أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا فتح منظومة تسجيل الناخبين بعد يوم واحد من فشل لجنة الحوار السياسي في إنجاز القاعدة الدستورية المنظمة للانتخابات المقررة في نهاية العام الجاري 2021.
وقالت المفوضية العليا للانتخابات إن “المنظومة ستبدأ في استقبال رسائل المواطنين الراغبين في التسجيل أو تغيير مراكز انتخابهم أو الذين وصلوا إلى السن القانونية للتسجيل في منظومة الانتخابات”.
وأوضح رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السائح -في افتتاح المركز الإعلامي الخاص بالمفوضية- أن انطلاق عملية تحديث سجل الناخبين يعد مرحلة أولى من مراحل العلمية الانتخابية المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وحضر الاحتفالية عضوا المجلس الرئاسي عبد الله اللافي وموسى الكوني، إضافة إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة وعدد من سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية ومؤسسات المجتمع المدني.
من جهة أخرى، طرح فشل ملتقى الحوار السياسي بجنيف -في إنجاز القاعدة الدستورية- أسئلة حول مصير الانتخابات العامة المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
ورغم تمديد الأمم المتحدة جلسات ملتقى الحوار السياسي ليوم إضافي في جنيف بعد 4 أيام من الاجتماعات وتشكيل لجنة للتوافقات من داخل ملتقى الحوار؛ لم ينجح أعضاء ملتقى الحوار عبر لجنة التوافقات في الوصول لاتفاق بشأن القضايا الخلافية في القاعدة الدستورية.
ويرى محللون وسياسيون أن معرقلين للعملية الانتخابية داخل لجنة الحوار السياسي يسعون لتعطيل القاعدة الدستورية أو تفصيلها على مقاس مرشحيهم مثل اللواء المتقاعد خليفة حفتر وسيف القذافي.
اعتبر عضو لجنة التوافقات بملتقى الحوار السياسي عبد الرزاق العرادي أن من بين أسباب تعثر إنجاز القاعدة الدستورية هو أن فريق الحوار السياسي كان يفترض تغييره بعد انتخاب السلطة التنفيذية، بسبب أن اختياره كان متعلقا بفترة انقسام حاد وجاء بعد حرب، وكذلك من الأسباب وجود بعض الأعضاء يمثلون شخصيات غير موجودة في المشهد السياسي حاليا.
وقال العرادي -للجزيرة نت- “إن تفصيل القاعدة الدستورية على مقاس أشخاص هو لب المشكلة، حيث إن العسكري يريد السماح له بالترشح ومزدوجي الجنسية يريدون الحفاظ على جنسياتهم والترشح، والمتهم بجرائم الحرب يريد حكما نهائيا والترشح.. وهكذا”.
وشدد العرادي على ضرورة وجود فريق فني يستطيع التواصل مع الفرقاء الرئيسيين ويجبر الهوة بينهم نظرا لأن فريق الحوار أصبح يتعامل مع أصحاب المشكلة الرئيسية ويقول ما يملى عليهم من آراء.
واعتبر العرادي أن فتح منظومة تسجيل الناخبين هو عمل روتيني، “لكن الانتخابات لن تجرى إذا لم يتم تقديم قانون الانتخابات الذي تستند عليه القاعدة الدستورية ويمثل كل ما تحتاجه المفوضية العليا للانتخابات، لإجراء الانتخابات من النظام الانتخابي والطعون والتظلمات والعقوبات والدوائر الانتخابية المحددة وعدد المقاعد وشكل الجسم التشريعي”.
وبشأن مصير المعرقلين، أضاف العرادي قائلا “إذا كان ملتقى الحوار السياسي أقصى ما يمكن فعله لهم هو إبعادهم عن ملتقى الحوار، أما إذا كان لديهم مسؤولية في مجلسي النواب أو الدولة فقد تشملهم بعض العقوبات إذا ثبت عرقلتهم للقاعدة الدستورية”.
وأكد العرادي أن مصير الانتخابات مربوط بإنجاز القاعدة الدستورية، سواء من مجلسي النواب والدولة أو من ملتقى الحوار السياسي، إضافة إلى أن القاعدة الدستورية بعد إنجازها تُظهر تساؤلا؛ وهو هل تحتاج إلى قرار من مجلس الأمن أو يتم الاكتفاء باعتماد من مجلسي النواب والدولة؟
وأكدت عضو المجلس الأعلى للدولة آمنة مطير أن من أسباب إخفاق لجنة الحوار السياسي في إنجاز القاعدة الدستورية هو أن اختيار البعثة الأممية لبعض أعضاء الملتقى كان خاطئا.
وتابعت مطير “شاهد الجميع أن مجموعة حفتر في ملتقى الحوار لا تريد الخضوع لبديهيات السياسة الدولية في انتخاب رئيس الدولة، وهو ألا يحمل جنسية أخرى وألا يكون عسكريا، إضافة إلى أن المترشح يجب ألا يكون متهما بجرائم حرب أو انتهاك لحقوق الإنسان”.
وصرحت مطير للجزيرة نت بأن الانتخابات إذا عرقلها تيار الثورة الليبية يتحرك المجتمع الدولي لوضع المعرقلين في قائمة العقوبات الدولية، وفي حالة كان المعرقل هو حفتر أو من يتبعه تصمت الأمم المتحدة.
وترى مطير أن تعنت مجموعة حفتر في الحوار هو ما أدى إلى أن جلسات الحوار تنتهي بالإخفاق؛ لأن مجموعة حفتر المعرقلة تريد الدخول للانتخابات بلا شروط ودون وضع شروط للمترشحين.
واعتبرت مطير أن تأجيل الاستفتاء على مشروع الدستور كان خاطئا بعد استبعاد البعثة الأممية لجنة الدستور المنتخبة وقرارها السير باتجاه أشخاص محددين في لجنة الـ 75.
بدوره، أرجع المحلل السياسي عبد الله الكبير السبب الرئيسي في عدم إنجاز القاعدة الدستورية إلى إخفاق البعثة الأممية في إدارة جلسات الحوار وصولا إلى التصويت إن تعذر الرضوخ لتهديد من يرغب في الانسحاب من الأعضاء.
وأضاف الكبير أن “السبب الآخر هو تعنت الطرف الذي يصر على إجراء الانتخابات الرئاسية بالتزامن مع البرلمانية بشروط غير مقبولة ومفصّلة، كي يتمكن حفتر وسيف القذافي من الترشح، وهو ما دفع ببقية الأعضاء إلى التمسك بخيار الاستفتاء على الدستور أو اعتماده كقاعدة مؤقتة لدورة برلمانية ورئاسية واحدة”.
وأفاد -في تصريح للجزيرة نت- بأن الإخفاق في جنيف لا يعني أن الانتخابات ألغيت أو تأجلت، مشيرا إلى أن إخفاق ملتقى الحوار السياسي في التوافق على قاعدة دستورية يزيد من الشكوك في إنجازها بالموعد المحدد في ظل وجود أمل مع الضغط الأميركي والدولي باتجاه إجراء الانتخابات.
واعتبر الكبير أن مطلب إجراء الانتخابات دون شروط والسماح للعسكريين بخوض الانتخابات مع إمكانية عودتهم لسابق مواقعهم العسكرية والسماح للعسكريين ومزدوجي الجنسية بالترشح هي مطالب حفتر، إضافة إلى أن السماح لشخصيات مطلوبة للقضاء المحلي والدولي بالترشح هو شرط مفصل على مقاس سيف القذافي.
وأشار الكبير إلى غياب فكرة فرض عقوبات على معرقلي الحوار السياسي، وخاصة أن تصريحات السفير الأميركي الأخيرة لم تتضمن أية إشارة في هذا الاتجاه ضد المعرقلين.
المصدر: الشادوف+الجزيرة