ماذا يحدث في مصر؟! هذا هو السؤال الأكثر إلحاحا وتداولا على مواقع التواصل الاجتماعي داخل مصر وخارجها. الاثنين 20 يونيو 2022 يوم ربما لن تنساه مدينة المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية بوسط الدلتا في مصر. شهدت المدينة حادثتان بشعتان. الأولي في الصباح أمام بوابة ( توشكي) وهي إحدى بوابات جامعة المنصورة حيث ارتكب طالب في الفرقة الثالثة بكلية الآداب واسمه ( محمد عادل ) جريمة قتل بشعة إذ ذبح زميلة له عند بوابة الجامعة أمام مئات الطلاب والمارة، بعد أن انهال عليها بطعنات في الرقبة مستخدماً سكيناً، في ظل غياب أفراد الشرطة، كما هو معتاد في مثل هذه الجرائم بمصر.
ولم يكد أهالي المدينة المكلومة يوارون جثة الفتاة المقتولة غدرا وغيلة (نيرة أشرف عبد القادر ) حتى تفاجأوا بجريمة أخرى لا تقل عنها بشاعة حينما قام شاب بدهس فتاة بسيارته أمام الجامعة أيضا ثم أقدم على الانتحار بالانتحار من أعلى كوبري الجامعة بعد أن حطم السور بسيارته وسقط فى النيل.
ويبدو أن الصدمة التي تطوف في أنحاء مصر لم تقتصر على المنصورة حيث امتدت الى عاصمة البلاد: القاهرة، وعبرت عن نفسها في واحد من أهم معالم القاهرة وهو برج الجزيرة الذي يقع في منطقة وسط المدينة، حيث أقدم شاب على الانتحار من أعلى منطقة في البرج ( 187 مترا) قبيل دقائق من إغلاق البرج أمام الزائرين فى الحادية عشرة من مساء اليوم نفسه: الاثنين 20 يونيو 2022.
في الحادثة الأولي: تمكّن الأهالي وطلاب جامعة المنصورة من الإمساك بالطالب قبيل هروبه، وتسليمه لقوات الشرطة التي وصلت بعد ارتكاب جريمة القتل بنحو ساعة كاملة، وتم تحرير محضر بالواقعة تمهيداً لعرض المتهم على النيابة العامة، والتحقيق معه بتهمة القتل العمد، وإحراز سلاح أبيض دون مسوغ قانوني في أحد أماكن التجمعات بقصد الإخلال بالنظام العام، كما طعن الطالب شخصاً آخر حاول التدخل لإنقاذ الضحية قبيل إجهازه عليها بنحرها من رقبتها.
قال أحد شهود العيان وهو ممسك بحذاء المجني عليها لصحيفة محلية مصرية، إن المتهم والمجني عليها ضمن طلاب جامعة المنصورة، وأيضًا من أبناء مدينة المحلة بمحافظة الغربية، كانا يستقلان سيارة ميكروباص، وفور نزولهما أمام جامعة المنصورة، وقعت بينهما مشادة كلامية، فاستل المتهم سلاحا أبيض (سكين)، ووجه لها طعنتين نافذتين بالبطن.
وتابع الشاهد على جريمة ذبح طالبة المنصورة، بأن المتهم لاحظ أفراد أمن الجامعة يتوجهون إليه، فأقدم على الإمساك برقبة المجني عليه وذبحها، ما أحدث بها نزيفًا أدى إلى مصرعها على الفور.
وحاول الأهالي نقل الضحية، التي يتردد أنها تربطها علاقة عاطفية بالجاني وانه تقدم لخطبتها غير ان أهلها رفضوا طلبه، إلى مستشفى قريب من مقر جامعة المنصورة، إلا أنها لفظت أنفاسها الأخيرة قبل وصولها إليه، ليتبيّن أنها والمتهم يدرسان معاً في كلية الآداب بجامعة المنصورة في محافظة الدقهلية، الواقعة في شمال شرق دلتا مصر.
وأثارت هذه الواقعة جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، حيث اعترف الشاب خلال التحقيقات الأولية أنه كان يحب هذه الفتاة، وكان يريد الزواج منها وتقدم لخطبتها أكثر من مرة ولكن أسرتها كانت ترفض، وأنهم أقنعوها بقطع علاقتها به تماما حيث قامت بحظره (عملت له بلوك) على وسائل التواصل الاجتماعي، وعلم فيما بعد بارتباطها بشخص آخر فبيّت النية لقتلها.
وفي الحادثة الثانية، أقدم شاب من مدينة المنصورة واسمه ( مصطفى توكل ) على التخلص من حياته بإلقاء نفسه من أعلى كوبري الجامعة بسيارته الملاكي ليسقط في النيل، ونشر عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي( فيسبوك) منشورا أكد فيه إقدامه على الانتحار ولم يوضح السبب. وقال الشاب والذي يدعى مصطفى توكل في منشوره:”أبويا ميمشيش فى جنازتي).
ويأتي هذا الحادث بعد الحادث المأساوي التي شهدته جامعة المنصورة، صباح الاثنين، وهو مقتل الطالبة نيرة أشرف عبد القادر، طالبة جامعة المنصورة، على يد زميلها محمد عادل أمام أسوار الجامعة.
وبعد دهس الشاب الفتاة تجمع العديد من الأهالي، الذين طلبوا سيارات الإسعاف ثم إبلاغ الأجهزة الأمنية، كما حاول الأهالي الإمساك بالشاب ولكنه لاذ بالفرار. ولم تتضح بعد ظروف وملابسات الحادث الثاني في المنصورة خلال يوم واحد، كما لم يتم معرفة الدافع وراء إقدام هذا الشاب على دهس تلك الفتاة بالتحديد، وهل الدهس جاء عشوائيا أم كان مدبرا ومخططا له.
الحادثة الثالثة وقعت حينما ألقى شاب بنفسه من أعلى برج القاهرة بمنطقة الجزيرة التابعة لقسم شرطة قصر النيل بالقاهرة، ليسقط جثة هامدة على الفور. وبحسب أقوال العاملين في البرج، صعد الشاب للطابق الأخير، ثم فاجأ الجميع بالقفز من أعلى البرج، ليسقط جثة هامدة.
وبعد معاينة جثة المتوفى، اتضح وجود كسور في أنحاء متفرقة من جسده ونزيف داخلي أودى بحياته، وأمرت النيابة بتشريح الجثة، فيما تكثف الأجهزة الأمنية جهودها لكشف غموض الواقعة، وتلقى قسم شرطة قصر النيل بلاغًا من العاملين ببرج القاهرة يفيد بانتحار الشاب بعد قيامه بإلقاء نفسه من أعلى البرج.
وعلى الفور انتقلت قوة أمنية لموقع الحادث، ليتبين أن الشاب، صعد إلى الطابق الأخير برفقة صديقه، ثم فاجأ الجميع وألقى بنفسه ليسقط غارقا في دمائه، ويلقى مصرعه على الفور، وشكلت الأجهزة الأمنية فريق لكشف ملابسات الواقعة ومعرفة سبب الانتحار.
بعد حادث ذبح فتاة المنصورة انتحر شاب من أعلى برج القاهرة بمنطقة الجزيرة التابعة لقسم قصر النيل بالقاهرة، ليسقط جثة هامدة على الفور، نتيجة إصابته بكسور خطيرة في أنحاء متفرقة من جسمه سببت نزيف داخلي انهت حياته بعد اصطادمه بالأرض في الحال، وأمرت النيابة بتشريح الجثة، لتكشف الأجهزة الأمنية غموض وسبب الواقعة.
ووفقا لأقوال الشهود والعاملين ببرج القاهرة، صعد الشاب إلى الطابق الأخير من برج القاهرة وكان برفقة صديقه، ثم فاجأ الجميع وألقى بنفسه بعد أن غافل أفراد الأمن حتي لا يتمكنوا من إنقاذه، وبالفعل تلقي أنفاسه الأخيرة حين اصطدامه بالأرض. تم تحرير محضر بالواقعة، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمعرفة هوية الشاب.
وكشفت مصادر أمنّية، اليوم الثلاثاء، إن الشاب يُدعى «مؤمن.ح»، ويعمل محاسبًا ويقيم في منطقة بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة. وشرحت المصادر، أن فريق البحث الجنائي لا يزال يفحص أسباب ودوافع الشاب للانتحار بإلقاء نفسه والسقوط من أعلى البرج، بعد أن تم نقل جثته إلى مشرحة زينهم، تحت تصرف جهات التحقيق، التي تحفظت على كاميرات المراقبة وأمرت باستدعاء العاملين وأفراد الأمن الإداري بالبرج.
وأمر المستشار حمادة الصاوي، النائب العام المصري، بمباشرة التحقيق العاجل في الواقعة، وانتقل على الفور فريق من النيابة العامة لإجراء المعاينة اللازمة لمسرح الحادث ومناظرة الجثمان، وجارٍ اتخاذ باقي إجراءات التحقيق.
أكد دار الإفتاء المصرية، المنتحر ليس بكافر فقط وبكن الانتحار هو كبيرة من الكبائر وجريمة في حق النفس والشرع، ، ولا ينبغي التقليل من ذنب هذا الجرم، ولا يوجد أي مبررات لفعل هذا الجرم او وجود حالة من التعاطف معهم، ولكن يمكن تخصيصه بمرض الادمان او بأنه مرض نفسي يمكن علاجه من خلال المتخصصين.
وصنف تقرير لمنظمة الصحة العالمية مصر، أكبر دولة عربية شهدت حالات انتحار عام 2016 متقدمة على دول بها صراعات وحروب مسلحة، وقدرت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات عدد المنتحرين في النصف الأول من عام 2018 بـ 150 شابا أغلبهم بين 20 و35 عاما.
فما الذي يدفع شباب مصر والمصريين عموما للانتحار؟ وما الذي يتسبب في مرورهم بالأزمات النفسية المذكورة في تقارير الوفاة؟ وهل للظروف السياسية والاقتصادية علاقة بتلك الأزمات وبالتالي الانتحار؟
يرجع أستاذ علم النفس أحمد حافظ تعدد حالات انتحار الشباب بشكل خاص إلى انعدام الأمل وضبابية الرؤية للمستقبل فيدخل الشاب في ما يطلق عليه الاكتئاب الانتحاري، وكذلك يكون للانتحار أسباب تتعلق بصدمات عاطفية أو خلافات أسرية.
وقد يكون لدى بعض الشباب -حسب كلام حافظ للجزيرة نت- قدرات ومواهب خاصة لم يستطيعوا التعبير عنها أو الإعلان عنها وسط مجتمعه، سواء الأسري أو الجامعي فيفجر تلك القدرات بتمرده على حياته ذاتها.
لذا نجد أن حالات كثيرة من الانتحار تأخذ شكل الإعلان أو الإشهار مثل القفز تحت عجلات مترو الأنفاق أو من أعلى برج القاهرة، وهو يعي تماما أن قصته ستنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وكأنه يحمل المجتمع أو السلطة -أي سلطة- مسؤولية قراره بالتخلص من حياته، على حد قول حافظ.
المصدر: الشادوف+مواقع التواصل+صحف مصرية