في ظل التحذيرات المتواترة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وما سوف يترتب عليها من اندلاع موجة احتجاجات شعبية قد تعصف بنظام السيسي، فإن النظام يستبق الأحداث وفق آلية التعامل مع الأزمات المحتملة والمتوقعة.. في هذا السياق يتبع النظام كعادته “استراتيجية الخداع” لتجاوز الأزمات، وهذه الاستراتيجية ذات شقين:
الأول: سياسة “المسكنات”
والثاني: سياسة “كبش الفداء”
أما الشق الأول فقد شرع فيه السيسي تحت عنوان “دعوة للحوار”وهي لا تعدو أن تكون مناورة من السيسي وعصابته، ونوع من المسكنات والإلهاء للداخل، ومغازلة للخارج من أجل إطالة عمر النظام العسكري، في ظل التحذيرات من اندلاع موجة غضب شعبية جراء تردى الأوضاع الاقتصادية وارتفاع موجة الغلاء وزيادة الأسعار وزيادة التضخم وهبوط جديد لسعر الجنيه المصري.
مسكنات
دعوة السيسي للحوار هي دعوة كاذبة لأنه أغلق كل أبواب الحوار مسبقا، كما أن العسكر لايقبلون بمشاركة المدنيين لهم في السلطة بأي شكل من الأشكال، إذ يتعاملون مع الشعب على أساس أنه فاقد للوصاية وبمنطق الواصي عليه، وقد سبق وأن رفض السيسي كل دعاوى الحوار ولم يستجب لأى منها.. إن النظام العسكري بوجه عام لايعرف شيئا اسمه الحوار بالمعنى الحقيقي لأن العقيدة العسكرية ترتكز على تنفيذ الأوامر وليس مناقشتها.. اذن هي محاولة من سيسي لاحتواء الأوضاع وتفادي المخاطر التي قد تطيح بنظامه، والدليل على ذلك الإكثار من الحديث عن الإصلاحات الاقتصادية وغياب الحديث بشكل تام عن قضايا حرية الرأي والفكر والإصلاحات السياسية.. ثم مع من سيكون هذا الحوار المزعوم؟!، مما لا شك فيه ان حدث هذا العبث وتم، فسيكون حواراً يحاور فيه النظام نفسه، لأن المدعوين المحتملين له سيكونون من الموالين للنظام وأذرعه من النخب والكتاب والإعلاميين، وغيرهم من الراقصين على موائد النظام، وتحت إشراف الأجهزة الأمنية والمخابراتية!، لذلك فدعوة السيسي للحوار إن تمت فستكون أشبه بدعوة الطرش والعميان ولتضليل الشعب وحمل الناس على الرؤية السيساوية وما يريده السيسي ونظامه فقط من أجل تأسيس جمهورية الخراب.
كبش الفداء
الشق الثاني من استراتيجية الخداع هى سياسة كبش الفداء، ويقصد بها أن السيسي وعصابته سوف يحملون الحكومة الحالية مسؤولية تردى الأوضاع المعيشية وإعفاء السيسي الفاشل وعصابة الجنرالات من أي مسؤلية، وهي سياسة قديمة ومعروفة للعيان، علما أن الحكومة لاتملك من أمرها شيئا فهي مجرد مكتب تنفيذى صغير “سكرتارية للعسكر”لا أقل ولا أكثر.. وعليه فقد يلجأ السيسي إلى تعديلات وزارية مرتقبة بهدف الخداع وامتصاص الغضب الشعبى.. وكما كانت دعوة السيسي لحوار شامل في 2012 إيذاناً بالانقلاب على التجربة الديمقراطية الوليدة، فإن شاء الله تعالى ستكون دعوته للحوار في 2022 إيذاناً بسقوط حكم العسكر ونظام الاستبداد والفساد والتبعية.
محمد عماد صابر
سياسي وبرلماني مصري
من نواب برلمان الثورة 2012
الآراء الواردة فى المقال تعبر عن صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن موقع الشادوف أو تمثل سياساته التحريرية