نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، تحقيقًا مصورًا سلطت خلاله الضوء على ما قالت إنها “انتهاكات جنسية” من قبل السلطات المصرية بحق فتيات تعاملن مع “منظومة العدالة” المصرية، فيما رفض مصدر بالمجلس القومي للمرأة في مصر التعليق على التحقيق.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن الفتيات تعرضن للاعتداء بعد القبض عليهن بسبب التعبير عن الرأي أو بعد توجههن إلى السلطات القضائية للإبلاغ عن جرائم، مشيرة إلى أن كل حالة تمت مقابلتها قالت إنها تعرضت للانتهاك الجنسي على يد المسؤولين المؤتمنين على حمايتها.
وأضافت أنه “سواءٌ كنّ ضحايا أو شاهدات أو متّهمات، تواجه النساء اللواتي يتعاملن مع منظومة العدالة الجنائية في مصر خطر التجريد من ملابسهنّ وتحسّس أجسادهنّ وانتهاكها”، مؤكدة أنه ورغم عدم قانونية هذه المعاملة، إلا أن النساء في مثل هذه الحالات لا تستطيع فعل شيء تجاه بلد يحكمه نظام سلطوي ذكوري.
ونشرت الصحيفة على موقعها الإلكتروني مقاطع فيديو تتحدث خلالها الضحايا علنًا للمرة الأولى، واصفات الاعتداءات الجنسية التي قُلن إنهنّ تعرضن لها داخل مراكز الشرطة والسجون والمستشفيات.
وحسبما أشارت الفتيات فإن بعض هذه الاعتداءات حدث أثناء عمليات تفتيش روتينية يقوم بها الشرطة أو حرّاس السجون، في حين حدث البعض الآخر على يد أطباء تابعين للدولة بعد الطُلب منهم إجراء فحوصات جسدية من بينها ما يُعرف باسم “كشوف العذرية”.
وأفادت “نيويورك تايمز”، أنه لا يوجد إحصائيات معلنة حول عدد هذه الوقائع التي تقول جماعات حقوقية بأنه قد يجوز اعتبارها تعذيبا واعتداءً جنسيا، مشيرة إلى أن الفتيات في مصر لا يقدمن غالبًا بلاغات عن تلك الوقائع بسبب ما يتعرضن له من نبذ ومهانة في كثير من الأحيان، غير أن منظمات المجتمع المدني والخبراء والمحامين والمعالجين النفسانيين يقولون إنه توجد أدلة وافرة توحي بحدوث هذه الوقائع بكثرة.
وقالت الصحيفة، إنها وجدت ما لا يقل عن 12 فتاة روين أنهن مررن بتجارب مشابهة، مضيفة أن أغلب تلك الفتيات اخترن التحدث للصحيفة دون الكشف عن هويتهن خوفًا من الاعتقال أو الوصم المجتمعي الذي قد ينال أُسرهن.
وقالت أسماء عبد الحميد، 29 عامًا التي ألقي القبض عليها في القاهرة بسبب احتجاجها على رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق للصحيفة، إنها تعرضت لعمليات تفتيش جسدي ثلاث مرات، مشيرة إلى أن المرة الأولى حدثت المرة أثناء احتجازها في مركز الشرطة، حيث أجبرتها إحدى المفتشات على التجرد من ملابسها قبل أن “تمسك بصدرها وتصر على مشاهدتها وهي تتبول”.
أما المرة الثانية، فكانت داخل مستشفى عام أمام طبيب، لا يفصل بين جسدها العاري ومجموعة من الضباط سوى ستارة نصف مفتوحة، حيث طلب منها الطبيب أن “تنحني وتفتح ردفيها”، ثم طلب منها أن “تستلقي ونظر بين رجليها”، فيما قال إنه كان يكشف عما إذا كانت عذراء أم لا.
وحدثت المرة الثالثة في السجن وقت تسليمها، حيث أدخلت إحدى الحارسات “إصبعها الملفوف بكيس بلاستيكي التقطته من الأرض، في فتحة شرجها”.
وأشارت الصحيفة إلى واقعة احتجاز الجيش 18 امرأة على الأقل في احتجاج في عام 2011، وإخضاعهن لتفتيش ذاتي ولفحوص كشف العذرية، وقول الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي كان آنذاك مدير إدارة المخابرات الحربية، إنه يدرك “الحاجة إلى تغيير ثقافة القوات الأمنية”، حيث وعد “بحماية المعتقلين من سوء المعاملة”.
وقالت الصحيفة إن السيسي لم يحقق وعده بعد مرور عقد على هذه الواقعة، وسبع سنوات من توليه رئاسة الدولة.
وأضافت أن عمليات التفتيش الجسدي لا تقتصر على المشتبه فيهم في قضايا جنائية أو النشطاء، إذ قالت الصحيفة إنها تحدثت مع امرأتين ومحامية عن امرأة ثالثة قلن إنهن بعد تقدمهن ببلاغات عن تعرضهن لاعتداء جنسي تم انتهاكهن على أيدي أطباء تابعين للدولة.
وكان موقع الشادوف قد نشر في ابريل الماضي عن جريمة اغتصاب أحد المعتقلين فى السجون المصرية وهو الشاب : عبد الرحمن جمال متولي ابراهيم الشويخ (30 عاما) علي يد ضابط سجن المنيا العمومي : محمد محمدين، وأمين سجن المنيا : عمران والمخبر : حسين والمخبر: أشرف والمسير الجنائي: علاء ناجي ( أبوماندو) بالاضافة الى عساكر من القوة الضاربة بسجن المنيا.
وناشدت أسرة الضحية عبد الرحمن الشويخ كافة المنظمات الحقوقية والمهتمين بحقوق الانسان فى مصر إيصال صوتهم وشكواهم الى العالم لوقف تلك الممارسات الشائعة ضد المعتقلين السياسيين فى السجون المصرية والتي تتنافي مع معايير حقوق الانسان المحلية والدولية.
وفي عام 2011، قضت محكمة مصرية باعتبار “كشوف العذرية” القسرية “انتهاكًا لحرمة جسد الإناث وعدوان على كرامتهن الإنسانية”، ولكن في شهر أغسطس/ آب الماضي أفادت منظمة “هيومان رايتس ووتش” بأن “كشوف العذرية” القسرية لا تزال تستخدم.
وقالت الفتاة العابرة الجنسية ملك الكاشف في حديث مع الصحيفة، إنها احتجزت في أحد مراكز الشرطة لمدة أسبوعين، بينما كان المسؤولون يحاولون تحديد ما إذا كانت ستُرحّل إلى سجن النساء أم الرجال.
وأُرسلت ملك إلى مستشفى عام وهي مقيدة اليدين مع شرطي في زي رسمي أصر على حضور الكشف الطبي، حيث طُلب منها أن تخلع ملابسها لفحص أعضائها التناسلية قبل أن تخضع لفحص شرجي.
وتقول الكاشف إنه بعد مرور دقائق من إجراء الكشف عليها وبينما كان الشرطي يقتادها في طريق العودة إلى مركز الشرطة، أمسك بفخذها وأخبرها أنه شعر بالإثارة.
ورغم أن الكاشف قد خضعت لعلاج بالهرمونات وبدأت في إجراء عمليات جراحية للعبور الجنسي، إلا أن نتيجة الكشف عنها كانت غير قاطعة، إذ أرسلتها النيابة إلى مصلحة الطب الشرعي للكشف عليها مرة أخرى، قبل أن يحسم الأمر باحتجازها في زنزانة انفرادية داخل سجن الرجال.
وسجلت “نيويورك تايمز” شهادة أخرى لصحافية قالت إنها كانت تعمل أحيانا مع قناة الجزيرة، وكانت قد أعدت تقارير عن بعض الاضطرابات المتفرقة في مصر.
وقالت الصحافية التي تم إخفاء وجهها إنها “في مساء يوم ممطر من شهر أبريل/نيسان عام 2018، وبينما كانت تحمل الحاسوب والكاميرا في حقيبة ظهرها، أوقفها شرطيان بملابس مدنية”، مضيفة إلى أنه جرى اقتيادها معصوبة العينين إلى مؤسسة أمنية لاستجوابها، ليتم توجيه تهم لها بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة.
وأشارت الصحافية إلى أنه “خلال الأربع والعشرين ساعة الأولى من الاستجواب، تحسس جسدها رجل ظنّت أنه ضابط (كانت لا تزال معصوبة العينين)”، وأضافت أنها تعرضت لنفس الفعل مرة ثانية عندما دخلت السجن، حيث قضت قرابة العام دون محاكمة.
وتقدّمتْ الصحافية بشكوى إلى سلطات السجن، لكن لم يتغير أي شيء حتى عام 2019، عندما تقدمت سجينة أخرى في نفس السجن (سجن القناطر) إلى مكتب النائب العام بشكوى تقول فيها بأنها تعرضت للاعتداء الجنسي.
المصدر: الشادوف+ترجمات