في واقعة سوف تسبب حرجا كبيرا للسياسي المصري محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية المعارض في مصر حال اكتشاف آثار للتعذيب، قررت نيابة مدينة نصر (ثان) شرق القاهرة،الأحد، تشريح جثمان الباحث والخبير الاقتصادي أيمن هدهود (42 سنة) وهو أيضا قيادي في حزب الاصلاح والتنمية، والذي توفي في ظروف غامضة بعد أكثر من شهرين على إخفائه قسرياً، واحتجازه بصورة غير قانونية في مقر جهاز “الأمن الوطني” في منطقة الأميرية بالقاهرة.
ووفقا لمصادر إعلامية، توجه عمر هدهود، شقيق الراحل أيمن هدهود، إلى مستشفى العباسية للصحة النفسية، التي أُحتجز فيها أيمن بعد أيام من اختطافه مطلع فبراير/شباط الماضي، إثر إصابته بحالة من الاضطراب النفسي جراء التعذيب، وذلك لتسلم جثمان شقيقه بعد إخطارهم بنبأ وفاته، بينما اتجه شقيقه عادل هدهود لنيابة مدينة نصر للحصول على تصريح الدفن.
وحسب رواية عادل، تبين أن تصريحا بدفن الجثمان في مقابر “الصدقة” صدر باعتبار أن شقيقه مجهول الهوية، فرفض استلام التصريح، مؤكداً للنيابة أن أيمن كان محتجزاً في جهاز “الأمن الوطني”، وتعرض للتعذيب، لتصدر النيابة قراراً بتشريح الجثمان لمعرفة سبب الوفاة.
ودرس أيمن هدهود إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية بالقاهرة، ثم حصل على ماجستير إدارة الأعمال من الجامعة نفسها، وعمل مراقباً مالياً في الجامعة لفترة، ثم عمل كذلك في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة في محاربة الفساد والرشوة.
وكان الراحل عضواً في الهيئة العليا لحزب “الإصلاح والتنمية”، الذي يترأسه البرلماني السابق محمد أنور السادات، عضو “المجلس القومي لحقوق الإنسان” حالياً، والذي ساهم في الإفراج عن عدد من السياسيين خلال الفترات الماضية.
وأوضح أحد الأصدقاء المقربين من العائلة، لـموقع «مدى مصر» أن أسرة هدهود تواصلت مع عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان محمد أنور السادات لمعرفة حالة أيمن على وجه التحديد، ولماذا تم اعتقاله، وأن السادات أبلغهم أنه تقدم ببلاغ للنائب العام ووزير الداخلية ورئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان، مشيرة خطاب، كما التقى بالنائب العام، الجمعة الماضي، للحديث عن اختفاء هدهود.
وبحسب المصدر حاولت الأسرة زيارة أيمن في المستشفى، لكن طلبهم رفض من قبل إدارة المستشفى التي طالبتهم باستخراج إذن بالزيارة من النيابة، لكن الأسرة لم تتمكن من استخراج الأذن، لأن النيابة لم يكن لديها أي بيانات عنه.
وفي نهاية مارس، استطاعت الأسرة عبر وسطاء التواصل مع أحد العاملين بمستشفى «العباسية»، ليبلغهم، في الرابع من أبريل الجاري، أنه «في حال أن من تبحثون عنه هو أيمن محمد علي هدهود، فهذا الشخص توفي منذ شهر».
وقال عمر شقيق أيمن إنه لم يترك مكانًا إلا وذهب إليه للتأكد من صحة الخبر، حتى إنه ذهب أمس إلى مستشفى العباسية للاستعلام عن شقيقه، وأطلعته إدارة المستشفى على كافة الكشوفات والجثامين بثلاجة المستشفى، ولم يجده بينهم، مضيفًا أنه فوجئ بمكالمة من أحد أفراد الأمن مساء أمس، يخبره بوفاة أيمن في مستشفى العباسية، ويطالبه بالذهاب إلى المستشفى لاستلام جثمان شقيقه منها.
وأضاف عمر أن رئيس النيابة أخبر أشقاءه أيضًا أن هدهود كان متهمًا بالشروع في سرقة سيارة !! وذلك على الرغم أنه طوال الشهرين الماضيين لم يكن له أي وجود على الورق بالنيابة.
ووثّقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، الغموض الذي أحاط بظروف القبض على هدهود منذ اللحظة الأولى، التي لم يعرف تفاصيلها ولا ظروفها !!، وبعد مرور أيام حاولت أسرته معرفة مكان احتجازه، لكنها لم تتوصل لمعلومة، حتى فوجئت بأمين شرطة يخبرها “أيمن عندنا”، وبالبحث والسؤال في قسم شرطة الأميرية التابع له محل سكنه، تبين أنه كان موجودا بقسم شرطة الأميرية لأيام، ثم بعد ذلك تم احتجازه في مبنى الأمن الوطني في الأميرية.
وتابعت الشبكة: ” بعد إجراء عدد من الاتصالات، علمت أسرته من مصادر لها بوجوده في مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية، لكن المستشفى أنكر وجوده في البداية ثم أقر بوجوده، بعد إلحاح شديد، وقال إنه تحت الملاحظة لمدة 45 يوما ولا يُسمح بزيارته إلا بإذن من النائب العام والنيابة العامة”.
وبالفعل توجهت أسرته لمكتب النائب العام لاستخراج تصريح بالزيارة ليتم إبلاغها بعدم إمكانية استخراج تصريح زيارة، لأن أيمن هدهود ليس محبوسا على ذمة أي قضية، وبالبحث في جميع نيابات القاهرة ونيابة أمن الدولة وغيرها لم تتمكن الأسرة من استخراج تصريح بالزيارة، حسب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، التي أكدت أن أسرته تقدمت ببلاغات إلى النائب العام المصري ووزارة الداخلية والمجلس القومي المصري لحقوق الإنسان باختفائه والمطالبة بالكشف عن مصيره، ولكن دون جدوى حتى أعلنت أمس عن علمها بوفاته.
من ناحيته، نفى مصدر أمني مصري صحة ما قال إن “بعض الصفحات التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية تداولته على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن الزعم باختفاء المواطن أيمن هدهود قسرياً.”
وزعم المصدر في بيان حصل موقع الشادوف على نسخة منه: ” أنه بتاريخ 6 فبراير 2022 تبلغ من حارس أحد العقارات بمنطقة الزمالك بالقاهرة، بتواجد المذكور داخل العقار ومحاولته كسر باب إحدى الشقق وإتيانه بتصرفات غير مسئولة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية في حينه وإيداعه بإحدى مستشفيات الأمراض النفسية بناءً على قرار النيابة العامة.”
ولم يذكر هذا البيان المقتضب والغامض أية معلومات بشأن ظروف اعتقال هدهود بخلاف المعلومات المثيرة للشبهات التي ذكرها، والتي لم يحدد فيها رقم العقار وفي أي شارع من شوارع منطقة الزمالك والصلة التي تربط بين هدهود وبين أصحاب العقار الذي حاول كسره وفق لرواية النظام، وهل هذه الشقة مملوكة له أو مستأجرة، كما ان البيان لم يذكر أن المواطن أيمن هدهود مات في مستشفى الأمراض العقلية التي نقل اليها، على الأرجح جراء التعذيب الشديد الذي تعرض له في مقر الأمن الوطني بحي الأميرية شرق القاهرة.
تجدر الإشارة الى أن الإخفاء القسري جريمة يرتكبها النظام المصري منذ سنوات بحق سياسيين ومواطنين عاديين، يخضعون غالباً للتعذيب، وفترات اختفاء في مقرات جهاز “الأمن الوطني”، قبل ظهورهم أمام النيابات المختصة بعد مدد زمنية متفاوتة.
وتنتهك جريمة الإخفاء القسري نصوص الدستور المصري، وكذا المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها القاهرة، إذ تنص المادة 54 من الدستور المصري على أن “الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق”.
المصدر: الشادوف+مواقع التواصل+صحف