للمرة الأولى يتحدث مفكرون وسياسيون مصريون مقربون من نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن إمكانية شن هجوم عسكري يستهدف سدّ النهضة. وجاءت التصريحات بعد أن وصلت مفاوضات السد إلى طريق مسدود، وفي ظل إعلان إثيوبيا أنها ستبدأ عملية الملء الثاني في شهر يوليو/ تموز المقبل بشكل منفرد، حتى في حال عدم التوصل إلى اتفاق بشأن الملء والتشغيل مع دول المصب.
واختلفت الآراء حول إمكانية توجيه ضربة عسكرية للسد، وتأثير ذلك على دولتي المصب مصر والسودان، وبعضها أثار سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن اقترح الإعلامي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، معتز عبد الفتاح، إحداث ثقب في السد.
وقال في تغريدة على موقع «توتير»: «مصر هتعمل خرم (ثقب) في السد وهذا كاف جدا».
عبد الفتاح استعرض ثلاثة سيناريوهات في حال استكمال إثيوبيا ملء سد النهضة من دون الاتفاق مع مصر والسودان.
وقال في تصريحات متلفزة، إن السيناريو الأول يتضمن عدة نقاط، أهمها أنه لو تم ملء السد بدون التنسيق مع مصر، ستكون خسارة مصر من سد النهضة 10 مليارات متر مكعب تقريبا، أي 2 مليون فدان من إجمالي 8 ملايين فدان، وستفرض إثيوبيا رؤيتها على الجميع بما في ذلك تشييد سدود أخرى. وأوضح أن إثيوبيا تريد هذا السيناريو اعتمادا على نوعين من التعبئة، هناك تعبئة تلقائية بسبب ارتفاع السد من 560 قدما العام الماضي إلى 600 قدم هذا العام، وهناك تعبئة آلية عبر إغلاق فتحات السد في يونيو/ حزيران المقبل لتخزين 13 مليار متر مكعب، بالإضافة لـ6 مليارات من المرحلة الأولى، وإثيوبيا ترفض اقتراح الرباعية الدولية لأنها ستعني وقف التشييد، وبالتالي فستخسر بزعمها 800 مليون دولار.
«تسونامي نهري»
ووصف السيناريو الثاني بـ «تسونامي نهري» عن طريق ضرب السد كاملا بكل ما أوتيت مصر والسودان من قوة نيرانية، برا وبحرا وجوا، ويعني تدمير كل ما تواجهه المياه في طريقها، وعرض موجة الفيضان في حال انهيار السد أو ضربه سيكون كيلو ونصف متر وارتفاع الموجة حوالى 25 مترا، وستصل المياه إلى مصر خلال 17 يوما بعد أن تكون دمرت شمالي السودان، وانتقام إثيوبيا سيكون شاملا بمحاولة ضرب سدي الروصيرص والعالي، وفي هذه الحالة إثيوبيا قد تسعى لغزو السودان.
وتابع أن السيناريو الثالث يتمثل في «الضرب الجزئي للسد» وهو البديل المتوقع، مؤكدا أن «الرافال ومي 29 قادرتان على أداء المهمة» مضيفا: «السد يبعد 1400 كيلو عن قاعدة بيناس.. وكلتا الطائرتين مداهما أعلى من 2800 كيلو بدون التزود بالوقود، مع احتمالات الهبوط في مطارات وقواعد دول صديقة، وتدفق الماء سيكون أقل من بحيرة السد وبالتالي تخسر إثيوبيا ولا تضار مصر والسودان، وسيكون حافز إثيوبيا للانتقام الشامل بضرب سدي الروصيرص والعالي أو غزو السودان أضعف». واختتم عبد الفتاح موجها رسالة واضحة: «لا سدود إلا بموافقة الكل».
مصطفى الفقي، الكاتب السياسي المصري ورئيس مكتبة الإسكندرية، قال إن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد حول الملء الثاني لسد النهضة مع عدم الإضرار بمصر هي امتداد لسياسة المراوغة التي تمارسها أديس أبابا، مشيرا إلى أن إثيوبيا لا تعترف بالحق التاريخي لمصر والسودان في مياه النيل.
وأضاف في تصريحات متلفزة، أن تصريحات أبي أحمد لا يمكن أن تؤخذ على أنها حسنة النية، وأن هناك أصواتا عالمية كثيرة تطالب بسحب جائزة نوبل من أبي أحمد، لأن تصرفاته لا تريد السلام بل تريد خنق دول مجاورة بمنع المياه، وهي لا تتسم مع الأفريقية وروحها، وهو أمر سخيف للغاية، خاصة أننا قبلنا ولاية الاتحاد الأفريقي لحل أزمة سد النهضة، موضحا أن هناك تشابها كبيرا جدا ما بين السياسة الإثيوبية والإسرائيلية في التعامل مع الطرف الآخر.
وتابع أن عرض قضية سد النهضة على مجلس الأمن الدولي محاصرة لإثيوبيا ودعم لموقف مصر، موضحا أنه لا يوجد تجاوب إثيوبي لإنهاء أزمة سد النهضة على الإطلاق، كما أن مشكلة سد النهضة أصبحت من المشكلات الكبيرة على مستوى القارة.
وزاد: مشكلة السودان وإثيوبيا لا تقف عند السد فقط، هناك محاولة من إثيوبيا لدفع لاجئين على السودان، وأن إثيوبيا تحاول التفرقة بين مصر والسودان، وهناك دول داعمة لها مثل إريتريا، والسودان يشعر أن هناك محاولة لمحاصرته إقليميا، ولكن العلاقات بين مصر والخرطوم في أفضل أوضاعها ونحن ندعم السودان في كل ما يمس أمنه واستقراره.
مواجهة مباشرة
وتابع: ملف النزاع على المياه بدأ في العالم كله، ولا يمكن استبعاد مواجهة مباشرة بين السودان وإثيوبيا، مؤكدا أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الضاغط الأكبر لحل أزمة سد النهضة، وبريطانيا قادرة على إيجاد حلول لمشكلة سد النهضة.
وأوضح أن العلاقات الدولية قائمة على المصالح فقط والكل لديه أجنداته، وكلما يزيد الضغط الدبلوماسي والسياسي من أمريكا ربما يتغير الأمر من قبل إثيوبيا، مؤكدا أن قيام مصر بعملية عسكرية ضد سد النهضة أمر معقد جدا، فهي عملية لا بد أن تكون مدروسة دراسة تماما وفيها تأييد دولي وخط أخضر من دول كبرى في العالم.
وأكد أن «الأضرار في حالة القيام بعملية عسكرية ليست في مصلحة أي دولة، ونأمل بالوصول لحل يجعل إثيوبيا تقبل بالأمر الذي يمثل العدالة والشرعية الدولية وقضية الأنهار الدولية» موضحًا أن الموقف المصري في أزمة سد النهضة متوازن، والرئيس السيسي يدير أزمة سد النهضة بحكمة وبعيدا عن المواقف المنفعلة والمغامرات غير المدروسة.
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس الأربعاء، على ضرورة السعي للتوصل «في أقرب وقت ممكن» إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة «بعيدا عن أي منهج أحادي يسعى إلى فرض الأمر الواقع وتجاهل الحقوق الأساسية للشعوب».
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي مع نظيره البوروندي إيفاريست ندايشيمي.
ولفت إلى التعاون القائم بين البلدين في مجال الموارد المائية والري، والجهود المشتركة لتعظيم الاستفادة المستدامة من موارد نهر النيل.
كما أكد على رؤية مصر لجعل نهر النيل مصدرا للتعاون والتنمية، كشريان حياة لجميع شعوب دول حوض النيل.
وكان وزير الري المصري محمد عبد العاطي، قد قال إن القاهرة لن تقبل الإجراءات الأحادية التي تتخذها إثيوبيا في سد النهضة، الذي تبنيه فوق النيل الأزرق، أحد أهم روافد نهر النيل.
وأضاف عبد العاطي في تصريحات صحافية أن سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على مياه نهر النيل يُعتبر أحد التحديات الكبرى التي تواجه مصر حاليا، خاصة في ظل الإجراءات الأحادية التي يقوم بها الجانب الإثيوبي.
ولفت إلى إجراءات أديس أبابا المتمثلة في ملء وتشغيل السد، مؤكدا أن ما ينتج عن هذه الإجراءات الأحادية من تداعيات سلبية ضخمة لن تقبلها الدولة المصرية.
وتبني إثيوبيا السد على النيل الأزرق الذي ينضم إلى النيل الأبيض في السودان لتشكيل نهر النيل الذي يعبر مصر. وترى أنه ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعتبره مصر تهديدا حيويا لها، إذ تحصل على 90 ٪ من مياه الري والشرب من نهر النيل.
ودخلت الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا في مفاوضات شاقة طوال 9 سنوات فشلت خلالها في الوصول لاتفاق بشأن ملء وتشغيل السد.https://www.facebook.com/v3.1/plugins/like.php?app_id=0&channel=https%3A%2F%2Fstaticxx.facebook.com%2Fx%2Fconnect%2Fxd_arbiter%2F%3Fversion%3D46%23cb%3Df22c2b21bae2944%26domain%3Dwww.alquds.co.uk%26origin%3Dhttps%253A%252F%252Fwww.alquds.co.uk%252Ff2dd3dbe40283e8%26relation%3Dparent.parent&container_width=0&href=https%3A%2F%2Fwww.alquds.co.uk%2F%25d9%2583%25d8%25aa%25d8%25a7%25d8%25a8-%25d9%2588%25d8%25ae%25d8%25a8%25d8%25b1%25d8%25a7%25d8%25a1-%25d9%2585%25d8%25b5%25d8%25b1%25d9%258a%25d9%2588%25d9%2586-%25d9%2585%25d9%2582%25d8%25b1%25d8%25a8%25d9%2588%25d9%2586-%25d9%2585%25d9%2586-%25d8%25a7%25d9%2584%25d9%2586%25d8%25b8%25d8%25a7%25d9%2585-%25d9%258a%25d8%25aa%2F&layout=button_count&locale=en_US&ref=addtoany&sdk=joey&width=90