تعاني مصر من فجوات تمويلية نتيجة العجز المزمن في موازنتها العامة، بالإضافة إلى جفاف بعض مصادر النقد الأجنبي، مما يلزمها البحث عن أدوات جديدة للاستدانة.
آخر هذه الأدوات إعلان وزير المالية محمد معيط، الأسبوع الجاري، استعداد بلاده دخول سوق التمويل الإسلامي عبر طرح صكوك سيادية لأول مرة.
وأشار معيط في بيان، إلى أن إصدار الصكوك يكون على أساس الأصول التي ستكون مملوكة للدولة ملكية خاصة.
ويعني ذلك، أن المستثمر في الصكوك له حرية بيع حق الانتفاع بهذه الأصول دون حق الرقابة أو عن طريق تأجيرها، في حال تخلف الدولة عن السداد، أو بأي طريق آخر يتفق مع عقد إصدار هذه الصكوك وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية.
وأضاف البيان، أن تحديد الأصول الثابتة والمنقولة المملوكة للدولة “ملكية خاصة” التي تصدر على أساسها الصكوك ستتم عبر قرار من مجلس الوزراء، بحيث تكون هناك آلية لتقييم حق الانتفاع بتلك الأصول، التي تصدر على أساسها الصكوك أو مقابل تأجيرها.
وأثار هذا القرار مخاوف البعض حول ما إذا كانت الأصول التي سترتهن أمام تلك الصكوك، معرضة لخطر الضياع في حال لم تستطع مصر سداد تلك الديون، خاصة في ظل اتساع حجم الدين العام في مصر وتحديدا الخارجي.
تظهر أرقام سابقة لوزارة المالية المصرية، أن الدين العام الخارجي المستحق على البلاد، بلغ 129.2 مليار دولار حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، بنمو 14.7 بالمئة على أساس سنوي.
ويرى وزير المالية أن مصر، بصدور هذا القانون، تدخل سوق التمويل الإسلامي لأول مرة الذى يصل حجم إصدارات الصكوك به إلى 2.7 تريليون دولار.
يرى الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، أن فكرة إصدار الصكوك السيادية وفق القواعد الإسلامية ليس بجديد على مصر، مشيرا إلى أنه في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي خلال 2013 تم إصدار قانون الصكوك الإسلامية، وألغي فيما بعد.
وأضاف الصاوي لـ”الأناضول”، أن لجوء مصر الآن إلى الصكوك الإسلامية كونها أحد مصادر التمويل، يأتي في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة تمويلية حادة، ويظهر ذلك من خلال إصدار العديد من السندات الدولية والاقتراض.
وأصدرت مصر سندات دولية خلال العام المالي 2019/2020 بقيمة 112.2 مليار جنية (7.17 مليارات دولار)، وفي العام المالي 2020/2021 يتوقع إصدار سندات بقيمة 72 مليار جنية (4.6 مليارات دولار).
كمل يتوقع في موازنة 2021/2022 أن تبلغ نحو 66 مليار جنية (4.22 مليارات دولار)، وفق بيانات وزارة المالية.
وأشار الصاوي إلى أن وجود ضمانات من الأصول أو المؤسسات العامة أمر طبيعي وفقا لآلية الصكوك، والتي ترتبط بأن يكون هناك أصل يتم عمل الصكوك عليه، مشيرا إلى أن الصكوك لا تصدر مثل سندات دين، ولكنها عادة ما ترتبط بأصل يتم تحويله إلى قيمة معينة.
وأوضح أن خطورة رهن الأصول، تتوقف على كيفية إدارة عملية الصكوك، حيث يجب توظيف أموال الصكوك في مشروعات حقيقية والعمل على إدارتها وفق قواعد اقتصادية تمكن الدولة من سداد التزاماتها تجاه أصحاب الصكوك.
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد أحمد ذكر الله، إن طرح مصر لصكوك الإسلامية يأتي في إطار عام وهو تنويع مصادر التمويل، في بلد يعاني أزمة مالية مثل عجز الموازنة العامة للدولة وعجز الموارد الدولارية.
وأضاف ذكر الله لـ”الأناضول”، أن هذه المعطيات تُحدث تقصيرا من جانب الدولة في العديد من المشاريع الخدمية، وبالتالي تتجه الدولة بشكل كبير نحو الاقتراض الذي أصبحت فوائده وأقساطه تلتهم جزءا كبيرا من المداخيل.
وتعتمد مصر على الاقتراض المباشر والتوجه إلى أسواق الدين (أذونات، صكوك، سندات) لتوفير سيولة بالنقد الأجنبي، للإيفاء بالتزاماتها، والحفاظ على احتياطي آمن من النقد الأجنبي.
وأوضح ذكر الله، أنه في حال أحسنت مصر استغلال الصكوك الإسلامية فسينعكس ذلك بالإيجاب على اقتصاد البلاد، مشيرا إلى ضرورة وجود ضابطين أساسين لضمان عدم وجود خطورة على الأصول المصرية.
وتابع: “الضابط الأول هو أن تتجه أموال هذه الصكوك إلى مشروعات إنتاجية حقيقية في الصناعة والزراعة، والضابط الثاني هو أن تبتعد مصر عن رهن الأصول الحيوية لا سيما أصول قناة السويس”.
المصدر: الأناضول