نكبة 30 يونيو (1).. هي أكبر عملية لتغييب العقول حتى لصفوة القوم من العلماء والدعاة والأكاديميين، وقد استفاق بعضهم فدفع نفس الثمن وشرب من نفس الكأس، إنها سنن الكون عندما يكون الجزاء من جنس العمل.
نكبة 30 يونيو (2).. في نكسة 67 كان الإعلام بطل معارك الوهم والهزائم عندما أعلن أحمد سعيد أن الجيش المصري على أبواب تل أبيب وأن طائرات العدو تتساقط كالطير المذبوح.
وفي نكبة 30 يونيو استطاع الإعلام أن يغيب عقول الملايين وفي مقدمتهم النخبة المصرية التي كان يراهن عليها في بناء وعي الشعب لكنها خذلته..
نكبة 30 يونيو (3)..من حرصوا على شراء الشرعية الوطنية فرطوا في كل شيء حتى في الوطن وثرواته، “السيسي نموذجا”. ومن حرصوا على الشرعية الرسمية فرطوا في الشرع نفسه “التيار السلفي المدخلي نموذجاً.
ومن غلبت عليهم المواءمات خسروا الحياة وصاروا من عداد الأموات.
وكلهم تحولوا إلى أدوات وظيفية في يد الخصوم والأعداء، وتحول النضال والجهاد إلى وجاهة وبزنس وصفقات.
نكبة 30 يونيو (4)
قانون فصل الإخوان من أجهزة الدولة هو تمرين عملي أو مثال محلول للجولة الثورية القادمة عندما تسقط السيسي تسقط معه كل رؤوس النظام بمقصلة الثورة لا بسيف القانون الذي أنتجته عصور الاستبداد والثورة المضادة، هكذا تعلمنا الثورات التي لا تحتمل إلا وجه واحد هو استعادة الحياة أو ما نحن فيه من الموت.
نكبة 30 يونيو (5)
لا تخوضوا صراعات وهمية مع أو ضد 30 يونيو، وليكن الهدف الأهم كيف الخروج منها ومن تداعياتها، كما خرجنا من نكسة 5 يونيو بعبور أكتوبر 73، إنجازات 30 يونيو هي نفسها إنجازات 67 إعلام كاذب ومزيف.
نحن بحاجة لعبور جديد، عبور الهزيمة النفسية والردة العقلية على المستوى الشخصي أولا لأن 30 يونيو أكبر عملية لتغييب العقول في العقود الأخيرة.
تغييب عقول النخبة في السلطة والمعارضة وغالبية الشعب، وقتها يكون الخروج منها والعبور إلى ما بعدها تحصيل حاصل.
نكبة 30 يونيو (6)
هناك قاعدة شهيرة في العمل الحكومي وهي: (الحكومة تكذب وتعلم أنها تكذب و الشعب يعلم أنها تكذب ومع ذلك ينسى ويصدقها).
الحكومة المصرية تعلن أنها (ستعمل) آلاف المشروعات الاستثمارية والتطوير للمستشفيات الحكومية وبناء الفصول الدراسية ولا يوجد جنيه واحد من بنود الميزانية يقول بذلك، يعني وعود الفهلوة، والأهم أن يخرج الإعلام ويسوق ويروج وكأنها تمت بالفعل.
وهذا ذكرني بصديق أستاذ في البحوث الزراعية وتحليل التربة، قال عرضنا على الوزير زراعة مليون نخلة كحزام أخضر لحماية التربة والمناطق السكنية مجرد اقتراح ولم تقدم الدراسة بعد، يقول: صدمنا عندما طالعتنا الصحف أن الرئيس أصدر تعليماته بزراعة مليون نخلة في أكبر مشروع عالمي للتمور، وبالطبع لم توضع فسيلة واحدة، مع العلم أن مصر بالفعل تحتل مركزا متقدما في زراعة التمور، لكن هذا ليس له علاقة بموضوع التناول ولا علاقة بالحكومة أصلا.
نكبة 30 يونيو (7)
منظومة العسكر واختبار الوطنية!!
من التحديات الكاشفة في كل المربعات المشتبكة والمتصارعة في السياسة والدولة والدين والدعوة هو تحد الفجوة بين القيم والإجراءات بين ما نقول ونعمل وبين ما نهتف ونسلك، بين مانرفعه من شعارات وبين ما نعيشه من إجراءات، نعم الفجوة بين القيم والإجراءات.
كم من الأغاني والأناشيد الوطنية في بلدان العرب أكثر بلدان الدنيا كلها وكأنها النسخة المعدلة لشعراء الملوك والأمراء من عصور الجاهلية الأولى إلى عصور الاستبداد والفساد والفشل، شريحة من الشعراء عملهم الوحيد ذكر محاسن الحاكم بالحق والباطل، هكذا الاغاني الوطنية والأفلام السينمائية والمسلسلات الدرامية، سيناريوهات وتصريحات وتعليقات في قمة الوطنية بل يتهمون كل من خالفهم بالخيانة والعمالة وربما بالكفر والخروج.
لكن يأتي الواقع كاشفا فاضحا، لقطاع غير قليل من الفنانين المشاركين والإعلاميين المؤيدين والسياسيين الداعمين ورجال الأعمال الممولين بل وبعض الجمهور المتحمسين، كم منهم تهرب من الخدمة العسكرية، وكم منهم تهرب من دفع الضرائب المستحقة للدولة، وكم منهم تعامل بالرشوة، وكم منهم استولى على أراضي الدولة، وكم منهم أضاع حقوق الناس أو أكل أموالهم، وكم منهم شهد زوراَ أمام المحاكم، بل كم منهم حكم ظلما باسم القانون ؟!، كم منهم يسرق ويهرب آثار الوطن، وكم منهم يأخذ العمولات المشبوهة على تصدير البترول واستيراد السلاح، كم منهم يفرض على الغير الاتاوات ويتجسس على الناس وينشر التسريبات، كم منهم يعمل لحساب الغير بالريالات والدولارات ؟! كم منهم يكذبون بكل صدق، ويغشون بكل ضمير، ويخونون بكل أمانة، وينافقون بكل إخلاص!!.
الوطنية، ليست شعارات ولا كلمات ولا برامج ومقالات ولا أفلام ومسلسلات، الوطنية، قيم ومعارف وسلوكيات وحقوق وواجبات وخدمات والتزامات، بعيدا عن المؤتمرات والمهرجانات، الوطنية، علم وفن ومهارات، وقدوة وسلوك وممارسات، ومناخ عام لترسيخ أنبل الأخلاقيات.
نكبة 30 يونيو (8)
“العدل عمود الخيمة”
ويبقى صراع الوجود والزوال قائم بين الفساد بألوانه وبين العدل وميزانه لا يتوقف الفساد ولا يستسلم العدل ولا يرفع الراية فتبقى الدول على هذا الحال رغم ما فيها من فساد وخلل لأن عمود خيمتها لم ينكسر بعد ألا وهو العدل والعدالة، ”الغرب نموذجا”.
أما إذا تصالح الفساد بألوانه مع العدل وميزانه بل أصبح الميزان في خدمة السلطان، هنا لا دعوة ولا دولة ولا دين ولا دنيا، شاع الفساد وخدمه الميزان ورضي به القطيع والقطعان فكان الزوال رغم وجود بعض الرافضين والدعاة المصلحين، كان الزوال والانهيار، زوال الهيبة وانهيار المكانة وهوان الناس على الفاسدين، أرواحهم وأعراضهم ودينهم وقبل ذلك دنياهم.
العدل أساس الملك، ليس عدل الحاكم ولا القضاء فقط، بل العدل كقيمة مع النفس والغير في البيت والمدرسة والمسجد في الشارع والجامع، في الحزب والجماعة، وإلا فالبديل هو ما نحن فيه الآن، المذلة والهوان رغم وجود الصالحين.
وللحديث بقية
محمد عماد صابر
سياسي وبرلماني مصري
من نواب برلمان الثورة 2012
الآراء الواردة فى المقال تعبر عن صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن موقع الشادوف أو تمثل سياساته التحريرية