شنت صحيفة «الوطن» السورية شبه الرسمية، هجوماً لاذعاً على حركة «حماس» بعد إعلان الأخيرة استئناف علاقاتها مع دمشق. وفي مقال نشرته الصحيفة تحت عنوان «بهدوء.. الإخوان المجرمون على مقصلةِ التفاهمات السورية ـ التركية من التالي؟»، قالت إن «حماس استمدت يوماً سطوتها الأخلاقية عندما احتضنتها عاصمة المقاومة دمشق، وبعد غدرها بالسوريين باتت كرتًا يتقاذفهُ من يريد تسجيل النقاط لا أكثر».
وأضافت «لا تقرأوا بيانات حماس التي عادت للتغني بالدولة التي دعمتها واحتوت قياداتها قبلَ أن تتلقفهم فنادق قطر للمقاومة والصمود، بل اقرؤوا في الصمت السوري ففيه لغة أكثر بلاغة». ومن وجهة نظر الصحيفة فإن الدولة السورية ليست بوارد رفض أو قبول إعادة العلاقات مع حماس، لأن الأخيرة ليست دولة ليتم تبادل سفراء معها، وإنما هي مجرد تنظيم يجب النظر إليها من هذا الباب لا أكثر.
وأكدت أنه إن قرر أحدهم في هذا التنظيم زيارة سوريا فأبوابها مفتوحة لكل من يقدم نفسه كمقاوم وليسَ من يتاجر بملف المقاومة، وقالت «المستويات التي سيتم التعاطي معها فلتكن أسوة بالشقيقة مصر التي تتعاطى مع التنظيم على مستوى الأجهزة الأمنية لا أكثر، من هذا المنطلق ربما على حماس الكف عن إصدار البيانات حول «قرارها» بعودة العلاقة مع سوريا، لكثرةِ ما يوجد متحدثون باسم حماس فقد تكرَّرَ هذا البيان لمراتٍ ثلاث في الأسابيع الماضية والنتيجة ماذا؟».
وتابعت بأن «سوريا لا ترى هذهِ الانعطافة السياسية إلا انطلاقاً من انعطافات الرأس الأكبر لا أكثر ولا أقل، وبمعنى آخر هناك تقاطع انعطافات ولَّدَ لدى حماس هذه الرغبة ولو بقي التركي والقطري على مواقفهما لرأينا علم الانتداب يحلق من جديد فوق رأس المدعو خالد مشعل دعماً لـ»الثوار» في سوريا، ومن ثم ادعائِه بعدم علمه بما يمثلهُ هذا العلم! يا له من رئيس مكتب سياسي محنَّك! كانَ من المفترض أن يكون هذا الموقف الحمساوي إن صحَّت مصداقيته الأخلاقية نتيجة لمراجعة داخلية وليست رقصاً على أنغام كبيرهم الذي علمهم الكفر!».
وقالت الصحيفة «دعونا ننتظر، تحديداً بأن عدم الاستعجال السوري يوحي بهدوءٍ ناتج عن الكثير من المعلومات بأن هذه التراجعات التركية ومن خلفها القطرية وصولاً إلى الحمساوية، هي تراجعات أمريكية ستصل حكماً إلى مكانٍ ما لكن حتى ذلك الحين ليعلم الصديق قبل العدو». وأنهت بقولها: «لا مكان لعصابة الإخوان المسلمين في سوريا تحديداً بعدَ أن باتت وباعتراف عربي ودولي تنظيماً إرهابياً، وهناك من يطلب منا إعادة الروح إليها…يا لكم من سذج».
ويرى مصدر من حكومة دمشق أن المقال في الصحيفة يعبر إلى حد ما عن موقف السلطات السورية رغم أنه لم يصدر ما يؤيد ذلك علناً حتى الان، حسب تأكيده لـ«القدس العربي».
واتهم المصدر «حماس» بأنها غدرت بسوريا، مشدداً على أن «دمشق لم ولن تغفر لحماس»، مضيفاً أن «موقف سوريا من جماعة الإخوان معروف بشكل عام، وتم استثناء حماس من أجل المقاومة، لكن بعد غدرها لم يبق هناك عذر لقبولها مرة أخرى». وفي السياق ذاته، تحدث موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، عن اشتراط النظام السوري قبل إعادة العلاقات أن تعتذر «حماس» عن موقفها من الحرب في سوريا، وأضاف نقلاً عن مصدر بارز من الحركة أن «النظام لن يسمح لبعض الشخصيات بدخول البلاد مرة أخرى، أبرزها القائد البارز خالد مشعل».
وحسب المصدر رفضت «حماس» بشكل قاطع الاعتذار، وتم الاتفاق على إصدار بيان يؤكد «دعم القيادة السورية، وهذا ما عبر عنه البيان الأخير». وتوقع المصدر الذي لم يسمه الموقع أن يزور وفد من «حماس» سوريا، خلال الأيام المقبلة، برئاسة موسى أبو مرزوق أو خليل الحية، وليس رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية في هذه المرحلة.
لكن، المعارض السياسي والخبير القانوني، محمد سليمان دحلا، قال إن وسائل الاعلام الرسمية وغير الرسمية التابعة لنظام الأسد لا يتابعها إلا الشريحة المؤيدة، لذلك هو يتوجه في خطابه لهؤلاء ويحافظ على سرديته بأنه انتصر على المؤامرة، وأن من ناصبه العداء في الماضي يستجدي إعادة العلاقة معه وهو يتمنع.
وأضاف لـ«القدس العربي» أن النظام يدرك أن موقف حماس الأخير غير مرحب به لدى الشعب الفلسطيني عموماً ولدى حاضنة حماس خصوصا، حيث هناك تيار واسع داخل قيادتها يرفضه وبذلك، يعتقد دحلا أن النظام يدرك أن ذلك الموقف يمكن أن يتغير بأي لحظة نتيجة الضغوط الشعبية لذلك يتعامل مع الأمر بتحفظ، لو كان واثقاً من أن موقف حماس هو موقف استراتيجي نحو دمشق لتعامل معه بنفس الطريقة.
المصدر: الشادوف+صحف