رغم الإجراءات الأمنية المشدّدة التي فرضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي حوّلت فيها القدس المحتلة إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، أدّى، اليوم، أكثر من 60 ألف مصلٍ صلاة الجمعة الثانية من رمضان، في ما بات يُعرف بهبة “باب العامود” أو “بوابة دمشق”، المدخل الرئيس للبلدة القديمة، على وقع أعنف مواجهات شهدتها المدينة المقدّسة، الليلة الماضية، مع قوات الاحتلال ومستوطنيها.
وفي سياق إجراءاتها العسكرية، اليوم الجمعة، عزلت قوات الاحتلال البلدة القديمة من القدس بحواجزها الحديدية، وعرقلت وصول المسلمين إلى المسجد الأقصى، كما حدث عند باب الأسباط وباب العامود.
كما عزلت قوات الاحتلال المدينة المقدسة بالكامل عن امتدادها الجغرافي، وشدّدت من إجراءات الدخول على الحواجز العسكرية، خاصة حاجز قلنديا شمالي مدينة القدس، وحاجز النفق جنوباً، ومنعت آلاف الشبان الذين تقلّ أعمارهم عن 40 عاماً من دخولها.
وفي خطبة الجمعة التي ألقاها أمام المصلّين اليوم، ندّد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، الشيخ محمد حسين، باعتداء جنود الاحتلال ومستوطنيه على المرابطين في القدس بالضرب وإطلاق الرصاص وقنابل الصوت عليهم، مشيداً بـ”الوقفة الشجاعة لأبناء القدس وتصديهم لاعتداءات المستوطنين”.
في حين، أكّد رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، الشيخ عكرمة صبري، في تصريح خاص لـ”العربي الجديد”، على تواطؤ الاحتلال مع مستوطنيه في الاعتداء على المصلّين والمواطنين.
وقال صبري: “إنّ اندفاع شبابنا للدفاع عن مدينتهم ومسجدهم، يؤكّد من جديد أنّ للقدس من يحميها، وأنها لن تستسلم لاحتلال مهما طال الزمن أو قصر”.
يُذكر أنّ أكثر من 105 شبان مقدسيين، بينهم مصورون صحافيون أصيبوا، الليلة الماضية، في تلك المواجهات، فيما أضرم مستوطنون النار في مركبة فلسطينية في حي الشيخ جراح، وأصابوا عدداً من ركاب حافلة تعمل على خط القدس مخيم شعفاط، بعد أن حطّموا زجاجها. بينما أعلنت شرطة الاحتلال إصابة أكثر من 20 من عناصرها في مواجهاتها مع المقدسيين، التي استخدمت فيها الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الصوت والمياه العادمة.
وكان أكثر من 70 ألفاً من فلسطينيي القدس والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 قد أدّوا الليلة الماضية صلاتي العشاء وقيام الليل “التراويح”، برحاب المسجد الأقصى، رغم إجراءات الاحتلال المشدّدة في المدينة.في حين، اقتحمت قوات الاحتلال وبأعداد كبيرة، بعد منتصف الليلة الماضية، المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، وطردت المصلين بالقوة.
بدورها، أعلنت الحركة الإسلامية في بيت المقدس، في بيان وزّعته في المسجد الأقصى، أنها “في قلب المواجهة بجانب شعبنا في القدس، ونعاهد الله أن نبقى الأوفياء للقدس وأرضنا وأهلنا”، داعية أهل القدس إلى استمرار المواجهة مع الاحتلال ومستوطنيه وصولاً ليوم الـ 28 من رمضان لصدّ اقتحام الأقصى، ودعت كذلك أهالي الداخل الفلسطيني المحتلّ والضفة الغربية إلى “تكثيف شدّ الرحال للمسجد الأقصى يومياً، والوقوف إلى جانب إخوانهم في القدس”.
كما دعا البيان الفصائل الوطنية والإسلامية أن “تجعل من الدفاع عن القدس والمقدسات عنواناً للوحدة وللمعركة مع الاحتلال ومستوطنيه”، محذّراً من أنّ “عبث الاحتلال ومستوطنيه بالمقدسات ومشاعر المسلمين في شهر رمضان سيحرق الأيدي العابثة، وسيشعل الأرض تحت أقدام الاحتلال في كل الأماكن، وأنّ مراهنة الاحتلال على انبطاح دول التطبيع العربي واستغلاله للسيطرة على القدس والمقدسات هو رهان خاسر”، بحسب البيان.
ووجّهت ما تسمى بـ “تراث جبل الهيكل”، رسالة إلى وزير “الأمن الداخلي” بحكومة الاحتلال، طالبته خلالها بالسماح لليهود بإدخال صناديق وأكياس الطعام والشراب إلى المسجد الأقصى، والسماح لهم بتناولها داخله في أيام رمضان، حيث يعتبر ذلك من حقوقهم.
المصدر: الشادوف+العربي الجديد+وكالات