قضت محكمة أمن الدولة الأردنية، اليوم الإثنين، بسجن الرئيس السابق للديوان الملكي باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد لمدة 15 عاماً لكل منهما، في القضية المعروفة إعلامياً بـ”قضية الأمير حمزة” أو “قضية الفتنة”.
وقررت المحكمة بالنسبة للمتهم الأول باسم عوض الله، وعملاً بأحكام المادة 149/1 من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 وتعديلاته وبدلالة المادة 76 من القانون ذاته، الحكم بالوضع بالأشغال المؤقتة لمدة 15 سنة والرسوم عن التهمة الأولى، وعملا بأحكام المادتين 7/ط من قانون منع الإرهاب رقم 55 لسنة 2006 وتعديلاته وبدلالة المادة 7/ و من القانون ذاته بالحكم عليه بالوضع بالأشغال المؤقتة لمدة 15 سنة والرسوم عن التهمة الثانية، وينفذ الحكم من تاريخ إلقاء القبض عليه الواقع في 3 نيسان/ إبريل 2021.
كما قررت المحكمة بالنسبة للمتهم الثاني الشريف حسن، عملاً بأحكام المادة 149/1 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 وتعديلاته وبدلالة المادة 76 من القانون ذاته، الحكم بالوضع بالأشغال المؤقتة لمدة 15 سنة والرسوم عن التهمة الأولى، وعملا بأحكام المادتين 7/ط من قانون منع الإرهاب رقم 55 لسنة 2006 وتعديلاته وبدلالة المادة 7/و من القانون ذاته بالحكم عليه بالوضع بالأشغال المؤقتة لمدة 15 سنة والرسوم عن التهمة الثانية، وينفذ الحكم من تاريخ إلقاء القبض عليه الواقع في 3 نيسان 2021.
وقررت المحكمة مصادرة المواد المخدرة المضبوطة بهذه القضية، ووفق القانون فإنه يتم الاكتفاء بعقوبة واحدة لكل من المتهمين وهي 15 سنة من الأشغال المؤقتة.
وتلا رئيس المحكمة، المقدم القاضي العسكري موفق المساعيد، وقائع الدعوة والتفاصيل الكاملة للائحة الاتهام، الذي قال إن “أركان التجريم في قضية الفتنة كاملة ومتحققة، وتثبت قيام المتهمين بتدبير مشروع إجرامي لإحداث فتنة، وتثبت تحريض المتهمين ضد الملك”.
وأشار إلى أن “المتهمين في قضية الفتنة يرتبطان بعلاقة صداقة، ويحملان أفكارا مناوئة للدولة والملك عبد الله الثاني، وسعيا معا لإحداث الفوضى والفتنة داخل المجتمع الأردني”.
وأضاف المساعيد أن “ما جرى هو مشروع إجرامي، ويحقق رغبات داخلية خاصة بالمتهمين، ويستهدف نظام الحكم القائم، وبيانات القضية أثبتت قناعة المحكمة بالجرم”.
وتابع أنه “على ضوء اكتشاف الأجهزة الأمنية لمخطط الفتنة، وضعت أجهزة الاتصال الخاصة بالمتهمين تحت المراقبة بقرار من المدعي العام”.
وأسند إلى المتهمين جناية القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وإحداث الفتنة بالاشتراك خلافا لأحكام المادتين 2 و7 على (ط) من قانون منع الإرهاب رقم 55 لسنة 2006 وتعديلاته، وبدلالة المادة 7 من القانون ذاته، وحيازة مادة مخدرة بقصد تعاطيها وتعاطي المواد المخدرة خلافا لأحكام المادة 9 /أ من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 23 لسنة 2016، والمسندة للمشتكى عليه الثاني.
وقال المحامي محمد العفيف، وكيل المتهم باسم عوض الله، إنّه “سيتم الطعن بقرار محكمة أمن الدولة في القضية لإحالة قرار السجن إلى محكمة التمييز”.
وخلال جلسات المحكمة، قال المتهمان إنهما غير مذنبين بالقضية، فيما قررت المحكمة عقد جلسات محاكمة المتهمين بالقضية سرّاً، وبررت قرارها بأن وقائع الدعوى تتعلق بـ”أمن وأسرار الدولة، وحفاظاً على النظام العام”.
ووفق لائحة الاتهام، فإنّ هناك ارتباطاً وثيقاً يجمع الأمير حمزة بن الحسين، ولي العهد السابق والأخ غير الشقيق للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، مع المتهمين المتابعين في القضية، لمساعدتهما في كسب التأييد الخارجي لتدعيم موقف الأمير في الوصول إلى سدة الحكم. وكان رئيس وزراء الأردن بشر الخصاونة قد أعلن أنّ الأمير حمزة لن يُحاكم، وأنّ موضوعه “يُحل داخل العائلة المالكة”.
وشهد الأردن، في 3 إبريل/ نيسان، استنفاراً أمنياً، شمل اعتقالات طاولت مسؤولين مقرّبين من الأمير حمزة. وفي 4 إبريل، تحدث وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، خلال مؤتمر صحافي، عن متابعة الأجهزة الأمنية لتحركات 16 متهماً، بينهم الشريف حسن بن زيد، وباسم عوض الله، تستهدف أمن الأردن واستقراره.
وأشار الصفدي إلى تحقيقات شاملة مشتركة حثيثة قامت بها الأجهزة الأمنية، ورصدت “تدخلات واتصالات شملت اتصالات مع جهات خارجية “بشأن التوقيت الأنسب للبدء بخطوات لزعزعة أمن الأردن”.
ومحكمة أمن الدولة هي محكمة عسكرية ذات ولاية قضائية خاصة على الجرائم التي تضر بالأمن الداخلي والخارجي للمملكة، أنشئت عام 1959، وتتشكل هيئاتها من مدنيين وعسكريين، وأحكامها قابلة للطعن لدى محكمة التمييز (أعلى هيئة قضائية بالبلاد).
وقد لفت نظر جميع الأطراف بأن القرار المكتوب الذي تلاه رئيس محكمة أمن الدولة الأردنية فيما عرف بقضية “الفتنة” تجاهل تقديم أي تفصيلات تخص ما سمي بـ”الجهات الخارجية ” التي قالت الحكومة في الرابع من نيسان/إبريل الماضي وفي بيان سياسي، إنها تورطت مع المتهمين. تلك بحد ذاتها رسالة أعمق سياسيا على الأقل من القضية ورموزها وتداعياتها.
الانطباع قوي هنا بأن المحكمة صاحبة الصلاحية في قبول الوقائع والبيّنات وتفصيل الاتهامات والإدانات، أنتجت هامشا للمناورة أمام الدولة العميقة وأمام حسابات المصالح العليا، عندما لم تتطرق لتلك الجهات الخارجية التي تحدث عنها علنا في وقت سابق، نائب رئيس الوزراء أيمن الصفدي، ولاحقا رئيس الوزراء بشر الخصاونة، عندما أشار مبكرا إلى أن المحكمة هي صاحبة الاختصاص.
بوضوح، التزم نظام القضاء الأردني بالمجريات القانونية البحتة، وترك الهامش لتعامل خلف الستارة وفي الإطار الثنائي مع أي جهات خارجية متورطة، في الوقت الذي تضمّن قرار الإدانة الذي تلاه صباح الإثنين القاضي العسكري موفق المساعيد، إشارةً مباشرة لصلة المتهم الثاني الشريف حسن بن زيد بولي العهد الأسبق الأمير حمزة بن الحسين.
في القراءة الأولى للمجريات، تفهم جميع الأطراف بأن أي عناصر في مؤامرة “الفتنة” لها علاقة بجهات خارجية تركت للتقدير والاختبار في ميزان مطبخ الدولة، ولم تدخل في الاعتبار القانوني والقضائي العلني على الأقل، وذلك يبرز بصيغة خاصة أن قضية الفتنة برمتها نتجت عمّا سماه سابقا الوزير الصفدي بتلاقي رغبة المتهمين البارزين مع “طموحات الأمير”.
بيان القاضي المساعيد تحدث عن رغبات داخلية للمتهمين تحققت وانتهت بثبوت أركان مشروع إجرامي سعيا لإحداث فتنة وعلى أساس مناوئة نظام الحكم والملك واستهداف نظام الحكم القائم.
قالت المحكمة إن بيانات القضية أظهرت قناعتها بارتكاب الجرم، ثم إشارة لارتباطات بين المتهميْن باسم عوض الله وحسن بن زيد، وبين تلك الأفكار المناوئة.
ساعات قليلة فقط فصلت في الأثناء بين صدور الحكم في القضية التي أثارت ضجيجا واسع النطاق محليا ودوليا، وبين بيان أصدره أقارب الشريف حسن بن زيد المتهم الثاني وباسم أشراف “آل الهيمق”.
البيان جدد البيعة للملك عبد الله الثاني ورفض الافتراءات والتشويشات ممن سماهم بـ”المتطرفين والحاقدين”.
المحكمة تلت قرار الحكم عبر نافذة تلفزيونية. وفي جلسة النطق بالحكم بدا المتهم والمدان عوض الله منهارا تماما في سياق إشارات لغة الجسد، فقد غزا الشيب مقدمة شعره وكان شاحب اللون وزائغ العينين وفقد بعضا من وزنه وغابت عنه تلك الابتسامة الواثقة. في الوقت الذي ينشغل السياسيون والمراقبون والإعلاميون بالبحث في السيناريو الثاني في ملف تلك القضية المثيرة والمتعلق بإمكانية صدور عفو ملكي لاحقا ولأسباب سياسية.
لكن ذلك السيناريو مطروح فقط على مستوى التهامس والقرار بعد إدانة أمن الدولة يخضع لمحكمة التمييز حكما، فيما كان محامي عوض الله، الجنرال المتقاعد محمد العفيف يذهب باتجاهات احتياطية لإكمال مشروع الطعن لدى محكمة التمييز.
المصدر: الشادوف+وكالات