تفجرت خلافات علنية بين أصدقاء وزملاء الكاتب الصحفي المصري ياسر رزق الذي وافته المنية اليوم الأربعاء إثر أزمة قلبية عن عمر ناهز 58 عاما، وكشف الصحفي شريف عارف، أن رزق توفي في المستشفى الذي كان يعالج به في التجمع الخامس فيما تم نقل جثمانه إلى المنزل عقب وفاته، وهو ما نفاه عادل دربالة مدير تحرير جريدة الأخبار ومن المقربين للراحل ياسر رزق.
وقال شريف عارف في تصريحات صحفية إن ياسر رزق أوصاه قبل وفاته بتشييع جثمانه من محافظة الإسماعيلية مسقط رأسه ودفنه هناك بجوار والده، بينما قال عادل دربالة، إن الكاتب الصحفي ياسر رزق توفي في منزله وعلى سريره وليس في المستشفي التي نُقل إليها بالتجمع الخامس على إثر أزمة صحية تعرض لها مساء أمس الثلاثاء.
وأضاف أن رزق، عاد إلى المنزل ونام على سريره وسط أسرته ونطق بالشهادتين قبل أن تنتقل روحه إلى بارئها، وأنه كان يجهز نفسه ليلة أمس للسفر إلى السعودية لأداء العمرة مع زوجته الكاتبة الصحفية أماني ضرغام، وأنه كان يشعر بسعادة كبيرة خلال أيامه الأخيرة بسبب ردود الفعل الإيجابية بشأن كتابه ( سنوات الخماسين ) الذي تم توقيعه منذ أيام في دار الأوبرا المصرية، وكان متحمسا لإنهاء الجزء الثاني من الكتاب الذي أوشك بالفعل على وضع اللمسات النهائية عليه.
وكشف دربالة النقاب عن أن صلاة الجنازة ستجري على جثمان الفقيد يوم غد الخميس بعد صلاة الظهر من مسجد المشير محمد حسين طنطاوي في القاهرة الجديدة ويقام سرادق العزاء مساء الأحد المقبل بنفس المسجد، فيما لم تتم الإشارة الى مكان دفن الجثمان: هل فى الاسماعيلية وفقا لوصيته لشريف عارف، أم فى القاهرة بناء على رغبة القوات المسلحة المصرية، وفقا لزميل صحفي مقرب من رزق ، فضل عدم الكشف عن هويته.
يأتي ذلك في وقت نعت فيه القيادة العامة للقوات المسلحة، ” أحد رموز الصحافة المصرية الذي طالما خط بقلمه وسُجلت كتاباته في حب مصر وجيشها بحروف من نور.”
وقالت قيادة الجيش المصري في بيان لها: ” ندعو المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع الرحمة والمغفرة وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.”، كما أعربت وزارتا الداخلية والخارجية ونقابة الصحفيين عن عزائهم في بيانات رسمية عددت فيها مناقب الفقيد، ودوره فيما وصفته بـ” دعم أجهزة الدولة المصرية” حسب بيان الداخلية.
وقد خيَّم شبح الموت على الندوة التي أُقيمت مؤخرًا لمناقشة كتاب “سنوات الخماسين.. بين يناير الغضب ويونيو الخلاص”، للكاتب الصحفي ياسر رزق، الذي رحل صباح اليوم إثر أزمة قلبية، وكأن هذه الندوة كانت بمثابة حفل وداع للكاتب الراحل.
جاء ذكر الموت في أكثر من موضع خلال هذه الندوة التي شهدت حشودًا كبيرة حضرت لمعرفة كواليس ما حدث خلال الأعوام الماضية وَفق رؤية ياسر رزق، في كتابه المثير والكاشف لتلك الفترة المثيرة للجدل في عمر الوطن.
وتحدث الكاتب الراحل بصراحته المعهودة في هذه الندوة، مؤكدًا أنه أصدر هذا الكتاب الذي يعد الجزء الأول من ثلاثية ترصد ما حدث؛ ولكن القدر لم يمهله لإصدار الجزأين التاليين.
وقال ياسر رزق، في كلمته: لقد قدمت الجزء الأول من هذا الكتاب وأنا لا أكتب تاريخًا وإنما أرصد ما حدث من زاوية رؤيتي للأشياء، وفكرت في إصدار هذا الكتاب مبكرًا لأن عمر الإنسان ليس بيدَيه، ولأنني شاهد على ما رأيت، فكان يجب عليَّ أن أكتب ما رأيت، وأدعو جميع الحضور أن يكتبوا ما لديهم، لأنهم إذا لم يكتبوا سيكتب الإخوان كتبًا عديدة ستشهد تزويرًا للتاريخ.
ووجه رزق حديثه إلى المثقفين الذين يجلسون على المنصة بجواره، قائلًا: إنني أدعو الدكتور عمرو الشوبكي إلى أن يكتب ما لديه في مذكراته، وكذلك الدكتور منير فخري عبد النور، والدكتور سامي عبد العزيز، وأن يقوم الكاتب الصحفي حلمي النمنم بتحليل كل هذا.
وأضاف رزق: لم أكتب كل شيء، لأنني لا أكتب وقائع إلا التي يقبل أطرافها نشر ما حدث بها، ولا أريد أن أقدم أحداثًا يفهم منها أشياء أخرى، وهناك أشياء تحتاج إلى إعادة تفكير وتمحيص، وأشياء يمكن أن تقطع سياق الفكرة العامة للكتاب.
وأكد رزق أنه كان يسعى لكتابة هذا الكتاب منذ فترة طويلة لولا انشغاله برئاسة مجلس إدارة “الأخبار”، التي جعلت من الكتاب فكرة مؤجلة، وأنه حرص على إصدار الكتاب بشكل عاجل خشية أن توافيه المنية قبل أن يكتب ما شاهد.
وتابع : ما فعلته جبهة الإنقاذ بالاتحادية عام ٢٠١٢، كان يحتاج إلى إعادة تفكير، وأعتبر الجبهة مسؤولة عن حالة الخواء السياسي الذي نعيشه حتى الآن، لأن حل نفسها ترك فراغاً كبيرًا وما تلاه من تشكيل أحزاب صلصالية يمكن أن يهدمها الريح في غمضة عين ولا أعفي الجبهة من ذلك.
وجاء كتاب “سنوات الخماسين.. بين يناير الغضب ويونيو الخلاص” للكاتب الصحفي ياسر رزق، ليوثق الأحداث خلال الفترة من يناير ٢٠١١ إلى يونيو ٢٠١٣ وهي الفترة الصاخبة والمليئة بأهم الأحداث التي غيرت وجه الحياة في مصر.
تجدر الإشارة الى أن ياسر رزق، الرئيس السابق لمجلس إدارة وتحرير صحيفة “الأخبار” الحكومية، توفي صباح اليوم الأربعاء، عن عمر ناهز 58 عاماً إثر تعرضه لأزمة قلبية. وعانى رزق من أزمات صحية متكررة خلال السنوات الأخيرة، حيث أجريت له جراحة قلب مفتوح في ألمانيا عام 2018.
وخلال الفترة الماضية، عمدت وسائل الإعلام الموالية للنظام لترويج اسمه لتولي منصب نقيب الصحافيين، عقب انتهاء ولاية النقيب الحالي ضياء رشوان، في مارس/آذار من العام 2023 المقبل.
وصدر لرزق أخيراً كتاب “سنوات الخماسين… بين يناير الغضب ويونيو الخلاص”، الذي يتناول فيه الفترة من يناير/كانون الثاني 2011 حتى يونيو/حزيران 2013، باعتبار أن الكتاب هو الجزء الأول من ثلاثية عما أسماه “الجمهورية الثانية” للدولة المصرية.
وهاجم رزق في كتابه جماعة “الإخوان المسلمين”، مدعياً أنها ارتكبت سلسلة من الأزمات والأخطاء وأعمال الغدر التي تسببت في نقمة شعبية واسعة عليها، جراء محاولاتها المستمرة تغيير هوية الشعب المصري، وتقويض كيان الأمة، على نحو أدى إلى تفاقم الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس الراحل محمد مرسي، ومن ثم “إزاحته وجماعة الإخوان عن السلطة بواسطة القائد العام للقوات المسلحة (آنذاك) عبد الفتاح السيسي”.
بدأ رزق العمل الصحافي في مؤسسة “أخبار اليوم” منذ أن كان طالباً في السنة الأولى بكلية الإعلام جامعة القاهرة؛ فهو خريج دفعة عام 1986، وتنقل بين أقسام صحيفة “الأخبار” قبل أن يستقر في العمل محرراً عسكرياً لفترة طويلة، ثم مندوباً للصحيفة في رئاسة الجمهورية حتى عام 2005، وهو العام الذي شهد توليه منصب رئيس تحرير مجلة “الإذاعة والتلفزيون” الحكومية أيضاً.
وقبيل أسبوع واحد من اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، تولى رزق منصب رئيس تحرير صحيفة “الأخبار” اليومية، حتى إزاحته من منصبه بقرار من “المجلس الأعلى للصحافة” في أغسطس/آب 2012، إثر موافقة مجلس الشورى على تولي مجموعة جديدة لرئاسة تحرير الصحف القومية، بناءً على توصيات لجنة شُكلت لاختيارهم.
وفي الشهر نفسه، اختير رزق من قبل مجلس أمناء مؤسسة “المصري اليوم” الصحافية الخاصة لتولي رئاسة تحرير جريدتها اليومية؛ حتى عاد رئيساً لمجلس إدارة صحيفة “أخبار اليوم” بعد نحو 15 شهراً، في أعقاب انقلاب الجيش على مرسي.
وفي سبتمبر/أيلول 2020، جددت “الهيئة الوطنية للصحافة” الثقة في الغالبية العظمى من رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف الحكومية، مع إجراء تغييرات محدودة للغاية في بعض المواقع، منها إبعاد رزق عن رئاسة مجلس إدارة مؤسسة “أخبار اليوم”، بعد أكثر من 6 سنوات من شغله المنصب.
ورزق هو أحد الصحافيين المقربين من الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، وأجرى معه حواراً مطولاً في أكتوبر/تشرين الأول 2013، بغرض تبرير المجازر التي ارتكبتها قوات الأمن في حق المعتصمين السلميين خلال فض اعتصامي “رابعة العدوية” و”نهضة مصر” لأنصار مرسي، في 14 أغسطس/آب من العام ذاته.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2013، سُربت أجزاء من حوار السيسي مع رزق، إبان توليه رئاسة تحرير صحيفة “المصري اليوم”، يتحدث فيها عن ذكرياته مع الرؤى والأحلام التي تنبأت له برئاسة مصر منذ 35 عاماً، على حد زعمه. وقال السيسي مخاطباً رزق: “أنا من الناس اللي كان لهم تاريخ طويل من الرؤى، وده ليك أنت يعني، مش كلام للنشر. وشوفت في المنام من سنين طويلة جداً إني رافع سيف مكتوب عليه (لا إله إلا الله) باللون الأحمر، وفي إيدي ساعة (أوميجا) ضخمة جداً عليها نجمة خضراء كبيرة”.
المصدر: الشادوف+صحف مصرية