أكدّ نائب رئيس حركة “حماس” في قطاع غزة خليل الحية، اليوم الجمعة، أنّ الأسرى الستة الذين حرروا أنفسهم من سجن جلبوع قبل أسبوعين سيكونون على رأس الصفقة القادمة لتبادل الأسرى، مشيراََ إلى أنّ حركته ستكون عند وعدها لهم، فيما نشرت هيئة شؤون الأسري الفلسطينيين رسالة من الأسير المحرر محمود العارضة ( 46 عاما ) الى والدته وأهله والشعب الفلسطيني عموما.
وكان أبو عبيدة الناطق العسكري لـ”كتائب القسام” الذراع العسكرية لحركة “حماس”، قد وعد مساء السبت الماضي، أسرى “نفق الحرية” الأربعة الذين أعيد اعتقالهم والاثنين اللذين لا يزالان طليقين بأنه لن تتم صفقة تبادل الأسرى القادمة إلا بتحريرهم.
وشدد الحية خلال خطبة الجمعة أمام مقر منظمة الصليب الأحمر في مدينة غزة، على أنّ “حماس” تسعى بكل قوة لتحرير الأسرى بكل الوسائل والسبل، مشيراً إلى أنّ حركته تعقد الاجتماعات وتضع الخطط مع مقاوميها لتحرير الأسرى من السجون.
وهدد الحية بملاحقة كل من تعرض لـ”الأبطال الستة” أثناء إعادة اعتقالهم، أو تعرض لقيادات الحركة الأسيرة في السجون.
وكان ناشطون من “حماس” نشروا صوراً لمسؤولين في مصلحة السجون الإسرائيلية كُتب عليها كلمة “مطلوب”.
وقد أصدرت حركة حماس منذ قليل تصريحا صحفيا نشرته على موقعها على شبكة الانترنت يتضمن تلك التحذيرات التي تحدث عنها القيادي بالحركة خليل الحية خلال صلاة الجمعة ظهر اليوم في غزة.
من ناحيته، أكد الأسير الفلسطيني محمود العارضة في رسالة مؤثرة لوالدته بعد زيارة محامي “هيئة شؤون الأسرى والمحررين” الفلسطينية ( رسلان محاجنة ) له في سجنه، أنه حاول الهروب من سجن جلبوع الإسرائيلي قبل نحو عشرة أيام، من أجل أن يعانقها قبل وفاتها.
وكتب العارضة في الرسالة التي عممتها “هيئة شؤون الأسرى والمحررين”، مساء اليوم الجمعة: “بعد التحية والسلام، حاولت المجيء لأعانقك يا أمي قبل أن تغادري الدنيا، لكن الله قدر لنا غير ذلك. أنت في القلب والوجدان، وأبشرك بأني أكلت التين من طول البلاد، والرمان، وأكلت المعروف والسماق والزعتر البري، وأكلت الجوافة بعد حرمان 25 عاماً وكان في جعبتي علبة العسل هدية لك، سلامي لأخواتي العزيزات، باسمة، ربى، ختام، وسائدة وكل الإخوان فأنا مشتاق لهن كثيراً”.
وتابع “تنسمت الحرية ورأيت أنّ الدنيا قد تغيرت، وصعدت جبال فلسطين لساعات طويلة، ومررت بالسهول الواسعة، وعلمت أن سهل عرابة بلدي، قطعة صغيرة من سهول بيسان والناصرة”.
وأكمل “سلام إلى كل الأهل والأصدقاء. سلامي إلى ابنة شقيقتي (اسينات) والتي لبست جرابينها وقطعت بها الجبال، سلام إلى عبد الله وهديل ويوسف وزوجة رداد والأهل جميعا، سارة، رهف، وغادة ومحمد والجميع، سلام خاصة إلى هدى وأنا مشتاق إليها كثيرا وسأبعث لها كل القصة والحكاية”.
وكانت فتحية العارضة (73 سنة) والدة الأسيرة محمود العارضة، قد عبّرت في وقت سابق عن فخرها بما فعله نجلها، وقالت وسط تظاهرة تضامنية حاشدة أمام منزلها في بلدة عرابة شمالي جنين شمالي الضفة الغربية، السبت الماضي: “يا كاتب التاريخ بحروف الذهب.. وتضل يا محمود يما تاج على روسنا”.
وكشف محامي الهيئة عن تفاصيل جديدة في قضية “نفق الحرية” بسجن جلبوع، بعد لقائه الأسير محمود العارضة، وقال: “فتحة الخروج في النفق داخل الغرفة نفذها الأسير محمود العارضة وحده، قصّ الحديد وقد استعمل بذلك برغياً حديدياً كان قد وجده وكان باستطاعة هذا البرغي الدخول بالحديد، كذلك كان بحوزته شقفة حديد أخرجها من إحدى الخزائن الخشبية ساعدته في قصّ الصاج المغطي لحفرة المجاري”.
وتابع المحامي “بعد إنجاز الفتحة بدأ الأسرى بحفر النفق بأدوات صلبة كانت بحوزتهم واشترك في الحفر مناضل نفيعات ومحمد العارضة ويعقوب قادري وأيهم كممجي. ما ساعدهم أيضاً هو مواد البناء التي تركت أثناء بناء السجن من بقايا قضبان حديدية وأدوات صلبة وحبال لحفر النفق”.
من جانب آخر، وجّه الأسير محمود العارضة رسالة لأهل فلسطين حصل “العربي الجديد” على نسخة منها قال فيها “تحية لشباب الناصرة وشباب فلسطين، ضمّتنا الأرض من على شجر الزيتون والبلوط والكينا، مررنا على بقر الأرض وطرحنا عليه السلام وأخلى لنا الطريق والمواقع ولم يثر الانتباه، وقال لنا بلسان حاله إنّ الأرض لن يحرثها إلا عجولها، فقد خربت الوحوش معالم الوجه المنسية من أم الرشراش إلى الخالصة وطبريا، كنتم أحب الناس يا أهل الناصرة ويا أهل الشمال وما زلتم، وما خنتوا العهد بأنكم أهل الأرض وبقيتم بالوادي كما الحجارة وجذور الزيتون، لقد سمعنا أصداء حناجركم التي اشرأبت لها الأعناق وصرخت مع القلوب، فنسينا القيود ونسينا السجان وأصوات حناجركم تصل بنا إلى قمة السماء، والتحية لكم والمجد لكم وأنتم أهل الأرض وأحباب السماء من مسيحيين ومسلمين ومن كل الطوائف، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
من جانب آخر، قالت “هيئة شؤون الأسرى والمحررين”: “أثناء زيارة محامي هيئة الأسرى الأسير محمد العارضة اليوم، فإنه ينفي نفياً قاطعاً ما نشر اليوم، على بعض وسائل الإعلام إنه قام بإعادة تمثيل عملية الهروب من سجن جلبوع. وقال إنه ومنذ إعادته إلى السجن من بعد محكمة يوم السبت، بقي في الزنزانة وخرج لغرف التحقيق فقط”.
في حين قال الأسير محمد العارضة: “خرجنا جميعاً إلى الناعورة بشكل عفوي دخلنا المسجد دقائق اغتسلنا وخرجنا، كانت النية الوصول للضفة ولكن التبست عليهم الاتجاهات وبسبب سماعهم عبر الراديو، بدأ البحث عنهم ولم يتمكنوا من الوصول للضفة الغربية”.
وتابع الأسير محمد العارضة: “قررت نيل الحرية بطريقتي الخاصة والسبب في قرار الهروب هو عدم وجود أفق للإفراج، خاصة أن المؤبد غير محدد والتعامل معنا لا يتم حسب القانون الدولي المتعلق بأسرى الحرب ولا مثل السجناء الجنائيين الإسرائيليين بتحديد المؤبد، ولهذا قررت نيل الحرية بطريقتي الخاصة”.
إلى ذلك، قال محامي هيئة الأسرى، إنّ “معنويات محمد العارضة عالية ويشكر كل أبناء شعبنا الفلسطيني الذين يساندونه ويساندون قضايا رفاقه الأسرى”.
يذكر أنه في السادس من الشهر الجاري، تمكن ستة أسرى في سجن جلبوع، وجميعهم من محافظة جنين شمالي الضفة الغربية، من الفرار من السجن عبر نفق حفروه من داخل زنزانتهم، تمكنت سلطات الاحتلال بعد أيام من اعتقال أربعة منهم، وهم: محمود العارضة، ويعقوب غوادرة، وزكريا زبيدي، ومحمد العارضة، بينما تواصل سلطات الاحتلال البحث عن أسيرين آخرين، هما: مناضل نفيعات، وأيهم كممجي.
المصدر: الشادوف+وسائل اعلام فلسطينية