عرض رجل أعمال سوري قال إنه مقيم في تركيا، مبلغ 10 ملايين جنيه مصري لعائلة الطالبة القتيلة بمدينة المنصورة المصرية (نيرة أشرف)، مقابل العفو عن قاتلها وزميلها بالجامعة الطالب محمد عادل.
يأتي ذلك فيما قضت محكمة جنايات المنصورة شمالي مصر بجلستها المنعقدة،اليوم الأربعاء، بالإعدام شنقا لمحمد عادل قاتل الطالبة نيرة أشرف أمام جامعة المنصورة. ويأتي ذلك بعد إحالة أوراقه للمفتي بجلسة الأسبوع الماضي وأخذ الرأي الشرعي لفضيلة مفتي الجمهورية.
يشار إلى أنه وحسب القوانين المصرية، فإن الحكم بالإعدام بحق المتهم الذي صدر الأربعاء لم يصبح نهائيا بعد. ويحق للمتهم قانونا التقديم بطعن بالنقض على الحكم خلال شهرين من صدور الحكم، عبر محام متخصص في القضايا الجنائية، وبعد هذه المهلة تتداول أوراق الطعن في محكمة النقض، التي ستتولى الفصل في الطعن، ولها أن تقرر إعادة محاكمة المتهم إذا ما رأت مبررا قانونيا أو أن ترفض الطعن وتؤيد الحكم.
كما يُلزم قانون الإجراءات الجنائية المصرية النيابة العامة، ورغم أنها هي من طالبت المحكمة بإعدام المتهم، بالتقدم بطعن بالنقض على الحكم بالإعدام، كضمانة أقرها المشرع المصري للمحكوم عليه بالإعدام.
من ناحيته، وفي أول رد فعل بعد صدور حكم محكمة جنايات المنصورة، أعلن أشرف غريب، والد الطالبة المصرية نيرة أشرف، التي لقيت مصرعها مؤخرا طعنا أمام أبواب جامعة المنصورة على يد زميلها محمد عادل، تقبل العزاء في ابنته.
وجاء إعلان والد نيرة بتقبل العزاء بعد أن أصدرت محكمة جنايات المنصورة بمحافظة الدقهلية، اليوم الأربعاء، حكمها بالإعدام شنقا للمتهم، عقب ورود رأي فضيلة مفتي الجمهورية بشأن إعدامه ”رأي غير ملزم للمحكمة“.
وقال والد نيرة في تصريحات صحفية عقب النطق بالحكم، اليوم، إن حق ابنته عاد إليه بفضل الله قائلا ”الحمد لله هنقدر ناخد نفسنا، وهناخد العزاء غدا إن شاء الله“.
وأثار حادث نيرة أشرف، موجة من الجدل والغضب في مصر على مدار الأسابيع الماضية، سواء بطريقة قتلها وأسبابه، أو بدء حديث البعض عن جمع مبلغ مالي لتقديمه على سبيل الدية لأسرتها، وتداول نشطاء على نحو واسع، مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، للسوري الذي اكتفى بتعريف نفسه بأنه ”سوري مقيم في تركيا“، والذي أظهر تعاطفه مع القاتل، قائلا إن نيرة ضحية، وكذلك محمد عادل هو ضحية فهو إنسان طيب وقع في الخطأ وكثيرا ما يقع الأشخاص في الخطأ، فقد خسرنا نيرة، فلا تدعونا نخسر أيضا محمد.
وأظهر السوري، الذي لم يتسن لـ“إرم نيوز“ التعرف على هويته أو حقيقة إن كان بالفعل مقيما في تركيا ويملك ملاءة مالية تخوله لتقديم العرض، متعاطفا مع القاتل، متبنيا وجهة النظر التي تضع محمد عادل ضحية بسبب ظروف اجتماعية واقتصادية أو حتى عاطفية، فرضت عليه ارتكاب جريمته التي هزت الشارع المصري، لا بل حتى العربي.
وقال السوري الذي قال إنه مقيم في تركيا في مقطع الفيديو المتداول، ”رسالتي لأبي (والد) نيرة وأم نيرة، بنتكن ماتت رحمة الله عليها، والله يجعل مثواها ومأواها الجنة، وبالنسبة لمحمد ارتكب خطأ كثير كبير، والصلح سيد الأحكام.. وياما ناس أتلو (قتلوا) وبعدين أهل المقتول عفو عنن بآخر لحظة، العفو سيد الاحكام، العفو عند المقدرة، وبتستطيعوا تعذروا الإنسان انتو والعالم إلي حواليكم وبعدين تعفو عنه وهاد شي كبير عند رب العالمين وأنا بوجه لكم رسالة من تركيا، وانا أد كلامي، إذا بتريدوا فدية لمحمد بدفعلكم عشرة مليون جنيه وأنا أد كلامي، وياريت تراسلوني على الخاص، منشان ما يموت محمد، ماتت نيرة إزعلنا عليها كتير، ما بدنا يموت محمد .. محمد إنسان مجتهد بالحياة، وإنسان فقير وإنسان طيب، أخطأ، مين فينا ما بيخطئ، مين منا ما بيغلط، بس الرجل طيب من الطيبين، وارتكب خطأ كبير، أنا ضد القتل، بس لازم نلاقي حل لها المصيبة، ما بدنا نخسر اتنين، حسبنا الله ونعم الوكيل، إذا موافقين راسلوني على الخاص، انا جاهز أد كلامي“.
جلسة النطق بالحكم
جاء ذلك فيما تعقد اليوم الأربعاء، جلسة النطق بالحكم على محمد عادل قاتل طالبة المنصورة نيرة أشرف، وذلك بعد أن أبدى مفتي الديار المصرية رأيه في تنفيذ حكم الإعدام بعد إحالة أوراق القضية له قبل أيام.
وتحظى القضية باهتمام واسع من الرأي العام العربي، الذي تعاطف مع الطالبة المصرية التي ذبحت على يد زميلها بالجامعة على مرأى ومسمع من المارة بالشارع، حيث ينتظر الجميع بشغف معرفة الحكم، الذي غالبا ما سيؤيد قرار الإعدام.
ومما زاد من اهتمام الجمهور بالقضية هو ظهور متعاطفين مع محمد عادل، الذين رأو أنه ضحية وليس جانيا، لتخرج العديد من الدعوات التي تطالب بالتبرع لجمع مبلغ ”الدية“ لدفعه لأسرة نيرة أشرف لإنقاذه من الإعدام، وسط استنكار واسع من شخصيات عامة وفنانين.
ولم ينته الأمر عند حملة التعاطف، بل جاء إعلان المحامي المصري الشهير فريد الديب بموافقته لتولي زمام القضية والدفاع عن محمد عادل لتصعد القضية على قمة اهتمامات الرأي العام من جديد، خاصة وأن ”الديب“ يعد واحدا من أهم المحامين في مصر، وقد تولى العديد من القضايا الذي حصل فيها على أحكام لصالحه، ولعل أبرزها القضايا التي ترافع فيها مدافعا عن الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، وحصل على حكم البراءة في معظمها.
و بعد ساعات من انتشار خبر موافقته على الدفاع عن محمد عادل قاتل طالبة المنصورة نيرة أشرف، أثار ”الديب“ شكوكا حول تراجع محتمل. وخلال اتصال هاتفي مع إرم نيوز، الثلاثاء، رفض الديب تأكيد الأنباء عن موافقته على الترافع لصالح الطالب محمد عادل، مكتفيا بالقول: ”حين يصدر الحكم يكون لنا كلام“.
وردا على سؤال حول صحة ما نقلته عنه وسائل الإعلام المصرية، الإثنين، كرر الديب: ”حين يصدر الحكم يكون لنا كلام“، دون مزيد من التفاصيل، ليثير حالة واسعة من الجدل، وما زاد الأمر غموضا هو ما صرح به المحامي الشهير عن أن من طالبه بالدفاع عن القاتل هم مصريون مقيمون بالخارج، ليطرح سؤالا عريضا، من هم الذين سيدفعون أتعاب فريد الديب من أجل إنقاذ قاتل من حكم الإعدام؟
رأي القاضي يفسد حكمه
وبعد إعلان تولي فريد الديب زمام القضية، أصبح الجمهور يتساءل، ما هي الخطوات القانونية التي ستتبع حكم اليوم، في حالة تصديق قرار المحكمة بالإعدام.
يعتبر حكم المحكمة الذي سيصدر اليوم هو حكم أول درجة، حيث يتبقى للمتهم درجة تقاضي وهي الطعن على الحكم، وهو ما يعوّل عليه فريد الديب لتخفيف حكم الإعدام، وبحسب القانون المصري يحق للمتهم الطعن على الحكم أمام محكمة النقض وهي أكبر محكمة مصرية خلال 60 يوما من النطق بالحكم.
وبعد تقديم الطعن تنظر محكمة النقض وقف تنفيذ الحكم ويتحدد جلسة لنظر موضوع الطعن الخاص بالقضية كاملة من جديد إما يحكم بحكم جديد أو بتأييد الحكم السابق، لأن القانون في تعديله الأخير أتاح لمحكمة النقض النظر في موضوع القضية وجعلها غير مضطرة لإعادة نظر المحاكمة في دائرة مغايرة لتلك التي أصدرت حكمها السابق، بحسب حقوقيين.
وإن رأت محكمة النقض أن الحكم يشوبه عيب من عيوب البطلان توقف التنفيذ وتنظر الدعوى أمامها ويفصل فيها بتخفيف الحكم أو إلغائه، ويكون في جناية القتل تخفيف العقوبة للحكم المؤبد أو المشدد، وهذا ما ينتظره الديب في القضية، حيث أشار أنه يستند إلى الخطبة التي ألقاها القاضي قبل النطق بالحكم، وهذا يعد ”إبداء رأيه الشخصي“ قبل الحكم مما يخالف القانون، على حد قوله.
وفي حال إذا رأت محكمة النقض أن حيثيات الحكم واضحة ومستندة على أدلة سليمة، ترفض الطعن وتؤيد حكم الإعدام، وبالتالي يكون الحكم قطعيا.
المصدر: الشادوف+إرم نيوز