علم موقع الشادوف أن المتهمين الذين أحالتهم النيابة العامة للمحاكمة الجنائية في قضية فساد وزارة الصحة الأربعاء الماضي هم: محمد عبد المجيد محمد حسين الأشهب، الزوج السابق للوزيرة هالة زايد، وأحمد سلامة، مدير مكتبها، الذي احتفل قبل فترة بالإفراج عنه ووزع “شوكولاته” في مكتبه بالوزارة، وهشام ذكي، مدير إدارة العلاج الحر، أما الرابع، فهو الشاب سيف محمد عبد المجيد محمد حسين الأشهب، ابن الوزيرة هالة زايد الذي شوهد في النيابة العامة خلال التحقيق معه.
وأوضحت مصادر مطلعة على مسار تلك القضية لصحيفة ( العربي الجديد ) أن النيابة العامة المصرية خرجت مساء الأربعاء، بما وصفته بـ (بيانٍ حصر القضية) الذي تم من خلاله تكييف الاتهام القانوني للمتهمين ( الذين لم يذكر الحصر أسماؤهم سواء بشكل صريح أو حتى بالحروف الأولي ) بكونه “استعمال نفوذ لإنهاء قرارات متعلقة بمستشفى خاص” !!
وبهذا التكييف القانوني بدا قرار النيابة العامة المصرية، وكأنه تغطية على أكبر قضية فساد في مصر خلال عام 2021، وهي قضية فساد وزارة الصحة، التي اختفت وزيرتها هالة زايد عن الأنظار بعدها.
وقال المصدر إنه “تم الاتفاق على مستويات عليا داخل الدولة المصرية، أن يتم إنهاء القضية عند هذا الحد، بسبب وجود أسماء شخصيات أخرى كبيرة (متورطة) في القضية”.
وأضاف المصدر أن “الوزيرة هالة زايد تحظى برضا دوائر مقربة من (الرئيس) عبد الفتاح السيسي، من بينها دائرة رئيس جهاز الاستخبارات العامة، اللواء عباس كامل، ومحمود السيسي، نجل عبد الفتاح السيسي، وما يتبعه هذا الجهاز من شخصيات عسكرية أخرى في قطاعات اقتصادية مختلفة ترتبط بأعمال مع وزارة الصحة، والتي تتلقى تمويلاً كبيراً من الموازنة العامة للدولة من جهة، ومن منظمات وهيئات دولية مانحة من جهة أخرى”.
وأوضح المصدر أنه “بناء على علاقات الوزيرة القوية داخل أخطر الأجهزة السيادية في الدولة، تم إغلاق القضية عند هذا الحد”.
الرقابة الإدارية تدخل على الخط
وعن أسباب فتح قضية فساد وزارة الصحة من الأساس، قال المصدر إن “طبيعة الأجهزة الأمنية والرقابية في مصر، يجري العمل بها في أحيان كثيرة، بشكل غير منسق، نتيجة تشابك الاختصاصات المنوطة بكل منها، فيبدو كل جهاز من الأجهزة الرئيسة، وكأنه يعمل في جزيرة منعزلة عن الجهاز الآخر، ولذلك دخلت الرقابة الإدارية على الخط، وشرعت في مراقبة الوزيرة والمسؤولين في الوزارة، حتى لحظة دخول رجالها (الرقابة الإدارية) إلى مكتب الوزيرة للقبض على بعض مساعديها”.
وأوضح المصدر أن جهاز الرقابة الإدارية “دخل في مرحلة سكون في الفترة الأخيرة، بعد إطاحة اللواء محمد عرفان (رئيس الجهاز السابق)، وقرار السيسي بتعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية لشؤون الحوكمة والبنية المعلوماتية، ولذلك يحاول مسؤولو الجهاز العودة إلى الصورة مرة أخرى، من خلال ضبط قضية كبرى كما حدث مع وزير الزراعة السابق (صلاح هلال)، وأنهم في سبيل ذلك لجأوا إلى جهاز آخر، ونسقوا معه ليسندهم في ذلك”.
وأضاف المصدر أن “مشهد القبض على وزير الزراعة كاد أن يتكرر مع الوزيرة هالة زايد، لولا تدخل الاستخبارات العامة في اللحظة الأخيرة”. وأشار المصدر إلى أن الأجهزة الأمنية الرئيسة في مصر تتمثل في أربع جهات هي: جهاز الاستخبارات العامة، الاستخبارات الحربية، جهاز الأمن الوطني، وهيئة الرقابة الإدارية.
مصير الوزيرة هالة زايد
وأضاف المصدر أنه “بناء على القوة التي تتمتع بها الوزيرة زايد وضمانها لأنها تعمل في إطار أكبر منها يضم شخصيات قوية جداً داخل النظام، صرخت الوزيرة في رجال الرقابة الإدارية عندما وجدتهم في مكتبها، وحدث ما حدث حينها عندما تم نقل الوزيرة إلى مستشفى وادي النيل التابع لجهاز الاستخبارات العامة في منطقة كوبري القبة”.
وقال المصدر إنه منذ ذلك الحين “تم الاتفاق على أن تبقى الوزيرة في منزلها، إلى حين إيجاد مخرج من المأزق الذي تسببت فيه هيئة الرقابة الإدارية، التي عملت من دون تنسيق مع الاستخبارات العامة”. ولفت المصدر إلى أن “هناك أحاديث تترد بقوة عن أن نجل الرئيس، يشرف الآن على أعمال هيئة الرقابة الإدارية بمساعدة فريق خاص”.
وأكد المصدر أن ما توصلت إليه الأجهزة الأمنية، هو أن “يتم تقديم كبش فداء بواسطة النيابة العامة، وإنهاء القضية بهذا الشكل نظراً لوجود أسماء عسكرية كبيرة، ونظراً لمطالبة الرأي العام بكشف تفاصيل القضية”. ولم يستبعد المصدر أن “تكون الخطوة المقبلة هي عودة الوزيرة هالة زايد إلى منصبها في الوزارة”، لكنه قال في الوقت ذاته إنها “مستبعدة في الوقت الحالي”، مرجحاً أن “يبقى الوضع كما هو عليه لفترة”.
وأمر النائب العام المصري حمادة الصاوي، الأربعاء، بإحالة أربعة متهمين في القضية المعروفة إعلامياً بـ”فساد وزارة الصحة” للمحاكمة الجنائية، من دون أن يتضمن الأمر أي أسماء.
وأعلنت النيابة العامة المصرية في بيان، أن المتهم الأول اتهم بطلبه لنفسه مبلغ 5 ملايين جنيه (318 ألف دولار)، وأخذه 600 ألف جنيه (38 ألف دولار) على سبيل الرشوة من مالكَيْ مستشفى خاص بوساطة متهمَيْنِ آخرَيْنِ، مقابل استعمال نفوذه للحصول من مسؤولين في وزارة الصحة على قرارات ومزايا متعلقة بعدم تنفيذ قرار غلق المستشفى لإدارتها بغير ترخيص، وإعداد تقرير مزور يُثبِت، على خلاف الحقيقة، عدم وجود أي مخالفات بها، وقد أُسند للمتهم الرابع ارتكابه ذلك التزوير.
وقال البيان إن النيابة العامة “أقامت الدليل بالدعوى من أقوال 13 شاهداً، من بينهم مالِكَا المستشفى اللذان أبلغا هيئة الرقابة الإدارية بواقعة الرشوة فور طلبها، وسايرا المرتشي بإذن من النيابة العامة حتى تمام ضبطه، فضلاً عن إقرارات المتهمَيْن الاثنيْن اللذين توسطا في الرشوة، وفحص هواتف المتهمين المحمولة المضبوطة وما ثبت فيها من مراسلات أكدت ارتكاب الواقعة”.
وجاء ذلك فضلاً عن “اطلاع النيابة العامة على جميع تقارير المعاينة الخاصة بالمستشفى، الصحيحة منها والمزورة، والاطلاع على مستندات بنكية تُثبت واقعة تقديم مبلغ الرشوة، علاوة على ما تأيَّد في ذلك من مشاهدة واستماع النيابة العامة لقاء ومحادثات أذنت بتسجيلها”، بحسب البيان.
وقال مصدر مطلع على التحقيقات إن “رجال الرقابة الإدارية، أقنعوا أصحاب المستشفى المتهمين بدفع رشى لمسؤولي وزارة الصحة، بأن يتحولوا إلى شاهد ملك في القضية ويشهدوا على المسؤولين في الوزارة، وهو ما حدث بالفعل”.
المصدر: الشادوف+العربي الجديد+مواقع التواصل