في تجاوز صارخ للدستور، أصدر “الرئيس المصري”، عبدالفتاح السيسي، السبت، قرار جمهوريا بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر جديدة، وذلك للمرة الثانية عشرة على التوالي برغم أن الدستور ينص على تجديدها لمرة واحدة فقط.
ومن المقرر أن يبدأ سريان حالة الطورائ وفقا للقرار الجمهوري الثاني عشر من نوعه، اعتبارا من الساعة الواحدة من صباح اليوم الأحد الموافق الخامس والعشرين من أبريل من العام ٢٠٢١.
ويعزّز قانون الطوارئ بشكل كبير صلاحيات رئيس الجمهورية كما يقوي الدور الذي تقوم به السلطات الأمنية المصرية في توقيف واعتقال ومراقبة الأفراد والمؤسسات والجهات ويتيح فرض قيود على حرية التحرّك في بعض المناطق داخل البلاد.
وقد تم فرض حالة الطوارئ للمرة الأولى في عهد السيسي في أكتوبر من العام 2014، لكنها اقتصرت في البداية على محافظة شمال سيناء مع فرض حظر التجوال في بعض مناطقها، وبعد التفجير المتزامن لكنيستي طنطا والإسكندرية في أبريل من العام 2017 قامت السلطات المصرية بفرض الطواريء فى كافة المناطق في عموم البلاد.
ومنذ ابريل 2017 يتم تجديد حالة الطواريء بقرار جمهوري كل ثلاثة أشهر بلا انقطاع، على الرغم أن الدستور المصري يشترط أن يكون التجديد لمرة أخرى مماثلة، أي لمرة واحدة فقط بعد المرة الأولى.
وفي حالة احترام السلطات المصرية للدستور الذي تم إقراره بواسطة السلطة العسكرية التي تحكم البلاد حاليا، فإن السيسي لن يكون قادرا علي تجديد الطواريء بقرار جمهوري منفردا، اعتبارا من نوفمبر من العام 2017 ، أي بعد انتهاء فترة التجديد الثانية إلا بالرجوع للبرلمان والالتزام بالمسار الذي يحدده الدستور فى تلك الحالة.
وتنص المادة 154 من الدستور المصري الصادر عام 2014 عقب الانقلاب العسكري فى 3 يوليو 2013، على أن لرئيس الجمهورية إعلان الطوارئ بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، وتجب موافقة أغلبية مجلس النواب بعد عرض الإعلان عليه خلال الأيام السبعة التالية، ويكون إعلان الطوارئ لمدة محددة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ولا يمدد إلا لفترة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس.
ووفقا للمادتين السابعة والثامنة من قانون إنشاء تلك النوعية من المحاكم الاستثنائية، فإن من حق رئيس الجمهورية أن يأمر بتشكيل دوائر طوارئ في كافة المحاكم الابتدائية والاستئنافية، وضم ضباط الجيش إلى تلك المحاكم !!
كما سمحت المادة التاسعة لرئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، أن يحيل إلى محاكم أمن الدولة-طوارئ أية جرائم يعاقب عليها القانون العام !!
ونصت المادة 12 على عدم جواز الطعن بأي وجه على أحكام محكمة أمن الدولة طوارئ، بينما منحت المواد 13 و14 و15 سلطات واسعة للرئيس في التدخل بتلك الأحكام، فيحق له إلغاء أحكام الإدانة وإعادة المحاكمة أو تخفيف العقوبة أو وقف تنفيذها، كما لا تصبح الأحكام نهائية إلا بعد تصديقه عليها !!
تدابير استثنائية
ونصت المادة الثالثة من قانون محاكم أمن الدولة-طواريء على التدابير الاستثنائية التي يحق لرئيس الجمهورية اتخاذها بأمر كتابي أو شفوي (لاحظ أنه لا يوجد قانون في الدول المتحضرة يقر الأوامر الشفهية ويعتبرها قانونية)، وشملت تلك التدابير التالي:
– وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة، وكذلك تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال، وتحديد مواعيد فتح المحلات العامة وإغلاقها، وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحلات كلها أو بعضها.
– مراقبة الرسائل أيا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها، وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها، وكذلك إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة.
– مصادرة أي منقول أو عقار، والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات، وكذلك تأجيل أداء الديون والالتزامات المستحقة التي تستحق على ما يستولى عليه أو على ما تفرض عليه الحراسة، وسحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر أو المفرقعات على اختلاف أنواعها والأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة.
تعديل البرلمان
وأُلحق بتلك التدابير التعديلات التي أقرها البرلمان، حيث استحدثت مادة تقرر لمأمور الضبط القضائي -استثناء من أحكام القوانين الأخرى- ضبط كل من توفرت في شأنه دلائل على ارتكاب جناية أو جنحة وما قد يحوزه بنفسه أو في مسكنه، وجواز احتجازه لمدة لا تتجاوز سبعة أيام بعد استئذان النيابة العامة.
وبموجب هذا التعديل، فإنه لمحاكم أمن الدولة الجزئية طوارئ -بناء على طلب النيابة العامة- احتجاز من توفرت في شأنه دلائل على خطورته على الأمن العام لمدة شهر قابلة للتجديد.
وتنص المادة الرابعة على أن تتولى قوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، وأنه في حال تولت القوات المسلحة هذا التنفيذ يكون لضباطها ولضباط الصف -ابتداء من الرتبة التي يعينها وزير الحربية- سلطة تنظيم المحاضر للمخالفات التي تقع لتلك الأوامر
تجدر الإشارة الى أن البرلمان المصري خلال العام 2020 الماضي وافق نهائياً على تعديل قانون حالة الطوارئ بما يمنح رئيس البلاد سلطات أوسع تتضمن الحقّ في اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الطوارئ الصحية. ومن بين التدابير التي يمكن لرئيس البلاد اتخاذها في حالة الطوارئ الصحية “تعطيل الدراسة بالجامعات والمدارس، وتعطيل العمل كلياً أو جزئياً بالوزارات والمصالح”.