بالتزامن مع حجب الإدارة الأميركية لـمبلغ 130 مليون دولار، من المساعدات العسكرية لمصر، بدأت القاهرة في تقديم المزيد من التنازلات لتخفيف الضغوط الأمريكية، وآخر تلك الخطوات جاءت تحديداً في «قضية 173» المعروفة إعلامياً بقضية «التمويل الأجنبي» المرتبطة بمنظمات المجتمع المدني بمصر، وسط انتقادات متزايدة لسجل مصر فى مجال حقوق الانسان.
واستجابة للضغوط الأمريكية، اتخذت القاهرة خطوات سريعة في نظرتها لقضايا منظمات المجتمع المدني، لتقرر محكمة استئناف القاهرة، اليوم الاثنين، عدم جواز إقامة دعوى جنائية ضد 4 كيانات، لعدم كفاية الأدلة في القضية المعروفة إعلامياً «بالتمويل الأجنبي» لعدد من منظمات وكيانات وجمعيات المجتمع المدني المصري.
والقرار الأخير، هو واحد من سلسلة قرارات أصدرت محاكم مختلفة في القضية ذاتها خلال الشهور الماضية، ونصّت على انه أن لا وجه لإقامة الدعوى بحق 71 كياناً حقوقياً. إذ يشمل القرار الأخير عدداً من الكيانات هي: «مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، ومركز دار المستقبل الجديد للدراسات الحقوقية والقانونية، وجمعية التنمية الإنسانية بالمنصورة، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية».
كما تضمن القرار رفع أسماء من تضمنهم الأمر من قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول، وقوائم المنع من التصرف في أموالهم سائلة كانت أو منقولة، وذلك من دون المساس بأي وقائع أخرى قد تكون محلاً للتحقيق سواء بالقضية الحالية أو غيرها من القضايا.
ويستفيد من هذا القرار الناشط الحقوقي أحمد سميح، مؤسس مركز أندلس والمذيع حاليا في قناة الشرق التي يديرها المعارض المصري أيمن نور من تركيا، وكذلك المحامي والمرشح السابق للرئاسة، خالد علي، مؤسس المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والموجود حاليا داخل مصر.
وقال قاضي التحقيق إن «التنمية المستدامة وترسيخ مفاهيم التكافل الاجتماعي وحقوق الإنسان، هي مفاهيم لها متطلباتها التي لا تستقيم من دونها، فالمساواة ومبدأ تكافؤ الفرص والحق في التعليم والصحة وحماية البيئة والقضاء على الفقر وغيرها من الحقوق، لا يمكن أن توضع موضع التنفيذ من دون أن تضطلع عليها وتحميها مؤسسات بالدولة، ومجتمع مدني يتسمان بالشفافية والنزاهة وعلى قدر من الكفاءة».
وصدر القرار بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية بشأنها فيما تضمنه تقرير لجنة تقصي الحقائق من وقائع، سواء كان الأمر صادراً لعدم ثبوت الجريمة أو لعدم كفاية الأدلة.
من ناحيته، قدم مركز «أندلس لدراسات التسامح وحقوق الإنسان» قراءة في مصادر قوة ومكامن ضعف الاستراتيجية المصرية لحقوق الإنسان التي صدرت مؤخرا.
قراءة المركز، التي جاءت تحت عنوان «تفكيك الاستراتيجية الوطنية» تناولت 4 محاور، واعتبرت أن الاستراتيجية «لا تتعدى ديكورا يستهدف تجميل الصورة دون معالجة الأزمة». المحور الأول، حمل عنوان «ماهية الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان المصرية» وانتقدت المنظمة فيه، «عدم تضمين الاستراتيجية الوطنية تعريفا محددا لها أو تحديد توجهها العام بشأن الغايات والأهداف أو الأطر المتعلقة بالرصد والتقييم للموضوع محط اهتمامها، أو تحديد رؤية هدفها».
وحسب المنظمة، «ركز التمهيد على الحديث بشكل عام عن بناء مصر الحديثة، ووجود إرادة سياسية للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان، والإشارة إلى الإنجازات التي تحققت في هذا المجال والتأكيد على أن هذه الاستراتيجية تترجم قناعة وطنية ذاتية لاعتماد مقاربة شاملة وجدية لتعزيز حقوق الإنسان».
عبارات رنانة
في السياق ذاته، كشف، نجاد البرعي، المحامي الحقوقي الذي شارك في صياغة الاستراتيجية، عن التوجهات التي تنفذها الدولة خلال الفترة المقبلة. وكتب على صفحته الشخصية على «فيسبوك»: «حركة الحكومة بطيئة للغاية، فلا تساعد على أن يشعر بقيمتها، والضحايا وأسرهم يريدون حلولا سريعة وحاسمة وبعضها مشوب بالرغبة في الشعور بالانتصار وكسر إرادة الأجهزة التنفيذية التي ترى من جانبها أن ذلك غير مقبول وغير ممكن».
وأضاف: «مصر ستتحرك في اتجاه تحسين حالة الحريات المدنية والسياسية وأوضاع السجناء ولكن ببطء يتلاءم مع كونها واحدة من أقدم بيروقراطيات التاريخ فضلا عن القلق من أن تؤدي الخطوات السريعة إلى انفلات الأوضاع أو فقدان القدر من الاستقرار الذي وصلت إليه الحكومة، وأخيرا لأن هناك طبعا داخل دولاب الدولة من لا يزال يؤمن بأن طريقة (العصا لمن عصى) هي الطريقة الأسهل للسيطرة على بلد يقطنه 100 مليون شخص».
وتابع: «كل المحبوسين احتياطيا سيتم النظر في أحوالهم سيخرج كثير من غير الإخوان، إلا القليل منهم، وسيخرج بعض من الإخوان إلا قياداتهم وستتم إحالة هؤلاء وهؤلاء إلى القضاء ينظر في أمرهم».
وعن الأوضاع في السجون قال البرعي: «ستتحسن أوضاع المسجونين، وهنا أتحدث عن المحكوم عليهم بعقوبات لا المحبوسين احتياطيا الذين لا يمكن اعتبارهم مسجونين، وسوف تتم إعادة النظر في كثير من القوانين الخاصة بالعقوبات قصيرة المدة لتقليل عدد المسجونين واستبدالها بعقوبات مالية أو بخدمه المجتمع».
توقيف إسحاق
وكان جورج إسحاق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، كشف عن تعرضه للتوقيف، في مطار القاهرة لمدة 45 دقيقة من قبل الأجهزة الأمنية خلال توجهه للسفر في يوم إطلاق الاستراتيجية. وأضاف: «هذا حدث معي وأنا عضو مجلس قومي لحقوق الإنسان، فما بالك بالآخرين».
وكان السيسي أطلق يوم 11 سبتمبر / أيلول الجاري ما أطلق عليه (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان). وحددت الاستراتيجية محاورها الأربعة في: الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق الإنسان للمرأة والطفل وذوي الإعاقة والشباب وكبار السن، والتثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان.
وتواجه مصر انتقادات محلية ودولية بسبب ملفها المشين في حقوق الإنسان، وأصدرت 31 دولة بينها الولايات المتحدة بيانا تدعو فيه مصر إلى رفع القيود عن الحريات والتوقف عن «اللجوء إلى قوانين مكافحة الإرهاب لتكميم أفواه المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين وإبقاء المنتقدين في الحبس الاحتياطي إلى أجل غير مسمى».
وتقدر «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» أعداد السجناء والمحتجزين بنحو 120 ألف سجين ومحبوس احتياطي ومحتجز، فيما تقول منظمات أخرى إن في مصر 60 ألف محتجز، وهي التقارير التي لا تعترف بها الحكومة المصرية وتؤكد أنه لا يوجد معتقلون سياسيون في السجون المصرية.
المصدر: الشادوف+مواقع التواصل
أحييك على نزاهتك فالطرح برغم إعتراضي على ((( المعارض المصري ))) إلا أن حضرتك ترفعت عن أي شئ وذكرتة بما يليق بك وليس بما يليق به …. تحياتي بالتوفيق إن شاء الله يارب العالمين