توفي مساء اليوم الخميس رجل الأعمال المصري الشهير محمود العربي صاحب مجموعة مصانع توشيبا العربي التي تعد أكبر مصانع انتاج الأجهزة المنزلية فى مصر والمنطقة عن عمر ناهز 89 عاما.
وقالت مجموعة شركات العربي في بيان نشرته على حسابها الرسمي في “فيسبوك”: “ننعى بمزيد من الحزن والأسى وفاة الحاج محمود العربي رئيس مجلس إدارة مجموعة العربي ورجل الصناعة الوطنية والذى وافته المنية اليوم”.
محمود العربي، الذي فارق عالمنا في ساعة متأخرة من الخميس 9 سبتمبر 2021، هو رجل أعمال مصري عصامي بدأ من الصفر، حتى أصبح واحداً من كبار رجال التجارة والصناعة والاقتصاد.
في عام 1975 زار العربي اليابان، ورأى مصانع شركة توشيبا التي حصل على توكيلها، فطلب منهم إنشاء مصنع في مصر. وفي 1982 تم بناء مجمع صناعي ضخم في بنها، وآخر في مدينة السادات.
منذ ولادته في عام 1932، في قرية أبورقبة بمركز أشمون محافظة المنوفية، اهتم محمود العربي بالتجارة، وسعى لمساعدة أسرته الفقيرة من خلال العمل في سن صغيرة.
الحاج محمود العربي، هو رئيس “اتحاد الغرف التجارية” السابق، وصاحب محلات ومصانع “توشيبا العربي”، و”شهبندر” تجار مصر عن جدارة، وتعتبر قصة كفاحه، ونجاحه تجسيدا لمقولة “أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة”.
رجل الأعمال المصري محمود العربي. رجل شديد التواضع، لم يغتر بالمناصب التي تقلدها، ورفض الوجاهة السياسية التي عُرضت عليه، إيماناً منه بأن للاقتصاد رجاله، وللسياسة أيضا رجالها. ورغم حظه القليل من التعليم إلا أنه استطاع أن يبني قلعة صناعية كبرى ويبلغ مكانة اقتصادية رفيعة، دون مساندة من أحد ودون أن يحصل على قروض من البنوك، فكان خير قدوة لكل طامح في النجاح.
ونعت مجموعة العربي الراحل في بيان على حسابها بموقع “فيسبوك”: “بقلوب مؤمنة بالله وراضية بقضائه وقدره، ننعي بمزيد من الحزن والأسى وفاة الحاج محمود العربي، رئيس مجلس إدارة مجموعة العربي، ورجل الصناعة الوطنية، وشهبندر التجار”.
وأعلنت المجموعة عن أن الجنازة ستشيع بعد صلاة الجمعة من مسقط رأس الراحل بقرية أبورقبة مركز أشمون محافظة المنوفية.
ولد رجل الأعمال المصري محمود العربي عام 1932، في أسرة ريفية فقيرة بقرية “أبورقبة” بمركز “أشمون” في محافظة المنوفية، وتوفي والده وهو في سن صغير، انتقل بعدها إلى القاهرة، ليعمل بائعا في محل صغير لبيع الأدوات المكتبية وعمره لم يتجاوز العاشرة، وفى عام 1954 التحق بالخدمة العسكرية لمدة 3 سنوات.
وبدأت علاقة رجل الأعمال المصري محمود العربي بالصناعة بإنشاء مصنع صغير للألوان والأحبار، ثم قام بتحويل مجال عمله من تجارة الأدوات المكتبية إلى تجارة وصناعة الأجهزة الكهربائية، وسافر إلى اليابان للحصول على توكيل من إحدى الشركات الكبرى في صناعة الإلكترونيات، وبعد عودته أنشأ مصنعا.
ويفتخر رجل الأعمال المصري محمود العربي بأنه ولد لأسرة فقيرة لم تكن تمتلك أي شبر من الأرض، وكل ما استطاعت أن تقدمه الأسرة لابنها هو إلحاقه بـ “كتاب القرية” عندما بلغ من العمر 3 سنوات، وبدأ الابن في حفظ القرآن، الذي علمه الصدق والأمانة والفرق بين الحلال والحرام، ما ساعده على بناء سمعة طيبة اشتهر بها في جميع مراحل حياته.
بدأ رجل الأعمال المصري محمود العربي التجارة في سن صغيرة بالتعاون مع أخيه الأكبر، الذي كان يعمل بالقاهرة، وعن تلك الفترة يقول العربي: “كنت أوفر مبلغ 30 أو 40 قرشا سنويا أعطيها لأخي لكي يأتي لي ببضاعة من القاهرة قبل عيد الفطر، وكانت هذه البضاعة عبارة عن ألعاب نارية وبالونات، وكنت افترشها على “المصطبة” أمام منزلنا لبيعها لأقراني وأكسب فيها حوالي 15 قرشا، وبعد ذلك أعطى كل ما جمعته لأخي ليأتي لي ببضاعة مشابهة في عيد الأضحى.
وأضاف رجل الأعمال المصري محمود العربي، بقيت على هذا المنوال حتى بلغت العاشرة، وسافرت إلى القاهرة للعمل بمصنع روائح وعطور، وكان ذلك في عام 1942، وعملت به لمدة شهر واحد وتركته لأني لا أحب الأماكن المغلقة والعمل الروتيني.
بعد ذلك انتقل محمود العربي للعمل بمحل بحي الحسين وكان راتبه 120 قرشا في الشهر، واستمر في هذا المحل حتى عام 1949 ووصل راتبه إلي 320 قرشا، ثم فضل العمل في “محل جملة” بدلا من المحل “القطاعي” لتنمية خبرته بالتجارة، وكان أول راتب يتقاضاه في المحل الجديد 4 جنيهات شهريا، وعمل فيه لمدة 15 عاما، ارتفع خلالها راتبه إلى 27 جنيها، وكان مبلغا كبيرا آنذاك حيث تمكن من دفع تكاليف الزواج.
وفي عام 1963، سعى رجل الأعمال المصري محمود العربي للاستقلال بنفسه في التجارة، لكن لم يكن لديه ما يبدأ به، ففكر هو وزميل له بنفس العمل، أن يتشاركوا مع شخص ثري، على أن تكون مساهمته هو وصاحبه بمجهودهما، بينما يساهم الطرف الثاني بأمواله، وكان رأس مال المشروع 5 آلاف جنيه، وهكذا أصبح لديه أول محل بمنطقة “الموسكي” بالقاهرة، والذي مازال محتفظا به حتى الآن.
بعد أن بدأ رجل الأعمال المصري محمود العربي عمله الجديد بثلاثة أيام فقط مرض صاحبه وشريكه لمدة عامين، أدار خلالها المحل بمفرده ونمت تجارته بسرعة كبيرة فحقق محله أرباحاً تفوق أرباح 10 محلات مجتمعة واشتهر العربي بأمانته وهي سر نجاحه منقطع النظير.
واستمرت الشراكة عامين، لكن تخللها خلاف حول إخراج الشريك الثالث المريض، وهو ما اعترض عليه العربي، وفي النهاية تم فض الشراكة، وكان المحل من نصيب الشريكين ( العربي وصديقه المريض)، ورغم ذلك أدى المجهود الوافر والأمانة التي تمتع بها العربي في إزدهار التجارة، بما مكنه مع شريكه من شراء محل آخر.
عاد الشركاء القدامى ليعرضوا عليه محلهم مرة أخرى، وبذلك أصبح يمتلك محلين بدلا من محل واحد ومعه أبناء شريكه المريض، ثم جاء بإخوته جميعا ليعملوا معه، بعد أن توسعت تجارته، ونجحت الشركة وحولها إلى “شركة مساهمة”.
كانت تجارة رجل الأعمال المصري محمود العربي تقوم أساسا على الأدوات المكتبية والمدرسية، ولكن الحكومة قررت في الستينات صرف المستلزمات المدرسية للتلاميذ بالمجان، وهو ما يعني أن تجارة العربي لم يعد لها وجود، فاستعاض عنها بتجارة الأجهزة الكهربية، خاصة أجهزة التليفزيون و الراديو والكاسيت.
وحول رجل الأعمال المصري محمود العربي تجارته بالكامل إلى الأجهزة الكهربائية في منتصف السبعينات مع انطلاق سياسة “الانفتاح الاقتصادي”، وفكر في الحصول على توكيل لإحدى الشركات العالمية، لكن وجود الأدوات المكتبية في محلاته كان يقف حائلا دون ذلك، إلى أن تعرف على أحد اليابانيين الدارسين “بالجامعة الأمريكية” بالقاهرة، وكان دائم التردد على محلاته، وكان هذا الشخص الياباني يعمل لدى شركة “توشيبا” اليابانية، فكتب تقريرا لشركته، أكد فيه أن العربي هو أصلح من يمثل توشيبا في مصر، فوافقت الشركة على منحه التوكيل.
وفي عام 1975، زار رجل الأعمال المصري محمود العربي اليابان، ورأى مصانع الشركة التي حصل على توكيلها، وطلب من المسؤولين فيها إنشاء مصنع لتصنيع الأجهزة الكهربائية في مصر وهو ما تم فعلا، على أن يكون المكون المحلي من الإنتاج 40% رفعت لاحقا إلى 60% ثم 65% حتى وصلت إلى 95%، ومع تطور الإنتاج أنشأ شركة “توشيبا العربي” عام 1978.
وفي عام 1980، انتخب رجل الأعمال المصري محمود العربي عضوا بمجلس إدارة “غرفة القاهرة”، واختير أمينا للصندوق، ثم انتخبت رئيسا “لاتحاد الغرف التجارية” عام 1995.
أما عن أسباب عزوفه عن عالم السياسة فيقول رجل الأعمال المصري محمود العربي: “أنا في الأصل تاجر ودخلت الصناعة من باب التجارة الذي أفهم فيه، وفى الثمانينيات طلب مني محافظ القاهرة آنذاك أن أرشح نفسي لمجلس الشعب وألح في الطلب، ولكني رفضت رفضا قاطعاً، ثم طلب مني المحافظ التالي، وبعد طول إلحاح منه وافقت ودخلت البرلمان لدورة واحدة، لكنني أرى أن عضوية مجلس الشعب كانت مضيعة للوقت بالنسبة لي، وكان مصنعي ومتجري أولى بي، فللسياسة رجالها وأنا لست منهم”.
وأخيراً يبقى رجل الأعمال المصري محمود العربي رمزا من رموز الاقتصاد الوطني المصري، وتبقى رحلة كفاحه وعصاميته قدوة للأجيال المقبلة، وتأكيدا لقيمة العمل والاجتهاد باعتبارهما الطريق الوحيد لتحقيق النجاح. رحم الله شهبندر التجار المصريين.
المصدر: الشادوف+وسائل التواصل