باختصار، وبدون تطويل، فإن الاجابة هي أننا نستدعى كل ذكريات النصر الماضية للهروب من الهزائم الحاضرة والمستقبل المجهول .. هذا المختصر.. واليكم شرح الفكرة.
اليوم السادس من اكتوبر ذكرى النصر، نعم نصر الجيش المصري على الاحتلال الصهيوني للأراضي المصرية، الجيش المصري الذي كانت عقيدته العسكرية تتمثل فى ( حماية الشعب وحراسة الوطن وقتال العدو)، وقد تغيرت عقيدته الآن بفعل كامب ديفيد وملحقاتها، وبفعل جنرالات الفساد والفشل والبزنس، لكنها عقيدة زائفة سرعان ما تزول بعد تصحيح الأوضاع .
أن يتنازل السيسي عن قيمه ووطنيته بزعم تجاوز الأمور الثابتة والمستقرة فهذا شأنه، لكن أن يحاول أن يجعل من تصرفه الأخرق نموذجا للتقدم والتعايش مع الآخر، فهذا يكذبه الواقع.. وصمود شعب مصر الذي رفض صهاينة اليهود، كما رفض صهاينة العرب، شعب مصر مهما قيل عنه خاصة من الغاضبين الساخطين هو نموذج للوطنية في موقفه من التطبيع والتركيع والترويض.
كثير من كلمات السيسي خاصة التي يتحدث فيها عن نفسه بنبغى أن تحذف من على موقع أو صفحة الرئاسة المصرية والأفضل الحذف مطلقا من على شبكة الانترنت، لأنها، وبكل أسف، لا تليق بمستوى الرئاسة ولا مستوى دولة مصر وشعبها، هكذا يفعلون في بعض الدول، لكن في مصر لو فكر أحد ممن حوله في هذا التصرف لتم حذفه هو من الحياة، لهذا يغوص السيسي في مستنقع الوحل وكلما تحرك للخروج ازداد سقوطا، لان السقوط ليس له قاع .
السيسي يكذب ويتحرى الكذب، السيسي يقول؛ أنه قرأ جميع المقالات لجميع الكتاب من كل الألوان وهو عنده 9 سنوات، بفرض أنه كان يجيد القراءة من عمر التاسعة، فعن أى ألوان أو أنواع الكتب والمقالات يتحدث، ولم يكن إلا لون واحد هو اللون الباهت للنظام الناصري الفاشل ؟!!
المتابع يجد أن السيسي لديه مشكلة في العمليات الحسابية الأساسية من الجمع والطرح والقسمة والضرب، وأيضا في بناء الجمل المفيدة بما يذكرنا بالفنان المصري الراحل يونس شلبي في بعض أدواره المسرحية.
بعض عمال الشركات الحكومية الذين أكملوا دراستهم وحصلوا على مؤهلات عليا كانوا يشعرون بالنقص ” حالة نفسية للبعض دون البعض ” فكانوا كلما تكلموا استدعوا أسماء الكتب والمؤلفين وبعض الأرقام والإحصاءات وأسماء الشخصيات بل كان يقول بعضهم أنه قرأ كتاب فلان ويذكر عدد صفحات الكتاب ودار النشر وتاريخ النشر، وكانوا دائما يقولون هذا تم منذ 50 عاما وهذا منذ 60 عاما وهكذا، كلما تكلم السيسي ذكرني بهذا البعض لكنهم لم يغتصبوا سلطة ولم يقتلوا شعبا ولم يسجنوا أحدا .
كل التقدير لهم فهم أبناء مصر ولا تقدير لسيسي مصر.
إنكار الأشياء حق لمن يفعل، لكنه لن يغير الحقائق ولا الأحداث وبشواهد منهم هم، السيسي ونظامه والقطعان التابعة لنظامه، ينكرون وجود الإخوان والتيار الإسلامي، لكنهم يستدعون ( فزاعة الإخوان ) والتيار الإسلامي في جميع المشاهد خاصة عندما يعلقون عليهم الإخفاق والفشل .
في ظلال حرب اكتوبر، نرى أن كل الدول وكذلك الأحزاب السياسية التي تخوض معارك كبرى أو تعيش أزمات مركبة تجري مراجعات وتقييمات لهذه الأحداث الجسام وتفتح الملفات المغلقة وتحاسب الشخصيات والمؤسسات المقصرة وتسجل الأخطاء والخطايا والايجابيات والسلبيات والفرص والتهديدات لتطوير الواقع وتكون رصيد للمستقبل، إلا أنظمة الحكم الفاشلة والفاسدة وكذلك الأحزاب والكيانات المتعثرة وغير الناضجة، لا تفعل، بل تحول نكساتها ونكباتها إلى انتصارات بعناوين وشعارات مختلفة.
هكذا فعلت مصر مع حرب اكتوبر ، المراجعات الكبرى حق للملايين من الشعوب وأعضاء الأحزاب والكيانات، وليست حقا ينفرد به نظام الحكم أو قيادات الحزب أو الكيانات، الذين يتعاملون مع الشعوب كما يتعاملون مع أعضاء أحزابهم أو تنظيماتهم، يجهلون أنفسهم كما يجهلون الشعوب، الشعوب لا تسمع ولا تطيع إلا لهواها وفقا لمن يحقق احتياجاتها، الشعوب لا تتبنى الأفكار ولا ترفضها لكنها تنحاز لمنظومات القيم الإنسانية العامة في نصرة الحق ضد الباطل والانحياز للضعيف ضد القوي ولو بإضعف الإيمان، الشعوب لا تتحرك بالريموت لكنها تتحرك عندما تريد هي أن تتحرك.
ما أحدثته ثورات الربيع العربي والثورات المضادة من شروخ وتصدعات في جدار الوطن ومؤسساته وفراغات وفجوات بين أبناء المجتمع وقطاعاته هي تداعيات طبيعية للثورات وهزاتها الارتدادية، حتى ما أصاب عقول ونفوس النخبة والشعب من حيرة وارتباك واشتباك، كل هذا حدث لغيرنا ويحدث لنا .
الأهم أن نتعلم من تجاربنا المؤلمة في التفكير والتدبير في العلاقات والتحالفات في إتخاذ القرارات وما يترتب عليها من مآلات.
الدكتور محمد عماد صابر
سياسي وبرلماني مصري
من نواب برلمان الثورة 2012
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الآراء الواردة فى المقال تعبر عن صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن موقع الشادوف أو تمثل سياساته التحريرية