افتتح (الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي)، اليوم السبت، مشروع “مستقبل مصر للإنتاج الزراعي” المنفذ بواسطة جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للجيش، والذي يقع على امتداد طريق محور روض الفرج – الضبعة في الاتجاه الشمالي الغربي، ويهدف إلى إنتاج بعض المحاصيل الاستراتيجية بنظام “الصوب الزراعية”.
واستغل السيسي المناسبة لإطلاق حزمة من التصريحات المثيرة للجدال، منها متابعته المستمرة لما يقوله الضيوف على البرامج الفضائية، وموقفه من “الحوار الوطني” المرتقب، والمدعوين فيه، فضلاً عن حديثه المعتاد بأن الإنفاق على مشروعات الطرق والجسور لا يقل أهمية عن التعليم، والذي يطالبه البعض بتطويره دوماً.
وقال السيسي: “البعض يقول هل الرئيس لديه من الوقت حتى يشاهد البرامج التلفزيونية، ويجري المداخلات الهاتفية؟ وأقول لهم نعم لدي وقت من أجل المشاهدة والمتابعة، وتقييم التناول الإعلامي للقضايا. والمداخلات هدفها هو دعوة وسائل الإعلام إلى إعادة تشكيل وعي المواطنين، والتأكد من تناول الإعلاميين وضيوفهم للقضايا بفهم وعمق من عدمه”.
وأضاف: “إجراءات الدولة تحتاج إلى الكثير من الفهم والدراسات لتحديد جدوى المشروعات، والخطط المستقبلية. ونأمل الانتهاء من مشروع مستقبل مصر قبل حلول عام 2024 (موعد الانتخابات الرئاسية)، لا سيما في ظل الظروف الراهنة، والأزمة الاقتصادية العالمية. وفي السنوات العشر الماضية، زاد عدد سكان مصر بواقع 20 مليون نسمة، ولذلك كشفت الأزمة الراهنة أن إنتاجنا من السلع الأساسية لا يلبي احتياجات المواطنين”.
الحوار الوطني
وتابع السيسي: “الحوار الوطني الذي دعوت له في حفل إفطار الأسرة المصرية نحن سعداء به، وهناك نقاش دائر حول الحوار، وهذا حراك كبير جداً. وأقول لمن يسمعني نحن نريد المزيد من الدراسات بشأن مستقبل مصر في المائة عام المقبلة، والبدائل المطروحة في حالة عدم المضي قدماً في المشروعات التي بدأنا تنفيذها استناداً إلى حديث الأولويات”.
وأكمل قائلاً: “بعض الجماعات تردد الأكاذيب والشائعات حول الدولة المصرية، والمسؤولين فيها، وتقول عنا حديث لا يليق، وهو حديث كذب وبهتان وإفك. ما يحدث غير مقبول، ولكن الله مطلع ويرى، وسيحاسب كل شخص على كل ما يقوله أو يكتبه. وأقول لهم إذا كنت تؤمنون بوجود الله، فاعلموا أنه سيحاسبكم على الإفك والبهتان. ونحن نعتبر هذا الحديث في حقنا هو صدقة جارية”.
وزاد السيسي: “نحن ننتظر الحوار الوطني حتى نسمع من (أحبائنا) في كل الملفات، ولكن بشرط أن يكون المتحدث يعلم جيداً أننا دولة مستهدفة من قوى الإرهاب والتطرف، ونواجه الأكاذيب والشائعات ليل نهار”.
وواصل بقوله: “كل إجراء كان يجب أن تتخذه الدولة المصرية منذ 40 أو 50 عاماً ندفع ثمنه حالياً. والمشروعات التي تنفذ على أرض مصر ليس هوى شخصي مني أو هوى من الحكومة، ولكن هناك لجان مشكلة من متخصصين وأساتذة جامعات لاستشارتها”، على حد زعمه.
توظيف المواطنين
وقال السيسي: “الدولة انتهت من مسألة توظيف المواطنين، وتركت هذا المسار للقطاع الخاص. والسؤال هل توظيف الملايين في الجهاز الإداري كان في صالح الاقتصاد والتشغيل؟ أم كان عبئاً على الدولة وتقدمها؟ نحن في حاجة إلى نحو 900 ألف فرصة عمل سنوياً، والسؤال كيف سنوفر سبل المعيشة لهؤلاء؟ كنت أتمنى من المستثمرين المشاركة معنا في مشروعات البنية الأساسية”.
وعن مطالبات تطوير التعليم، قال: “كل فترة اسمع مطالبات بشأن التركيز على التعليم، وأقول إن التعليم هو أمر مهم، ولكن لا يمكن تأجيل الإنفاق على مشروعات الطرق والجسور، ومنحه الأولوية. الناس لن تتحمل عدم وجود طرق أو كهرباء أو إنتاج غذائي جيد، من أجل أن تحصل على تعليم جيد، ولا يمكن أن نضع موارد الدولة -المحدودة في الأساس- في عملية تطوير التعليم فقط”.
واستكمل: “مشروعات الكهرباء والبنية الأساسية ليست رفاهية. وهذا حديث مهم، ويجب مراعاته عند مخاطبة الناس في الشارع، وإحداث حالة لدى الرأي العام بشأنه. ومن فضلكم لا أريد أن أرى أحد الأشخاص، وهو يضع قدماً على قدم، ويتحدث للرأي العام عن موضوعات تحتاج إلى دراسة وعلم. فالحديث يجب أن يكون في سياق فكري وعلمي وتخطيطي، لأن الكلام قد يكون مرتباً، وتعتقد الناس أنه حقيقي”.
وختم السيسي: “تكلفة مبادرة حياة كريمة تتراوح بين 800 و900 مليار جنيه، والإنفاق هنا لتحسين جودة الحياة في مناطق الريف. وتكلفة الزراعة في مشروع مستقبل مصر أعلى بكثير من أي مكان آخر في الدلتا، وتصل إلى مليون جنيه وأكثر للفدان الواحد، ولذا يجب علينا أن نشجع القطاع الخاص على الاستثمار في قطاع الزراعة، وعدم ترك الدولة بمفردها في هذا المجال”.
رؤوس الماشية
وكان الرئيس المصري قد قال، في كلمته، إن “لديه حلم حيال تطوير حياة المزارعين، يتمثل في الحصول على رؤوس الماشية غير المطورة لديهم، واستبدالها بأخرى مطورة لتحقيق إنتاجية أفضل وفائدة للفلاح”. وهي الفكرة نفسها التي استلهمها من بعض المتهمين بالنصب في محافظة أسوان (جنوب) للاستيلاء على نحو 455 مليون جنيه من أموال الأهالي بحجة توظيفها في مجال تجارة المواشي والسيارات.
ووجه السيسي الحكومة بدراسة تغيير رؤوس الماشية المملوكة للمزارعين، واستبدالها بأخرى أكثر إنتاجية في الألبان واللحوم، قائلاً: “حجم الرؤوس التي يمتلكها الفلاح في مصر حوالي مليوني رأس، ونحن نريد الحصول عليها لتطويرها، وزيادة إنتاجها”.
كما وجه بدراسة إنشاء أسواق كبيرة في نطاق محافظتي القاهرة والجيزة، بهدف السيطرة على أسعار السلع حتى نهاية العام الجاري، بقوله: “وجهت رئيس الوزراء والمحافظات ووزارة الداخلية والتنمية المحلية بدراسة إمكانية استغلال الأراضي الخلاء في أحياء مثل مصر الجديدة ومدينة نصر لإقامة أسواق لبيع المنتجات. وأرغب في إنشاء 20 سوقاً في هذه المناطق، حتى يكون تجار التجزئة أمام أحد خيارين، الأول هو البيع بأسعار مناسبة، والثاني الاشتراك معنا في هذه الأسواق مقابل إيجار شهري”.
كما طلب الرئيس السيسى من وزير الزراعة واستصلاح الأراضى السيد القصير التعليق على بعض نقاط حديثه، حيث أشار القصير إلى أن مسألة الدورة الزراعية وتغير المحصول من موسم لآخر يحافظ على خصوبة التربة وجودة المشروع، وبالتالى عندما نقوم بعمل مشروعات كبيرة، تأخذ وقتا كبيرا من الدراسات والتخطيط وعلى حسب نوع التربة والتراكيب المحصولية وعلى حسب العائد الاقتصادى، وأنه لابد أن نأخذ فى الاعتبار أننا كدولة متجهون نحو تدعيم المحاصيل الاستراتيجية لكن على الجانب الآخر الأمن الغذائى بصفة عامة مهم جدا من خلال توفير الخضروات والفاكهة والمحاصيل الزيتية والذرة وغيرها.
وأضاف القصير “يوجد لدينا مليون فدان وبفضل التكثيف المحصولى من خلال زراعة أكثر من محصول فى السنة ستصل إنتاجية تلك المساحة إلى ما يعادل زراعة 1.6 مليون فدان.. وبالتالى تتنوع المحاصيل حسب احتياجاتنا ونحن حريصون على تعظيم العائد الاقتصادى والإنتاجية”.
وتابع وزير الزراعة “أننا فى الفترة القادمة متجهون بدعم الرئيس السيسى إلى التوسع فى إنتاج التقاوى المعتمدة من مراكز البحوث حيث تزيد إنتاجيتها، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال فيما يتعلق بالقمح نجد الأرض التى تم زراعتها بالتقاوى المعتمدة زادت إنتاجية الفدان بحوالى 2 – 3 أردب، ولو لدينا 3.6 مليون فدان قمح فيعنى ذلك زيادة إجمالى إنتاجيتها حوالى مليون أردب”.
تحسين جودة التقاوي
وعن محطة سخا للتقاوى الجديدة، قال وزير الزراعة ” إن متوسط الإنتاجية وصل خلال العام الحالى إلى 19 أردبا، أى ما يعادل 2.9 أو 3 أطنان للفدان فى حين أن المتوسط العالمى للإنتاج يبلغ طنا ونصف الطن للفدان الواحد ولذلك فإنه نتيجة للبحوث فإننا نتوسع فى الإنتاجية مع التوسع الرأسى ونسعى للتوصل إلى أصناف جديدة من التقاوى أكثر قدرة على تحمل الظروف البيئية”.
وقال السيسى، خلال تعقيبه على مداخلة وزير الزراعة ” إننا نسعى إلى إيصال هذه التقاوى إلى المزارعين بشكل كاف حتى يستفيدوا لزيادة إنتاجية الفدان وهو ما يعود بالنفع على الدولة بشكل عام”.
وأضاف الرئيس “إنه يمكن فى الوقت الحالى توفير أكثر من 50% من الطلب على التقاوى المعتمدة التى تحقق إنتاجية عالية طبقا لما هو مخطط له”.
كما قال وزير الزراعة: “لقد توسعنا العام الماضى فى إنتاجية التقاوى وتم تغطية أكثر من 60% من حجم الطلب عليها”، لافتا إلى هناك بعض المحاصيل يستخدم فيها الفلاح التقاوى الذاتية التى لديه، وهناك محاصيل أخرى لا يتم استخدام التقاوى الذاتية مثل الذرة لذلك نقوم بتغطية 100% من حجم الطلب على تقاوى الذرة بالتعاون مع الشركات التى نشرف عليها.
وأضاف “بالنسبة لمحصول القمح كانت نسبة تغطية احتياجات التقاوى أقل بالنسبة لحجم الطلب عليها، ولكن بعد توجيهات الرئيس السيسى بزيادة نسبة التغطية المعتمدة للتقاوى لجأنا إلى مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعى ومشروعات أخرى لزراعة التقاوى المعتمدة، مشيرا إلى أننا” تعاقدنا هذا العام على مساحات كبيرة ونتوسع حتى يتم تغطية احتياجات التقاوى المعتمدة بالكامل لنسبة كبيرة من المحاصيل منها (الذرة بالكامل، والأرز، والقطن)، موجها حديثه للفلاحين والمزارعين بأن التقاوى ستكون موجودة ومتوفرة ويجب عدم استخدام التقاوى الذاتية لأن إنتاجيتها أقل من التقاوى المعتمدة.
وبالنسبة للقمح، أوضح القصير أن المزارعين كانوا يلجأون فى الماضى لاستخدام تقاوى من القمح التى لديهم، لذلك قمنا بالتوجيه بدعم وتخفيض أسعار التقاوى المعتمدة حتى يتم تشجيعهم على استخدام تلك التقاوى وهذا هو السبب فى زيادة الإنتاجية.
الزراعة في دلتا النيل
وأوضح الرئيس السيسى أن رى وزراعة الأراضى فى الدلتا لا تحتاج إلى محطات رفع أو ترع لأن تلك الأراضى منخفضة عن مستوى نهر النيل، أما الأراضى المستصلحة فى مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعى فتحتاج إلى محطات رفع لأنها أعلى من منسوب نهر النيل وبالتالى اضطررنا لعمل مأخذين لرفع المياه لأكثر من 80 مترا ليتم إدخالها فى ترعة طولها 40 كيلو مترا حتى يتم الوصول إلى الأراضى الصالحة للزراعة فى المشروع وبالتالى فإن هذا الأمر يتطلب تكلفة عالية جدا، حتى يتم زراعة الـ 60 ألف فدان ووضعهم على خريطة الإنتاج.
وأشار الرئيس إلى تآكل الأراضى الزراعية والبناء عليها من جانب الأهالى مما تطلب تدخل الدولة لاستصلاح أراض جديدة بديلة عن الأراضى التى تم التعدى عليها خلال السنوات الماضية.
وأكد السيسى أن هذا المشروع لا يتضمن بناء بيت واحد على الأراضى المنزرعة، مبينا فى الوقت ذاته أنه عند اختيار عمل منشآت سيتم اختيار الأراضى غير الصالحة للزراعة لبناء تلك المنشآت عليها، مضيفا أنه “نتيجة لممارسات خلال الـ50 سنة الماضية، فإننا نضطر حاليا لاتخاذ مثل تلك الإجراءات لزيادة الإنتاج ليكفى النمو السكانى”.
وأشار السيسى إلى أن هناك فجوة بين الزيادة السكانية المطردة ومعدلات النمو الاقتصادى الحالية، لذلك تعمل الدولة على سد هذه الفجوة التى حصلت جراء النمو السكانى.
ولفت الرئيس إلى أن المشروعات التى تم تنفيذها وفرت فرص عمل، مبينا أنه تم اختيار محافظتى بنى سويف والمنيا لإقامة عدد من المشروعات عليها لأنهما من أكثر المحافظات احتياجا لفرص العمل، والهدف ليس تلبية طلب فقط، ولكن توفير فرص عمل، ولا سيما من خلال التصنيع الزراعى لتعظيم القيمة المضافة.
وأكد السيسى أن الصوب الزراعية لا تسهم فقط فى زيادة إنتاجية الفدان وإنما تقلل أيضا من استهلاك مياه الرى حتى بالمقارنة مع التى تروى بوسائل الرى الحديثة، مضيفا “إذا كانت زراعة الفدان الواحد تستهلك فى المتوسط ما بين 10 إلى 15 ألف متر مكعب من المياه فى السنة فإنه باستخدام الصوب الزراعية يمكن خفض كمية المياه المطلوبة بأكثر من 50 إلى 60% “.
وطالب الرئيس، فى تعقيبه على كلمة وزير الزراعة، بالعمل على توفير التغذية المناسبة للمواشى الموجودة لدى فلاحى مصر والتى تقدر بنحو 2 مليون رأس من الماشية بدعم من المصريين وكل من يهتم بهذا الأمر سواء المجتمع المدنى أو جمعية “مصر الخير” وغيرها.
وأضاف السيسى “أن توفير التغذية المناسبة لرأس الماشية غير المطورة لتماثل تلك المطورة من شأنه أن يزيد الإنتاجية من الألبان إلى معدل يتراوح ما بين 20 – 30 كيلو جرام يوميا مقابل سبعة كيلو جرامات يوميا “.
وتابع الرئيس “لو استبدلنا مليونى رأس ماشية للفلاحين بالسلالات التى تحقق إنتاجية عالية سينتج المليون رأس من الماشية نحو 15 مليون كيلو جرام إضافية من الألبان، ليضاعف الفلاح ربحه من تربية الماشية من نحو ألفى جنيه إلى خمسة آلاف جنيه”.
ودعا السيسى إلى العمل على تحسين حياة المواطنين من خلال برنامج لتحسين سلالات الماشية لدى فلاحى مصر من خلال دعم أهل الخير والبر، مضيفا “البر ليس فقط أن أقدم طعام أو أنشئ مدرسة ولكن البر أننا نجعل المواطن يضاعف من ربحه وذلك على مستوى الفرد، أما على مستوى الدولة فيتم عمل برنامج وتوفير موارد ليتم تنفيذه”، داعيا إلى توعية الفلاحين بجدوى اقتناء سلالات جديدة من الماشية تستهلك نفس الغذاء وتحقق إنتاجيه أعلى من الألبان.
المصدر: الشادوف+صحف مصرية