كشفت مصادر مصرية مطلعة على سير جلسات الحوار الفلسطيني التي تستضيفها القاهرة النقاب عن أسباب القرار المصري المفاجيء بتأجيل انطلاق جلسات الحوار المقرر لها أن تبدأ السبت، بدواعي إنشغال المصريين بأمور أخرى، فيما ردت حركة حماس بتصريحات استباقية من القاهرة وغزة !
وقالت المصادر في تصريحات لـ ” الشادوف” إن المسؤولين المصريين أرادوا الاتفاق على مباديء الحوار وتلخيصها فى نقاط رئيسية وفشلت الاجتماعات التمهيدية التي جرت بشكل منفصل بين وفدي حركتي حماس، وفتح في تحقيق التوافق، وهو ما وجد معه المسؤولون المصريون، صعوبة في الخروج باتفاق رسمي يمكن توقيعه بين قادة الفصائل عقب انتهاء الاجتماعات .
وبحسب المصادر نفسها، فإن الخلافات بين حركتي فتح، وحماس تركزت حول ملفي إعادة إعمار قطاع غزة، بعد تمسك السلطة الفلسطينية بضرورة مرور أموال إعادة التعمير من خلالها، بالإضافة إلى ملف الانتخابات المؤجلة حيث تمسكت حماس وباقي الفصائل بضرورة إجرائها، وتشكيل حكومة من خلالها وعدم الاكتفاء بمجرد تشكيل (حكومة وحدة وطنية) كمخرج للحوارات المرتقبة .
وكان وفد من حركة فتح بقيادة أمين سر اللجنة المركزية لحركة “فتح” جبريل الرجوب، توجه إلى العاصمة القاهرة الثلاثاء، لعقد لقاءات تمهيدية مع المسؤولين المصريين تسبق الحوار الرسمي بين الفصائل الفلسطينية. وضم وفد حركة “فتح” عضوا اللجنة المركزية أحمد حلس، وروحي فتوح، فيما كان من المقرر أن ينضم إليهم عضو مركزية “فتح” في دمشق سمير الرفاعي.
وسبق توجه الوفد الفتحاوي اشتراطه على الجانب المصري عدم دعوة ثلاثة فصائل مقاومة في قطاع غزة لحضور جلسات الحوار مع الفصائل الفلسطينية، وهي حركة الأحرار، وحركة المجاهدين، ولجان المقاومة الشعبية. وأن رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية ماجد فرج تحدث مع نظيره المصري اللواء عباس كامل، وأبلغه بموقف حركة “فتح” الرافض لدعوة هذه الفصائل، واستجاب كامل لطلب فرج بعدم دعوة الفصائل الثلاثة لتكون جزءا من حوار الفصائل الفلسطينية الشامل.
وقالت المصادر، إن استبعاد الفصائل الثلاثة ( الأحرار، المجاهدون ولجان المقاومة الشعبية) تسبب فى تبرم وضيق من جانب ممثلي حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، وساهم فى توتير الأجواء قبل بداية الجلسات التمهيدية للحوار.
وفيما لم يتم تحديد موعد جديد للاجتماعات التمهيدية للحوار الفلسطيني بالقاهرة، رجحت المصادر أن إعلان القاهرة عن انسحابها من الجلسات بذريعة إنشغالها بأمور أخرى، يأتي كنوع من الضغط المباشر من الوسيط المصري على ممثلي الفصائل الفلسطينية لتليين موقفهم من السلطة الفلسطينية التي تدعمها واشنطن، وإظهار اكتفاء القاهرة بالتعامل مع ملف صفقة الأسرى خلال الأيام القادمة مع وصول الوفد الأمني الإسرائيلي للقاهرة.
وفي تصريحات استباقية تنم عن تبرم حركة حماس من سير المفاوضات فى القاهرة وتوقعاتها بممارسة الوسيط المصري مزيدا من الضغوط على الفصائل الفلسطينية لحساب اسرائيل فيما يتعلق بملف الأسرى، أكد نائب رئيس حركة حماس في الخارج موسى أبو مرزوق، أن أي ضغوط على حماس في ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى لن تجدي نفعا، دون الكشف عن مصدر تلك الضغوط.
في تطور لافت تزامن مع إعلان تأجيل جلسات الحوار الوطني بالقاهرة، غرد موسى أبو مرزوق وهو أيضا عضو بالمكتب السياسي لحركة حماس، عبر حسابه الرسمي في تويتر، وهو متواجد مع وفد حماس بالقاهرة مساء الأربعاء للتأكيد على أن الضغوط أيا كان مصدرها لن تجدي نفعا، سواء كانت ضغوطًا من أجل إعادة الإعمار أو القضايا المعيشية لأهلنا في غزة، لأن موقف الحركة كان ولا يزال: الأسرى مقابل الأسرى، وأن قضية الأسرى على رأس الأولويات لدى قيادة حماس»
كما حرص أبو مرزوق أن تكون نفس تلك التصريحات باللغة الانجليزية حيث غرد على حسابه بنفس المعنى لكن باللغة الانجليزية، وهو ما اعتبرته المصادر التي تحدث معها مع ( الشادوف ) الإخباري باعتبارها رسالة لمن يهمه الأمر سواء في القاهرة أو من خارجها، وبما يؤكد أنها تصريحات استباقية تأتي قبيل وصول الوفد الأمني الاسرائيلي الى القاهرة لبدء مباحثات حول ملف الأسرى من الجانبين.
ومن داخل غزة، صدرت تصريحات من مشير المصري القيادي فى حركة حماس لتكشف جانبا جديدا من الضيق الحمساوي من مواقف السلطة الفلسطينية التي تساندها مصر عبر ضغوط تأجيل أو إلغاء جلسات الحوار الوطني الفلسطيني، حيث دعا المصري الأربعاء، إلى توحيد الموقف السياسي الفلسطيني، أسوة بـ “الموقف الموحد” للمقاومة في قطاع غزة خلال جولة التصعيد الأخيرة مع إسرائيل”.
وقال القيادي الحمساوي فى كلمة ألقاها خلال مهرجان جماهيري أقامته “حماس” في مدينة غزة، لتأبين شهداء العدوان الإسرائيلي الأخير، وحضره المئات، وتخلله استعراض لمُسلحين من “كتائب القسام”، الجناح العسكري للحركة، إن “النموذج الذي صنعته المقاومة بوحدة إدارة المشهد العسكري خلال معركة سيف القدس، يجب أن يحتذى به على صعيد وحدة الموقف الوطني والسياسي الفلسطيني”.
وفي لمحة جديدة تكشف عن تباين الرؤى بين حماس والفصائل الفلسطينية من جهة، والسلطة الفلسطينية ومصر من جهة أخرى، شدد مشير المصري على أن الخيار الذي يتعين أن يلتقي عليه الشعب الفلسطيني هو المقاومة، التي “أدارت المعركة بكل حكمة واقتدار، وفرضت معادلاتٍ جديدة على الاحتلال”.
وتابع: “أكدت المعركة الأخيرة أن مراكمة القوة والإعداد على مدار سنوات طويلة لم يكن للدفاع عن غزة لوحدها، بل إن المقاومة هي ملكٌ للشعب الفلسطيني، ودرعٌ لـ (مدينة) القدس المحتلة، وحصنٌ لقضيتنا الوطنية”.
وقبيل إعلان القاهرة عن تأجيل الحوار الفلسطيني الى أجل غير مسمى، كانت الفصائل الفلسطينية تعتزم عقد حواراتٍ في العاصمة المصرية القاهرة، مطلع الأسبوع المقبل( السبت والأحد على الأقل)، تلبية لدعوة رسمية مصرية؛ لبحث عدد من الملفات السياسية والميدانية في الساحة الفلسطينية.
ولم يُحدد سقف زمني للحوار، إلا أن مسؤولين بالفصائل قالوا إنه سييُختتم حينما ينتهي بحث الملفات المطروحة، في مدة تتراوح بين يومين إلى أربعة أيام. وسيضم الحوار، الأمناء العامّين للفصائل الفلسطينية، وأبرزها حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” و”حركة الجهاد الإسلامي” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”.
وكانت صحيفة “الأهرام” المصرية (حكومية)، قد قالت إن دعواتٍ وُجهت الأسبوع الجاري، للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية للاجتماع في القاهرة، برعاية (الرئيس المصري) عبد الفتاح السيسي، ونظيره الفلسطيني محمود عباس.
وأضافت أن الاجتماع سيناقش “الاتفاق على الخطوات اللازمة لإنهاء الانقسام، ووحدة الصف الفلسطيني، ووضع خارطة طريق للمرحلة المقبلة”. ويسود انقسام فلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة، منذ الأحداث الداخلية التي أفضت لسيطرة حركة “حماس” على غزة صيف 2007، بسبب خلافات ما تزال قائمة مع حركة “فتح”، بزعامة محمود عباس أبو مازن.
المصدر: الشادوف+وكالات