ۗ)
لأن التوجه للطغاة فقط بدون اهتمام بحركة اصلاحية دعوية للجماهير الفاسقة سيجعلها عدو متربص بك طوال الوقت، كما تفعل حالة الأحزاب الإسلامية، التى كانت بدايتها لمنازلة الطغاة ولكن الطغاة ركبوها للأسف وحققوا أغراضهم بواسطتها!!
كما أن التوجه للجماهير بالإصلاح والدعوة بدون التوجه للطغاة، يستنفر هؤلاء الطغاة لمحاربتك بشدة والقضاء على جهدك مهما فعلت، كما يفعل كثير من الشيوخ والدعاة والجماعات الإسلامية الذين يبذلون جهداً كبيراً فى الدعوة الإصلاحية التى يخربها الطغاة بكل مايملكونه من أدوات وقدرات إعلامية وإن فشلوا سجنوا الدعاة.. وهكذا تستمر دائرة لاتتوقف منذ سقوط حكم الإسلام من بلاد المسلمين!
لذلك تقع كثير من الحالات الإسلامية فى خلل بين هاتين النقطتين المهمتين، فتكون النتائج مخيبة للآمال.
ولذلك فإن التوازن مهم، فلا إرضاء للجماهير على حساب الشريعة.. ولا إرضاء للطغاة على حساب الشريعة.
والله هو الحافظ وله نتعبد بمجهودنا، ويبقى أنه مهما فعلت الحالة الإسلامية فى الوصول للحكم بدون دعوة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وقوة تحمى حكم (المشروع الإسلامى) وتحمى الدعوة، فهي ستكون مثل طواحين الهواء.. ومن يفعلون ذلك إما جهلة أو فيهم “اختراق عقيدى وفكرى” أو سفهاء يجب الحجر عليهم، أو مجتهدين مخلصين اخطأوا ، لكن علينا ان نتعلم من تجاربنا.. الواقع بلاشك صعب جداً جداً ، لكن توضيح الحقائق مهم، ويكفى تجارب فاشلة ضيعت جهوداََ دعوية وأعماراََ وأموالاََ وأرواحاََ، وكلها صبت فى النهاية فى مصلحة الطغاة لا مصلحة الدعوة.. فاتقوا الله ما استطعتم.
ممدوح اسماعيل
محامي ونائب برلماني مصري فى برلمان الثورة 2012
أحد أبرز وجوه التيار الاسلامي في مصر
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
المقالات الواردة فى باب الرأي تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن الموقع وسياساته التحريرية