نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للناشط الحقوقي محمد سلطان بمناسبة يوم عيد الأب، يدعو فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أن يمارس ضغوطا على مصر من أجل الإفراج عن والده المعتقل السياسي.
وقال في مقاله الذي ترجمه موقع “عربي21”: “أخبرتني زوجتي أنني سأصبح أبا أثناء جلوسنا أمام بركة لينكولن في واشنطن، شعرت بالفرح أنه سيصبح لدي أسرة وتعانقنا وذرفنا دموع الفرح. لقد كنا بحاجة إلى أخبار سارة خلال أسبوع كان يتسم بالخوف واليأس. فكان قبل ستة أيام فقط، قد اختفى والدي من زنزانته، وهو سجين سياسي كان يقضي عقوبة بالسجن المؤبد في مصر، انتقاما من نشاطي عن حقوق الإنسان في أمريكا”.
وأشار كذلك إلى أنه “تم اعتقال أبناء أعمامي الذين لا يتدخلون بالسياسة، ثم أطلق سراحهم بعد عدة أشهر. ومع ذلك، لا يزال مكان والدي مجهولا”.
وقال: “بعد أسابيع واجهت أنا وزوجتي واقع الإجهاض المؤلم. إلا أن الأمل القصير لأن أصبح أبا كشف عن الألم الذي لا يمكن كبحه الذي أشعر به في عيد الأب هذا. وكما يشعر في الغالب الآلاف في جميع أنحاء العالم الذين يحتجز آباؤهم في السجون المصرية، فإن اليوم هو تذكير مؤلم بمرور عام آخر”.
وأضاف: “كما مر بخاطري مؤخرا تمكني من النجاة في أصعب سنة من سنين حياتي -ولا أستخدم مصطلح “النجاة” باستخفاف، مع اعتبار أنني أُصبت في ذراعي أثناء بث مذبحة على تويتر مباشرة، ثم سُجنت وعُذبت ظلما لمدة 22 شهرا، قضيت معظمها في إضراب عن الطعام، على أعتاب الموت -بدأ شعور بالذنب يتسلل إلى داخلي. لقد كان نفس الفراغ الذي شعرت به عندما ألقيت خطاب البدء أثناء حفل التخرج من برنامج ماجستير قبل أسابيع، أو عندما استقبلنا مولودة جديدة لأخي”.
وأوضح: “كان نفس الشعور الذي شعرت به في حفل زفافي، عندما كنت جالسا أنظر إلى مقعد فارغ على مائدة العشاء. كان الاعتقال الجائر لوالدي في عام 2013 معقدا ومؤلما. وبعد سبع سنوات من الإجازات والعشاء العائلي وأيام السبت العادية، أصبح غيابه الآن أمرا روتينيا ولا يزال مدمرا إلى حد ما”.
وروى: “اختفى والدي في 15 حزيران/ يونيو 2020، بعد أن رفعت دعوى اتحادية ضد رئيس الوزراء المصري المؤقت السابق والمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي آنذاك حازم الببلاوي متهما إياه بمحاولة القتل خارج نطاق القضاء والتعذيب. عاش الببلاوي على بعد أميال فقط من منزلي، ويتمتع بالحريات التي حرم ملايين المصريين منها بلا خجل”.
وقال: “والدي باحث في الفقه الإسلامي ومسؤول سابق في حكومة محمد مرسي وحامل للبطاقة الخضراء الأمريكية. على الرغم من أنه ليس عضوا رسميا، إلا أنه متعاطف أيديولوجيا مع جماعة الإخوان المسلمين وأعرب عن وجهات نظر أجدها غير دقيقة وفي بعض الأحيان منفرة. لكن معاملة مصر الوحشية له لا علاقة لها بآرائه حول الدين أو السياسة، أو بخطابه”.
وأشار إلى أنه “لم يتم تقديم أي دليل على الإطلاق على تورطه في أي من الجرائم المنسوبة إليه. وفي عام 2019، تم تصنيفه كسجين للرأي السياسي من قبل مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بالاحتجاز التعسفي، وطُلب الإفراج عنه على وجه السرعة”.
وأكد أنه “مثل العديد من المصريين، يتم استخدام سجن والدي كسلاح من النظام المصري في حملة احتجاز رهائن لترويع المنتقدين خارج مصر وإسكاتهم. إن حملة القمع القاسية هذه اعتداء على نظام العدالة في أمريكا، وعلى حقوقي المحمية دستوريا في السعي وراء الحقيقة والعدالة والمساءلة عن انتهاكات النظام لحقوق الإنسان”.
وقال: “لسنوات، كنت أخشى أن يؤدي التحدث بصوت عالٍ نيابة عن والدي إلى توفير الوقود لأولئك المستعدين لتبني دعاية النظام المصري، التي تصنف جميع النقاد والمعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان على أنهم “إرهابيون”. لكنني اخترت الآن التحدث علانية، على أمل أن ترى الإدارة معاملة والدي على حقيقتها: جزء من نمط متزايد من الترهيب والمضايقات التي تتجاوزني أنا وعائلتي بكثير”.
وصرح أنه “أود أن أصدق أن الأمل الذي يحدوني في محله. استحوذت الأعمال الانتقامية التي مارستها مصر ضدي وضد عائلتي على اهتمام منظمات حقوق الإنسان الدولية والهيئات الحكومية الغربية وحتى الحملات السياسية. في عام 2020، غرد المرشح آنذاك جو بايدن عن محنة عائلتي، ووعد بأنه لا مزيد من الشيكات الفارغة لـ’ الديكتاتور المفضل لترامب'”.
وقال: “للأسف، حتى الآن، أضاعت إدارة بايدن بعض الفرص الحاسمة للوفاء بوعدها بتركيز حقوق الإنسان في العلاقة الثنائية. وفي نيسان/ أبريل، استخدمت الإدارة ثغرة قانونية دون داع لمنح الببلاوي حصانة من دعوى التعذيب التي رفعتها. ثم أعلنت عن مبيعات أسلحة وطلبت 1.3 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب لمصر دون شروط تتعلق بحقوق الإنسان”.
وأضاف: “لقد كان العام الماضي عاما مليئا بالمحن والفقدان لعائلتي. كما فقدنا عمي وعمتي بسبب فيروس كورونا. لكن ما لا يمكنني أن أفقده هو أن آمل أن يلتقي والدي، رغم عيوبه، يوما ما ويلعب مع حفيدته بينما نناقش السياسة بحماس على العشاء”.
وختم بالقول: “لذا، في عيد الأب هذا، أتمنى أن يقوم الرئيس بايدن، الذي يعرف كيف تفرغ الخسارة فرحة كل مناسبة، بلم شمل عائلتي مع والدنا. وبذلك، يمكنه أن يحميني وعائلتي من قسوة النظام المصري – ويقف بقوة من أجل حقنا الأساسي في أن نكون أحرارا”.
المصدر+الشادوف+واشنطن بوست+مواقع إخبارية