ألغت شرطة الاحتلال الإسرائيلي “مسيرة الأعلام” التي كان المستوطنون يعتزمون تنظيمها حول المسجد الأقصى الخميس المقبل، عقب تهديد فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة باستئناف القتال والعودة الى رشق المدن الاسرائيلية بالصواريخ، وهو ما دفع جيش الاحتلال لنشر منظومة “القبة الحديدية” المضادة لصواريخ المقاومة، على مقربة من حدود غزة.
وبعد العديد من المداولات بين المستويين العسكري والأمني، قررت شرطة الاحتلال إلغاء “مسيرة الأعلام” التي كانت مقررة يوم الخميس من هذا الأسبوع في القدس، بمشاركة نشطاء من اليمين الإسرائيلي. وأتاحت الشرطة للقائمين على تنظيم المسيرة أن يقوموا بتنسيق موعد آخر للمسيرة عوضا عن الأصلي.
ووفقا لتقديرات جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك” والجيش، فإن إقامة المسيرة وفقا للمخطط الذي وضعه المنظمون سيؤدي إلى “تصعيد كبير في القدس الشرقية والضفة الغربية”.
وجاء ذلك في وقت أعلن فيه عضو الكنيست المتطرف، إيتمار بن غفير، عزمه المشاركة في المسيرة “حتى في حال إلغائها”، مستخدمًا حصانته كعضو في برلمان الكيان “الكنيست”، وهناك توقعات بانضمام آخرين من أعضاء الكنيست عن “الصهيونية الدينية” وحزب “الليكود” إلى المسيرة، ونقل عنه القول “مفتش عام الشرطة يواصل خط الخضوع والاستسلام للإرهاب”.
وكان المخططون للمسيرة يريدون أن تمر من منطقة باب العامود، أحد أبواب المسجد الأقصى في البلدة القديمة، وصولاً إلى حائط البراق، ليقوم خلالها المستوطنون بإطلاق شعارات استفزازية، وينوون تأدية “طقوس يهودية”.
وكانت هناك خشية لدى ساسة الاحتلال المناوئين لرئيس الحكومة المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، بأن يوافق على تنظيمها بالشكل الذي يريده المستوطنون، بهدف إشعال فتيل الانفجار، على أمل أن يحول دون تشكيل حكومة إسرائيلية بديلة لحكومته الحالية.
وبما يظهر الخشية من هذا الموقف، أعلن وزير الجيش بيني غانتس، معارضته لإجراء هذه المسيرة، وقال إن تنظيمها في التوقيت الحالي “يمكن أن يضر بإجراءات سياسية ويجر المنطقة الى حالة أخرى من التوتر”.
كما حذر وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي، رئيس حكومته نتنياهو، من مغبة التلاعب بقضية القدس واصفاً إياها “بالحساسة”، وقال إن “قضية القدس تعتبر قضية حساسة ويمكن أن تؤدي إلى تفجر الأوضاع وعلينا الاستعداد لسيناريوهات التدهور والتصعيد”.
وفي هذا السياق قالت رئيسة لجنة الخارجية والأمن في “الكنيست” الإسرائيلي عن حزب “هناك مستقبل”، أورنا باربيفائي “إن سياسيين صغارا سيستخدمون أعلام الدولة للتحريض وإشعال المنطقة”.
وفي غزة، حذر نائب رئيس حركة حماس في القطاع خليل الحية إسرائيل من مغبة تنظيم المسيرة، وقال قبل الإعلان عن قرار إلغائها “أرجو أن تصل هذه الرسالة واضحة حتى لا يكون يوم الخميس مثل يوم 11 مايو”، ويقصد ذلك اليوم الذي أطلقت فيه المقاومة رشقات صاروخية على إسرائيل، وكان بداية العدوان الأخير، رفضا لتلك المسيرة التي كانت ستنظم في ذلك اليوم.
وأكد الحية أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول أن يجسد وقائع جديدة بإعلانه عن مسيرة أعلام جديدة، وبتصعيده في الشيخ جراح، وقال موجها الحديث للجهات التي تدخلت في إرساء التهدئة مؤخرا “نقول للوسطاء بشكل واضح، إنه آن الأوان للجم هذا الاحتلال، وإلا فالصواعق ما زالت قائمة”.
وكانت تنظيمات فلسطينية هددت بانفجار الأوضاع الميدانية من جديد، في حال جرى تنظيم هذه المسيرة الاستفزازية، التي أجلت قبل شهر تقريبا، وأورد موقع “واللا” العبري أن جيش الاحتلال قرر نشر القبة الحديدية في مناطق مختلفة، عقب تهديدات رئيس حماس في غزة يحيى السنوار، بالرد على نية المستوطنين تنظيم المسيرة، حين قال إن المقاومة “ستحرق الأرض فوق رأسه”.
وكشف مصدر عسكري إسرائيلي النقاب عن أن التوتر مع قطاع غزة لم يهدأ بعد، وأن جيشه يواصل البقاء على أهبة الاستعداد في هذه الجبهة وفي الضفة الغربية، وقال إن الوضع قابل للانفجار في كل لحظة، وأضاف “كل حادث استثنائي يمكن أن يؤدي إلى تصعيد”.
تجدر الإشارة إلى أنه سبق الإعلان عن إلغاء المسيرة واستمرار المداولات بشأن مصيرها، بعد أن ضاعف المقدسيون دعواتهم الموجهة لسكان المدينة، بضرورة “شد الرحال” إلى المسجد الأقصى المبارك والتواجد في شوارع المدينة والبلدة القديمة ومحيطها، لمواجهة “مسيرة الأعلام”.
وقد دعت اللجنة المركزية لحركة فتح كوادرها والمواطنين الى “النفير العام”، يوم الخميس المقبل، والوقوف صفا واحدا، للدفاع عن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ومواجهة مسيرة المستوطنين المتطرفين وأكدت أن القدس خط أحمر.
وحذر عزام الأحمد عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح، من مغبة تفجر الأوضاع في القدس المحتلة من جديد جراء نية المستوطنين تنظيم “مسيرة الأعلام”، وقال “إن الاحتلال يعمل جاهدا لتنفيذ مخططاته التوسعية والاستيطانية والتهويدية وتهجير المواطنين من أحياء بطن الهوى والشيخ جراح في القدس وتوسعة المستوطنات”، لافتا إلى أن حكومة الاحتلال تسعى إلى تعقيد الأمور وتفجير الأوضاع أمام الجهود الدولية المتواصلة لتهدئة الأوضاع في الأرض الفلسطينية.
وقال وزير شؤون القدس فادي الهدمي، إن تصاعد العنف الإسرائيلي ضد المواطنين في القدس الشرقية يستدعي تدخلا عاجلا وفوريا من قبل المجتمع الدولي، وحذر من مغبة السماح لجماعات اليمين الإسرائيلي المتطرف بتنفيذ ما يسمى بمسيرة الأعلام العدوانية في القدس.
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، يحاول إفشال تشكيل ما تُسمى “حكومة التغيير” في إسرائيل، عبر تفجير الأوضاع في القدس وتصعيد العدوان على مقدساتها ومواطنيها، لافتة إلى أن نتنياهو يحاول تكرار التجربة التي خاضها في جولة الصراع الأخيرة من خلال تحريض بن غابير وسموتريتش للخروج بما تسمى “مسيرة الأعلام” الاستفزازية، واستمرار تشديد الحصار على حي الشيخ جراح وتحويله الى ثكنة عسكرية، وقمع المواطنين والمتضامنين والصحافيين في حي الشيخ جراح، وآخرها اعتقال الناشطة منى الكرد، إضافة الى الاقتحامات المستمرة والمتصاعدة للمسجد الأقصى المبارك.
وحذرت من مواصلة نتنياهو لـ “سياسته الاستعمارية التوسعية التي طالما انتهجها منذ صعوده الى سدة الحكم في عام 2009، والتي يدفع شعبنا أثمانها الباهظة باستمرار”.
وطالبت المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص، بسرعة التحرك من أجل كبح جماح نتنياهو ومخططاته المتطرفة للحيلولة دون انزلاق المنطقة الى حرب دينية ومربعات عنف جديدة يصعب السيطرة عليها، وقالت “المطلوب أكثر من أي وقت مضى معالجة جذور الصراع والعمل بشكل فوري على إنهاء الاحتلال”.
المصدر: الشادوف+وكالات