فاز فيلم ( صبي من الجنة) بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي الدولي في مجال السيناريو وتسلم الجائزة السيناريست ومخرج الفيلم في الحفل الذي أقيم بمدينة كان الفرنسية مؤخرا، وهو ما اعتبره مراقبون حدثا فنيا كبيرا في تاريخ السينما المصرية والعربية رغم أن الفيلم أثار غضب السلطات المصرية التي اعتبرته عملا تحريضيا ضد النظام في مصر.
وحتى الآن لم يصدر الأزهر الشريف وشيخه الإمام أحمد الطيب بياناً رسمياً للتعليق على هذا الجدل المُثار، وتوضيح موقفه منه، خصوصاً بعد انتشار مطالبات بمنع عرض الفيلم في مصر ومُحاكمة صناعه، كما لوحظ أن هناك حالة من البرودة الشديدة فى التغطيات الصحفية لهذا الحدث الفني الكبير حيث جاءت غالبية التغطيات باهتة وغير مرحبة أو حتى عدائية ومنتقدة .
ويذكّر الفيلم برواية بعنوان: “اسم الوردة” للكاتب الإيطالي أومبيرتو إكو التي تدور أحداثها في أحد الأديرة خلال العصور الوسطى، وتم اقتباس فيلم سينمائي منها. وقال المخرج طارق صالح (50 عاما) وهو سويدي من أصول مصرية “كنت أعيد قراءة هذا الكتاب عندما سألت نفسي: “ماذا لو أخبرت المشاهد قصة من هذا النوع ولكن في سياق إسلامي؟”.
وأضاف صالح، وهو من أم سويدية وأب مصري، والذي يقدّم في فيلمه لمحة من الداخل عن جامعة الأزهر في القاهرة التي تمثّل أهم مؤسسة متخصصة في العلوم الإسلامية السنّية: “أعتقد أن الغرب لا يفهم أي شيء إطلاقاً عن الإسلام”.
وعلى غرار فيلمه السابق “حادث النيل هيلتون” الذي صوّر في المغرب، لم يتم تصوير فيلم “صبي من الجنة” في مصر بل في تركيا.
وقال صالح :”لم أعد إلى مصر منذ تصوير (حادث النيل هيلتون) عام 2015 ، عندما أمرتنا أجهزة الأمن المصرية بمغادرة مصر. منذ ذلك الحين، أصبحت شخصاً غير مرغوب فيه وسيتم توقيفه حتماً إذا وطأت أقدامه الأراضي المصرية في ظل وجود النظام الحالي”.
وثمة قدر كبير من السيرة الذاتية في هذا الفيلم الروائي غير الوثائقي. وأوضح صالح أن جدّه، “كما الشخصية الرئيسية” في الفيلم، “من قرية صغيرة يمتهن ساكنوها مهنة صيد السمك لكنه درس في جامعة الأزهر، وشدد على أن فيلمه “بمثابة رسالة حب إلى مصر” و”تحية” إلى أجداده. وأكّد صالح الذي تعرّف إلى بلد والده وهو في العاشرة، أن لمصر مكانة خاصة في حياته.
وقال “أحب المصريين ولغتهم … وهي كالموسيقى بالنسبة لي عندما أسمعها، مع أن مستواي في اللغة العربية كارثي! “. ولم يكن طارق صالح دائماً مخرجاً، إذ بدأ حياته المهنية كفنان شارع ، ثم اتجه إلى الأفلام الوثائقية. وفي العام 2005 ، فاز الفيلم الوثائقي الذي أنتجه عن سجن غوانتانامو العسكري بجوائز في الولايات المتحدة وأوروبا. ورداً على سؤال وكالة فرانس برس عن مسيرته كمخرج قال بجدية “أكره أن أكون مخرجا”.
الحفاوة التي استقبل بها مهرجان “كان” السينمائي فيلم “ولد من الجنة” قابلها استهجان وغضب مصري من داخل المهرجان، لاسيما أن العمل اعتبر دخيلا على خصوصية الأزهر، وصور بعيون غربية وبلهجات غير مصرية وفي بيئة غير مصرية استعيض عنها بمواقع تركية.
لكن ما أراد توصيله المخرج طارق صالح في الفيلم، هو محاولة إقحام الرئاسة والأمن الوطني في اختيار شخصية شيخ الأزهر، لتظهر أحداث الفيلم طلب الأجهزة الأمنية من آدم التعاون معها وهو الفقير والجاهل بدهاليز السلطة السياسية، لكنه وافق مجبراً ولم يتوقع الأحداث الدرامية التي رافقت مهمته المهنية التي كادت تودي بحياته.
في النهاية يجد بطل الفيلم نفسه ضائعا بين واقعه المزري الفقير من جهة، وصخب القاهرة وكواليس السياسة والدين والصراع بينهما من جهة أخرى، لينتهي الفيلم بعودة آدم إلى مهنة الصيد إلى جانب والده بنفس المشهد الذي بدأ به الفيلم وهو داخل زورق مع والده في عرض البحر يبحثان عن قوتهما اليومي.
يشار إلى أن “ولد من الجنة” من بطولة 5 فنانين من خارج مصر، وكانت اللهجة واضحة على أداء الممثلين منهم “3” ممثلين فلسطينيين، وهم توفيق برهوم، ومحمد بكري، ومكرم خوري، وممثل لبناني هو فارس فارس، والممثل المصري عمرو مسعد، والسوري شروان حاجي، والتركي يونس البايرك، بالإضافة إلى الممثل التونسي مهدي دهبي الشهير في مسلسل “مسيح”.
و اعتبر المخرج السويدي من أصل مصري طارق صالح الذي فاز فيلمه “صبي من الجنة” بالسعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي في مجال السيناريو أن “الغرب مهووس بالإسلام وفي الوقت نفسه لا يفهم هذا الدين إطلاقاً”.
وأوضح أنه يرتاح أكثر إلى أن يكون “كاتباً”. فعلى غرار هارلان كوبن وجون غريشام اللذين يُعتبران من أبرز كتّاب الروايات البوليسية، يغذي صالح كل سيناريو يؤلفه بحبكات متشابكة ومعقدة. وقال “في كل مرة يُطلب مني التبسيط، وإلا فلن يفهم أحد”.
وقال الممثل اللبناني المقيم في السويد فارس فارس الذي يؤدي دور ضابط الشرطة في “صبي من الجنة” لوكالة فرانس برس “طارق في نظري مخرج وكاتب سيناريو رائع بالإضافة إلى كونه صديقي المفضل”.
المصدر: الشادوف+مواقع التواصل