شهدت الساعات القليلة الماضية انتقادات دولية متصاعدة للنظام المصري الحاكم، بما يشعل المزيد من التكهنات بين المراقبين بحدوث أزمة فى علاقات النظام المصري الخارجية، ويزيد فرص حدوث تغييرات داخلية في مصر، وفقا لمراقبين، خصوصا في ظل إنشغال واشنطن بملف إيران النووي ومشاكل تموضعها الاستراتيجي في مواجهة روسيا والصين عبر أوكرانيا.
ففي خلال الساعات الماضية، صدر تقرير برلماني إيطالي شاركت في إعداده كل الأحزاب الإيطالية المنتخبة والممثلة فى البرلمان اتهموا فيه بوضوح ” جهاز الأمن المصري” بقتل “ريجيني”، وفي سياق متصل، شن البرلماني الفرنسي”باستيان لاشو” هجوما حادا خلال جلسة البرلمان الفرنسي الجمعة منددا بمساعدة باريس للسيسي على قتل مدنيين بتمويل إماراتي وأكد أن ما حدث جريمة تستوجب العقاب.
كما أصدرت وزارة الخارجية الهولندية تقريرا بشأن تطورات الحالة السياسية والاقتصادية في مصر على مدى 8 سنوات، وقد تضمن توصيفا لما حدث في صيف عام 2013 حين أطاح الجيش بالرئيس المنتخب محمد مرسي.
وقالت الخارجية الهولندية على موقعها إن التقرير -الصادر بتاريخ 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي- يلقي الضوء على تلك التطورات ليكون مرجعا في تقييم طلبات اللجوء السياسي التي يقدمها مواطنون مصريون، وفي عملية اتخاذ القرار بشأن ترحيل من تُرفض طلباتهم. وأشار التقرير إلى أحداث عام 2013، وقال إن احتجاجات خرجت في أرجاء مصر رفضا “للانقلاب” في الثالث من يوليو/تموز من ذلك العام.
وأضاف أن قوات الجيش والشرطة أطلقت النار على المحتجين، وأن بيانات منظمة “هيومن رايتس ووتش” (Human Rights Watch) قالت إن 1150 محتجا قتلوا جراء فض اعتصامي رابعة والنهضة في القاهرة في وضح النهار يوم 14 أغسطس/آب من العام نفسه (2013 ).
وعلى صعيد آخر .. نشرت لجنة برلمانية إيطالية، الخميس ، تقريرها النهائي الذي شاركت فيها كل الأحزاب، ووجهت اتهاما مباشرا إلى أحد الأجهزة الأمنية المصرية الرسمية، بالمسؤولية عن خطف وتعذيب وقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة عام 2016.
وقال التقرير إن “المسؤولية تقع مباشرة على جهاز الأمن بجمهورية مصر العربية، لا سيما مسؤولي جهاز الأمن الوطني”، فيما لم تعلق السلطات المصرية على هذه الاتهامات.
واختفى ريجيني، طالب الدراسات العليا في جامعة كمبريدج البريطانية، في العاصمة المصرية، في كانون الثاني/ يناير من العام 2016، وعُثر على جثته بعد أسبوع تقريبا، وأظهر فحص الطب الشرعي أنه تعرض للتعذيب قبل موته.
وصدر التقرير النهائي للجنة الخاصة حول مقتل ريجيني بعد عامين من التحقيقات، فيما عُلقت المحاكمة الغيابية لأربعة ضباط شرطة مصريين متهمين بقتل الطالب إلى أجل غير مسمى فور افتتاحها في 14 تشرين الأول/ أكتوبر بروما، وهم اللواء طارق صابر والعقيدان آسر كامل محمد إبراهيم وحسام حلمي والرائد إبراهيم عبد العال شريف المتهم بتنفيذ عملية القتل.
ووجدت المحكمة أنه من المستحيل المقاضاة، لأنه بموجب القانون، يجب أن يكون الرجال الأربعة قد أُبلغوا رسميا بالإجراءات المتخذة ضدهم. ولطالما رفضت مصر كشف عناوينهم للقضاء الإيطالي، الأمر الذي لا يمكن أن يقدم دليلا على أن الضباط تهربوا طواعية من واجبهم بالمثول أمام القضاء.
وبحسب المحققين الإيطاليين، فإن عملاء الاستخبارات المصرية “عذبوا (الطالب) عدة أيام، بإحراقه وركله ولكمه، واستخدام السلاح الأبيض والعصي” قبل قتله. وهي فرضية رفضتها القاهرة بشدة.
وقد تعرف المحققون على خمسة مشتبه بهم في 2018، جميعهم أعضاء في أجهزة المخابرات. وترى النيابة العامة الإيطالية التي أغلقت ملف أحد المتهمين الخمسة، أن الطالب توفي نتيجة مشاكل في التنفس بسبب الضربات التي وجهها إليه شريف.
وعلى صعيد متصل، ندد برلماني فرنسي بمساعدة بلاده للنظام المصري بقيادة “عبد الفتاح السيسي”، على التجسس وقتل مدنيين بتمويل من الإمارات.
وقال “باستيان لاشو” النائب البرلماني عن حركة “فرنسا الأبية”: “السيد رئيس الوزراء، منذ أسبوع يتوالى الكشف عن تقديم فرنسا لمعلومات استخباراتية لنظام السيسي في مصر، والذي استخدمها للقيام بضربات جوية استهدفت مدنيين وذلك عن طريق عملية ممولة من قبل الإمارات”.
وأضاف: “كان الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته ووزيرة جيوشه على علم بذلك.. وقد قبلوا بهذه الجرائم من أجل بيع الأسلحة للنظام المصري الاستبدادي.. لقد أهانوا فرنسا وشوهوا كلمتها”.
ورداً على النائب البرلماني اليساري، قالت وزيرة الجيوش “فلورانس بارلي”: “مصر هي شريك لفرنسا في مجال الحرب ضد الإرهاب.. وفي السنوات الماضية كان تغلغل الجماعات الإرهابية في ليبيا مصدر قلق.. وفي إطار هذه العمليات ضد الإرهاب تم توفير وسائل استخباراتية”.
وكان موقع “ديسكلوز” الاستقصائي الفرنسي قد كشف قبل أيام أن فرنسا تقدم معلومات استخباراتية للسلطات المصرية، القاهرة تستخدمها لاستهداف مهربين عند الحدود المصرية-الليبية، وليس متشددين بخلاف ما هو متفق عليه، مستشهدا بـ”وثائق إلكترونية”.
وقبل أيام، اتهم القضاء الفرنسي، شركة متخصصة في بيع معدات التجسس، بالتواطؤ في أعمال تعذيب وإخفاء قسري بحق معارضين مصريين
وأكد مصدر قضائي، أن “نيكسا تكنولوجي” الفرنسية متهمة ببيع معدات مراقبة للنظام المصري كانت ستمكنه من تعقب معارضين، بحسب “أ ف ب”
ويتيح البرنامج المباع لمصر، والمسمى “سيريبرو”، إمكان تعقب الاتصالات الإلكترونية لهدف ما في الوقت الفعلي، من عنوان بريد إلكتروني أو رقم هاتف على سبيل المثال.
وأكد السياسي المصري المعارض ( أحمد حسن الشرقاوي) أن تراكم تلك الضغوط الأوروبية على النظام المصري يستهدف إما الاستمرار فى ابتزاز النظام بدفعه لتقديم رشاوي عبارة عن صفقات سلاح ضخمة لوقف تلك الضغوط ، وهو المسار الذي أثبت نجاحه فى صفقات حاملة المروحيات (ميسترال) والفرقاطات الحربية الايطالية التي اشترتها مصر وكذلك صفقات طائرات رافال الفرنسية والتي تجاوز عددها أكثر من 40 طائرة تكلفت مليارات الدولارات.
أما المسار الثاني الذي يمكن أن ينجم عن تلك الضغوط وفقا للشرقاوي، وهو أيضا رئيس الحزب الشعبي الديمقراطي المصري المعارض، فإن تلك الضغوط على النظام المصري يمكن أن تكون توطئة أو بداية لتحرك أمريكي -أوروبي أوسع لإجبار النظام المصري على تغيير نهجه فى مجال احترام حقوق الانسان، أو حتى التهديد بتغيير النظام عبر انقلاب على الانقلاب، حسب تعبيره.
وشدد الشرقاوي على ان انشغال الولايات المتحدة واسرائيل في التعامل مع الملف النووي الايراني وإعادة التموضع الاستراتيجي الأمريكي لمواجهة الصين وروسيا فى البلطيق ومناطق أخرى من العالم توفر فرصة كبيرة أمام المعارضة المصرية داخل وخارج مصر لاستمرار الضغط على النظام المصري ويزيد من فرص التغيير إذا حدث حراك داخلي في مصر.
واستضافت قناة ( الحكمدار ) على اليوتيوب الأستاذ أحمد حسن الشرقاوي وتحاور معه المقدم محمد صلاح سعد الضابط السابق فى الشرطة المصرية وأحد مؤسسي حركة ضباط شرطة ضد الانقلاب، حيث تناول الشرقاوي بالشرح رؤيته تجاه مستقبل النظام المصري فى ضوء تلك التطورات.
ويمكنك مشاهدة المقابلة كاملة هنا:
المصدر: الشادوف+وكالات+مواقع اخبارية