يبدو مشروع خط قطار فائق السرعة في مصر، الذي سينفذ بمساعدة شركة سيمنس الألمانية، طموحا على الورق. لكن سكك الحديد تعاني بشدة في مصر، ولا يمكن لخط فاخر أن ينقذها. وسياسيون ألمان يوجهون انتقادات لسجل مصر فى مجال حقوق الإنسان.
“سريع وحديث وآمن” – هكذا يصف وزير النقل المصري (كامل الوزير) القطار فائق السرعة الذي من المفترض أن يندفع عبر الصحراء في غضون عامين، كما نقلت عنه صحيفة فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ الألمانية.
بالنسبة للقسم الأول من المشروع، تعتمد الحكومة المصرية على خبرة شركة سيمنس الألمانية العملاقة والتي تتخذ من ميونيخ بجنوب ألمانيا مقرا لها.
التكلفة الإجمالية ما يعادل 19 مليار يورو (23 مليار دولار)، حسب صحيفة ( فرانكفورتر) الألمانية. وقالت الرئاسة المصرية بحسب بيان نشر على صفحتها فى فيسبوك مطلع عام 2021، إن التنفيذ الفوري بقطاع أولي طوله 460 كيلومترا سيربط العين السخنة بمدينة العلمين الجديدة على ساحل المتوسط، مرورا بالعاصمة الإدارية الجديدة قيد الإنشاء حاليا في صحراء شرقي القاهرة.
وسيتكون هذا الجزء من 15 محطة ويستغرق تنفيذه عامين، وفقا للبيان الصادر عقب اجتماع بين الرئيس المصري السيسي ورئيس سيمنس ومديرها التنفيذي السابق جو كايزر، قدم السيسي نموذجا للقطار الأنيق ذي الخطوط الزرقاء في وقت سابق من هذا العام.
كن بينما يعد السيسي بإحراز تقدم تقني للمستقبل في مصر، تعاني شبكة السكك الحديدية المصرية من مشاكل متوارثة من الماضي. إذ لم يتلق الموظفون العاملون في الشبكة تدريبات جيدة، بالإضافة إلى تأخر أعمال التحديث في شبكة السكك الحديدية والتراخي في التعامل مع اللوائح التي أدت إلى تدهور أداء الشبكة الأقدم في إفريقيا والشرق الأوسط.
وكانت عواقب ذلك قاتلة. إذ حصلت خمس حوادث للقطارات في مصر مؤخرا في غضون شهر واحد. بالقرب من أسيوط، اصطدم قطار بآخر، وفي شمال القاهرة خرج قطار عن مساره. رصيد هاتين الكارثتين فقط: 41 قتيلا ونحو 340 جريحا.
وفي واحدة من أسوأ الحوادث في تاريخ مصر الحديث، اشتعلت النيران في قطار متجه من العاصمة القاهرة الى الصعيد جنوب مصر عام 2002، مما أسفر عن مقتل أكثر من 360 شخصاً. وأحصى تقرير صدر في عام 2018 نحو 1000 اصطدام للقطارات في السنة، نقلا عن صحيفة فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ الألمانية.
لذلك هناك فرق شاسع بين الحلم بقطار فائق السرعة يجوب البلاد وواقع السكك الحديدية فيها ، حسب الصحيفة الألمانية.
ولا تزال شركة “سيمنس موبيليتي” التابعة لشركة سيمنس الأم تحافظ على عدم ظهورها العلني في المشروع. وتم التوقيع فقط على (خطاب نوايا) ومازالت المفاوضات مستمرة. ولم يحدد تاريخ بدء المشروع بعد.
ونقلت الصحيفة الألمانية عن أوساط من قطاع الصناعة قولها إن “المنافسة على المشروع الكبير صعبة”. ووفقا لتقارير وسائل الإعلام المصرية فقد جاءت عروض للتنفيذ من الصين أيضا.
ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم “سيمنس موبيليتي” قوله: “نشعر بالفخر لأن وزارة النقل (المصرية) تريد تكليفنا بتنفيذ هذا المشروع المهم”. وأضاف المتحدث: “مصر سوق مهم”.
لكن التعاون مع السيسي، الذي “يقمع منتقديه بكل قوة” حسب وصف الصحيفة، يثير أيضاً استياءََ في ألمانيا. ونقلت الصحيفة عن كاي غيرينغ، عضو البرلمان الألماني عن حزب الخضر وعضو لجنة حقوق الإنسان قوله: “لا تدوم متعة القطار فائق السرعة إلا لفترة قصيرة إذا تم الدوس على حقوق الإنسان، والحقوق الأساسية”.
وأضاف البرلماني الألماني نقلا عن الصحيفة يجب ألا يخفي “الاستقرار الزائف” و”العلاقات الاقتصادية” حقيقة “جهاز الأمن الوحشي” للسيسي.
يضاف إلى ذلك، فإن هناك اعتراضات في مصر على تنفيذ المشروع، حيث يعيش حوالي ثلث السكان تحت مستوى خط الفقر. ونقلت الصحيفة عن شكوى صادرة من كاتبة وطبيبة أسنان على تويتر والتي وصفت القطار بأنه “قطار فاخر للأغنياء” فقط.
يذكر أن سيمنس كانت قد شيدت ثلاث محطات كهرباء بقدرة 4.8 غيغاوات في مصر منذ 2015، بتكلفة إجمالية بلغت سبعة مليارات دولار. وأُعلن في ذلك الوقت أن كلا من المحطات الثلاث العاملة بالغاز هي الأضخم في العالم.
المصدر: الشادوف+وسائل إعلام ألمانية