طالبت السفارة المصرية في رومانيا الهاربين من أوكرانيا، الذين استطاعوا الوصول إلى الأراضي الرومانية، بالتوجه فوراً إلى أقرب محطة قطار أو حافلات، والتوجّه إلى العاصمة بوخارست لحجز فندق وتذكرة سفر إلى مصر على نفقتهم الخاصة.
وأشارت السفارة، في بيان لها، إلى إعلان شركة الطيران الرومانية “تاروم” تسيير ثلاث رحلات مباشرة أسبوعياً إلى القاهرة، علماً أنّ ثمّة خطوطاً جوية يونانية وتركية قررت تسيير رحلات إلى العاصمة المصرية عبر الدوحة وإسطنبول.
وشدّدت السفارة على حجز تذاكر العودة إلى أرض الوطن على نفقة المصريين الخاصة، طالبة إبلاغها بأيّ حالات تعثّر في تحمّل تلك النفقات حتى تتمكّن من حصرها وإبلاغ الجهات المعنية بالأمر لاتخاذ اللازم بشأنها، من خلال إرسال بيانات المتعثرين وصور لجوازات سفرهم السارية عبر رقم طوارئ مفعّل لتطبيق “واتساب”.
على مقربة من جامعة خاركيف الوطنية الطبية، هاتف الطالب هيثم والده أشرف مذعوراً، مطالباً إياه بإطلاق وسم على وسائل التواصل الاجتماعي لمطالبة وزارة الخارجية المصرية بالتحرك لإنقاذه وزملائه.
وأطلقَ ناشطون وسوماً عدة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو لإنقاذ آلاف من طلاب الجالية المصرية الذين يدرسون في أوكرانيا. ويقدّر عدد الطلاب المصريين في أوكرانيا بنحو 4000 طالب.
وتداول ناشطون على “تويتر” منشوراً للممثل محمد هنيدي، يطالب فيه بإنقاذ الطلاب المصريين العالقين في أوكرانيا.
وجاء في آخر منشور على صفحة السفارة المصرية في العاصمة الأوكرانية كييف: “في ضوء بدء الغزو الروسي لأوكرانيا وفرض الأحكام العرفية في أوكرانيا وإغلاق المجال الجوي وكذلك القطارات، من المهم عدم الخروج من المنازل والاحتفاظ بمستندات إثبات الشخصية ومتابعة التعليمات من السلطات الأوكرانية إلى حين استقرار الأوضاع. وستقوم السفارة بموافاتكم بأية تعليمات إضافية من خلال موقعها على فيسبوك”.
خريطة التوزيع والإجلاء
وتشير تقديرات شبه رسمية إلى أن غالبية الطلاب المصريين في أوكرانيا يدرسون في مدينة خاركيف (شرق)، والتي تضم أكثر من 40 جامعة ومعهد للتعليم العالي في المجال التطبيقي والتكنولوجي.
ومع إجلاء العديد من الدول مواطنيها في فبراير/ شباط الحالي، انتقد طلاب مصريون في أوكرانيا عدم تحرك سفارة بلادهم لإجلائهم منذ بداية الأزمة، علماً أن كثيرين يشكون من قلة السيولة النقدية في ظل صعوبة التحويلات المالية والضغط على المصارف وماكينات الصرافة.
وكتب طلاب مصريون يدرسون في أوكرانيا على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أن الدراسة في جامعات أوكرانيا باتت عن بعد، والمطلوب إجلاء الطلاب إلى مصر أو من شرق أوكرانيا إلى غربها على الأقل.
وانتقدت تغريدات ومنشورات لطلّاب مصريّين يعيشون في مدينة إيفانو-فرانكيفسك (غرب أوكرانيا)، السفارة المصرية، وقيام المشرف على صفحة السفارة على “فيسبوك” بإزالة تعليقات الطلاب التي تناشد السفارة فعل شيء جدي لإنقاذهم. وفي نقاشات لطلاب مصريين على “فيسبوك” و”تويتر”، ذكروا أنهم حاولوا إنهاء إجراءات العودة إلى مصر منذ تصاعد التهديد الروسي بالغزو، لكنهم اصطدموا بعقبات إجرائية، ثم أغلقت المطارات في مدن أوكرانية عدة أخيراً قبل موعد سفرهم المحدد خلال الأيام القليلة المقبلة.
ومن بين من لم يحالفهم الحظ في النجاة طلاب السنة الأولى في الجامعات الأوكرانية، الذين حصلوا على الإقامة منذ أيام قليلة، الأمر الذي حال دون خروجهم. وكان عدد من الطلاب المصريين قد تمكنوا من مغادرة أوكرانيا قبل إغلاق المطارات.
بدائل
ويقول استشاري التعليم العالي في الخارج أحمد لبيب إنه لا بد من العمل بحسب أسوأ السيناريوهات المحتملة في أوكرانيا، وإن كان يرى أن العملية العسكرية ستكون محدودة، وينصح أولياء الأمور، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، بالتروي والتفكير بهدوء لإيجاد حلول، مؤكداً أنه ما من صعوبة في الانتقال إلى جامعات أخرى في الدول الأوروبية أو تركيا.
ويوضح لبيب أن هناك جامعات أخرى في أوروبا يمكن الدراسة فيها، لافتاً إلى أن المشكلة التي تواجه الطلاب في مصر هي اعتراف المجلس الأعلى للجامعات في البلاد بعدد معين من الجامعات الأوكرانية، يضيف أن الطلاب توجهوا إلى أوكرانيا للدراسة بقرار شخصي وبهدف تحقيق أحلامهم بالالتحاق بكليات معينة كالطب والهندسة.
ويشير إلى أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قد تعمد إلى إقرار حل استثنائي لهذا الأمر الطارئ، حال النجاح في إعادة الطلاب إلى مصر، موضحاً أن هؤلاء الطلاب قضوا النصف الأول من العام في جامعات خارج مصر. في المقابل، لا تتشدد بعض الجامعات الأوروبية في قبول طلاب من الخارج، منها جامعات ألمانية. أما بالنسبة للراغبين في دراسة الطب، فيجب ألا تقل نسبة النجاح في الثانوية العامة عن 90 في المائة. ويمكن للطلاب المصريين في أوكرانيا التحول إلى جامعات ألمانية شرط أن تكون ألمانيا معترفة بالجامعة الأوكرانية المحول منها.
واكتفت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بإصدار بيان رداً على استغاثات الطلاب المصريين العالقين في أوكرانيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وقال وزير التعليم العالي والبحث العلمي خالد عبد الغفار إنه تواصل مع السفير المصري في أوكرانيا أيمن الجمال، بهدف الاطمئنان على أحوال الطلاب المصريين في الجامعات الأوكرانية، مؤكداً أن أوضاعهم مطمئنة ومستقرة.
ونقل الوزير عن السفير المصري قوله إن “السفارة مستمرة في تواصلها الدائم مع الطلاب والجهات المعنية في أوكرانيا خلال الفترة القادمة، للاطمئنان على سلامتهم”. وشدد عبد الغفار على استمرار تواصل الوزارة مع السفارة المصرية في أوكرانيا والتنسيق مع كافة الأجهزة المعنية في مصر للاطمئنان على سلامة الطلاب المصريين في الجامعات الأوكرانية.
من جهتها، اكتفت وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج بإعلان متابعتها لموقف الجالية المصرية في أوكرانيا بشكل مستمر، وتواصلها مع رؤساء الجالية والطلاب المصريين هناك لمتابعة تطورات الوضع.
وقالت وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج نبيلة مكرم: “شكلنا غرفة عمليات مخصصة لمتابعة موقف الجالية المصرية في أوكرانيا، في ظل المستجدات والمتغيرات المتلاحقة، لا سيما الطلاب المصريين الموجودين في مدن أوكرانية عدة، للاطمئنان على أوضاعهم”.
أضافت مكرم: “وزارة الهجرة تعتزم التواصل مع الوزارات بهدف إيجاد بدائل للطلاب، بما يضمن الحفاظ على حياتهم أولاً، وتوجيههم للابتعاد عن المناطق الخطرة”، مدعية أن تحرك الوزارة “يأتي ضمن جهود الحكومة المصرية للحفاظ على مواطنيها في الخارج والتعرف على متطلباتهم في المرحلة الراهنة”.
وكانت إدارة الجالية المصرية في أوكرانيا (غير رسمية)، قد أعلنت عن القيام بحصر عدد الطلاب الموجودين في أوكرانيا، وخصوصاً الموجودين على الحدود الشرقية. ويهدف جمع المعلومات للتواصل المستمر، وتقديم الدعم الممكن، والإجابة على التساؤلات والاستفسارات.
من ناحيته، أعلن “الاتحاد العام للمصريين في الخارج”ومقره فى العاصمة البريطانية لندن، وصول دفعات من المصريين الفارين من الحرب في أوكرانيا إلى الحدود مع رومانيا بجهودهم الذاتية، اليوم السبت، داعياً المسؤولين في السفارة المصرية في بوخارست للتوجه بسرعة إلى حيث هم، من أجل تسهيل إجراءات عودتهم للقاهرة.
وطالب الاتحاد، في بيان له، أفراد الجالية المصرية في أوكرانيا، باتباع الإرشادات المرسلة من السفارة المصرية في كييف، والمتعلقة بالبقاء في المدن وعدم التحرك نحو الحدود في الوقت الراهن، نظراً إلى خطورة ذلك عليهم، في ضوء تجدّد المعارك في بعض المناطق واحتدامها ما بين القوات الروسية والأوكرانية.
المصدر: الشادوف+مواقع التواصل+صحف