في تحرك نادر، علم موقع ( الشادوف ) أن 7 مقررين خواص للأمم المتحدة أرسلوا في شهر يوليو الماضي مذكرة أممية للسلطات المصرية أعربوا خلالها عن قلقهم بشأن الإعدام الوشيك الذي ورد عن 12 فردًا في قضية “فض رابعة” الشهيرة، عقب محاكمة جماعية وصفوها بأنها أخفقت في الوفاء بمعايير المحاكمة العادلة، كما شابتها مزاعم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللا إنسانية أو المهينة والاحتجاز التعسفي.
وطالب المقررون الأمميون السلطات المصرية بوقف الأمر بإعدام الأشخاص الـ 12 المعنيين؛ نظرًا لطبيعة تنفيذ عقوبة الإعدام التي لا رجعة فيها، واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمعالجة أي ادعاء يتعلق بالاختفاء القسري والتعذيب والاحتجاز التعسفي وانتهاك المحاكمة العادلة وضمانات الإجراءات القانونية الواجبة التي ربما عانوا منها؛ والتأكد على الأقل، من إعادة محاكمتهم مع الامتثال الكامل للقانون الدولي.
ودق الخبراء الأمميون ناقوس الخطر بشأن ما يبدو أنه تزايد سريع في عدد تنفيذ أحكام الإعدام في مصر، مكررين دعوتهم للسلطات المصرية للنظر في وضع تعليق رسمي لعمليات الإعدام المعلقة، وأحكام الإعدام المستقبلية؛ بهدف ضمان أن حالات عقوبة الإعدام تتم مراجعتها بشكل صحيح.
من ناحيتها، طالبت البعثة المصرية الدائمة في المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف بسويسرا مهلة حتى 15 أكتوبر القادم، للرد على المذكرة الأممية دون تقديم أي تفنيد موضوعي على الوقائع المذكورة في مذكرة المقررين الخواص.
تجدر الإشارة الى أن المقرر الخاص للأمم المتحدة هو ذلك الخبير المستقل المختص في ميدان من الميادين التي تعنى بها منظمة الأمم المتحدة والتي تكون لها علاقة بحقوق الانسان والحريات الأساسية، ويتم اختيار المقرر الخاص من بين شخصيات متخصصة ومعروفة بكفاءتها ونزاهتها واستقلالها.
ويُعهد للمقرر الخاص بتفويض من محلس الأمم المتحدة لمدة زمنية محددة، للقيام بمهمة محددة تتمثل بالأساس في البحث في وضع يهم بلدا معينا أو موضوعا يهم مجالا محددا من مجالات حقوق الانسان في العالم، ويعتبر منصب المقرر الخاص للامم المتحدة منصبا شرفيا، ولا يمكن اعتباره موظفا لدى المنظمة الدولية أو أجيرا لديها.
ويتمتع المقرر الخاص باستقلالية واسعة، فلا يخضع لسلطات حكومته ولا يتلقى منها الأوامر والتعليمات، وهو لا يمثلها بل يمثل المنظمة الأممية طيلة فترة التفويض .
ووفقا لمنظمة ( لجنة من أجل عدالة- كوميتي فور جستيس ) الحقوقية التي تتخذ من جنيف مقرا لها، فإن التهم ، التي استندت إليها أحكام المحكمة المصرية التي أصدرت حكما بالاعدام ضد 12 شخصا، فضفاضة وغامضة واستندت فقط إلى مزاعم ضباط الأمن الوطني المصري. كما أن الأحكام الجماعية لا تتوافق مع مبدأ المسؤولية الجنائية الفردية. علاوة على ذلك ، تجاهل الحكم احتمال الاعتقالات التعسفية ذات الدوافع السياسية.
وتمت إدانة جميع المتهمين الذين تم اعتقالهم وفقًا لهذه القضية دون أي استثناء ، بمن فيهم الصحفيون أثناء العمل ولم تأخذ محكمة النقض ذلك بعين الاعتبار عند استئناف الحكم.
علاوة على ذلك ، كشف محامو المتهمين فى القضية النقاب عن عدم حصول جميع المتهمين على تمثيل قانوني خلال معظم جلسات المحاكمة. وحُرم المحامون من حقوقهم في تقديم دفاع قانوني ، والإدلاء بأقوالهم ، واستجواب الشهود ، وأخذ الوقت الكافي لتقديم المرافعات الشفوية.
كما لم يُسمح للمدعى عليهم لشهور أو سنوات برؤية أو زيارة عائلاتهم ومقابلة محاميهم أو الاتصال بهم ، حيث لم يُسمح لمحاميهم بزيارتهم في السجن.
كما لم يتم اتهام أو محاكمة أي من أفراد الأمن على الرغم من الروايات ومقاطع الفيديو التي تظهر بوضوح إطلاق النار على مدنيين عزل من قبل القناصة. حتى أن قوات الأمن اتهمت المتظاهرين بقتل بعض المتظاهرين الآخرين أثناء الفض.
وكشفت مصادر دبلوماسية فى المقر الأوروبي للأمم المتحدة بجنيف أن المقررين الخواص أكدوا في مذكرة أممية أرسلت للسلطات المصرية في 16 يوليو 2021، أنه في 14 يونيو 2021، أيدت محكمة النقض المصرية الإدانات وأحكام الإعدام بحق 12 رجلاً في القضية المتعلقة بالفض، في 14 أغسطس 2013، من قبل قوات الأمن باعتصام في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة احتجاجًا على الإطاحة بالرئيس السابق، محمد مرسي، حيث قتل ما لا يقل عن 900 شخص.
وأشارت المذكرة الى أن الأشخاص الـ 12 الذين يُزعم أنهم معرضون لخطر الإعدام الوشيك هم:
1) عبد الرحمن عبد الحميد البر.. من مواليد 1963، وعضو مجلس الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين.
2) محمد إبراهيم البلتاجي.. من مواليد 1963، وعضو سابق في البرلمان عن حزب الحرية والعدالة.
3) صفوت محمد حمودة حجازي.. مواليد 1963، وداعية إسلامي.
4) أسامة ياسين.. من مواليد 1964، ووزير الشباب والرياضة الأسبق في عهد الرئيس الأسبق مرسي.
5) أحمد محمد عارف.. مواليد 1985، طبيب أسنان ومتحدث رسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين.
6) إيهاب وجدي محمد.. مواليد 1983، مهندس حاسب آلي.
7) محمد عبد الحي حسين الفرماوي.. وولد 1980، محاسب.
8) مصطفى عبد الحي حسين الفرماوي.. وولد 1990، مهندس كمبيوتر.
9) أحمد فاروق كامل.. مواليد 1948، محام.
10) هيثم السيد العربي.. وولد 1985، مقاول.
11) محمد علي زناتي.. من مواليد 1963، والأمين العام السابق لحزب الحرية والعدالة بالقاهرة الجديدة.
12) عبد العظيم إبراهيم عطية.. وولد 1975، طبيب بشري.
وذكر الخبراء أن المحكمة المذكورة لم تستوف الإجراءات القضائية ومعايير الإجراءات القانونية والمحاكمة العادلة، لا سيما فيما يتعلق بالحق في الوقت والتسهيلات لإعداد الدفاع والاتصال بمحام من اختيار المتهم والحق في أن يحاكم أمام محكمة مختصة ومحايدة ومستقلة؛ والحق في استجواب الشهود، والحق في المراجعة القضائية.
كذلك لفت الخبراء إلى تقاعس المحاكمة عن التحقيق في مزاعم المتهمين بالاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة.
وقال الخبراء في مذكرتهم إنه “لم تكن الأحكام مدفوعة بالدوافع الكافية، والقاضي الذي ترأس المحاكمة الأولية عبر علنًا عن انتقاده لاعتصام رابعة العدوية ولأعضاء وأنصار الإخوان المسلمين، بينما كانت المحاكمة لا تزال جارية، وفي حكم متعلق بها لحالة أخرى، كما كان ستة من أصل 12 رجلاً حُكم عليهم بالإعدام في حجز الشرطة أو الأمن في يوليو / تموز 2013، وبالتالي لا يمكن أن يكونوا متورطين في التفريق العنيف لساحة رابعة العدوية، الذي حدث في أغسطس/آب”.
وحول ظروف الاعتقال التعسفي، قال الخبراء إن الرجال الاثني عشر احتجزوا في ظروف قد ترقى إلى حد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، فخمسة منهم محتجزون في سجن طرة 1 (المعروف أيضًا باسم سجن العقرب)، ومُنعوا من الزيارات العائلية واحتُجزوا في الحبس الانفرادي منذ القبض عليهم.
واشتكى سجناء آخرون من عدم حصولهم على الهواء النقي أو أشعة الشمس أو الوقت خارج زنزاناتهم أو عدم وصولهم بشكل كافٍ، ورفضت سلطات السجن تزويدهم بالضروريات الأساسية بما في ذلك ما يكفي من الطعام والملابس والمواد اللازمة للنظافة الشخصية، حتى عندما كان السجناء يتحملون التكاليف أو عائلاتهم.
وكانت منظمة ( لجنة من أجل العدالة- كوميتي فور جستيس ) ومقرها جنيف في سويسرا، تقدمت يوم 23 يونيو من العام 2021 الجاري بشكاوى للمقررين الخواص للأمم المتحدة طالبت فيها باتخاذ إجراء والتدخل العاجل لدى الحكومة المصرية لوقف تنفيذ حكم الاعدام بحق المدعي عليهم الـ 12. وإعادة المحاكمة مع احترام معايير المحاكمة العادلة الدولية، وفتح تحقيق فوري جاد وشفاف في الانتهاكات التي ارتكبتها السلطات المصرية.
وأشارت كوميتي فور جستس في تلك الشكاوى إلى أن المتهمين تعرضوا للعديد من انتهاكات الحق في المحاكمة العادلة.
وقد وصف المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة الأحكام بأنها “إجهاض جسيم ولا رجعة فيه للعدالة”، وأعقب هذا البيان بفترة وجيزة دعوة خبراء الأمم المتحدة لمجلس حقوق الإنسان في 17 سبتمبر 2018 لـ “الاستجابة بشكل عاجل” لنقض الاحكام “المروعة” في هذه القضية.
وأكد الخبراء على تصاعد تنفيذ أحكام الإعدام في مصر منذ عام 2020، حيث تم إعدام ما لا يقل عن 107 أشخاص، وحتى الآن منذ بداية عام 2021، تم تنفيذ 58 حكمًا بالإعدام، ما يجعل مصر ثالث أكبر منفذين للإعدام على مستوى العالم.
وأبدى الخبراء قلقهم من أنه إذا تم تأكيد تلك الوقائع الواردة فسوف ترقى إلى مستوى انتهاك الحق في الحياة، كما قد تنتهك عمليات الإعدام الـ 12 هذه الحظر المطلق للاختفاء القسري، على النحو المنصوص عليه في إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري؛ والحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة المنصوص عليه في المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث لا تكاد المحاكمة الجماعية تفي بالمعايير الدنيا المطلوبة لمحاكمة عادلة، بالنظر إلى أنها ستجعل من المستحيل ضمان تحديد فردي للمسؤولية عن الأفعال قيد المحاكمة؛ وهو مبدأ أساسي من مبادئ حقوق الإنسان الدولية والقانون الجنائي.
كما شدد الخبراء على أن فرض عقوبة الإعدام، وتنفيذها، عند انتهاء محاكمة لم تُحترم فيها جميع الضمانات الصارمة للإجراءات القانونية الواجبة ومعايير المحاكمة العادلة، يشكل قتلًا تعسفيًا، وهو محظور بموجب القانون الدولي، مؤكدين أنه عندما تُنفَّذ عمليات الإعدام التعسفي على نطاق واسع وبطريقة منهجية، فقد يرقى ذلك إلى مرتبة (الجرائم ضد الإنسانية)؛ وقد تنطوي على مسؤولية جنائية عالمية لأي مسؤول متورط في مثل هذه الأفعال.
المصدر: الشادوف