أصدرت أسرة الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، اليوم الثلاثاء، بيانا أكدت فيه على انتهاء جميع إجراءات التقاضي الدولية التي بدأت، عقب تنحي والده عن السلطة عام 2011 إثر ثورة 25 يناير، محذرا من امكانيات التدخل قضائيا ضد من يقفون خلف حملات التشهير ضد الأسرة والتي وصفها بأنها مستمرة منذ أكثر من 10 سنوات.
وذكر البيان أن “المعركة القانونية لعائلة مبارك والتي استمرت عقداََ من الزمن انتهت في أعقاب الحكم الأخير الصادر عن المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي الذي أقر مرة أخرى بأن”التدابير التقييدية” التي فرضها مجلس الاتحاد الأوروبي على الأسرة كانت غير قانونية منذ البداية، وبعد قرار مكتب المدعي العام الفيدرالي السويسري بتبرئة علاء وجمال مبارك وبشكل كامل بعد انتهاء التحقيق الجنائي الذي دام 11 عاما”.
وقال جمال: «هذا البيان له أهمية تاريخية خاصة بالنظر إلى الحملة الإعلامية الدولية المتواصلة حول إدعاءات كاذبة بالفساد والتي تم إطلاقها ضد أسرتي منذ ما يقرب من عشر سنوات، وقد قررت أسرتي أننا ببساطة لا نستطيع أن نبقى صامتين بعد الآن في مواجهة مثل هذه التقارير التشهيرية المستمرة».
وتابع: «حان الوقت أن ترد الأسرة وبشكل مباشر.. وهذا البيان يمثل ردنا في هذا الصدد بعد أن تم الشروع في العديد من إجراءات التحقيق والعقوبات ضد أفراد عائلة مبارك في الاتحاد الأوروبي وخارجه منذ العام 2011.
وقال جمال مبارك: “باسم والدي الراحل الرئيس مبارك، باسم أسرتي، وللتاريخ، أود أن أؤكد على بعض النقاط الأساسية فيما يتعلق بإجراءاتنا القانونية أمام محاكم الاتحاد الأوروبي وخارجه. ولهذا أهمية تاريخية خاصة بالنظر إلى الحملة الإعلامية الدولية المتواصلة حول ادعاءات كاذبة بالفساد والتي تم إطلاقها ضد أسرتي منذ ما يقرب من 10 سنوات.
وأوضح جمال مبارك أنه “منذ عام 2011، تم الشروع في العديد من إجراءات التحقيق والعقوبات ضد أفراد عائلة مبارك في الاتحاد الأوروبي وخارجه. وكانت الإجراءات التقييدية الواسعة النطاق التي فرضها مجلس الاتحاد الأوروبي ضد الرئيس وعائلته ذات أهمية خاصة”.
وقال: “هذه الإجراءات، والتي استمرت لما يزيد عن 10 سنوات، قد وصلت الآن إلى نهايتها. ولقد برأتنا تلك الإجراءات تماما وأكدت على الموقف الذي طالما تمسكت به أسرتي على مدار أكثر من عقد من الزمان مؤكدة على وجه التحديد أن عقوبات الاتحاد الأوروبي ضدنا كانت دائما غير قانونية”.
وأضاف: “لقد كانت بالفعل رغبة والدي الراحل أن يتم شرح مثل هذه الإجراءات للعالم بأسره. إن وفاته قبل الانتهاء من هذه الإجراءات تعني أنني أحمل هذا العبء على كتفي، وهو عبء أحمله بكل فخر والتزام”.
واعتبر جمال مبارك أن “الوقت قد حان لوضع الأمور في نصابها الصحيح”. وقال: “اليوم وبعد 10 سنوات من التحقيقات المستفيضة، بما في ذلك العديد من طلبات المساعدة القانونية الدولية المتبادلة بين مختلف السلطات القضائية والعديد من الإجراءات القضائية في دول عديدة، فقد ثبت أن جميع الادعاءات الموجهة ضدنا كانت كاذبة تماما”.
وأضاف: “لا يوجد دليل واحد على أن والدي الراحل أو والدتي قد تملكا أصولا خارجية من أي نوع. ولم تثبت صحة الادعاءات بأن أفرادا آخرين من الأسرة أخفوا أصولا في الخارج، بل كان هناك إفصاح طوعي وشفاف عن جميع أصولنا بما يتماشى مع القوانين المعمول بها. ولم تثبت صحة كل الادعاءات بشأن النشاط المهني لي ولأخي علاء وتبين قضائيا مشروعية كافة مصادر دخلنا”.
وتابع بالقول: “مع الصلاحيات الواسعة الموكلة إليها بما في ذلك مطالبة المشتبه بهم بشرح مصادر أصولهم، لم تكتشف سلطة قضائية واحدة في أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، أو ضمن أي ولاية قضائية أجنبية أخرى، أي انتهاك قانوني من أي نوع من ناحيتي أو من ناحية أسرتي… هذه هي الحقائق، والتي تم التحقق منها بشكل مستقل وقضائي وبالتالي لا يمكن دحضها”.
كلمة موجهة لمبارك الأب
واختتم جمال مبارك البيان بكلمة موجهة لوالده، قائلا: “يجب أن أنهي هذا البيان ببضع كلمات مخصصة لوالدي الراحل الرئيس مبارك، الذي ربما ينظر إلينا الآن”.
ووجه جمال الحديث لوالده قائلا: “لم يمهلك القدر لتشهد نهاية جميع الإجراءات القانونية التي اتخذت ضدك منذ عام 2011 ، بما في ذلك الإجراءات ذات الصلة التي اعتمدها مجلس الاتحاد الأوروبي، ولقد أكدت لك خلال أيامك الأخيرة أنني سوف أستمر على الطريق لتحقيق تبرئة لا لبس فيها لك ولأسرتنا، لقد وعدتك بمواصلة الطريق بتصميم لا يلين لتحقيق هذا التبرئة في ساحة القضاء الدولي.”
“وبعد معركة طويلة وشاقة على مدار أكثر من 10 سنوات، صدرت أحكام وقرارات متتالية باسمك وباسم أسرتنا من قبل أعلى السلطات القضائية في الاتحاد الأوروبي وخارجه لتبرئنا وبشكل قاطع”، حسبما قال.
وأضاف جمال مبارك: “طوال هذه المعركة، وحتى في أحلك أوقاتها، كنت أنت دائما على ثقة، رغم كل الصعاب، بأننا سننتصر في النهاية، حتى ولو بعد رحيلك.
” ولقد رحلت عنا يا أبى، ولكننا بالفعل انتصرنا، وفي ساحة القضاء، لقد كانت هذه هي معركتك الأخيرة خلال تاريخ حافل بالمعارك والصعاب، معركة واصلتها نيابة عنك، معركة واجهتها أنت بصبر وبسالة بعد أن أفنيت عمرك في خدمة الوطن محاربا من أجله ومدافعا عن مصالحه”.
قدم جمال وعلاء مبارك، نجلا الرئيس الأسبق الراحل حسني مبارك، الاثنين، واجب العزاء إلى رئيس دولة الإمارات الجديد وحاكم أبوظبي محمد بن زايد، في وفاة شقيقه رئيس دولة الإمارات خليفة بن زايد، الذي وافته المنية عن عمر يناهز الـ74 عاما، الجمعة 13 أيار/ مايو الجاري.
زيارة جمال وعلاء التي تعد الأولى لهما خارج البلاد منذ ثورة يناير 2011، إلى الإمارات لتقديم واجب العزاء والتهنئة في الوقت ذاته لمحمد بن زايد الذي أصبح رئيسا لدولة الإمارات، تثير التساؤلات والتكهنات حول خلفيات الزيارة ومدى وجود أهداف أخرى منها.
وتأتي الزيارة في وقت يعاني فيه رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي من أزمة تراجع شعبية في أوساط أنصاره، ودعوات للثورة عليه والمطالبة برحيله والإطاحة به، بالتزامن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وتؤثر على ملايين المصريين والتي بدا النظام عاجزا عن وقف تصاعدها.
نظرية البديل للسيسي
توفي حسني مبارك في 25 شباط/ فبراير 2020، بعد 9 سنوات من الإطاحة به عبر ثورة شعبية، فيما أقام له السيسي جنازة عسكرية شارك فيها بنفسه، وشهد عهده تبرئة عائلة مبارك من جميع تهم الفساد الموجهة لها؛ إلا أن هناك تقارير استخباراتية إسرائيلية أشارت إلى نجلي مبارك (علاء وجمال) أحدهما أو كلاهما باعتبارهما بديل يمكن أن يقبله الغرب للسيسي.
وفي شباط/ فبراير 2022، نشر موقع “جافاج” الاستخباراتي الإسرائيلي، تقريرا، زعم فيه أن كبار جنرالات الجيش المصري، تواصلوا مع الغرب لطرح فكرة استبدال السيسي، تحسبا لحدوث غضب شعبي يطيح به على غرار ما حدث مع حسني مبارك عام 2011.
وتحدثت مصادر مخابراتية لـ”جافاج”، عن علاء مبارك، النجل الثاني للرئيس الراحل، كخليفة محتمل مقبول للسيسي، مضيفة أنه “مدني، وليس له أي علاقة بقضايا فساد حكومية، وعلى عكس شقيقه جمال، فلم يسبق له أن تولى منصبا عاما، قد يكون هذا هو البديل الذي يود الجيش المصري وضعه في السلطة بعد رحيل السيسي”.
وعلى الأرض عادت لنجلي مبارك جمال وعلاء، الكثير من الثقة بانتهاء جميع القضايا التي كانوا يحاكمون فيها إثر ثورة يناير 2011، بالبراءة والتي كانت آخرها قضية “التلاعب بالبورصة” شباط/ فبراير 2020، ما عدا قضية (فساد القصور الرئاسية) التي قضوا فيها محكوميتهم.
ورسميا جرى رفع التحفظ على أموال عائلة مبارك وبينها ممتلكات وأموال جمال وعلاء وزوجتيهما وأبنائهم في مصر 15 تموز/ يوليو 2021.
وفي نفس السياق، فلقد عادت جميع أموال عائلة مبارك المجمدة لدى الاتحاد الأوروبي وسويسرا، حيث قررت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي في 6 نيسان/ أبريل الماضي، إلغاء قرارات تجميد أموال مبارك وأسرته، مغلقا بذلك ملف الأموال المنهوبة والمهربة من مصر.
وفي 13 نيسان/ أبريل الماضي، أعلن علاء مبارك، أن المدعي العام السويسري حكم بتبرئته وشقيقه، جمال، بعد 11 عاما من التهم الموجهة لهم حول قانونية أموالهم وأصولهم وأفرج عن الأموال والأصول، وبذلك يكون وضع نجلي مبارك المالي قد عاد كما في السابق خلال عهد والدهما.
وفي شباط/ فبراير الماضي، أعلنت صحيفة “زود دويتشه” تسايتونغ الألمانية عن تسريبات تؤكد أن علاء وجمال مبارك كان لديهما 6 حسابات ببنك “كريدي سويس”. أخفى فيه علاء 196 مليون دولار (232 مليون فرنك سويسري) عام 2003، فيما وجد حساب مشترك للشقيقين بلغ حدا أقصى قدره 234 مليون دولار (277 مليون فرنك سويسري).
وتشير التسريبات إلى أن تلك المبالغ تصل إلى نحو مليار دولار ببنك سويسري واحد، وهو مبلغ ضئيل بالمقارنة بما أعلنه بنك “التسويات الدولية” بسويسرا، في أيلول/ سبتمبر 2011، من أن البنوك الدولية أبلغت عن زيادة في المطلوبات لمصريين بأكثر من 6 مليارات دولار.
ويمارس جمال مبارك سياسة هادئة مع الصمت التام عما يجري من أحداث سياسية واقتصادية، ويفضل عدم الظهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفي نفس الوقت الحضور الدائم في مناسبات هامة وخاصة واجبات العزاء التي كان لافتا حضوره فيها مثل وفاة المشير حسين طنطاوي، وجيهان السادات زوجة الرئيس أنور السادات، وغيرها.
إلا أنه وعلى الجانب الآخر، فإن شقيقه علاء مبارك يمارس سياسة المدافع عن العائلة، ويظهر بشكل ثابت عبر صفحته بموقع “تويتر”، بل وينتقد من آن إلى آخر سياسات النظام الحاكم، بل وصل النقد إلى السيسي مباشرة في تغريدة حذفها نجل مبارك لاحقا.
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، وفي مواجهة قد تكون هي الأولى بشكل مباشر، وجه علاء مبارك، انتقادات حادة للسيسي، مستنكرا تعبيرات أطلقها الأخير يوم 28 كانون الأول/ ديسمبر 2021، وتمس فترة حكم مبارك، مثل “خلوا البلد كُهنة”، و”جعلوها شبه دولة” وغيرها.
وكانت أسرة مبارك قد أعلنت تسلمها مبلغاً مالياً “كبيراً” من مجلس الاتحاد الأوروبي، وأنها بانتظار أموال أخرى منه، بعد صدور حكم أوروبي برفع التجميد عن أموالها. وذلك عقب قرار المحكمة العامة الأوروبية إلغاء التدابير التقييدية بحق جمال وعلاء مبارك، وأمهما سوزان ثابت، وزوجتيهما هايدي راسخ، وخديجة الجمال.
وفي 28 سبتمبر/أيلول 2021، قررت جهات التحقيق المصرية رفع التحفظ على أموال نجلي حسني مبارك، وأسرتيهما، بعد قرار هيئة الفحص والتحقيق بإنهاء أثر أمر المنع من التصرف رقم 3 لسنة 2011.
والقضية الوحيدة التي اكتملت بالإدانة ضد أسرة مبارك هي الخاصة بفساد القصور الرئاسية، التي صاغتها النيابة العامة في عهد الرئيس المعزول الراحل محمد مرسي، وانتهت بصدور الحكم بإدانته مع نجليه بحكم نهائي وباتّ، أيدته محكمة النقض بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات، وتغريمهم متضامنين مبلغ 125 مليوناً و779 ألف جنيه، وإلزامهم متضامنين برد 21 مليوناً و197 ألف جنيه.
وفي أعقاب انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013، انتهت المطالبة بأهداف الثورة بوصول قائد الجيش الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي إلى السلطة، وجمدت جهود استرداد الأموال من الخارج. واكتفي باستخدام هذه الورقة للضغط على علاء وجمال، ومنعهما من العمل السياسي أو الظهور الإعلامي، كأداة تخويف ومنع من إعادة إنتاج نظام مبارك بشخوصه القديمة.
وأصدر السيسي في عام 2015 قانوناً يمكّن رموز النظام السابق من التصالح المالي في جرائم الكسب غير المشروع، لكن مبارك لم يستفد من ذلك، نظراً لعدم تقديم تقارير الخبراء بشأن ثروته هو ونجليه؛ بما يؤكد غياب الإرادة السياسية للتصالح معهم أو حتى معاقبتهم. ونتج من ذلك إبقاء الوضع كما هو عليه بإبقاء أسرة مبارك تحت الحصار، دونما عقاب أو تمكين بالعودة لآجال طويلة.
ورغم أن علاء وجمال ما زالا ممنوعين من المشاركة السياسية، شأن والدهما الراحل حتى وفاته، بسبب إدانتهم في قضية القصور الرئاسية، إلا أن هذا لم يمنع استمرار تخوف نظام السيسي من عودتهما، بالتوازي مع ما يشهده من تصدعات داخلية وضغوط خارجية وغضب شعبي مكتوم، من جراء الأزمة الاقتصادية المتفاقمة بفعل تراكم الديون الخارجية وأعبائها، والارتفاع المستمر في أسعار السلع والخدمات كافة.
المصدر: الشادوف+صحف