قضت الدائرة الثانية (إرهاب) بمحكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار معتز خفاجي (المعروف بإصدار الأحكام السياسية المغلظة ضد الإسلاميين)، اليوم الخميس، بالسجن المؤبد لمدة 25 عاماً للقائم بأعمال المرشد العام لجماعة “الإخوان المسلمين”، محمود عزت، في القضية المعروفة إعلامياً باسم”أحداث مكتب الإرشاد”.
وفي 28 أغسطس/ آب الماضي، أعلنت الأجهزة الأمنية القبض على عزت في إحدى الوحدات السكنية بمنطقة القاهرة الجديدة، ما فتح باباً للجدل بشأن تلك الخطوة، لا سيما أن القيادي في الجماعة ظل موجوداً داخل مصر منذ انقلاب الجيش على الرئيس الراحل محمد مرسي عام 2013، وفي منطقة تمكنت فيها أجهزة الأمن من القبض على عدد كبير من قيادات “الإخوان”.
وتعود وقائع قضية “أحداث مكتب الإرشاد” إلى احتجاجات 30 يونيو/ حزيران عام 2013، حين وقعت اشتباكات أمام مقر مكتب الإرشاد لجماعة “الإخوان المسلمين” بضاحية المقطم، شرقي القاهرة، سقط فيها عدد من القتلى والمصابين بواقع 9 قتلى، و91 مصاباً (حسب التقديرات).
وتعد القضية هي الأكثر هشاشة بين القضايا السياسية المنظورة أمام القضاء في مصر، من حيث طبيعة الأحداث التي عاصرها كل متابعي الشأن المصري وقت حدوثها، وكذلك طريقة توجيه الاتهامات، والأدلة عليها. حتى أنها في مرحلة المحاكمة الأولى، كانت محط سخرية من المتهمين والدفاع على حد سواء، ومن أبرز القضايا التي وجهت فيها دفوع بسيطة ومنطقية لنسفها برمتها.
وقضت محكمة جنايات القاهرة في البداية بالسجن المؤبد للمرشد العام للجماعة، محمد بديع، ونائبه خيرت الشاطر، و10 آخرين من قيادات “الإخوان”، والإعدام لأربعة متهمين آخرين غيابياً، وذلك في مارس/ آذار عام 2015.
وبعد عام واحد تقريباً، أدت سهولة القضية وضعف تأسيس الحكم على المتهمين إلى صدور حكم النقض الأول بإلغاء الإدانة، وإعادة المحاكمة في وقت قياسي بالنسبة لمحكمة النقض.
ويواجه المتهمون في القضية اتهامات مزعومة بـ”التحريض على القتل، والشروع في القتل، تنفيذاً لغرض إرهابي، وحيازة وإحراز أسلحة نارية، وذخيرة حية غير مرخصة بواسطة الغير، والانضمام إلى عصابة مسلحة تهدف إلى ترويع الآمنين، والتحريض على البلطجة والعنف”.
ووصفت محكمة النقض أدلة الإدانة في القضية بأنها “مضطربة ومتعارضة وقائمة على أسباب غير متجانسة”، وأن جميع الأوراق التي كتبتها المحكمة استناداً لقرار الاتهام الذي أعدته النيابة العامة “معيبة بالغموض والإبهام”. باعتبار أن الواقعة لا تعدو عن كونها هجوماً من مجموعات من البلطجية زعمت النيابة أنهم متظاهرون، تجرأوا على دخول مقر الجماعة، وتحطيم محتوياته، ونهبه وسلبه تحت غطاء أمني.
واتهمت النيابة العامة قيادات الجماعة – على خلاف الحقيقة – بالاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة في إمداد مجهولين بالأسلحة النارية، والذخائر، والمواد الحارقة، والمفرقعات، والمعدات اللازمة لذلك، والتخطيط لارتكاب الجريمة، مدعية أن المتواجدين في مقر مكتب الإرشاد “أطلقوا الأعيرة النارية والخرطوش صوب المتظاهرين قاصدين إزهاق أرواحهم”.
وفشلت النيابة في تقديم دلائل على ضلوع المتهمين في القتل أو التعدي أو التحريض، وهو ما عبرت عنه محكمة النقض عام 2016 بالقول: “خلت أقوال شهود الإثبات، وما ثبت من الأسطوانات المدمجة، والاتصالات بين المحكوم عليهم، ومعاينة النيابة العامة، وتقارير الطب الشرعي، وإدارة المفرقعات، وأقوال الشهود، مما يفيد برؤيتهم أياً من المتهمين يرتكبون جريمة القتل العمد أو التحريض عليه”.
المصدر؛ الشادوف+وسائل اعلام