توقعت مصادر حقوقية مصرية قيام السلطات المصرية بإحالة العديد من النشطاء السياسيين لمحاكمات عاجلة، بعد الانتقادات التي واجهتها بسبب تجاوز احتجاز البعض منهم لمدد تزيد عن عامين على ذمة قضايا، وهي المدة القصوى حسب قانون الإجراءات الجنائية للحبس الاحتياطي.
وقد فوجئ محامو الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، والمحامي الحقوقي محمد باقر والمدون محمد أوكسجين، بوجود موكليهم في مقر نيابة أمن الدولة للتحقيق معهم على ذمة قضية جديدة تحمل رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا.
وكشفت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، في بيان مقتضب، عقب انتهاء التحقيقات مع عبد الفتاح والباقر، تفاصيل ما جرى أثناء استكمال التحقيق وما تمت مواجهة المتهمين به.
وقالت : «انتهت النيابة من استكمال التحقيق مع الباقر وعلاء، ووجهت لكل منهما اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية وتمويلها، وإذاعة ونشر بيانات وأخبار كاذبة عن عمد، سواء داخل أو خارج البلاد، من شأنها الإضرار بالبلاد وسمعتها واستخدام شبكة المعلومات الدولية في ارتكاب جريمة نشر الأخبار الكاذبة في القضية 1356 لسنة 2019 حصر تحقيق أمن الدولة».
وتعود واقعة القبض على عبد الفتاح إلى 27 سبتمبر/ أيلول 2019 بعدما جرى احتجازه في قسم الشرطة الذي كان يؤدي فيه المراقبة الشرطية، وظهر في اليوم التالي بنيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه في القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا.
وفي اليوم التالي، وبينما كان الباقر في طريقه إلى نيابة أمن الدولة لحضور التحقيقات مع علاء، فوجئ أثناء وجوده هناك بإصدار قرار بالتحفظ عليه وضمه على ذمة القضية نفسها مع علاء، ليتحول من محام في القضية إلى متهم على ذمتها.
أما بالنسبة لمحمد أوكسجين، فهذه هي القضية الثالثة له منذ القبض عليه في 2018، حيث تم القبض عليه للمرة الأولى في 6 إبريل/ نيسان 2018 وحبسه على ذمة القضية رقم 621 لسنة 2018. وصدر قرار بإخلاء سبيله بعد قرابة عامين ليتم القبض عليه مجددا في سبتمبر/ أيلول 2019 وحبسه على ذمة القضية 1356 لسنة 2019.
وبعد قرابة عام من الحبس على هذه القضية، صدر قرارا بإخلاء سبيله بتدابير احترازية، لكنه أثناء إنهاء إجراءات إخلاء سبيله تم توجيه اتهامات جديدة له على ذمة القضية رقم 855 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا والمحبوس فيها حتى الآن.
أبو الفتوح
لم تكن هذه هي الواقعة الأولى التي يجري فيها التحقيق والمواجهة بالاتهامات بعد مرور عامين على الحبس الاحتياطي، فقد سبق لنيابة أمن الدولة العليا أن حققت قبل أسبوعين مع عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية والمرشح الرئاسي السابق، في القضية 440 لسنة 2018 حصر أمن دولة.
ووجهت النيابة عدداً من التهم إلى لأبو الفتوح، منها: «تولي قيادة في جماعة إرهابية، وارتكاب جريمة من جرائم تمويل الجماعات الإرهابية، وحيازة أسلحة وذخائر، والترويج لأفكار جماعة إرهابية، وإذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة».
يذكر أن أبو الفتوح (70 عاماً) كان مرشحاً رئاسياً سابقاً ورئيس حزب «مصر القوية» وهو معتقل منذ أكثر من ثلاث سنوات في سجن مزرعة طرة، علماً أنه يعاني من مشاكل صحية عديدة، فيما أُصيب خلال السنوات الماضية بالعديد من الأزمات القلبية، في ظل استمرار حبسه احتياطياً للعام الرابع على التوالي.
وحسب شهادة المحامين الحقوقيين خالد علي، وأحمد أبو العلا ماضي، ونبيه جنادي، فقد استمرت جلسة التحقيق مع أبو الفتوح لمدة 6 ساعات، تخللها بعض فترات الراحة، وذلك على ذمة تحقيقات القضية 440 لسنة 2018 حصر أمن دولة. وتوقع علي قرب صدور قرار من النيابة بإحالة هذه القضية وعبد المنعم وآخرين على المحاكمة بشأن هذه التهم، بعد انقضاء مدة حبسهم احتياطياً دون الإفراج عنهم، أو إحالتهم على المحاكمة، حيث كان من المفترض الإفراج عن أبو الفتوح في فبراير/ شباط الماضي، بعد انتهاء مدة حبسه احتياطياً لمدة عامين، منذ القبض عليه في 14 فبراير/شباط 2018، إذ استمر حبسه احتياطياً حتى اليوم، رغم أن محكوميته انتهت في 13 شباط/ فبراير 2020 لكن في 2 فبراير/ شباط 2020 رُحِّل أبو الفتوح من السجن إلى نيابة أمن الدولة العليا، حيث فوجئ بالتحقيق معه في القضية 1781 لسنة 2019 حصر أمن دولة.
وانتهت النيابة في قرارها إلى حبسه احتياطياً لمدة 15 يوماً تبدأ من تاريخ انتهاء الحبس الاحتياطي في القضية 440 لسنة 2018.
وتعرض أبو الفتوح للاعتقال في فبراير/ شباط 2018، بعد أيام من عودته من العاصمة البريطانية لندن وظهوره على شاشة تلفزيون الجزيرة، مهاجماً سياسات حكم النظام المصري.
وفي الليلة ذاتها ألقت أجهزة الأمن القبض عليه، وعلى و6 من أعضاء المكتب السياسي لحزب «مصر القوية» وهم: أحمد عبد الجواد، أحمد سالم، محمد عثمان، عبد الرحمن هريدي، أحمد إمام، تامر جيلاني، فيما أطلقت سراحهم جميعاً بعد ذلك باستثناء أبو الفتوح.
ويتوقع محامون أن يواجه أبو الفتوح وعلاء عبد الفتاح ومحمد باقر ومحمد أوكسجين، نفس مصير المتهمين في قضية «تحالف الأمل» الذين فوجئوا بإحالتهم للمحاكمة على ذمة قضية جديدة «القضية 957 لسنة 2021» بعد تجاوزهم فترة الحبس الاحتياطي في القضية المعروفة إعلاميا بـ«تحالف الأمل».
وأصدرت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ قرارها أول أمس بتأجيل نظر الدعوى التي يحاكم فيها البرلماني السابق زياد العليمي، والصحافيان هشام فؤاد وحسام مؤنس وآخرون في القضية 957 لسنة 2021، إلى جلسة 2 سبتمبر/ أيلول المقبل، لحين نظر طلب رد المحكمة المقرر له جلسة 25 أغسطس/ آب الجاري، أمام الدائرة السابعة مدني جنوب في محكمة استئناف القاهرة.
وحسب مذكرة الدفاع، جاء رد هيئة المحكمة بسبب عدم استجابتها لأي من طلبات المحامين، ومنها السماح لهم بالحصول على صورة من ملف القضية أو السماح لهم بالانفراد بموكليهم، أو أي من الطلبات الأخرى للدفاع.
مذكرة طلبات الدفاع اعتبرت أن عدم السماح للمحامين بتصوير أوراق القضية يعوق حقوق الدفاع ويمنعه من أداء واجبه ورسالته على محو مرض، فضلا عن أنه يمثلا تمييزا دون سند قانوني مع خصوم الدعوى الماثلة في النيابة العامة. يذكر أن مطالب الدفاع عن المتهمين تمثلت في انتداب لجنة من خبراء الجهاز القومي للاتصالات لفحص الصفحة المنسوبة للمتهمين وبيان الرقم التعريفي لهذه الصفحة وتحديد مستخدمها، وما إذا كانت هذه الصفحة مربوطة بأي رقم تليفوني أم لا بهدف إثبات ملكية هذه الصفحة للمتهمين.
كما طالب الدفاع باستدعاء شهود الإثبات في القضية لمناقشتهم، وهم ضابط الشرطة محرر التحريات واثنان من الموظفين، الأول في محافظة أسوان والثاني في شركة أخرى.
وطالب الدفاع أيضا بالاستعلام من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، عن الموقع الإلكتروني «مصر العربية» وبيان ما إذا كان هذا الموقع متاحا للكافة أو محجوبا وتاريخ الحجب حال وقوعه وبيان مالكه والقائم على إدارته. وأخيرا طالبت المحكمة بسماع شهود النفي والتصريح للمحامين بإدخالهم إلى مقر وقاعة المحكمة في اليوم الذي تحدده المحكمة.
يذكر أن القضية 957 لسنة 2021 هي القضية الثانية، حيث لا يزال المتهمون محتجزين على ذمة القضية 930 المعروفة باسم «قضية تحالف الأمل» التي تجاوزت مدة الحبس الاحتياطي فيها عامين، وذلك منذ فجر 24 و25 يونيو/ حزيران 2019 بعد اقتحام قوات الأمن منازل المتهمين، الذين ظهروا في نيابة أمن الدولة لاحقا في القضية التي ضمت صحافيين وحقوقيين ومحامين.
المصدر: الشادوف+مواقع التواصل