تشهد المدن والبلدات الفلسطينية داخل ما يسمى بالخط الأخضر تطورات غير مسبوقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي منذ تأسيس دولة الكيان فى 15 مايو من العام 1948، وهو ما دفع مراقبين لوصف تلك التطورات بأنها قلبت حسابات نتنياهو بدرجة ربما تفوق صواريخ فصائل المقاومة الفلسطينية فى عمق دولة الكيان وعاصمته تل أبيب.
وقد فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ليلة الثلاثاء/ الأربعاء “حالة طوارئ خاصة” في مدينة اللد، تشمل الإغلاق الشامل ومنع التجول، فيما نشرت الشرطة وقوات “حرس الحدود” في المدن المختلطة بين العرب واليهود.
وتصاعدت المواجهات بين الجانبين ( العرب واليهود ) فى مدن الداخل الفلسطيني ( مناطق 48 ) نتيجة الاعتداء على المواطنين العرب في أعقاب استشهاد شاب، الإثنين، برصاص متطرفين يهود في اللد، كما انطلقت مظاهرات حاشدة مساء الثلاثاء في سخنين وحيفا، والنّاصرة، ورهط، والطيرة، والطيبة، وأم الفحم، ودير الأسد، والبعنة، وطمرة، وعرعرة النقب، وباقة الغربية، ومجد الكروم، ويافا، وكفر قرع، وقلنسوة، وعرعرة، والمشهد وبلدات أخرى، احتجاجًا على اعتداءات الاحتلال الإسرائيليّ في القدس المحتلّة، وفي قطاع غزة المُحاصَر.
وشهدت المظاهرات مواجهات مع شرطة الاحتلال التي اعتقلت وتسبّبت في إصابة متظاهرين، بينهم إصابتان خطيرتان على الأقلّ.
وشهدت مدينة اللد، فجر الأربعاء، استشهاد شخص (في الأربعينات من عمره) وطفلته (7 سنوات)، جراء سقوط قذيفة صاروخية، أطلقت من قطاع غزة المحاصر، على منزل في قرية دهمش الواصلة بين مدينتي اللد والرملة.
وذكر موقع صحيفة هآرتس ذات الميول اليسارية أنه تم إضرام النيران في معبد يهودي و30 سيارة، فيما أصيب رجل يهودي يبلغ من العمر 56 عاما بجروح خطيرة بعد إلقاء الحجارة داخل سيارته. وأظهر مقطع فيديو متداول اشتعال النيران في مجموعة من السيارات.
وكان رئيس بلدية اللد، يائير ريفيفو، قد ذكر في بيان أنه طلب من نتانياهو إعلان حالة الطوارئ في المدينة ونشر الجيش وفرض حظر التجوال قائلا “هذا أكبر من أن تصل إليه الشرطة”.
وقال: “هذه حادثة عملاقة. انتفاضة عرب إسرائيل. كل العمل الذي قمنا به هنا لسنوات (حول التعايش) ذهب هباء”.
وكان مواطن إسرائيلي من أصل فلسطيني قد لقي مصرعه في اللد خلال أعمال شغب، ليل الاثنين، حيث تجمع نحو 200 متظاهر أمام مبنى المدينة وأحرقوا صناديق القمامة وألقوا الحجارة والقنابل النارية على الشرطة، وقام مواطنون يهود بمهاجمة جنازة الشاب فى المدينة وألقوا الحجارة والزجاجات الفارغة على المشاركين فى الجنازة عصر الثلاثاء، وهو مأسفر عن أعمال شغب واسعة النطاق فى مساء نفس اليوم.
من ناحيته، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إنه أمر بـ”التعامل بحزم وصرامة مع منتهكي القانون والنظام العام، وبنشر كثيف للقوات على الأرض من أجل إعادة السلم والنظام إلى اللد وجميع أنحاء البلاد في أسرع وقت ممكن”.
وقال موقع “تايمز أوف إسرائيل” إن قوات من حرس الحدود التي تعمل في (الضفة الغربية) ستتوجه إلى اللد وغيرها من البلدات المختلطة التي تشهد اضطرابات.
ووصلت قوة من وحدات “حرس الحدود” لأول مرة إلى المدينة وانتشرت بكثافة، بعدما وجه وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، الجيش، بتخصيص سرايا “حرس الحدود” لدعم الشرطة بذريعة “فرض الأمن في المدن المختلطة”.
كما وصل نتنياهو على عجل إلى مدينة اللد متجاهلا أزمة إطلاق الصواريخ على العاصمة تل أبيب وعسقلان، ودعا إلى “إعادة فرض حكم الدولة” على المدن المختلطة وذلك باستخدام ما وصفه بـ”القبضة الحديدية”، وقال إن “ما شاهدناه في المدينة يعبر عن الفوضى المطلقة، وعلينا استعادة السيطرة على المدينة”.
وطالب أهالي مدينة اللد بـ”البقاء في المنازل طالما يتطلب الوضع ذلك”. وأضاف “إذا لزم الأمر سنفرض حظرا للتجول في اللد ومناطق أخرى”.
وقال المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، يعقوب شبتاي، في تصريح لوسائل الإعلام الإسرائيلية رفض خلاله الإجابة عن الأسئلة، إن “الأوضاع التي نشهدها لم نشهد لها مثيل حتى في أكتوبر 2000 (في إشارة إلى الانتفاضة الفلسطينية الثانية)”.
ورفض شبتاي توضيح ماهية “حالة الطوارئ الخاصة” التي أعلنت عنها الشرطة في اللد، فيما قال لمندوبي وسائل الاعلام العبرية التي هرعت الى المدينة المنكوبة إنه نقل مكتبه إلى اللد لمتابعة التطورات الأمنية، في ما يُذكّر بفترة الحكم العسكري الذي فرضته السلطات الإسرائيلية على البلدات والمدن العربية في أعقاب النكبة عام 1948.
وعقدت المشاورات الأمنية بمشاركة وزير الأمن الداخلي، والمستشار القضائي للحكومة، والمستشار العسكري لرئيس الحكومة والمدير العام لمكتب رئيس الحكومة، والمفتش العام للشرطة الذي عمل في السابق قائدا لوحدات “حرس الحدود”.
يذكر أن المشاورات الأمنية عقدت وسط تصاعد التحريض في وسائل الإعلام الإسرائيلي على الاحتجاجات التي انطلقت في المدن والبلدات العربية عموما ومدينة اللد خصوصا، احتجاجا على الاعتداءات على الفلسطينيين في القدس والمصلين في المسجد الأقصى.
المصدر: الشادوف+إعلام عبري
.