وجّه عبد الفتاح السيسي، الخميس، عدة رسائل بشأن قضية سد النهضة، داعيًا إلى التوصل لحل سلمي للأزمة بعيدًا عن التهديد باستخدام الحل العسكري، لكنه، في الوقت نفسه، خاطب المصريين مؤكدًا أن “المساس بأمن مصر القومي خط أحمر لا يمكن اجتيازه شاء من شاء وأبى من أبى” وطالبهم بأن يطمئنوا ” ويعيشوا حياتهم” ويتوقفوا عن ( الهري) .
جاء ذلك خلال حفل مرور عام على إطلاق مبادرة “حياة كريمة” لتطوير الريف المصري مساء الخميس في استاد القاهرة الدولي، بحضور الآلاف من أعضاء الأحزاب الموالية للنظام الحاكم والمسؤولين والوزراء والنواب والفنانين والرياضيين.
وهتفت الجماهير أكثر من مرة خلال كلمة السيسي مطالبة إياه بإعلان الحرب على إثيوبيا وضرب السد، فيما رد بالمطالبة بالهدوء “بابتسامة مطمئنة”.
وذكر السيسي أن “مصر لديها خيارات متعددة تقررها طبقاً للموقف والظروف في سبيل الحفاظ على أمنها”، مؤكدًا أنها “أصبحت تمتلك من القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية ما يعزز حماية مقدراتها”، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن “مصر حرصت دائمًا على الاستخدام الرشيد للقوة”.
وأضاف السيسي أن “قرارات كهذه يجب وزنها بدقة، ويجب أن نتعامل في كل قضايانا بعقل راشد وتخطيط عميق، وعمرنا ماعشنا الوهم ولا نقدم الوهم للمصريين، وعمرنا بفضل الله ما حاولنا ندغدغ مشاعر الناس”.
ووصف قلق المصريين من سد النهضة بأنه “قلق مشروع”، وفي الوقت نفسه طلب تناول الموضوع في الإعلام والبرلمان “بعقل وهدوء ودون انفعال”، مؤكدًا أنه لا يليق بالمصريين القلق إلى هذا الحد، مضيفاً بسخرية: “بلاش هري ( وتعني فى اللهجة العامية المصرية التوقف عن ترديد كلام بلا معنى) ومش عايز أقول ما تسمعوش لحد، بس ما تسمعوش كل ما يُقال”.
وأضاف أن مصر تريد نهر النيل مجالاً للشراكة والخير، مشيرًا إلى أن “مصر أكدت أنها لا تريد الخير لها وحدها، بل للجميع”، مؤكدًا أن مصر “مع كل ما يساهم في رفاهية الشعبين الإثيوبي والسوداني”.
ووجه السيسي حديثه للمصريين مرة أخرى قائلًا: “التخريب يجب أن يكون استثناء، والتنمية والبناء هما الأساس، ويجب عليكم أن “تعيشوا حياتكم” بدون مبالغة في القلق”.
وذكر أن “مصر لديها قدرات مختلفة تحاول توفيرها لجميع أشقائها في القارة الأفريقية، بشرط عدم المساس بحصة المياه الخاصة بمصر، وبالتالي فإن اتفاقاً قانونياً ملزماً للجميع ينظم هذا الموضوع لملء وتشغيل سد النهضة يجب أن يكون على رأس الأولويات حالياً”، بحسب قوله.
وأضاف أن التحركات المصرية في مجلس الأمن كانت تهدف لوضع المسألة على أجندة الاهتمام الدولي، مشيرًا إلى أنه “تحرك مرتب جيداً، وأن مصر تسير فيه بشكل جيد”.
كما تحدث السيسي عن ضرورة الاستعداد الداخلي لنقص المياه، حيث أشار إلى إيجابيات مشروع تبطين الترع الذي تم رصد 60 مليار جنيه لإنجاحه، والتوسع في إنشاء محطات المياه.
واختتم السيسي كلمته الرسمية المكتوبة ثم ارتجل قائلاً: “قلق المصريين من موضوع المياه قلق مشروع”، وأضاف “مش أنتوا أمنتوني عليها؟ (..) حقول يا رب يعينني على هذه الأمانة”.
وتابع : “لما اتكلمنا في الموضوع ده مع الإثيوبيين والسودانيين كنا دايماً بنتكلم على إننا عايزين النيل نهر للشراكة والخير للكل، ما كنا متصورين الهدم، ولكن البناء والتعمير هو الأصل (..) قلنا مستعدين نتعاون في مشاريع نقل الكهرباء والزراعة، ولدينا في مصر قدرات، والقدرات دي متوفرة لأشقائنا، بس بشرط إن ما حدش يقرب من الميه بتاعت مصر”.
وقال: “أنا بقول الكلام ده دلوقتي ليه؟ (..) برجع الأمور لأصلها ومصر لا تسعى للتهديد، لكن تعالوا نتعاون مع بعضنا(..) نقبل بالتنمية في إثيوبيا، لكن لا مساس بالمياه الخاصة بمصر، وكل الكلام معاهم كان كده، وقلنا عايزين اتفاق قانوني ملزم فيما يخص عملية ملء وتشغيل سد النهضة (..) وتحركنا في مجلس الأمن كان لوضع الأزمة على أجندة المجتمع الدولي”.
وأضاف: “في كلام هقدر أقوله وفي كلام مش هقدر أقوله، وهو الإعداد اللي بنعده جوه بلدنا (..) يعني إيه الكلام ده احنا بنعمل مشاريع للحفاظ على المياه مثل مشروع تبطين الترع ورصدنا له 60 مليار جنيه ومحطات المعالجة، يعني أخذنا بالأسباب في كل شيء (..) ونقول للآخرين أنتوا تعيشوا واحنا نعيش”.
ووجه السيسي كلامه للمصريين قائلاً: “من حقكم تقلقوا لكن مصر دولة كبيرة ولا يليق بنا أن نقلقل أبداً (..) اسمعوا كلامي أنا”، وانتقد ما وصفها بـ”المبالغة في القلق”، متابعًا: “بقول كده للإعلاميين وللمثقفين (..) والله والله والله لازم أحسب كلامي كويس والتصرفات (..) مستقبل البلاد والشعوب بالعمل مش بال”.
وأضاف: “في كل اللي فات ما نجحناش إلا لما كنا معاً (..) أي تحدي لا يمكن هننجح فيه إلا لو كنا على قلب رجل واحد (..) من فضلكم كلامي لكل المصريين، وأيضًا لكل الأشقاء في إثيوبيا والسودان، تعالوا نعمل اتفاق قانوني ملزم ونعيش في سلام وأمان”.
واختتم السيسي حديثه قائلاً: “أي حاجة تحصل لمصر يبقى لازم أنا والجيش نروح قبل ما يحصل حاجة لمصر”، ثم قال ساخراً أقول للمصريين: “بلاش هري”.
وفي رده على تصريحات السيسي، قال المجلس الثوري المصري، وهو واحد من أهم تنظيمات المعارضة المصرية بالخارج، إن ما حدث أمس في استاد القاهرة لا يمكن وصفه إلا بأنه أكبر “هري” في تاريخ مصر.
وأوضح المجلس فى بيان صدر اليوم الجمعة : ” كما تعاقب أسلافه العسكر على ” الهري” في العام 1967 بالمقولة الخالدة “سنلقي بإسرائيل في البحر ” مرورا بما حدث فى 1978 ووعد المصريين بجنة السلام المزعوم مع الصهاينة وغيرها من الأحداث على مدى تاريخ عسكر مصر المخزي، يخرج علينا آخرهم وأكثرهم إجراما ليعيد أمامنا تاريخا طويلا من الكلمات الجوفاء والصيحات العنترية التي ليس لها علاقة بالواقع.”
وأضاف:” كل الأحداث والدلائل والمؤشرات تؤكد الهزيمة المصرية الديبلوماسية والسياسية في ملف سد النهضة وخسارة مصر لحصتها التاريخية من مياه النيل، ولا تزال الحماقة و ” السماجة” هي سيدة المشهد عند النظام المصري وعلى رأسه المنقلب عبد الفتاح السيسي، فقد خسرت مصر مركزيتها في العالم الإسلامي وخسرت أرضها وخسرت أفضل رجالها على يد عسكر مصر والآن تخسر مصر مياه النيل على يد عسكر مصر أيضا وجميعهم كانوا يضحكون ملء شدوقهم في لحظات الكوارث الكبرى”.
وأكد المجلس الثوري فى بيانه أن ما حدث أمس من سماجة مطلقة لن يغير الحقائق التالية: أولا ان المنقلب عبد الفتاح السيسي هو من وقّع على اتفاقية المبادئ التي أضاعت حق مصر التاريخي في مياه النيل، والثانية هي أن النظام السياسي المصري بكل مؤسساته متواطئ مع السيسي في التفريط في نيل مصر، والثالثة هي أن مصر والسودان خسرتا كل معاركهما حتى الآن في ملف سد النهضة سواء الديبلوماسية أو السياسية”.
وخلص بيان المجلس الثوري للقول إن الحقيقة الرابعة هي أن النظام السياسي بأكمله مسؤول مسؤولية جنائية وسياسية عن ضياع حق مصر في مياه النيل، وان الحقيقة الخامسة والأخيرة هي انه لا حلّ إلا بيد الشعب المصري لإنقاذ ما تبقى من مصر.
المصدر: الشادوف+وكالات