حذر الناشط المصري الفلسطيني رامي شعث من الممارسات التي يقوم بها النظام المصري فى مجال حقوق الانسان، وقال في مقابلة مع صحيفة “لوموند” الفرنسية، نشرتها اليوم الأربعاء إن “النظام المصري القمعي يخلق أمة من اليائسين”، حسب قوله.
وأوضح شعث أنه أمضى عامين ونصف العام في غرفة مساحتها 23 مترًا مربعًا ، بجدران متهدمة، وبطانية بسيطة للنوم فيها، وفتحة في الأرض تستخدم كمرحاض وماء بارد، موضحا في الوقت نفسه أنه لم يتعرض للتعذيب، لكنه فقد صديقاً توفي بنوبة قلبية في الحبس الانفرادي. وتوفي سجين آخر بسبب الصعق بالكهرباء بسبب خلل في الأسلاك.
وأكد رامي أنه في غضون عامين ونصف العام التي أمضاها في السجن ، استغرقت الاستجوابات الحقيقية الوحيدة التي تعرض لها 45 دقيقة فقط، وقال له المدعي العام إنه متهم بالمشاركة في منظمة إرهابية. وعندما سألته أي واحدة، أجاب بأنه لا يستطيع الرد علي. كما أخبرني أنني متهم بنشر أكاذيب على الشبكات الاجتماعية بهدف زعزعة استقرار البلاد”. وهو اتهام مضحك بما أنني لا أستخدم شبكات التواصل الاجتماعي.” كما يقول رامي شعث.
وتابع رامي: “ للسجن الذي كنت فيه 4 أجنحة ، كل منها يضم 26 زنزانة تضم حوالي 18 سجينًا ، أي ما مجموعه 1800 شخص. كان هناك جناح لنشطاء الثورة ونشطاء المنظمات غير الحكومية و”أشخاص عاديون” ليس لديهم ملف سياسي معين ، ثم كان هناك جناحان ونصف الجناح للمتعاطفين مع الإسلاميين. لكن يجب أن يكون مفهوماً أنه لم يتم القبض على أي من هؤلاء السجناء لارتكابهم جرائم عنف. كلهم كانوا هناك لارتكابهم جرائم تتعلق بالرأي. وبعد ذلك ، بدءًا من عام 2020 أصبح الأشخاص الذين ليس لديهم ماضي سياسي والمعتقلون بشكل تعسفي تمامًا يمثلون الأغلبية”.
واعتبر رامي شعث أن فرنسا لعبت فعلاً دورًا أساسيًا،قائلا: “ ذكر الرئيس إيمانويل ماكرون قصتي علنًا، عندما استقبل نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في ديسمبر 2020 في باريس، ووزير الخارجية جان إيف لودريان، فعل ذلك خلال زيارته إلى مصر. كان هناك أيضًا حشد للبرلمانيين والمنظمات غير الحكومية ، ضمن الحملة الدولية التي قادتها زوجتي سيلين. وجدت السلطات المصرية نفسها تحت ضغط مستمر، الأمر الذي أغضبها بشكل خاص.
ويوضح رامي قائلا : ” بعد حديث ماكرون، جاء الحراس وخربوا زنزانتنا وحرموني من المشي لمدة شهرين. لكن هذه المضايقات كانت صغيرة مقارنة بالفرحة والحماية اللتين أعطاني إياهما دعم الرئيس الفرنسي”.
لكن فرنسا يمكنها ويجب عليها أن تفعل المزيد، كما يقول رامي شعث، مشددا على أنه لا يمكن لفرنسا الاكتفاء بالإفراج عن شخص، مثل حالتي أو رامي كامل وباتريك زكي. يجب وضع حد لقوائم الأسرى لدى النظام المصري للإفراج عنهم، حيث إن هناك الآلاف من السجناء الآخرين ، أقل شهرة منا، لكنهم يستحقون الإفراج عنهم، مهما كانت ميولهم السياسية. نحن بحاجة إلى استراتيجية عالمية.
وكان الناشط السياسي المصري الفلسطيني رامي شعث قد وصل إلى باريس يوم السبت الموافق 08 يناير 2022 عقب إفراج السلطات المصرية عنه بعد عامين ونصف العام من الحبس، غير أنّه “أُجبر” على التنازل عن جنسيته المصرية، بحسب بيان أصدرته أسرته وتلقته وكالة فرانس برس.
وأوضحت العائلة أنه تم اطلاق سراح شعث “مساء السادس من كانون الثاني/يناير، بعد أكثر من 900 يوم في الاعتقال التعسّفي” وأنه “التقى ممثلي السلطة الفلسطينية في مطار القاهرة ومن هناك سافر الى عمان”، إلى أن وصل إلى مطار رواسي شارل ديغول بعد ظهر السبت.
واكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عبر تويتر انه يشارك زوجة شعث “ارتياحها، وحيّا “قرار السلطات المصرية”، “شاكرا كلّ الذين ادوا دورًا ايجابيًا في هذه النهاية السعيدة”.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان “منذ أكثر من عامين، عملت السلطات الفرنسية بشكل كامل مع السلطات المصرية حتى يتسنى إيجاد مخرج ايجابي لوضع السيد شعث”.
ورامي (48 عاما) هو نجل نبيل شعث، القيادي الكبير والوزير السابق في السلطة الوطنية الفلسطينية. وقد ولد في مصر لأم مصرية.
ويعد شعث أحد وجوه ثورة كانون الثاني/يناير 2011 المصرية ومنسّق “حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات” (بي دي إس) التي تدعو لمقاطعة إسرائيل، في مصر. أوقفت السلطات الأمنية المصرية شعث في الخامس من تموز/يوليو 2019 في القاهرة بتهمة إثارة “اضطرابات ضدّ الدولة”.
وأوضح شعث “اتهموني بالكثير من الأمور وقالوا لي ذات يوم + أنت متهم بانضمامك إلى منظمة إرهابية. + وسألتهم + ما هي المنظمة الإرهابية؟ + فأجاب + حسنًا ، لن نخبرك + “، ساخراً من خفة التهم الموجهة إليه.
وقالت العائلة في بيانها “مع فرحتنا لاستجابة السلطات المصرية لندائنا من أجل الحرية (…) نعبّر أيضا عن استيائنا من اجبارهم لرامي على التنازل عن جنسيته المصرية شرطا للافراج عنه”.
وأضاف البيان “يجب ألا يختار الانسان بين حريته وجنسيته. ولد ونشأ رامي مصريا وكانت مصر وستبقى وطنه ولن يغير التنازل القسري عن جنسيته ذلك أبدا”.
60 ألف سجين رأي
وكانت خمس منظمات حقوقية خاطبت في كانون الأول/ديسمبر الماضي الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون بشأن مصير الناشط الفلسطيني المصري.
وقبلها بعام، في السابع من كانون الأول/ديسمبر 2020، أكد ماكرون أنه تحدث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء زيارته إلى باريس، عن “حالات فردية” عدة بينها شعث.
ويواجه نظام السيسي اتّهامات منظمات غير حكومية بقمع المعارضة ومدافعين عن حقوق الإنسان. وأكدت هذه المنظمات في تموز/يوليو الماضي أنّ هناك حوالى ستين ألف سجين رأي في مصر.
واعتبرت 11 منظمة غير حكومية في بيان مشترك، بينها منظمة العفو الدولية والاتحاد الدولي لحقوق الانسان ومنظمة “الديموقراطية الآن للعالم العربي”، أن الإفراج عن رامي شعث لا يضع حدًّا “لأهمية تحرّك دولي ضدّ الحصيلة الكارثية للحكومة المصرية في مجال حقوق الانسان”.
وأضافت المنظمات أن بين “عدد لا يحصى من السجناء” الذين لا يزالون “محتجزين بشكل تعسفي” في مصر، هناك العديد من “الناشطين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والأكاديميين والصحافيين المحتجزين لمجرّد ممارستهم حقوقهم في حرية التعبير والتجمّع السلمي وتكوين الجمعيات”.
وعبّرت اسرة شعث في بيانها عن “امتنانها لجميع المتطوعين ومنظمات حقوق الانسان العامة والمواطنين وآلاف الشخصيات في كل الوطن العربي والشتات والعالم ممن طالبوا باطلاق سراحه”.
واعتبرت أن “الإفراج عن رامي هو شهادة حية على قوة تنظيم الجهود لوضع حد للظلم الذي ناضل ضده رامي طوال حياته”.
وفي السابع من كانون الأول/ديسمبر، أفرجت السلطات المصرية عن الناشط والباحث باتريك زكي بعد قضائه 22 شهرا في الحبس الاحتياطي، غير أنه ما زال يواجه عقوبة بالسجن لفترة تصل إلى خمس سنوات بتهمة “نشر معلومات كاذبة” بسبب مقال ندد فيه بالتمييز ضد الأقلية القبطية في مصر.
تنفي القاهرة الاتّهامات الموجهة إليها في مجال حقوق الإنسان وتؤكّد أنّها تخوض حرباً ضدّ الإرهاب وتتصدّى لمحاولات زعزعة استقرار البلاد.
المصدر: الشادوف+مواقع التواصل