كشفت مصادر مقربة من أسرة رجل الأعمال نجيب ساويرس أن شقيقه الأصغر سميح ساويرس، وهو الممول الرئيس لمهرجان الجونة السينمائي الدولي، غادر مصر منذ فترة للإقامة في سويسرا بصفة دائمة، من دون أن يعلن أسباب إقدام الشقيق الأصغر لنجيب ساويرس على الهروب من مصر في هذا الوقت بالتحديد.
وقالت المصادر إن “الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة التي تعيشها مصر، بسبب شح العملة الأجنبية، أقلقت الكثير من رجال الأعمال المصريين، ولا سيما أن الدولة أصبحت تجبر رجال الأعمال على دفع أموال لسد العجز”.
ورجحت المصادر أن الملياردير سميح ساويرس، “ربما فضل الابتعاد في الفترة الحالية عن الأنظار وعن الساحة المصرية، خشية أن يتعرض لأي نوع من أنواع الابتزاز من قبل أجهزة الدولة المصرية لدفع أموال دون مقابل وربما الإقدام على خطوة غير مسبوقة بمصادرة أمواله ووضعه في السجن مثل رجال أعمال آخرين”.
وقالت المصادر إنه “في ظل هذه الظروف الصعبة، والتوتر الذي أصاب الجميع، بما فيهم رجال الدولة من السياسيين وأيضا رجال الأعمال، أصبحت إقامة مهرجان الجونة السينمائي الدولي مغامرة محفوفة بالمخاطر، وخصوصاً أن المهرجان عادة ما يلفت الأنظار ويثير حوله جدلاً في ما يتعلق بكلفة تنظيمه الباهظة”.
وأشارت المصادر إلى “الجدل الذي أثاره حفل زفاف المتحدث السابق باسم وزارة الصحة المصرية خالد مجاهد، والذي حضره نجيب ساويرس، بسبب ما قيل إنها مبالغة في تكاليف الحفل”.
وأوضحت أن “التغطية الإعلامية اللافتة من وسائل الإعلام التي يتبع معظمها لأجهزة الدولة، والتساؤلات التي طرحها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حول مصدر أموال الحفل، من شأنها أن تثير مخاوف أصحاب رؤوس الأموال من الظهور في الفترة الحالية، لا سيما مع تصاعد الحديث حول مصادرة الأموال”.
مضايقات أمنية
في سياق آخر، قالت المصادر إن “المضايقات الأمنية التي تعرض لها المهرجان، خصوصاً في دورته السابقة، نتيجة أزمة فيلم “ريش” الذي اتهم بالإساءة إلى مصر، وتصريحات المخرجة والمنتجة الفلسطينية مي عودة في ختام الدورة، إذ هاجمت فيها الأنظمة العربية، أضافت سبباً آخر لأسباب قرار آل ساويرس بإلغاء المهرجان”.
وأوضحت أن “القائمين على المهرجان تعرضوا لضغوط من قبل النظام في الفترة الأخيرة، تشبه الابتزاز، من أجل إما الاستحواذ، أو الحصول على أموال مقابل الدعم لاستمرار المهرجان”، مضيفة أنه “جرى استغلال الأزمات التي سبق ذكرها وتعرض لها المهرجان، في ذلك الابتزاز”.
يتمتع آل ساويرس بعلاقات قوية مع النظام المصري، ولا سيما في المجال الاقتصادي، إذ إن شركة “أوراسكوم” للمقاولات المملوكة للأسرة، عادة ما تفوز بنصيب كبير من المشاريع الضخمة التي تنفذها الحكومة والقوات المسلحة، إلا أنه من وقت لآخر تظهر على السطح بعض المناوشات بين الطرفين.
وفي ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، فتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحديث مرة أخرى عن “مشاركة القطاع الخاص” في الاقتصاد القومي. كما خص بالذكر شركة “أوراسكوم”، المملوكة لنجيب ساويرس وعائلته، بعد نحو شهر من انتقاد الأخير تدخّل الجيش والدولة في الاقتصاد، مشيدًا، في الوقت ذاته، بـ”الدفعة التي تلقاها الاقتصاد المصري بسبب الإنفاق الحكومي على البنية التحتية، مثل الطرق الجديدة والعاصمة الجديدة”، مضيفًا أن “شركات القطاع الخاص هي التي تبني هذه المشاريع”.
ومن جهة أخرى، وبعيداً عن العلاقة ما بين آل ساويرس والنظام المصري، قالت المصادر إن “هنالك سببا آخر قد يكون ساهم في القرار الذي اتخذه الأخوان بوقف مهرجان الجونة، وهو أن المهرجان حقق المراد منه، وذلك بعد خمس سنوات ساهم خلالها بشكل كبير في الترويج لمدينة الجونة السياحية وتسويقها”.
وأوضحت أن “الترويج لمدينة الجونة، كان هدفاً رئيسياً للأخوين ساويرس عندما فكرا في تأسيس مهرجان الجونة السينمائي، وذلك ما حدث بالفعل”.
أنشأ مهرجان الجونة السينمائي عام 2017 نجيب ساويرس، بالتعاون مع الممثلة والمنتجة بشرى رزة، وصاحب شركة “آي إيفنتس” عمرو منسي، الذي أطيح به من إدارة المهرجان قبل عامين، ثم أعيد تعيينه هذا العام، والمنتج كمال زادة، بدعم من مؤسس مدينة الجونة سميح ساويرس، ودعم العديد من رعاة القطاع الخاص، وتحت رعاية وزارة الثقافة المصرية.
وقبل عامين، تنازل نجيب ساويرس عن المهرجان لشقيقه الأصغر سميح ساويرس، في إطار اتفاق بين الطرفين.
وكشفت مصادر من داخل المهرجان عن أن “عودة عمرو منسي، المقرب من الأجهزة، إلى إدارة المهرجان، كانت في إطار محاولة لفتح قنوات اتصال مع الدولة، وتوفير الحماية والدعم اللازم لإقامة الدورة الجديدة، ولكن الواقع أثبت أن وجود منسي كان هدفه بسط نفوذ أجهزة الدولة على المهرجان، وهي الصيغة التي لم يقبلها آل ساويرس، ولذلك فضلا عدم إقامة الدورة”.
وقالت المصادر إنه “بعد إسناد مهمة المدير التنفيذي لعمرو منسي، أصدر بعض القرارات الداخلية، وأعلن عن فتح باب التعيينات في وظائف داخل المهرجان، وأعد عقوداً لتنفيذ ذلك، واستمر الأمر كذلك حتى اللحظات الأخيرة، حيث أبلغت الإدارة الموظفين بالمهرجان بالتوقف عن العمل حتى إشعار آخر، وأن آخر راتب سيتقاضونه هو راتب شهر مايو/ أيار الماضي”.
مستقبل عائلة ساويرس في مصر
سنوات طويلة ولا تنقطع التساؤلات عن قصة استثمارات عائلة #ساويرس في مصر وشائعات خروجهم التي بدأت قبل ثورة يناير 2011 حينما قام الإخوة الثلاثة نجيب وسميح وناصف بتأسيس شركات خارج البلاد وبيع جزء كبير من استثماراتهم في مصر.
وقد تجددت هذه التساؤلات مع إعلان شركة #أوراسكوم للتنمية مصر التي يمتلكها سميح ساويرس عن بيع عدد كبير من أصولها بقيمة تجاوزت 1.24 مليار جنيه، ومن ضمن هذه الأصول فنادق والتي تعد النشاط الرئيسي للشركة، وذلك رغم تأكيدات إدارة الشركة أن التخارج يستهدف تخفيض مديونيات للبنوك.
الغريب أن التساؤلات حول خروج استثمارات آل ساويرس من مصر تأتي على الرغم من عدم وجود استثمارات كبيرة لهم في مصر، فهم يكادون يكونون قد تخارجوا بالفعل، فالمهندس #نجيب_ساويرس قام منذ سنوات وقبل ثورة 2011 بتأسيس شركة ويذرانفستمنت في إيطاليا، وكانت بمثابة شركة قابضة لأعماله، وبعدها وفي عام 2010 قام ببيع شركته أوراسكوم تليكوم إلى شركة فيمبيلكوم الروسية بعد المشاكل التي تعرض لها في الجزائر، وأبقى فقط على حصته في موبينيل والشركة الكورية وأنشطة الإنترنت، وفي 2012 باع غالبية أسهمه في موبينيل إلى شركة فرانس تليكوم، وفي 2015 باع باقي أسهمه في موبينيل إلى أورانج. ورغم أنه أسس شركة أوراسكوم للاتصالات والإعلام في مصر إلا أنها لا تمتلك الكثير من الاستثمارات داخل مصر.
ورغم مقابلة نجيب ساويرس لوزيرة الاستثمار سحر نصر عدة مرات وظهوره في إعلانات لتشجيع الاستثمار في مصر إلا أنه فعليا لم يضخ الكثير من الاستثمارات في مصر مؤخرا باستثناء قيامه بشراء بنك الاستثمار بلتون، في حين تتنوع استثماراته حاليا في كوريا الشمالية في مجال الاتصالات، وفي إفريقيا في مجال التعدين.
أما سميح ساويرس فقد نقل شركته إلى سويسرا عام 2008 ولتكون الشركة القابضة لجميع مشروعاته، في حين يوجد في مصر شركة أوراسكوم للفنادق والتي تم تغيير اسمها مؤخرا إلى أوراسكوم للتنمية مصر والتي تمتلك في مصر منتجع الجونة، إضافة إلى شركة أوراسكوم للإسكان التعاوني التي تمتلك مشروع هرم سيتي.
المصدر: الشادوف+العربي الجديد